الرئيسيةأخباراسرائيليةأضواء على الصحافة الاسرائيلية 16-17 يونيو/حزيران 2017

أضواء على الصحافة الاسرائيلية 16-17 يونيو/حزيران 2017

بينت يطرح تعديلا قانونيا يمنع تقسيم القدس بتاتا

تكتب “يسرائيل هيوم” ان رئيس حزب البيت اليهودي، الوزير نفتالي بينت، يعمل على طرح مشروع قانون يمنع مصادقة الكنيست على تقسيم القدس إلا بموافقة 80 نائب على الأقل. ويقود بينت خطوة يعتبرها استراتيجية للدفاع عن العاصمة في حال التوصل الى اتفاق سياسي يتضمن التخلي عن اجزاء منها ونقلها الى سلطة اجنبية. وقد بادر بينت الى تعديل القانون الأساس: القدس، بحيث يمنع تقسيم المدينة الا بموافقة 80 عضو كنيست. ويأتي هذا التعديل ايضا لمنع اجراء استفتاء على اتفاق مستقبلي اذا تم طرحه امام الجمهور ومن ثم امام الكنيست.
ويشار الى ان قانون القدس الحالي يحدد ان القدس هي عاصمة اسرائيل ولن تنتقل الى جهة اجنبية، سياسية او سلطوية، وان منطقة نفوذها البلدية الحالية محمية وفقا لهذا القانون. ومن المتوقع طرح التعديل القانوني للتصويت في اللجنة الوزارية لشؤون القانون، خلال اسبوعين. ويؤمن البيت اليهودي بأنه يتمتع بتأييد الغالبية في اللجنة التي تترأسها عضو الحزب الوزيرة اييلت شكيد، وانه لن يعارضه أي عضو من الائتلاف، خاصة وان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وقع في السابق على دفع مشروع قانون كهذا. ويأمل البيت اليهودي بأن يصوت اعضاء المعسكر الصهيوني والمركز السياسي الى جانب هذا القانون.
وقال مسؤول في البيت اليهودي ان هدف التعديل القانوني يأتي لتدعيم نتنياهو جوهريا في ضوء التغييرات السياسية في ظل ادارة الرئيس ترامب. وحسب البيت اليهودي فقد جاءت المبادرة الى تعديل القانون في ضوء “سلسلة التنازلات”، التي تشمل البناء الواسع للفلسطينيين، في يهودا والسامرة، ومضاعفة منطقة نفوذ قلقيلية، الى جانب تفاهمات حول البناء المعتدل في المستوطنات واستمرار سياسة البناء في القدس المشروطة بمصادقة رئيس الحكومة. ويطالب البيت اليهودي بالبناء بدون قيود في القدس وخلق وضع غير قابل للتحول، يمنع تقسيم القدس.
في الجانب الفلسطيني يتوقع ان يتم الادعاء بأن خطوة كهذه تصد الطريق مجددا امام المفاوضات. ومع ذلك فان البيت اليهودي يريد فحص موقف الائتلاف من مفهوم ينص على عدم تقسيم القدس ضمن أي اتفاق مستقبلي وعدم طرحها على طاولة المفاوضات.
وقال بينت، ان “القدس هي قلب الشعب اليهودي، وانا ارى في عهد ترامب فرصة لتحصين القدس، بحيث لا يصبح بالإمكان تقسيمها ابدا. غياب البناء هو تفويت للفرصة، ولذلك انا اعمل ضمن هذا القانون من اجل منع أي اجماع مؤقت في المستقبل، كما حدث مع ايهود اولمرت وايهود براك، حول تقسيم القدس. هذه خطوة استراتيجية. نحن سنقود القانون خلال الدورة الحالية للكنيست. واتوقع من كل الشركاء في الائتلاف والمعارضة مساندة هذه الخطوة التي تمنع تقسيم القدس في المستقبل”.

اسرائيل: ” لم نسمع بأن الفلسطينيين تنازلوا عن تجميد البناء في المستوطنات”

تكتب “يسرائيل هيوم” نقلا عن مسؤول سياسي رفيع في اسرائيل، قوله يوم الخميس، “اننا لم نسمع بأن الفلسطينيين تنازلوا عن مطلب تجميد البناء في المستوطنات”. وجاء ذلك تعقيبا على ما نشر بعد زيارة الرئيس ترامب الى البلاد، حول “تراجع الفلسطينيين عن مطلب تجميد البناء في المستوطنات”. لكن اسرائيل توضح الان بأنها لم تحصل على أي تأكيد لذلك.
وقالوا في القيادة السياسية بأن التقرير الذي نشرته القناة الثانية في التلفزيون، هذا الأسبوع، والذي يقول ان الحكومة صادقت على البناء للفلسطينيين ومضاعفة منطقة نفوذ قلقيلية، غير صحيح. واوضحت المصادر ان ما صودق عليه هو ترخيص البيوت التي اقيمت بشكل غير قانوني. وقالوا ان “الحديث عن قرار صادق عليه المجلس الوزاري قبل سنة، خلال فترة الادارة الأمريكية السابقة، حين تم ذلك في اطار مبادرة الوزير ليبرمان التي عرفت باسم “العصا والجزرة”. وعلى كل حال، فانه يجري كل سنة هدم حوالي 1500 منزل غير قانوني للفلسطينيين في المناطق C الخاضعة للسيطرة الاسرائيلية الكاملة، وكان الهدف هو توفير هواء للتنفس”.
كما قالت المصادر السياسية انه صودق الى جانب ذلك، على بناء حوالي 4000 وحدة سكن في المستوطنات، وانه لا يوجد تحديد لعدد المباني في المستوطنات وان التسويق والتخطيط، حتى في القدس، يشهد قفزة. وقالوا: “نحن نفهم ان هناك من لا يشعرون بالرضا مؤخرا. صحيح ان الادارة الأمريكية تغيرت، لكننا لسنا منتشين بالنصر. خلال سنوات اوباما لم تكن كلمة ايجابية عن المستوطنات، ولا كلمة محايدة – فقط شجب مطلق وبصوت الرئيس. الان تغير الأمر والادارة الحالية تقول ان المستوطنات ليست جذر المشكلة، لكن الامريكيين لم ينضموا الى غوش ايمونيم”.

ليبرمان يدعم نفيه: “خطة الانفصال كانت خاطئة”

تكتب “يسرائيل هيوم” ان وزير الامن افيغدور ليبرمان دعم موقف الجنرال احتياط يئير نافيه الذي يعتبر خطة الانفصال في شمال الضفة خطأ. وقال ليبرمان انه يوافق على اقوال نفيه بشكل مطلق. وجاءت تصريحات نفيه في اطار لقاء خاص منحه لصحيفة “يسرائيل هيوم”، نشر ملخصه يوم الخميس ونصه الكامل في عدد يوم الجمعة.
وقال ليبرمان ان “الانفصال كان خطأ ومغامرة لا زلنا ندفع ثمنها الكبير”. وأضاف في تصريحات ادلى بها لراديو “كول حاي”، ان “فكرة الانفصال وهي ان العرب سيتحولون فجأة الى انصار للسلام، وسيصبحون مقاولين ثانويين لنا في مسائل الامن، انهارت. لقد خرجنا باتفاق موقع مع الاتحاد الاوروبي، وابو مازن حصل على قطاع غزة على طبق من فضة. وبعد عامين سيطرت حماس على القطاع، ونحن نرى النتائج اليوم”.
الى ذلك، وفي موضوع ازمة الكهرباء في غزة، قال ليبرمان ان “الفلسطينيين سيحصلون على الكهرباء اذا دفعوا ثمنها”. وفي لقاء اجراه معه موقع منسق عمليات الحكومة في المناطق، شرح ليبرمان بأن اسرائيل مستعدة لتزويد الكهرباء، لكنها لن تكون الجهة التي ستدفع ثمنها.
في سياق متصل، قال وزير الامن السابق موشيه يعلون، الخميس، انه “لا يوجد امل بالتوصل الى اتفاق دائم مع الفلسطينيين في المستقبل المنظور”.

مشروع قانون لتقديم مساعدة قانونية لضحايا العمليات العدائية والعائلات الثكلى

تكتب “يسرائيل هيوم” انه من المقرر ان يطرح وزراء القضاء، اييلت شكيد، والامن، افيغدور ليبرمان، والعمل والرفاه، حاييم كاتس، مشروع قانون حكومي، يوم الاحد القريب، يهدف الى منح المساعدة القانونية لأبناء عائلات ضحايا العمليات العدائية والعائلات الثكلى.
ويعتبر هذا القانون بالغ الأهمية، لأنه حتى الان، حظيت فقط العائلات الضعيفة اقتصاديا والتي قتل ابنها في عملية جنائية بالمساعدة من قبل وزارة القضاء، بينما لم يمنح القانون المساعدة لضحايا العمليات العدائية والعائلات الثكلى.
ويعتبر تمثيل العائلات مهما من اجل تمويل الحقوق التي يستحقونها، كمعارضة التوصل الى صفقة ادعاء مع مخرب او اجراءات مدنية للحصول على حقوقهم من التأمين الوطني وتقديم دعاوى لتعويضهم ضد عائلات المخربين.

اتفاق بين إسرائيل وقبرص واليونان على مواصلة التعاون في مشروع الغاز وتوقيع سلسلة من التفاهمات حول التعاون بين الدول الثلاث

تكتب “يسرائيل هيوم” ان اسرائيل واليونان وقبرص وقعت على اتفاق ينص على مواصلة التعاون من اجل مد خط للغاز الطبيعي من اسرائيل الى اوروبا عبر قبرص واليونان. وقال رئيس الحكومة نتنياهو ان “خط الغاز هذا ينطوي على اهمية استراتيجية بالنسبة لإسرائيل. الان هناك اتفاق اولي، وحتى نهاية السنة سيتم استكمال الفحص.” واتفق نتنياهو مع رئيس الحكومة اليونانية والرئيس القبرصي على انهاء الفحص المطلوب حتى نهاية 2017، واتخاذ قرار نهائي بشأن مد الخط وتوقيع اتفاق. وقال نتنياهو ان هذا الخط سيحقق اختراقا اقتصاديا للبلدان الثلاث.
كما وقعت الدول الثلاث على تصريح مشترك في مجال العلاقات الخارجية والبنى التحتية والطاقة والمياه والغاز الطبيعي والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة وبدائل النفط، وتعزيز التعاون الاقتصادي في مجال الطاقة والمياه وحماية البيئة والابحاث والاختراعات والتكنولوجيا الدقيقة، والصناعة والمصالح التجارية الصغيرة والمتوسطة والجاليات اليهودية. وجاء في التصريح ان “الدول ستعمل بعزم على العمل معا وتبادل الخبرات والمعلومات والتعاون المثمر الذي سيفيد ليس فقط شعوبهم وانما المنطقة كلها”.

المستشار يرفض محاكمة افراد الشرطة الذين قتلوا الشاب العربي خير حمدان

تكتب “يسرائيل هيوم” ان المستشار القانوني للحكومة ابيحاي مندلبليت قرر رفض الاستئناف الذي تم تقديمه ضد قرار قسم التحقيق مع افراد الشرطة (ماحش) اغلاق ملف التحقيق ضد افراد طاقم الوحدة الخاصة (يسام) الذين اطلقوا النار على خير حمدان من كفر كنا وقتلوه، بعد ان هاجمهم بسكين.
وكانت دورية للشرطة قد دخلت الى كفر كنا في تشرين الثاني 2014، لاعتقال مشبوهين بالقاء قنبلة، وخلال ذلك اقترب منهم خير حمدان، وبدأ بمهاجمة السيارة بواسطة سكين، وفتح احد افراد الشرطة الباب واطلق النار في الهواء، لكن حمدان لم يرتدع وواصل محاولات طعن الشرطة. وخرجت قوة الشرطة من السيارة، ويمكن من خلال الشريط الذي يوثق للحادث رؤية حمدان وهو يتراجع الى الوراء وعندها قام احد افراد الشرطة بإطلاق عيار ناري على القسم السفلي من جسده.
وبعد ذلك جر افراد الشرطة حمدان الى داخل السيارة ونقلوه الى سيارة اسعاف اولي، لكن حمدان توفي في المستشفى. وفي الاستئناف الذي قدمته عائلته طالبت بمحاكمة الشرطي الذي اطلق النار بتهمة القتل، ومحاكمة الاخرين بتهمة تشويش اجراءات المحاكمة. لكن المستشار كتب في قراره انه بعد فحص المواد لم يجد المستشار القانوني من الصواب تغيير قرار ماحش، واضاف انه “يجري الحديث عن حالة مركبة تعرض فيها افراد الشرطة الى الخطر”.

النيابة تتعامل بحذر بالغ وتماطل بحسم ملفات نتنياهو

تنشر صحيفة “هآرتس” تقريرا موسعا حول مماطلة المستشار القانوني للحكومة ابيحاي مندلبليت في حسم ملفات التحقيق ضد رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو، خلافا لما حدث في ملفات شخصيات رسمية سابقة، مثل رئيس الحكومة السابق ايهود اولمرت الذي اعلن المستشار القانوني الأسبق ميني مزوز قراره تقديم لائحة اتهام ضده بعد خمسة اشهر من بدء التحقيق في الشرطة، وكذلك وزير المالية الأسبق ابراهيم هرشيزون الذي تقرر تقديم لائحة اتهام ضده بعد ثمانية اشهر من بدء التحقيق، علما ان تلك الملفات كانت معقدة وضلع فيها الكثير من المشبوهين ومئات الشهود، وكانت شائكة بشكل لا يختلف عن الملفين المتعلقين بنتنياهو.
وتكتب انه مرت سنة وثلاثة اشهر منذ كشفت الشرطة عبر هاتف رئيس مكتب نتنياهو سابقا، اري هارو، عن الحوار الذي جرى بين نتنياهو وممول صحيفة “يديعوت أحرونوت” نوني موزس، والتي أثارت الاشتباه بمحاولة عقد صفقة فاسدة بينهما. كما مرت عشرة اشهر منذ الكشف عن تمويل رجل الاعمال ارنون ملتشين لهدايا ثمينة حصلت عليها عائلة نتنياهو. وعلى الرغم من ذلك الا انه لا يمكن لأحد التوقع حتى الان متى سيتم حسمها. وتذكر الصحيفة بتصريح القائد العام للشرطة روني الشيخ قبل نصف سنة بأن التحقيق سينتهي بعد اسابيع قليلة، وتكتب ان تصريحه ذاك يبدو اليوم وكانه مقطع من ساتيرا.
وتضيف الصحيفة ان العلاج البطيء لملفات نتنياهو تواصل في الاشهر الاخيرة، ويتعلق ذلك كما يبدو بتشعب التحقيق. فقد وصلت الى الصحيفة معلومات تفيد بأن وحدة التحقيق في اعمال الغش والخداع تسلمت قبل شهرين معلومات من شأنها ان تعزز الادلة ضد نتنياهو، حول العلاقات بينه وبين احد اصحاب رؤوس الاموال الذي يشتبه بدفع رشوة لرئيس الحكومة. وعلم انه من المتوقع ان يتم التحقيق مع نتنياهو مجددا في هذا الموضوع وفي شبهات اخرى ضده. وجاء من وزارة القضاء تعقيبا على ذلك انها لا تنوي التعليق على اجراءات التحقيق “وهذا لا يعني تأكيد او نفي الامور”. ويشار الى ان نتنياهو نفى طوال الوقت ارتكابه لمخالفات جنائية، وقال انه “لن يتم التوصل الى شيء لأنه لا يوجد شيء”. وادعى نتنياهو ان حصوله على هدايا لا يعتبر مخالفة.
وعلمت “هآرتس” ان تسجيلات المحادثات التي جرت بين نتنياهو وموزس وصلت الى المستشار القانوني للحكومة منذ ربيع 2016، وحتى كانون الثاني الماضي تردد المستشار والنائب العام للدولة شاي نيتسان في مسألة ما اذا يجب فتح تحقيق جنائي ضد نتنياهو. والان يتضح ان المستشار مندلبليت ادعى انه لا يوجد اشتباه معقول يبرر التحقيق ضد نتنياهو، رغم ان توثيق المحادثات بشأن الصفقة بين نتنياهو وموزس كان لديه. وحسب التسجيلات فقد وعد نتنياهو ممول “يديعوت احرونوت” بإعادة الصحيفة الى مكانتها الرفيعة مقابل “يسرائيل هيوم” فيما وعده موزس بتغيير توجه الصحيفة ازاءه وتغطية اخباره بشكل ايجابي.
وفي تموز 2016 اعلن مكتب المستشار قراره الايعاز الى الشرطة بفحص الموضوع “في اعقاب معلومات تتعلق برئيس الحكومة”. وقرر مندلبليت بأن يتركز التحقيق على المعلومات التي وصلت من مصدرين معروفين، حول ما يحدث في محيط نتنياهو. وتبين ان التوجه الحذر لمندلبليت كان محقا اذ انه تبين لاحقا بأن قسما من المعلومات التي حولها هذين الشخصين كانت واهية.
وفي فترة الاعياد العبرية، في العام الماضي، بدأت تترسخ لدى الشرطة شبهات ضد نتنياهو في ملف الرشاوى التي حصل عليها هو وزوجته من رجل الاعمال ميلتشين، ومن ثم من رجل الاعمال جيمس فاكر. وقد حققت الشرطة مع ميلتشين لكنها لم تحقق حتى اليوم مع فاكر الذي يقيم في الخارج. وتعتقد الشرطة ان التحقيق مع فاكر سيكمل الصورة.
وفي اواخر تشرين الثاني الماضي، تقرر التحقيق مع نتنياهو تحت طائلة الانذار، وكذلك التحقيق مع موزس. ومرت عدة اسابيع حتى تم استدعاء موزس للتحقيق. وقال مصدر يعرف مندلبليت ان الاخير قرر التحقيق مع نتنياهو عندما اتضح له بأن رئيس الحكومة هو الذي بادر الى المحادثات مع موزس.
وحتى بعد بدء التحقيق العلني في الملفات الا ان المستشار واصل الدوس على الكوابح، ومنع التحقيق مع الزوجين نتنياهو في آن واحد في قضايا الرشاوى، خلافا لرأي طاقم التحقيق الذي تخوف من تنسيق الافادات. وقرر المستشار خلافا لموقف الشرطة عدم التحقيق مع سارة نتنياهو تحت طائلة الانذار وعارض قيام الشرطة بجباية افادات من الشخصيات التي توجه اليها نتنياهو لتسريع اعطاء فيزا أميركية لميلتشين، والمقصود وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري وسفير الولايات المتحدة السابق لدى اسرائيل دان شبيرو. واعتقد ان التحقيق مع هاتين الشخصيتين سيكون حساسا واشكاليا بسبب كونهما تابعين لإدارة اوباما التي وقعت صدامات بينها وبين نتنياهو.
ورفضوا في وزارة القضاء الادعاء بأن النيابة تتعامل مع رئيس الحكومة بحذر مبالغ فيه، وان التحقيق يجري ببطء. وادعى النائب العام نيتسان ان قرارات المحكمة العليا تحتم تفعيل اليات الحذر والمراقبة في تحقيقات من شأنها هز السلطة. وحسب تقديره فان القرار في ملفات نتنياهو سيصدر خلال نصف سنة. وادعت مصادر قانونية اخرى ان التأخير ينبع من الحاجة الى اجراء عدة تحقيقات لاستكمال الصورة.
ويسود التقدير الان بأنه حتى نهاية السنة الميلادية سيتم حسم مصير رئيس الحكومة. لكنه يبدو انه لو تم التحقيق فيهما بشكل عازم وسريع لكنا الان بعد سقوط القرار.

نتنياهو “يصحح” عيوب ادارته لحرب 2014

تكتب “يديعوت أحرونوت” انه بعد 50 يوما من تقديم تقرير مراقب الدولة حول عملية الجرف الصامد، سلم رئيس الحكومة ومجلس الامن القومي للمراقب الوثيقة التي تفصل كيف ينوون تصحيح العيوب التي اشار اليها في تقريره، حتى نهاية 2017.
ويشرح نتنياهو في وثيقة تصحيح العيوب انه سبق وتم تصحيح الكثير من العيوب في اطار تبني توصيات لجنة عميدرور، التي اقيمت بعد مطالبة الوزير نفتالي بينت بتحديد نظم عمل المجلس الوزاري السياسي الامني. ويستدل من بعض اجوبة نتنياهو ان من دفع نحو التغيير الدراماتيكي في عمل المجلس الوزاري بشكل لا يقل عن المراقب يوسف شبيرا، هو الوزير نفتالي بينت، الذي كافح من اجل التغيير ولم يتخوف من التهديد بإسقاط الحكومة. وفيما يلي اهم العيوب والرد عليها حسب ما وردت في الوثيقة:
العيب: خلال عملية الجرف الصامد طولب اعضاء المجلس الوزاري بالمصادقة على قرارات كثيرة تتعلق بالعمليات العسكرية من دون اجراء نقاش منظم وبنيوي حول التهديدات وعرض عدة خطط للعمل.
رد نتنياهو ومجلس الامن القومي: سيكون لنقاشات المجلس الوزاري مبنى منظم يشمل تقديم عرض مفصل من قبل رئيس مجلس الامن القومي للاستراتيجية والبدائل الممكنة للحل، وسيجري الاستماع لموقف اجهزة الاستخبارات والجيش، وتلخيص من رئيس الحكومة وتصويت.
العيب: يتضح من شكل ادارة الجرف الصامد ان وزارة الامن لم تتعامل بجدية مع مجلس الامن القومي، ولم تحول اليه معلومات وغير ذلك.
رد نتنياهو ومجلس الامن القومي: سيتم خلال العام القريب اجراء اجتماعات لمجلس الامن القومي مع كل الجهات التي تعمل معه في الحقل (الموساد، الشاباك، الجيش، شعبة الاستخبارات ووزارة الامن)، بهدف مأسسة علاقات عمل وحتلنة الامور بشكل جارف.
العيب: خلال نقاشات الوزراء طولبوا في اكثر من مرة بالمصادقة على قرارات بتنفيذ عمليات عسكرية من دون ان تعرض امامهم بدائل لمعالجة المشكلة.
رد نتنياهو ومجلس الامن القومي: منذ الجرف الصامد يقوم رجال مجلس الامن القومي، قبل كل جلسة، بفحص الخطة التي يريد الجيش عرضها امام الوزراء ويحرصون على ان تكون واضحة وحادة. كما يطلبون عرض عدة بدائل لكل خطة.
العيب: خلال الجرف الصامد وصل الوزراء الى الجلسات التي طولبوا خلالها باتخاذ قرارات تتعلق بحياة البشر، من دون ان يملكوا أي معلومات حاسمة.
رد نتنياهو ومجلس الامن القومي: سيتم انشاء نظام لتحويل المعلومات ذات الصلة الى المجلس الوزاري في اقرب موعد ممكن قبل الجلسة.
العيب: لا يملك المجلس الوزاري حاليا صلاحيات اتخاذ قرار بالخروج لعملية عسكرية من شأنها ان تقود الى الحرب.
رد نتنياهو ومجلس الامن القومي: الحكومة ستجتمع قريبا وتصوت على اعطاء صلاحيات للمجلس الوزاري أيضا.
يجب على وزير الامن الاهتمام بتدريب الوزراء في القضايا الأمنية وتوسيع معرفتهم من قبل مجلس الامن القومي.
رد نتنياهو ومجلس الامن القومي: تم اعداد خطة واسعة لتدريب الوزراء في هذه المسائل وسيبدأ تنفيذها في النصف الثاني من 2017.
وقالت النائب كارين الهرار (يوجد مستقبل) رئيس لجنة المراقبة البرلمانية التي قادت كفاح العائلات الثكلى، ان “التقرير غير جدي، وهناك مواضيع لم يتم التطرق اليها ويبدو انه تم كتابة مجرد شعارات عامة وليس خطة عمل.

الكوماندوس الاسرائيلي يتدرب في قبرص على محاربة لبنان

تكتب “يديعوت أحرونوت” انه بعد سنة ونصف من تأسيسه، اجرى لواء الكوماندوس اول تدريب عسكري له على جبال جزيرة قبرص، تم خلاله محاكاة احداث تشبه الحرب في جنوب لبنان. وشارك في التدريب 500 جندي تم نقلهم مباشرة من مطار نباطيم في الجنوب الى جبال ترودوس في مركز جزيرة قبرص. وبمساعدة مروحيات الينشوف (تعني البومة) تدرب الكوماندوس على المحاربة في اعماق اراضي العدو. وشاركت في التدريب طائرات غير مأهولة من طراز “راكب السماء” وطائرات مراقبة مع معدات محوسبة واستخبارات وكلاب ومدربيهم من وحدة عوكتس.
وتدرب الجنود على سيناريو يحاكي الحرب في جنوب لبنان، وكانت الاوامر تصلهم من البلاد. وشملت التدريبات سيناريوهات على الحرب داخل منطقة مأهولة ومفتوحة، وهجمات راجلة ومحمولة جوا على اهداف منوعة، وانشاء قيادات ميدانية والتدرب على الحرب البرية. وقامت قوة من وحدة اغوز بالتدرب على هجوم على قرية مهجورة بواسطة سيارات وصلت على متن سفينة من ميناء حيفا.
وتم لهذا الغرض ارسال عشر طائرات من طراز بلاك هوك والتي نقلت المحاربين الى الاهداف المختلفة. واستخدم سلاح الجو لنقل المحاربين وعتادهم طائرات شحن من طراز شمشون. وشارك في التدريبات طيارون من جيش الاحتياط ومحاربين من وحدة 669 والتي تدربت على الصدام الحربي. وشارك المحاربين الاسرائيليين حوالي 100 جندي من الكوماندوس القبرصي.
وقال مصدر عسكري في الجيش ان التدريب رفع جدا من مشاعر امن القوات، مضيفا انه “يمكن القول بأن مستوى الوحدة ارتفع جدا، على مستوى معنويات الجنود ومستوى القيادة التي حافظت على اتصال مع القيادة في البلاد”.
وقال قائد وحدة اغوز الكولونيل روعي: “هبطنا في اعماق اراضي العدو، وتلقينا المهمة داخل الطائرة اثناء سفرنا الى الهدف. كان لدينا تمثيل منوع للعدو والمحاربة في مواقع مختلفة وكثيرة. مهامنا يمكن ان تكون في غزة ولبنان وسورية، وفي كل مكان يطلب منا فيه العمل”.
وقال الكولونيل غلعاد قائد كتيبة طائرات “السيف المقلوب” ان “التدريبات شملت اهداف معقدة ومتغيرة، في ارض اجنبية، تغيير المخططات اثناء الطيران والحاجة الى التوجيه مجددا. وتدرب الجنود على مواجهة احداث غير مخطط لها مسبقا، كاستخدام منظومات متوفرة لدى القبارصة وغير متوفرة في البلاد، او تلقي توجيهات من الطيارين القبارصة والتعاون الكامل مع جيش اجنبي.”

مقالات

اسرائيل تعمل من اجل تحرير نفسها من المسؤولية عن الانفجار القادم في غزة.

يكتب عاموس هرئيل، في “هآرتس” ان قرار المجلس الوزاري الاسرائيلي، في بداية الأسبوع، عدم عرقلة ضغوط السلطة الفلسطينية على سلطة حماس في غزة، لا تؤثر حتى الان على الاوضاع في القطاع. فظروف الحياة في غزة، في كل الأحوال، صعبة جدا في ضوء الاقتصاد المحطم والحصار وتزويد الكهرباء لحوالي اربع ساعات يوميا فقط. ولكن، رغم ان اسرائيل اعلنت بأنها ستتجاوب مع طلب السلطة عدم تقليص اموال من مستحقاتها الضرائبية لتمويل ثمن الكهرباء التي توفرها اسرائيل للقطاع – وهي خطوة ستقلص تزويد الكهرباء لثلاث ساعات يوميا – فانه لم يتم تنفيذ القرار بعد.
هناك ما يكفي من الأحابيل، الحسابية والتكنولوجية، التي تسمح بتأجيل آثار هذه الخطوة لفترة زمنية اخرى. وهذه لن تكون المرة الاولى. فإلى ما قبل ترتيب الديون المستحقة على السلطة قبل عدة اشهر، تجاهلت اسرائيل طوال سنوات الديون التي وصلت الى حوالي مليونين شيكل على شركة كهرباء القدس.
في هذه الأثناء، تسمح اسرائيل بحلول التفافية من اجل تخفيف التوتر بين السلطة وحماس، على أمل ان لا تتطور الأزمة، التي وصفها نتنياهو بأنها مشكلة فلسطينية داخلية، الى مواجهة عسكرية اخرى مع حماس. وعلى هذه الخليفة تجري اتصالات متواصلة مع مصر التي اعربت عن استعدادها لتزويد القطاع بالمزيد من الكهرباء اذا استجابت حماس لمطالبها وقطعت علاقاتها مع داعش في سيناء.
لقد تحدث رجال الجهاز الامني الاسرائيلي في هذا الموضوع مع ممثلين امريكيين واوروبيين، وحصلت سفيرة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة، نيكي هايلي، على استعراض مفصل للأوضاع الإنسانية في القطاع، خلال زيارتها الى اسرائيل في الأسبوع الماضي، من خلال الفهم بأن الأزمة قد تتفاقم قريبا. ومع ذلك، ليس من الواضح ما تم ايصاله الى واشنطن من كل ما سمعته. ويمكن الاستدلال على مدى اطلاع ادارة ترامب على ما يحدث هنا، من الخطأ الذي ارتكبه وزير الخارجية ريك تيلرسون، الذي اعلن يوم الثلاثاء الماضي، بأن السلطة الفلسطينية ستتوقف عن تمويل عائلات المخربين، وهو الأمر الذي نفته رام الله بشكل مطلق.
يبدو ان اسرائيل تعد مسبقا الخلفية السياسية لحال تدهور الاوضاع، لكي لا تتحمل المسؤولية على الحلبة الدولية عن الانفجار القادم. في الاسبوع الأخير حظيت اسرائيل بهديتين على الحلبة الاعلامية مقابل حماس. ففي بيان استثنائي ومتأخر، اتهم مدير فرع الهلال الأحمر في الامارات المتحدة، سلطة حماس بإطلاق الصواريخ من مستشفيات الهلال الاحمر في غزة خلال عملية الجرف الصامد في صيف 2014، بهدف استفزاز الجيش الاسرائيلي لكي يقصف المستشفيات. وفي المقابل اعلنت وكالة الاونروا بأن حماس حفرت نفقا تحت احدى مدارسها في مركز القطاع.
في هذه الأثناء، تقطف إسرائيل الثمار من الحملة الاعلامية التي اطلقتها. ففي اواخر نيسان الماضي، استضافت النيابة العسكرية حوالي 80 خبيرا من الخارج في مؤتمر استغرق ثلاثة ايام حول القانون الدولي العسكري، والذي ركز على آثار الحرب مقابل تنظيمات الارهاب والعصابات الناشطة في صفوف المدنيين. وتم تنظيم رحلة جوية للضيوف، ومن بينهم عدد من رجال النيابة العسكرية السابقين في الولايات المتحدة وبريطانيا، بالإضافة الى حوالي 50 رجل قانون اسرائيليين، الى الحدود السورية واللبنانية، حيث استمعوا الى استعراض من رجال الاستخبارات العسكرية، الذين شرحوا كيف ينشر حزب الله عمدا قواته ومستودعات أسلحته في قلب القرى في جنوب لبنان. وقال الضباط الإسرائيليين انه في ضوء قوة الاحتكاك العسكري المتوقعة في الجولة القادمة في لبنان او في غزة، وفي ضوء حجم الصواريخ التي يتوقع سقوطها في الجبهة الداخلية – سيضطر الجيش الى تفعيل قوة اكبر بكثير من الماضي.
في المنتدى القانوني الأمريكي Lawfare، كتب رجل القانون الأمريكي جفري كورن: “لقد تعلمنا خلال الزيارة بأن التنظيمات المسلحة تواصل تحسين قدراتها وبذلك تزيد من مخاطر عدم ترك أي مفر امام الجيش الاسرائيلي الا خوض حرب برية في منطقة مغلقة. نطاق وكثافة عمليات كهذه سيسبب، بشكل شبه مؤكد، الصدمة في صفوف الجمهور الواسع. ويبدو ان النيابة العسكرية الاسرائيلية تعرف ذلك وتعرف المصاعب الكامنة في خلق الشرعية لعمليات كهذه، اذا تم تشويهها من خلال التوقعات الخاطئة التي ترافق عمليات ضد المقاومة”.
هذه الرسالة تهم لبنان كما تهم غزة. اذا اضطر الجيش الاسرائيلي للعودة الى المناورة في اعماق لبنان او غزة، امام حزب الله وحماس، فان ذلك سيناط بصدامات صعبة على الأرض، ستسفر عن اصابة الكثير من المدنيين، بشكل يزيد كثيرا عن الماضي. وفي كل الحالات ستتهم اسرائيل بارتكاب جرائم حرب، لكنها تحاول مسبقا شرح الواقع المعقد الذي ستضطر قواتها الى العمل فيه خلال الحرب.

في ظل ازمة الخليج، مصر تقرب حماس منها

يكتب تسفي برئيل، في “هآرتس” ان د. سمير غطاس، رئيس نادي الشرق الاوسط للأبحاث الاستراتيجية في مصر، لا يساوره أي شك. فقد قال في هذا الاسبوع في مقابلة أجريت معه، ان “التفاهمات بين وفد حماس وبين رئيس الاستخبارات المصرية ومحمد دحلان هي بالون ليست إلا بالون يخلو من أي شيء حقيقي”. غطاس، العضو في مجلس الشعب المصري، تطرق الى ما تم نشره في هذا الاسبوع حول توصل وفد حماس خلال اجتماعه مع رئيس الاستخبارات المصرية الى سلسلة من التفاهمات، من أهمها الاتفاق على تعيين محمد دحلان رئيسا للجنة التي تدير شؤون غزة، والتي سيشارك فيها ايضا رجال من حماس. هذه التفاهمات تهدف الى تخفيف التوتر بين مصر وحماس وفتح معبر رفح، وزيادة كمية الكهرباء التي ستبيعها مصر للقطاع، وفي نهاية المطاف فصل القطاع عن الضفة الغربية.
لم يؤكد أي مسؤول مصري التوصل الى هذه التفاهمات فعلا، بينما قدم المتحدثون باسم حماس اجوبة غامضة تقول انه جرت لقاءات بين مسؤولين كبار من حماس، ومن ضمنهم رئيس المكتب السياسي الجديد في غزة، يحيى سنوار، ورئيس القوات الامنية التابعة لوزارة الداخلية في حماس، توفيق أبو نعيم، مع رؤساء الاستخبارات المصرية. وانه “يمكن توقع تحسن كبير في العلاقة مع مصر وكذلك على اوضاع السكان في غزة”. ولم يتم حتى الان قول أي شيء حول التفاهمات او الاتفاقيات.
في المقابل، يمكن التشكيك، أيضا، بتقييمات غطاس، فهو “مشبوه” بأنه فلسطيني اصلا. وفي السابق كان مستشارا لخليل الوزير (ابو جهاد)، ومعارض شديد لحماس، وحسب بعض التقارير المصرية، فانه يحمل عدة جوازات سفر اجنبية اضافة الى جواز السفر المصري. اما غير المشكوك فيه فهو أن محمد دحلان، رجل فتح، والخصم المرير للرئيس الفلسطيني محمود عباس، والذي يحاول منذ سنوات اسقاطه عن كرسيه بادعاء قانوني محق وهو أن أبو مازن ليس رئيسا شرعيا لأن ولايته انتهت منذ زمن.
لقد كان الدكتور فايز أبو شمالة، الصحفي والباحث الفلسطيني من غزة، هو أول من نشر، بشكل مفصل، التفاهمات بين القاهرة وحماس، وقال إنه حسب التفاهمات سيتم اقامة لجنة لادارة شؤون غزة مع ميزانية أولية حجمها 50 مليون دولار، وأن محمد دحلان سيترأس هذه اللجنة. وحسب اقواله فان وزارتي الأمن والداخلية ستبقيان في أيدي حماس، بينما سيتسلم دحلان المسؤولية عن السياسة الخارجية وتجنيد الاموال وادارة المعابر بين غزة ومصر وبين غزة واسرائيل. كما سيكون مسؤولا عن المفاوضات مع اسرائيل في الشؤون التي تخص المعابر و ”مسائل اخرى”.
وستتمتع هذه اللجنة بميزانية شهرية بحجم 20 مليون دولار، سيتم تمويلها من الضرائب التي تحصل عليها السلطة الفلسطينية حاليا من القطاع، وسيتم استغلال هذه الاموال لدفع رواتب الموظفين. وبهذا سيتم استكمال الفصل بين حكومة غزة والسلطة الفلسطينية. وستتيح هذه الخطوة لمصر فتح معبر رفح، لأنه سيدار في الجانب الفلسطيني، منق بل رجال فتح الذين يؤيدون دحلان. وستقوم مصر بفتح المعبر بشكل دائم. ويعتقد المحللون الفلسطينيون الذين تحدثوا عن هذه التفاهمات بأن تنفيذها سيخدم ليس فقط حماس، التي تتعرض للضغط من قبل مصر والعالم العربي والمجتمع الدولي، بسبب كونها منظمة ارهابية، بل ايضا ستخدم اسرائيل، التي ستعتمد على دحلان الذي كان شريكا في عملية السلام ويدعمها، لا بل ستخدم، ايضا، محمود عباس، الذي سيتمكن في نهاية المطاف من التخلص من عبء غزة. بعد عودة وفد حماس من مصر، هذا الاسبوع، قيل بأن حماس عززت قواتها على طول الحدود بين غزة ومصر من اجل اظهار تعاونها مع مطالب مصر، خاصة كبح الارهاب في سيناء ومنع تسلل الارهابيين من سيناء الى القطاع وبالعكس.
ولكن، سواء كانت هذه التفاهمات حقيقية أم انها مجرد بالون اختبار في افضل الحالات، او كابوس صيف، في اسوأ الحالات، فان حقيقة الزيارة الى مصر واللقاءات المطولة مع مسؤولين في الحكومة المصرية، تدل على المعضلات التي تواجه مصر وحماس. لأن هذه الاتصالات تجري ليس فقط عندما تصل ازمة الكهرباء في القطاع الى ذروتها، بل ايضا على خلفية العقوبات والاغلاق الذي فرضته السعودية ودول الخليج ومصر والاردن واليمن وليبيا على قطر، وتصريحات الرئيس الامريكي دونالد ترامب في الرياض، في الشهر الماضي، الذي اعتبر حماس وحزب الله والاخوان المسلمين منظمات ارهابية. وتهدف مصر والسعودية ايضا، الى فصل حماس والقطاع عن رعاية قطر، وبذلك نزع سيطرتها على جزء من القضية الفلسطينية، لا سيما القسم الغزي الذي يهم مصر كثيرا.
لكن هذا الفصل قد يؤدي الى نتيجة اخرى غير مرغوب فيها، والتي يمكنها ان تدفع حماس مجددا الى احضان ايران، التي تتميز بقراءة الاحداث الاقليمية، والتي سارعت في ايار الى تهنئة اسماعيل هنية ويحيى سنوار بعد انتخابهما للمنصبين الرفيعين في حماس. قاسم سليماني، قائد “قوات القدس″ في حرس الثورة الايراني، وجواد ظريف، وزير الخارجية الايراني، ورئيس البرلمان، علي لارجاني، كانوا من بين المهنئين. ولكن المثير هو أن حماس نشرت رسائلهم هذه فقط بعد زيارة ترامب الى المنطقة، كتلميح الى انه لا تزال امام حماس امكانية اخرى، اذا تم استبعادها عن الحضن العربي. صحيح أن مصر سارعت الى تحذير حماس من العودة الى احضان ايران، لكن في نفس الوقت بدأت بالإعداد للقاء وفد غزة واللقاء مع محمد دحلان الذي يعيش في أبو ظبي.
ليست قطر وحدها هي التي تسبب الطفح لمصر، فمحمود عباس، ايضا، يغرس العيدان في عيون السلطة المصرية. لأنه في الوقت الذي تنضم فيه الدول العربية الى مقاطعة قطر، او تعرب عن دعمها له، لم يصدر أي تصريح واضح من قبل أبو مازن. وقال مقربوه في مطلع الاسبوع إنه مستعد للتوسط في الازمة بين قطر ودول الخليج، بل انه اقترح خدماته على الاردن وتحدث في هذا الامر مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولكن في اليوم التالي فقط، ادلى رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج بأقوال قاطعة اثناء زيارته لنابلس، حيث أعلن: “نحن مع الدول العربية وضد مؤامرات ايران في المنطقة”، دون أن يذكر اسم قطر. وحسب خصوم عباس فان سبب صمته، هو وجود مصالح تجارية كثيرة لأولاده في قطر، وهو نفسه يحمل جواز السفر القطري، وعلاقته الشخصية مع عائلة الامير تميم وثيقة جدا، وليس منذ اليوم.
باستثناء ذلك، يوجد لعباس حساب مفتوح مع مصر، يتزايد ويطول طالما اشتبه بمواصلة مصر محاولة دعم محمد دحلان على حسابه. مصر تعتبر أن دحلان وريثا لعباس، وكلفت نفسها توضيح تأييدها له عندما رفضت في شهر آذار الماضي السماح لجبريل الرجوب، خصمه اللدود، بدخول مصر للمشاركة في مؤتمر السياسة الاجتماعية والارهاب الذي عقد في شرم الشيخ. ومن هنا فانه اذا كانت التقارير حول التفاهمات بين حماس ودحلان صحيحة، ولو جزئيا، فان عباس قد يجد نفسه، ليس فقط أمام دحلان في غزة، بل ايضا أمام مصر.
الخلافات الداخلية بين حماس وفتح وبين أبو مازن وخصومه السياسيين في فتح خدمت بشكل جيد حتى الآن اسرائيل، التي يقشعر بدنها في كل مرة يجري فيها الحديث عن المصالحة بين حماس وفتح. والآن، ايضا، حين ترتطم ازمة الخليج بشواطئ غزة، وتثير موجات عاصفة في المنطقة الفلسطينية، تعتقد اسرائيل أنها تستطيع أن تكون راضية. إلا أن التنسيق والتعاون الوثيق بين اسرائيل ومصر في موضوع محاربة الارهاب لا يمكنه أن يستبدل المصلحة المصرية في معاقبة قطر وايقاف أبو مازن عند حده، وتعزيز مكانتها كصاحبة البيت في الموضوع الفلسطيني.
غني عن التذكير، بأن مصر مسؤولة، بشكل لا يقل عن اسرائيل، عن الحصار المفروض على غزة، وهي “تساهم” ايضا في ازمة الكهرباء، حين لا تزيد من كمية الكهرباء التي تزودها للقطاع. ولكن خلافا لإسرائيل التي تنظر الى غزة فقط عبر فوهة البندقية الموجة الى حماس، واستعدادها لحل مشكلة الكهرباء لا ينبع من مفهوم العمل الخيري ازاء المواطنين، وانما خشية اندلاع العنف في غزة، فان لدى مصر اعتبارات اخرى، مصرية وعربية. طموحها لتحييد تدخل قطر وتركيا في القطاع، وفي الوقت ذاته ابعاد حماس عن ايران، سيدفعها الى تقديم شيء في المقابل، حتى لو كان ذلك “الشيء” على حساب اسرائيل، كفتح معبر رفح، وهي الخطوة التي ستهدم نجاعة الحصار الاسرائيلي.
اسرائيل التي تساورها احلام اليقظة بالتحالف مع الدول السنية التي ستحتضنها، تدرك الآن أن الازمة البعيدة، ايضا، بين الدول السنية واختهن قطر لا لا تتعلق “بالعرب فقط”. فمثل ذيل التمساح، يمكن لهذه الازمة تدمير جزء من حساباتها الاستراتيجية لأنه تقف في طرفها غزة التي تحولت الى أداة لعب عربية.

حتى بعد 50 عاما، سكان القدس الشرقية لا يزالون أسرى في مدينتهم.

يكتب نير حسون، في “هآرتس” ان مدير المكتب التجاري في القدس الشرقية، فايق بركات، قدم في اكتوبر 1967، شكوى الى وزير الداخلية بشأن الطابور الطويل الذي يمتد امام دائرة تسجيل السكان. لقد وصل مئات السكان العرب في حينه للحصول على الهوية، وبدأ الطابور يمتد منذ الساعة الرابعة صباحا. وكتب بركات ان “نسبة عالية من النساء والسيدات تضطررن الى التدافع بين الرجال بشكل غير لائق وغير مقبول”.
لقد تغيرت الكثير من الأمور في القدس منذ ذلك الوقت: الجمهور تضاعف اربع مرات، اقيمت احياء ضخمة، وتم شق شوارع وتقاطعات طرق، وتم فتح واغلاق سفارات – لكن الطابور امام وزارة الداخلية لم يتغير. يوم الاثنين، الخامس من حزيران، بعد 50 عاما بالتمام على اندلاع حرب الأيام الستة، رافقت المحامية هاجر شختر زبائنها الى مكتب تسجيل السكان. وكما في كل يوم وصل مئات الناس في ساعات الصابح الباكر من اجل احتجاز دور في الطابور. وقالت شختر: “في مرحلة معينة، قامت امرأة خشيت فقدان دورها في الطابور، بإرضاع طفلها داخل البوابة المستديرة”.
الطابور المهين في مكتب وزارة الداخلية في القدس الشرقية مرده دمج بين المعاملة المميزة والمستهترة من قبل السلطات الاسرائيلية، والمكانة القانونية المتضعضعة لسكان القدس الشرقية، الذين يحتاجون لخدمات مكتب تسجيل السكان، اكثر من أي مواطن عادي. الـ320 الف فلسطيني في القدس، الذين تم ضم احيائهم الى اسرائيل بعد فترة قصيرة من الحرب، يعتبرون سكان دائمين. والقانون الاسرائيلي يتعامل معهم، عمليا، كأجانب هاجروا في صباح احد أيام حزيران 67 الى اسرائيل واستوطنوا فيها.
في اول بحث من نوعه، نشر في الأسبوع الماضي، ضمن كتاب يحمل عنوان “سكان ليسوا مواطنين”، يحلل الدكتور امنون رامون، من معهد القدس لدراسة السياسات، الوضع الهجين والمميز لسكان القدس الشرقية. ويظهر كيف اسهمت السياسة المتناقضة، والمعايير الضيقة، وعدم الرغبة في اتخاذ قرارات والتنكر للمشكلة، في خلق مكانة قانونية فريدة من نوعها في العالم كله، لسكان اصليين ليسوا مواطنين في الدولة التي يعيشون في عاصمتها. هذه المكانة القانونية بلورت القدس منذ عام 1967 وحتى اليوم، ومسألة مستقبل القدس ودولة اسرائيل كلها، هي، الى احد كبير، مسألة التغييرات التي ستتم (او لا تتم) في هذه المكانة.

اللباقة هي أمر عظيم
مسألة المكانة القانونية للستين الف عربي الذين عاشوا في المناطق التي اصبحت تسمى القدس الشرقية، طرحت فور انتهاء الحرب. خلال جلسة الحكومة في 11 حزيران، بعد يوم من انتهاء الحرب، قال وزير الاسكان مردخاي بنطوف (مبام): “اريد تذكير انصار هذا القانون الفوري بأمر واحد، نحن دولة ديموقراطية، واذا تم سن قانون يحدد بأن القدس ستمتد على كل المنطقة الجديدة، فان المواطنين العرب في القسم الثاني من القدس سيصبحون مواطني اسرائيل”. وقاطعة الوزير بدون حقيبة مناحيم بيغن: “ليس بشكل فوري”.
لقد بلورت ملاحظة بيغن تلك السياسة الإسرائيلية في تلك الفترة. وافترض الوزراء انه كما حدث في 1948، حين حصل قسم كبير من العرب في اسرائيل على المواطنة الفورية، فان سكان القدس سيطلبون مع مرور الوقت المواطنة الاسرائيلية ويندمجون في المجتمع الاسرائيلي. ولم يأخذ الوزراء في الاعتبار الارتباط القوي لسكان القدس الشرقية بسكان الضفة الغربية والاردن، وعدم رغبة المجتمع الاسرائيلي باستيعاب جمهور فلسطيني كبير.
وهكذا بقي سكان القدس الشرقية بمكانة مواطنين اردنيين حتى سنة 1988.وفي حينه، خلال الانتفاضة الأولى، قرر الملك حسين قطع الاتصال مع الضفة والقدس (لكن الأردن واصل تزويدهم بالوثائق التي سمحت لهم بالسفر في العالم).
وبعد اتفاقيات اوسلو في 1993، اعترفت اسرائيل بارتباط سكان القدس الشرقية بالضفة الغربية وسمحت لهم بالتصويت للبرلمان الفلسطيني في رام الله. وهكذا وصل سكان القدس الشرقية الى مكانة قانونية معقدة لا مثيل لها في العالم: فهم سكان دائمين في اسرائيل، ويحملون بطاقات سفر اردنية، واصحاب حق تصويت في السلطة الفلسطينية.
وانعكس هذا الوضع القانوني الشاذ في كل مراحل حياتهم: فور ولادة اولادهم لا يقوم غالبية السكان بتسجيلهم في دائرة السكان الاسرائيلية، وانما في مكتب اردني يعمل في القدس الشرقية. وعندما يبلغ الطفل سيتعلم في مدرسة تمولها دولة اسرائيل، لكنه يدرس المنهاج الفلسطيني (الى ما قبل اوسلو كانوا يدرسون المنهاج الأردني). وفيما بعد سيسجل زواجه في وزارة الداخلية الاسرائيلية وفي المحكمة الشرعية. واذا سعى الى شراء منزل والحصول على قرض اسكان، سيكتشف ان مكانته لا تسمح له برهن العقار. واذا طلب الدراسة في الخارج، سيضطر الى المخاطرة بمكانته القانونية في مدينته، لأنه يمكن لإسرائيل ان تسحب منه مكانة الاقامة اذا ثبت بأنه نقل “مركز حياته” الى خارج اراضيها. واذا تقدم مهنيا في الحياة العامة، سيتضح له بأن اصحاب المواطنة الكاملة فقط يمكنهم العمل في وظائف رفيعة.
في السنوات الأولى، يقول رامون، جرت محاولات من قبل مسؤولين وسياسيين لمواجهة هذه المشكلة والتعامل بحساسية مع مكانة سكان القدس الشرقية. وعلى سبيل المثال، خلال احتفالات يوم القدس في 1968، عارض رئيس الحكومة، ليفي اشكول، مسيرة المشاعل حول البلدة القديمة: “في نهاية الأمر، يوجد هنا 60-70 الف شخص ‘يرقد موتاهم امامهم’ وهنا صخب واحتفالات لا تنتهي. انا اعرف واؤمن ان هذا حقنا – لكن اللباقة هي امر عظيم”.
ونجد تعبيرا آخر للفترة المستنيرة لسلطة اسرائيل في شرق المدينة، في القانون الذي صودق عليه نهائيا في 1973، والذي يهدف الى تمكين الفلسطينيين في المدينة من الحصول على تعويضات عن الاملاك التي هجروها في القدس الغربية في 48، على غرار حق اليهود باستعادة الاملاك التي هجروها في شرقي المدينة في تلك الحرب.
في نهاية الأمر كان التعويض عن املاك الفلسطينيين تافها، ولم يصل غالبية الفلسطينيين للحصول عليه. ولكنه برز خلال مناقشة القانون جهد اسرائيلي لتصحيح الغبن. ويقول رامون: “انت ترى كم تغيرت اسرائيل منذ ذلك الوقت. كل اعضاء الكنيست، حتى اليمينيين المتشددين، قالوا انه لا يمكن وجود وضع يحصل فيه اليهود على املاكهم بينما لا يحصلوا هم (الفلسطينيون) على املاكهم”.
وحسب اقواله فان ثلاث شخصيات تمثل تلك الفترة الليبرالية، نسبيا، ازاء القدس الشرقية: رئيس البلدية في حينه تيدي كولك، نائبة ميرون بنبيشتي ووزير القضاء يعقوب شمشمون شبيرا، “انطوت اعمالهم على شيء اخلاقي، محاولة تصحيح جزء على الاقل من غياب العدالة في القدس الشرقية، ما يشبه الاستعمار المستنير”، حسب رامون. لكن الاستعداد الاسرائيلي لذلك انتهى بشكل قاطع في اعقاب حرب يوم الغفران. وكتب رامون ان “المفهوم الاخلاقي، الرغبة بتصحيح غياب العدالة انخفض في سلم الأولويات ابتداء من 73، وبشكل اكبر مع وصول بيغن الى السلطة”. خلال السنوات التالية تركز الانشغال الاسرائيلي في القدس الشرقية على مصادرة الاراضي الفلسطينية وبناء احياء جديدة لليهود. وواصل الفلسطينيون العيش داخل المأزق القانوني للإقامة.

سيادة فارغة
يجري الحديث كثيرا خلال السنوات الأخيرة عن “أسرلة” المجتمع في القدس الشرقية، والذي انعكس في سوق العمل وكذلك في ازدياد الطلب على الدراسة وفقا للمنهاج الاسرائيلي، وطلبات الحصول على المواطنة الكاملة. وترتبط هذه الظاهرة الى حد كبير ببناء الجدار الفاصل الذي شطر القدس الشرقية عن الضفة الغربية. لكن رامون يسعى الى تبريد تحمس السياسيين من اليمين، الذين يؤمنون ان هذه العملية ستجعل الفلسطينيين يسلمون باحتلال المدينة. ويقول: “طالما لا يعتبر المجتمع الدولي القدس الشرقية كالجليل ووادي عارة – وهذا لا يحدث حتى في عهد ترامب – فانه لن يحدث التغيير. سكان القدس الشرقية لا يمكنهم رؤية انفسهم جزء من المجتمع الاسرائيلي”.
لكن الحقيقة هي ان هذا السؤال ليس مطروحا امامهم. فالمجتمع الاسرائيلي لا يسارع الى تقبلهم، والدليل على ذلك هي المصاعب الكبيرة التي تواجه كل من يطلب ترقية مكانته من مقيم الى مواطن. الى ما قبل عقد زمني توجه قلة طالبين الحصول على المواطنة – ولم يكن الأمر مقبولا من ناحية اجتماعية وايضا ليس مطلوبا بسبب الدمج بين الاقامة الاسرائيلية والهوية الأردنية. لكن الجدار والقرب من إسرائيل غير ذلك، والطلب على المواطنة الاسرائيلية ازداد بشكل دراماتيكي. ومع ذلك، فان عدد الذين يحصلون على المواطنة يتقلص. فحتى اليوم نجح عدد قليل جدا من سكان القدس الشرقية بامتلاك المواطنة في الدولة.
حسب رأي رامون فان مكانة الاقامة للفلسطينيين في المدينة تسهم في عدم الاستقرار والعنف، وكذلك في عدم نيل اسرائيل للشرعية الدولية في القدس. ويكتب رامون ان “السيادة الاسرائيلية هي الى حد كبير فارغة، لأنها تتعامل مع اقليم القدس الشرقية، وليس مع سكانها العرب”. ويحلل رامون ايضا، امكانية منح السكان مواطنة كاملة. ويكتب ان معني هذه الخطوة بعيد، سواء من ناحية فرص التوصل الى اتفاق سلام، او من ناحية ديموغرافية وانتخابية. لا شك ان مثل هذا القرار سيكون بمثابة قطع خطوة كبيرة جدا نحو الدولة ثنائية القومية.
من بين المؤثرات البالغة الأهمية لمكانة السكان، التمسك الفلسطيني بالمدينة. في سنوات التسعينيات، في اعقاب قرار مدوي اتخذه القاضي اهران براك في المحكمة العليا، بدأت وزارة الداخلية بإجراءات سحب الاقامة من الفلسطينيين الذين تركوا المدينة. ولهذا الغرض كان يمكن اعتبار من انتقل للسكن في الجانب الثاني من الشارع بمثابة ترك المدينة، لأن الجانب الثاني يقع في المناطق. لقد فقد حوالي 14 الف فلسطيني مكانتهم القانونية في القدس بسبب ذلك. وبسبب الخوف من فقدان الاقامة اضطر الفلسطينيون الى البقاء في القدس، وهكذا تزايد الضغط للبناء غير القانوني (في غياب امكانية البناء القانوني – وهو جانب آخر لتجاهل اسرائيل لاحتياجات السكان)، وازداد الاكتظاظ والفقر في المدينة. لقد خاف السكان من السفر للدراسة او الانتقال الى مسكن آخر، خشية فقدان حقوقهم.
قبل ثلاثة اشهر فقط، بدأت المحكمة العليا بالاستئناف على قرار القاضي براك، بعد ان حدد ثلاثة قضاة بأنه يجب اخذ ارتباط الفلسطينيين بالمدينة في الاعتبار، والاعتراف بهم كسكان اصليين، وليس كمهاجرين، ولا يمكن سحب الاقامة منهم بكل سهولة.
ويقترح رامون تعزيز هذا التوجه، والعمل، على الأقل، طالما لم يتم التوصل الى اتفاق سياسي، على خلق “اقامة محمية” تحدد حقوق المقدسيين الشرقيين، حتى وان تركوا المدينة لفترة طويلة. الاقدام على هذه الخطوة سيلقى الترحيب من قبل الجميع، بما في ذلك المجتمع الدولي والسكان انفسهم. ويقول رامون ان “هذا سيسمح بتطبيع حياتهم، وسيزيل خطر سحب الاقامة. فهذا التهديد، الى جانب موضوع البناء والتعليم هو الذي يولد اكبر ضائقة والشعور بأن كل ما تريده اسرائيل هو تصعيب حياتهم لكي يهاجروا من هنا. انهم يقولون ‘حولتمونا الى اسرى في مدينتنا’. لكن المسألة هي ليست المسألة الرسمية فقط، وانما الفهم بأنهم جزء حقيقي من المدينة، وانه يوجد لهم مكان”.

اقتراح مع نظرة مستقبلية للقدس

يكتب نداف شرجاي، في “يسرائيل هيوم” ان رئيسان للحكومة، ايهود اولمرت وايهود براك، وافقا على تقسيم القدس. ولبالغ حظنا لم يكن ذلك كافيا للفلسطينيين، فنجونا من خطر امني كبير ومن عار يهودي وصهيوني مخجل. في موضوع القدس، نتنياهو بعيد عن الإيهودين، اولمرت وبراك، كبعد الشرق عن الغرب. وعلى الرغم من ذلك، فان مشروع قانون البيت اليهودي يجب ان يبسط الامور، وليس بناء على فائدة او اضرار الحزب الذي ينافس على اصوات اليمين.
هذا الاقتراح، اذا صودق عليه، يحاصر “ايهود” ثالث (افتراضي كما نأمل)، لئلا يحاول معاذ الله مرة اخرى، تقسيم القدس. قانون اساس : الاستفتاء العام الذي صودق عليه في 2014، قيد فعلا امكانية تخلي الكنيست عن أي جزء من القدس الخاضعة للسيادة الاسرائيلية، الا اذا صادق على ذلك 80 نائبا على الأقل. لكنه، الى جانب ذلك فتح ذلك القانون امكانية تقسيم المدينة بغالبية اعتيادية في اطار استفتاء عام. اما قانون بينت فيسد هذه الثغرة ايضا. انه يغير قانون اساسي اخر، قانون اساس: القدس، بشكل يجعل الاستفتاء العام غير قادر لوحده على تقسيمها. يمكن للكنيست ان تفعل ذلك فقط، وبغالبية 80 نائبا على الأقل.
هل يعتبر مشروع القانون هذا ملحا الآن؟ لا. هل يمكن ان يكون على صلة في المستقبل؟ نعم. هل توجد الان امور اهم يمكن عملها من اجل القدس؟ بالتأكيد! اولا، العودة لبناء عشرات الاف الوحدات الاسكانية في القدس، بعد سنوات من التجميد الذي خرب عليها كثيرا، وتسبب بمغادرة كثير من المقدسيين للمدينة.
البناء الأكثر ملحاً مطلوب في الاماكن التي يمكن ان تفلت من ايادينا في الصراع الذي يديره الفلسطينيون على القدس: منطقة “غبعات همطوس”، التي اذا لم نخلق بواسطتها التواصل من “هار حوماه” (جبل ابو غنيم) حتى “جيلو”، فان الفلسطينيين سيربطون بواسطتها القدس ببيت لحم؛ “هارحوماه غرب”، بين “غبعات همطوس” و”هار حوماه”؛ وخطة E-1 الى الشرق من القدس، التي ستولد التواصل الاسرائيلي بين القدس ومعاليه ادوميم، حتى مشارف البحر الميت. اذا لم نبن هناك، فان الفلسطينيين سيخلقون التواصل بين شمال الضفة وجنوبها، ويفصلوا معاليه ادوميم عن القدس. كما ان مخطط بناء حي يهودي في عطروت، يعتبر ملحا، لكي لا نستيقظ في احد الأيام، معاذ الله، ونكتشف بأن الفلسطينيين فصلوا عمليا، الاصبع الشمالية للقدس عن المدينة، تماما كما فعلوا لقرية “عبري” (نفيه يعقوب حاليا) في حرب التحرير.
البناء- اولا. تغيير القانون، مهما كان مهما – بعد ذلك. هذا هو الترتيب المناسب. يمنع توفير ذريعة لأي شخص كي يكتفي بالكلمات، والقوانين والرموز، والتهرب من العمل الذي تتوق اليه القدس.

يجب توضيح المصلحة الاسرائيلية

يكتب الجنرال احتياط غرشون هكوهين، في “يسرائيل هيوم” انه مرت هذا الاسبوع عشر سنوات على سلطة حماس في غزة. لقد تم التعامل مع ضائقة قطاع غزة كغير قابلة للحل منذ السنوات الاولى التي تلت حرب الاستقلال. ولدى عرض خطة “حملة سيناء” على الحكومة في 28 تشرين الاول 1956، وردا على سؤال وجهه الوزير مردخاي بن طوف حول هدف الحملة، وتطرقه الى مشكلة غزة، قال دافيد بن غوريون: “بالنسبة لقطاع غزة اخشى أنه بالنسبة لنا عبء ثقيل، لو كنت اؤمن بالمعجزات لصليت بأن يبتلعه البحر. ولكن يجب اقتلاع قواعد “الفدائيين” وضمان حياة هادئة لسكان المناطق الطرفية” (“دولة اسرائيل المتجددة”، صفحة 527).
لقد تم ابراز تعقيد الأوضاع غير القابلة للحل في غزة، هذا الاسبوع، في أزمة الكهرباء. ويتميز التعقيد، ضمن امور اخرى، في وضع تبدو فيها الادعاءات بشأن كل واحدة من طرق العمل صحيحة. ومع ذلك، تكمن في كل واحدة من السبل محفزات لظهور لواقع غير مرغوب فيه. وحتى توجه وزير الأمن افيغدور ليبرمان، والذي تم تعليله بشكل جيد، يعي ازمة التعقيد. ومطالبته بتجريد القطاع من السلاح كشرط للإعمار، يبدو مفهوم ضمنا، ولكن الواقع العبثي تم التعبير عنه جيدا في سؤاله: لماذا لا تدفع حكومة حماس ثمن الكهرباء؟ فهم يجبون الضرائب من السكان ويمكنهم الدفع. وشدد بشكل صحيح على انهم يستثمرون جوهر الموارد في التضخيم العسكري، ويلقون بأزمة السكان المدنيين على دولة اسرائيل والمجتمع الدولي. هذا كله صحيح، لكنه عرضة لخطر فقدان السيطرة.
لقد أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بان مسألة الكهرباء هي صراع داخلي بين السلطة الفلسطينية بقيادة ابو مازن وبين حماس، ويفضل لنا ألا ننجر الى تحمل المسؤولية عن الازمة الانسانية. وبالنسبة لمصلحتنا شدد على اننا غير معنيين بالتدهور الى الحرب. وقد شرح الجنرال احتياط عاموس جلعاد، والذي يعرف الواقع بتفاصيله عن كثب، مدى كون حماس، ككيان سياسي وعسكري، ليست شريكة للمفاوضات او أي تسوية. صحيح ان وثيقة المبادئ الجديدة التي نشرتها حماس في الشهر الماضي شددت مجددا على التزامها غير المساوم بطريق المقاومة، حسب ما ورد في النص: “فلسطين هي مقاومة متواصلة حتى تحقيق التحرر والعودة… حماس تعارض كل بديل لتحرير فلسطين الكامل من النهر إلى البحر”. اذا كان هذا سبيلهم فلماذا ندفع لهم ثمن الكهرباء وكيف يمكن ان نعرض عليهم بناء ميناء؟

القوة التي في الانقسام.
أمام ما يظهر للعيان توجد أبعاد أخرى، خفية عن العين، وهي تطرح للبحث توصيات عملية اخرى.
لقد أدى فك الارتباط الاسرائيلي عن غزة في صيف 2005، واستيلاء حماس على السلطة في صيف 2007، الى انقسام بين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وسلطة حماس في قطاع غزة. صحيح أنه من الافضل بأن لا تعلن دولة اسرائيل الرسمية على الملأ موقفها بالنسبة لهذا الانقسام، ولكن من جوانب عديدة يعتبر الانقسام الناشئ مصلحة اسرائيلية جديرة بالحفاظ عليها.
الجنرال احتياط، جاك ناريه، الذي كان مستشارا لرئيس الوزراء اسحق رابين خلال عملية اوسلو، تحدث عن القلق الذي ساور رابين حين فهم معنى الطلب الفلسطيني بإنشاء “ممر آمن” بين قطاع غزة وجبل الخليل. فالحديث عن كيانين تربط بينهما صلة ضعيفة، حتى قبل الانقسام الذي حل بينهما في نهاية حرب الاستقلال، واعادة الربط بين الكيانين من شأنه ان يعرض للخطر سيطرة الجيش الاسرائيلي في مناطق الضفة الغربية.
مع تحول قطاع غزة، خلال العقد الاخير، الى منطقة تعج بالأسلحة، من شأن اعادة فتح مسار التنقل بين غزة والخليل ان يسمح بتسلل وسائل حربية ومعلومات عملياتية كبيرة الى الضفة الغربية، والتي من شأنها ان تحدث تحولا في انماط عمل الجيش الاسرائيلي. على سبيل المثال، قدرة الجيش الاسرائيلي على العمل بمرونة عسكرية كاملة، حتى في مخيمات اللاجئين وفي مراكز المدن الفلسطينية في المناطق، بمركبة خفيفة، بدون دبابات، تنبع من غياب وسائل قتالية متطورة في ايدي الفلسطينيين في الضفة. ظروف العزلة التي تعيشها منطقة الضفة، هي التي تمنع التزود بوسائل خارقة للمدرعات، مثل صواريخ “آر. بي. جي” والعبوات الجانبية المتطورة. من الضروري الحفاظ على هذه الظروف.
كما انه في البعد الاستراتيجي، يعتبر الانقسام بين غزة والسلطة الفلسطينية في الضفة مصلحة إسرائيلية. الأمر الذي يشرح تدهور موقف دولة اسرائيل من صيغة رابين، الذي اعد للفلسطينيين أقل من دولة خاصة في مناطق (أ) و (ب)، الى صيغة كلينتون، الذي طلب دولة فلسطينية سيادية منوطة بانسحاب اسرائيلي شبه كامل الى حدود 67، هو قوة الابتزاز الفلسطينية الكامنة في الخوف الاسرائيلي من التهديد الديمغرافي.
في الفصل بين غزة والسلطة الفلسطينية وتحولها بحكم الامر الواقع الى دولة سيادية، تقلصت قوة الابتزاز هذه للغاية. وفي الوضع الناشئ، بوجود دولة حماس في قطاع غزة ككيان سيادي منفصل، يمكن لإسرائيل أن تعرض على الفلسطينيين، بدون وجل، أحد حلين: إما تحقيق كامل محفزات سيطرتهم على منطقة السلطة في الضفة الغربية، والتي تخضع لسيطرتهم منذ كانون الثاني 1996، كما اقترح عليهم رابين، او الاندماج في دولة اسرائيل كدولة واحدة.

تزايد محفزات التهديد
في هذه الاثناء، منذ وقع الانقسام على الحلبة الفلسطينية، يجري استنفاذ كامل فوائده من خلال العمل وفق طريقتين: المركب الحماسي يقود تجاه المقاومة، والمركب السلطوي في رام الله يعمل على تحقيق اهدافه بمنطق سياسي. ومن مصلحة دولة اسرائيل صد شبكة الارتباط الخفي بين المركبين.
عندما عملت اسرائيل، مثلا، على وقف اسطول مرمرة، فقد خدمت عمليا مصلحة امريكية، تمثلت في التطلع الى تعزيز ابو مازن واضعاف حماس. وبالفعل في خلفية الحجج التي طرحت بعد حملة الجرف الصامد ضد المساعدة على بناء ميناء في غزة، سيطر الافتراض بانه من غير المرغوب فيه تعزيز حماس. فهذا سيضعف ابو مازن. لقد حان الوقت للاعتراف بان المصلحة الخفية لدولة اسرائيل هي العكس تماما.
في إطار هذا الموقف، يطرح سياق آخر للبحث في مسألة دفع ثمن الكهرباء والوضع الانساني في غزة. بالنسبة لدولة اسرائيل ينطوي هذا السياق الواسع على مصلحتين: الاولى هي حفظ الاستقرار في غزة والثانية هي حفظ حالة العزلة لدرجة التطوير الخفي لحماس في غزة ككيان سيادي.
صحيح أن محفزات التهديد الامني الناشئ في غزة ستتعاظم كما يبدو. والمساعدة في بناء ميناء في غزة لن يخفف من مواقف حماس تجاه اسرائيل ولكن يمكنه أن يحدث زخما سيخدم في جوانب عديدة مصالح اسرائيلية. ومن المناسب بإسرائيل، كقوة عظمى اقليمية، في هذا الشأن، ان تعمل بشكل يخدم بشكل اصح جملة مصالحها العلنية والخفية.

تحذير قبل قطع (التيار الكهربائي)

يكتب اليكس فيشمان، في “يديعوت احرونوت” انه قبل ان يجف الحبر على قرار مجلس الوزراء للحد من إمدادات الكهرباء إلى قطاع غزة، بدأت تظهر من وراء الكواليس دلائل على حل للأزمة التي تضلع فيها العديد من الدول، من بينها دول لم يحلموا في اسرائيل بأنها ستهتم بغزة. في جهاز الامن يشيرون برضا الى النتائج. فالتدريب الذي ينطوي على كثير من المقامرة بدأ يعمل بنجاح.
في المقابل ومن اجل اضافة رافعات ضغط تفتح عدة جيوب، بث الجهاز الامني بكل قوة، بأنه اذا لم يتم حل ازمة الطاقة في غزة، فستندلع حرب في الصيف القريب. وباستثناء تهديد حماس، تشكل طبول الحرب انذارا لأصحاب الاموال الذين التزموا بالمساعدة في اعمار القطاع بعد الجرف الصامد واختفوا: اعثروا على المال، والا ستتحملون المسؤولية ليس عن كارثة انسانية، فحسب، وانما عن سفك الدماء.
خلال لقاءات جرت في الأشهر الاخيرة، مع قادة السلطة الفلسطينية، والتي وصلت الى ذروتها خلال اللقاء بين وزير المالية موشيه كحلون، ورئيس الحكومة الفلسطيني رامي الحمد الله، اتضح بأن السلطة طالبت بوقف دفع ثمن الكهرباء التي تزودها اسرائيل لغزة، بشكل كلي، حوالي 40 مليون شيكل شهريا. والمقصود خطوة سياسية من مدرسة ابو مازن، الذي يريد استغلال الضعف الاستراتيجي لحماس، لكي ينتزع منها ما وعدت به خلال اتفاق المصالحة بينها وبين فتح في 2014 (اتفاق الشاطئ). في حينه تم الاتفاق على ان تقوم السلطة بإرسال قواتها الى المعابر الحدودية، وتقوم حماس بتسليم السلطة في رام الله المسؤولية عن معالجة القضايا المدنية في القطاع. ولم يلتزم أي طرف بما تم الاتفاق عليه، والان قرر ابو مازن بأنه حان الوقت للمضي حتى النهاية مع حماس، واحنائها. لقد بدأت السلطة بتفعيل العقوبات الاقتصادية على القطاع، بتقليص 30% من الرواتب وانتهاء بوقف دفع ثمن الكهرباء لغزة. او كما تم وصف الأمر خلال مؤتمر داخلي، من قبل رئيس اجهزة الامن الفلسطينية ماجد فارس، الذي قال “لكي لا تعتقد حماس بأن السلطة ستمول انقلابها الفاخر”. وأشار في ذلك الى طريقة طرد حماس للسلطة من القطاع قبل عشر سنوات.
لقد ادخلت خطوة ابو مازن الاحادية الجانب، اسرائيل في الفخ. فمن جهة، اسرائيل ليست معنية بالتدخل بين السلطة وحماس والحسم لصالح حماس. ومن جهة ثانية، لا يظهر تدهور الازمة الإنسانية حاليا في خطة عمل حكومة إسرائيل، التي تبذل كل جهد من اجل اجتياز الصيف بسلام حتى استكمال بناء العائق حول قطاع غزة. ولذلك بدأ منسق اعمال الحكومة في المناطق، الجنرال يوآب مردخاي، مفاوضات مع السلطة في محاولة لإقناعها بالنزول عن الشجرة. اسرائيل تقلص من اموال السلطة التي تجبيها لها، ثمن المياه والكهرباء والخدمات الصحية في المستشفيات الاسرائيلية، التي تقدمها لقطاع غزة. وقد رغبت السلطة بوقف كل مدفوعات الكهرباء بشكل مطلق. وفي نهاية الأمر، تم التوصل الى تسوية: اسرائيل تقلص من اموال السلطة فقط 15 مليون شيكل مقابل الكهرباء شهريا. والمعنى الساخر لهذه الارقام، هو تقليص ساعة واحدة يوميا. الفارق هو بين اربع ساعات كهرباء في اليوم، كما هو الوضع الحالي، وبين ثلاث ساعات في المستقبل.

الرفاق من سجن هداريم
في غياب سياسة بشأن المسألة الفلسطينية بشكل عام، وغزة بشكل خاص، تتمسك حكومة اسرائيل بالوضع الراهن الذي يكرس التمييز بين غزة والقطاع. ويخدم هذا التمييز الادعاء الاسرائيلي بأن السلطة الفلسطينية لا تمثل كل المجتمع الفلسطيني، ولذلك لا يمكن لأي اتفاق معها ان يشكل قاعدة لاتفاق دائم. وبكلمات اخرى: إسرائيل ليست معنية حقا بان تتوصل السلطة الى تفاهمات مع حماس، لأن من شأن ذلك المس بالتمييز بين الضفة وغزة. هذا يعني ان اسرائيل راضية جدا عن الضغط الذي تمارسه السلطة على قطاع غزة، وتعرض ابو مازن كمن ينكل بأبناء شعبه. ومن جهة اخرى، فان الازمة الإنسانية في قطاع غزة لن تعمق الضرر الذي سيلحق بصورة اسرائيل فقط، وانما يمكنها ان تقود الى مواجهة عسكرية زائدة اخرى امام حماس. ولذلك فان الجواب الاسرائيلي على الأزمة الحالية يكمن في محاولة تجاوز السلطة الفلسطينية بواسطة جهة اجنبية تحضر المال لدفع ثمن الكهرباء، وتعيد الازمة الإنسانية في غزة الى حجمها الطبيعي.
وبالفعل، اجرى منسق اعمال الحكومة في الضفة، يوآب مردخاي، في الاسبوع الماضي، اتصالات مع الدول المانحة، وتراسل مع ممثلي الدول الاجنبية في اسرائيل. وكتب في رسالته انه اذا لم يتم توفير المال من السلطة، فان اسرائيل لن تدفع ثمن الكهرباء. وقال لقسم من ممثلي الدول الاجنبية خلال المحادثة الهاتفية معهم ما لم يستطيع كتابته رسميا. وكانت الفكرة المركزية هي: افتحوا محافظكم.
لقد كانت الاجوبة التي تلقاها من بعض الدول العربية والأجنبية التي توجه اليها مخيبة للأمل. فاستثمار الاموال في منطقة تدار من قبل حماس التي وصفها الرئيس ترامب بالتنظيم الارهابي، ليس خطوة رائجة. وكان من الواضح لكل الضالعين في القضية بأنه توجد هنا قنبلة موقوتة. في الأيام العادية كان يمكن الاعتماد على الاصدقاء القطريين بأن يقوموا بالعمل المطلوب، لكنه منذ زيارة الرئيس ترامب الى السعودية، وفي ضوء الازمة امام العالم العربي – السني، قررت قطر تخفيف مشاركتها والتحرك جانبا. وغادر السفير القطري في القطاع محمد العمادي غزة عائدا الى بيته منذ ثلاثة اشهر وليس من الواضح متى سيرجع. الشيك القطري الذي كان يمكن استغلاله لسد الثغرات، ليس متوفرا في الوقت الحالي. وحسب التقارير لا تزال قطر تشكل قناة سرية لتحويل رسائل الي حماس ومنها، ولكنها جمدت الوضع المالي.
في ضوء تخفيف ضلوع قطر، حاولت حماس هذا الاسبوع فتح الباب المصري مجددا. ويوم الثلاثاء عاد زعيم حماس في غزة يحيى سنوار، من زيارة استغرقت عدة ايام في مصر. لقد كان الهدف هو التوصل الى اتفاق مع مصر حول فتح معبر رفح، وزيادة كمية الكهرباء التي تزودها مصر للقطاع. لكنه عاد وقد حقق انجازا جزئيا فقط. صحيح ان المصريين لم يقلصوا كمية الكهرباء التي يحولونها، لكنهم لم يزيدوها، بل خدعوا سنوار واعلنوا عن اعمال صيانة للشبكة في سيناء، الأمر الذي قطع التيار الكهرباء المصري لغزة. ليس من الواضح ما تم الاتفاق عليه بشأن معبر رفح، لكنه لا يبدو بأن المصريين التزموا بفتحه. الالتزام الوحيد الذي قدموه لسنوار هو فتح المعبر بمناسبة عيد الفطر. ومن جانبهم، عاد المصريون الى طرح مطلبهم الدائم من حماس – الذي تكرره منذ عامين ولا يلقى تجاوبا – وهو تسليم مصر 17 مطلوبا، من رجال الاخوان المسلمين، والتبليغ عن كل تحرك في الانفاق، والمساعدة في الحرب ضد داعش في سيناء ومنع تهريب اسلحة للتنظيم. وتم تسريب كل هذه البنود الى صحيفة الشرق الاوسط اللندنية في سبيل تحدي السنوار وحكومته الجديدة.
وخلال الزيارة الى مصر التقى سنوار مع محمد دحلان، الخصم اللدود والمكروه جدا من قبل ابو مازن. وكانت مصر هي التي ضغطت على سنوار لإجراء اللقاء، من اجل فحص امكانية عودة دحلان الى القطاع والى مكانته كمرشح لخلافة ابو مازن. سنوار يعتبر دحلان واشيا وخائنا، ويتهمه بمساعدة اسرائيل على اغتيال رئيس الذراع العسكري لحماس صلاح شحادة في تموز 2002. ورغم ذلك وافق على لقاء دحلان، ولو فقط في سبيل غرس اصبع في عين ابو مازن. يمكن الافتراض بأن هذا سيقود الى تعميق العقوبات الاقتصادية التي تمارسها رام الله على غزة.
يوم الثلاثاء بدأت اسرائيل وحماس – ربما من دون تنسيق، ولكن بشكل موازي – حملة لتهدئة الاجواء في البيت. فقد قام رئيس جهاز الامن الداخلي في حماس، توفيق ابو النعيم، الصديق المقرب من سنوار والذي تقاسم معه الغرفة ذاتها في سجن هداريم طوال 14 سنة، قام بجولة اعلامية على مسار فيلادلفيا الممتد على الحدود مع مصر. ويبدو ان هدف الجولة هو الاظهار للغزيين بأن الاوضاع مع مصر تتحسن وان هناك تعاون بين الجانبين. وفي الوقت نفسه تماما، من الجانب الثاني للحدود، قام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بجولة في قيادة اللواء الجنوبي، من اجل الوقوف على الوضع الامني في المنطقة، في ضوء الازمة الانسانية المتصاعدة في القطاع. وكانت رسالته، عمليا، هي: نحن لا نريد الحرب، هذه ازمة فلسطينية داخلية مؤقتة. لكن ما لم يقله نتنياهو على الملأ هو ان تقييم الأوضاع الحالي في اسرائيل يدعي ان الازمة تخضع للرقابة ولا تبدو دلائل على اندلاع مواجهة عسكرية من جهة حماس، التي تتخوف من ان تكون هذه هي معركتها الاخيرة. اضف الى ذلك انه حسب تقديرات الاستخبارات، فانه اذا تصرفت اسرائيل بشكل مدروس وغير مستفز، فان اعمال حفر العائق حول القطاع ستمر من دون احداث عنيفة واستثنائية.
وفي اليوم نفسه اصدر الناطق العسكري بيانا يبث لحماس بأن الاوضاع كالمعتاد. لقد تم تعيين العميد عوديد بسيوك قائدا لعصبة الفولاذ، بدلا من العميد امير ابو العافية. لو كان هناك شعور بحدوث مواجهة عسكرية خلال الشهرين او الثلاثة اشهر القادمة، لما كان احد قد فكر في هذا الوقت بالذات، باستبدال قائد الكتيبة الرائدة في الجنوب التي يفترض، حسب المنطق، ان تكون اللاعب المركزي في كل مواجهة مع غزة. يفترض بحماس التقاط هذا التلميح. وفي الجهاز الامني يحاولون سكب مباه باردة على الحرائق التي تم اشعالها في اسرائيل في موضوع توقعات اندلاع حرب في الصيف القريب، خشية ان تحقق النبوءات نفسها.
لقد قررت إسرائيل اللجوء الى مناورة سياسية واضحة تقوم على “المضي حتى النهاية”: ظاهرا يجري ايصال الازمة الى باب موصد، من اجل اجبار كل اللاعبين على اتخاذ قرارات وتحمل المسؤوليات المالية عن القطاع. ولهذا قرر المجلس الوزاري الاستجابة الى طلب السلطة الفلسطينية وتعميق ازمة الكهرباء في غزة، على امل ان يثير الأمر الجهات الدولية لكي تتحرك وتعمل. لكنه توجد هنا مغامرة: اذا لم تترك الخطوة تأثيرها على اللاعبين ولم يصل المال، سيتواصل التدهور الانساني في القطاع، ويمكن ان يتسبب بضرر لصورة اسرائيل، وضرر بيئي بسبب مياه الصرف الصحي التي تصب في البحر، وتلويث المياه الجوفية، وطبعا، ازمة امنية.
الشعور الذي خرج به رئيس الحكومة ووزير الامن ورئيس الاركان بعد سماع الاستعراضات في الجنوب، هو ان الازمة لا تزال تخضع للسيطرة، لكنه يجب فحص النبض في كل يوم وكل ساعة. يكفي ان يرتفع في مستشفيات غزة، عدد وفيات الاطفال والأولاد والمسنين بسبب النقص في الكهرباء، من اجل تغيير الوضع القائم كليا. في أيام الجمعة الاخيرة ارسلت حماس المتظاهرين الى السياج الحدودي لكي تلمح لإسرائيل ومصر والسلطة الى محفزات الانفجار في القطاع. هذه المظاهرات اوقع قتيلين بنيران قوات الجيش الاسرائيلي، ويمكن لاحداها ان تنتهي بعدد كبير من المصابين وبالتالي اشعال القطاع.

الأزمة ومفتاحها
ازمة الكهرباء الحالية في غزة لم تولد من فراغ. هذه محطة اخرى في سلسلة من ازمات الطاقة في القطاع المتواصلة منذ سنوات، والتي تؤدي فيها حكومات اسرائيل دورا رئيسيا يترافق بتعرج مستمر، وتبذير عشرات ملايين الشواكل. تقرير مراقب الدولة الذي صدر في ايار الماضي، يكشف، مثلا، ان اسرائيل قررت في كانون اول، مضاعفة كمية المياه التي تزودها للقطاع. وقامت الحكومة بممارسة الضغط على سلطة المياه من اجل استكمال انشاء خط المياه الجديد. وعمل الناس حول الساعة، بما في ذلك في فترة الاعياد. وعشية يوم الغفران 2016 تم تسليم الصنبور لمنسق اعمال الحكومة في المناطق، لكنه منذ ذلك الوقت لم يتم تحويل ولو نقطة ماء واحدة عبر هذا الانبوب الذي كلف اسرائيل الملايين. وذهب المال هباء. وهذا صحيح ايضا بالنسبة لإنشاء خطوط الكهرباء والتي بدأ العمل فيها في 2015 ولم ينته حتى اليوم. في ديسمبر 2015 قررت القيادة السياسية المصادقة على توصية منسق اعمال الحكومة في المناطق وزيادة توفير الطاقة للقطاع، والتي تعتبر شرطا اساسيا لترميمه. وكان يفترض ان يتم تنفيذ القرار فورا، بما في ذلك ايصال الكهرباء الى منشأة تطهير مياه الصرف الصحي في غزة. لكن هذا ايضا لم يحدث. عندما سأل مراقب الدولة لماذا لم يتم تنفيذ قرار الحكومة، رد مجلس الامن القومي: لم نعرف بأن وزارة الامن لم تنفذ القرار. والحديث عن منشأة تطهير عصرية اقامها البنك العالمي والدول المانحة بتكلفة 75 مليون دولار، وكان يفترض ان تحل مشكلة مياه الصرف الصحي التي تجري من غزة الى شواطئ اسرائيل. لكنها لا تعمل لأن وزارة لم تعثر حتى الان على من يمول خط الكهرباء.
في هذه الأثناء تحاول اسرائيل كسب الوقت. المجلس الوزاري قرر في بداية الاسبوع تطبيق قرار تقليص الكهرباء لقطاع غزة فورا، لكن الأمر يمكن ان يتم فقط عندما تكون شركة الكهرباء جاهزة لذلك. لقد بدأت شركة الكهرباء الاستعداد، لكن التنفيذ يتأخر حاليا بسبب الحاجة الى “استعدادات بيروقراطية”. والاستعدادات البيروقراطية في اسرائيل هي حالة سائلة، فاذا ارادت انهت الاستعدادات خلال ساعة، وان ارادت سيحتاج الأمر الى عدة ايام، وفي هذه الأثناء يكسبون الوقت.
المرحلة القادمة، اذا لم يتم التوصل الى حل لأزمة الطاقة الحالية، هي اغلاق المفتاح. عندها سيعلو مستوى خطر سياسة المضي حتى النهاية. لكن لعبة البوكر ستتواصل حتى يرمش احد، او تنفجر المنطقة.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا