الرئيسيةمختاراتمقالاتالاعلامي الملتزم

الاعلامي الملتزم

بقلم: د. مازن صافي

في خضم صراع المجتمع مع نفسه، يعمل الاعلامي على نقل الصورة، إما بما يتناسب مع قناعاته، أو بما تشترط مؤسسته، أو لربما بما يلتزم به انتماء لحزبه، وبالتالي يصبح الخبر أو تتحول الصورة أو ينثر التحليل وفقا لذلك، ولكن هناك الإعلامي المهني المحايد، الذي أيضا يجد نفسه أسيرا لما ينقله على لسان الاخرين الذين هم أيضا لديهم تصنيفات ومرجعيات ومنهجية وأهداف، فما العمل ..؟!

سؤال صغير يدخل في مجتمع غارق في الانقسام وفي التباينات والتحشيد والحزبية، وايضا في مواجهة الاحتلال وسياساته العنصرية، الجواب وجدته في كلمه قالها نيلسون مانديلا: ” لا أحد يولد وهو يكره إنساناً آخر بسبب لون الجلد أو الأصل أو الدين.”

في تجربتي مع كتابة المقالات والتحليل السياسي والظهور المرئي على الفضائيات المختلفة أو عبر الاعلام المسموع والاذاعات، وجدت أن رصد كل ما يحيط بي والتعمق في أبعاده، وتجزئته، يمنحني القدرة على رسم الصورة التي يمكن أن أخرج بها للجمهور، وأتسلح بها أمام أي سؤال يواجهني أو حوار أدخل به او مقال أسجل فيه رأي، ومما يساعدني على ذلك هو إعتباري دائما أن الخبر يخفي خلفه إما خبر آخر أو يلخص حالة سابقة أو يهدف لوضع أسس لما سوف يأتي قريبا او بعيدا، لذلك فالخبر بالنسبة لي هو وحدة كاملة مستقلة، تحتاج الى “فكفكة” وإعادة بناء، وترتيب ما ورد فيه في قائمة قناعاتي ورؤيتي ومنهجيتي الاعلامية، فأنا أقبل الاختلاف، ولكن أرفض النظر للغير بنظرة عدمية، وأرحب بفكرة الحوار وتقبل النقد، ولكنني أرفض التسلط، أو النقد الجارح والمدمر والمستهدف للكينونة، بهذا يمكن أن نخرج بمنتوج سليم، ونحترم العقلية والآدمية الانسانية، ونبعد عن الانزلاق في مستنقعات الكراهية والعدائية.

التحليل السياسي أمانة يحاسب عليها الانسان، لأنه يقدم للمجتمع ولعامة الجمهور مادة جاهزة للتداول، وكلما كان هناك مصداقية ووعي وثقافة ووضع الوطن أولا، كلما استطعنا التأثير الايجابي والتراكمي في ثقافة المجتمع ومفهوم الاتفاق والاختلاف، وكلما ابتعدنا عن النزاهة والجدية كلما أغرقنا الاخرين في أفكارنا وربما نتعثر فيها في ظلمة ليل التناحر والتباغض، يقول رومان رولان : (الحرب بغيضة ولكن الأبغض منها هم الذين يتغنون بها دون أن يخوضوها)، إذن علينا أن نتذكر دائما أن الذين يتغنون هم الذين يستمعون لها، فليكن الاعلام رسالة محبة وتسامح ووحدة وتقارب.

الاختلاف مطلوب بل يعتبر عنصرا من عناصر صناعة التوازن في المجتمع، ولكن المرفوض هو ممارسة عملية الرفض الكلي أو الحجب السلبي او استئصال الرأي الآخر تحت أي ذرائع.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا