الرئيسيةمختاراتمقالاتردة النفط كتب عثمان أبو غربية

ردة النفط كتب عثمان أبو غربية

ليس صدفة كلما انخفض أو ارتفع بشكل دراماتيكي انتاج النفط وبالتالي مستوى العرض والطلب وتبعية الاسعار لذلك أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية هي المستفيد السياسي والاقتصادي في العالم.

على إثر حرب اكتوبر عام 1973 قامت الدول العربية بخفض انتاج النفط وبغض النظر عن النوايا الايجابية لبعض قادة هذه الدول، إلا أن ما حدث في النتيجة هو ارتفاع الأسعار الذي أدى إلى رفع تكاليف السلعة في أوروبا واليابان وكان ذلك لمصلحة التصدير للسلعة الأمريكية.

في ذلك الوقت عارض شاه ايران تقليص الانتاج وزيادة الاسعار بداية، وعندما أرادت الولايات المتحدة وقف مستوى ارتفاع الأسعار بسبب حسابات العملة الأمريكية عمل شاه إيران بشكل معاكس وأظهر انحيازاً لأوروبا واليابان، وربما لهذا السبب ولسياسة الإصلاح الزراعي ومحاولة امتلاك المفاعل النووي والاتفاق العراقي والايراني في الجزائر، لم يجد ملاذاً له في الولايات المتحدة، عندما سقط من السلطة على الرغم أنه عاش حياته موالياً للغرب ومسانداً لكيان الاحتلال في فلسطين، ومن البديهي أنه كان مناهضاً لشعبه وأن جهاز السافاك كان ينكل بالإيرانيين.

وكذلك عندما قدمت الولايات المتحدة طلباتها للرئيس صدام حسين بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية المؤسفة والمحزنة، تلك الطلبات المتعلقة بتصغير الجيش والنائي عن سياسة التصنيع الحربي وسياسة التنمية، وتأييد فلسطين، وصيغة النفط العراقي، وهو ما تم رفضه كاملا، ازداد انتاج النفط وأخذت الأسعار بالهبوط حتى وصلت من 33 دولار للبرميل الواحد إلى 7 دولار، وكان كل انخفاض دولار في سعر البرميل يعني خسارة مليار دولار سنوياً للإقتصاد العراقي.

.« قطع الاعناق ولا قطع الأرزاق » لقد أشار إلى هذا الأمر الرئيس صدام حسين في حينه عندما قال وكانت الولايات المتحدة تخطط لاحتلال منابع النفط وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط، وذلك ما جعلها توقع الرئيس العراقي في حينه في شباك مناورة التفافية، أدت في النهاية إلى ما أدت إليه من نتائج لحرب تحالف حفر الباطن.

ونجد أن السيناريو يتكرر من جديد ولأسباب جيو استراتيجية مرة أخرى، عن طريق خفض أسعار النفط بدرجة غير مسبوقة وبما يقل عن أسعاره قبل أكثر من عشرين عاماً. ما من شك أنها تستهدف في البداية كلا من روسيا وإيران بهدف اضعافهما، وتطويق سياستهما الاقليمية المناهضة للولايات المتحدة، فبالنسبة لروسيا هناك قضايا اوكرانيا وسوريا ودعم إيران والدخول في محور جيو استراتيجي مع الصين وحتى دول البريكس ومناهضتها لسياسة نصب الصواريخ في وسط أوروبا وتركيزها على سياسة التسلح والبناء العسكري والأمني.

وبالنسبة لإيران هناك قضية النووي، وكذلك علاقاتها الروسية والصينية، وامتلاكها لأوراق إقليمية مؤثرة جعلتها قوة إقليمية فاعلة، سواء أوراقها في العراق أو سوريا أو مع حزب الله، وحتى في اليمن وأفغانستان وبعض دول الخليج التي تقع شرق السعودية أو التي لها قدرة التأثير عليها، وكذلك سياستها التسليحية وما تجمع لديها من سلاح وما نجم عن ذلك من إمداد بالسلاح.

ما من شك أن الولايات المتحدة تريد صفقة متكاملة مع إيران تشمل كل هذه النقاط ولا تقتصر المباحثات على الشأن النووي بهدف إضعاف كل الأوراق الأخرى لإيران، وهي تمارس سياسة الضغط عن طريق الحصار الذي أثبت عدم جدواه، وعن طريق خفض أسعار النفط التي ستحدث إرتدادات معاكسة على المدى الطويل.

أما بالنسبة لروسيا، فهي تريد أول ما تريد منها أن تخسر معركتها في أوكرانيا ومعركتها الدفاعية في وسط أوروبا، والتأثير على سياساتها التسليحية والدولية والشرق أوسطية ووضعها الاقتصادي عن طريق تدهور سعر الروبل وتداعيات هذا التدهور. وبالنسبة للإقليم فإن الولايات المتحدة تسعى إلى رسم خارطة جديدة تكرس فيه التقسيم سواء في العراق أو في غيره من الدول وتشاركها في ذلك كثير من الدول الأوروبية، وفي الأساس فإن كيان الاحتلال هو أكثر من يستفيد من هذه السياسة.

ما فعلته الولايات المتحدة في سياساتها النفطية تمارسه أيضاً في الانخفاض أو الارتفاع الدراماتيكي لسعر الدولار لأسباب اقتصادية وسياسية في آن واحد.

وبالعودة للواقع الإقليمي فإن النتائج الأبعد مدى من تدهور اسعار النفط هي ما ستصيب الدول العربية المنتجة للنفط، حيث تستهلك مخزونها بأسعار زهيدة، وإذا كانت إيران لديها تنوع في مصادر دخلها القومي، فإن بعض الدول العربية كالسعودية ودول الخليج قد خسرت الوقت في تراكم عائدات النفط في إطار تنويع مصادر الدخل والاستثمار سواء وطنياً أو قومياً.

إن استهلاك مخزون هذه الدول بأسعار رخيصة، وكذلك استهلاك احتياطياتها بنسبة من النسب، مع احتمالات تطوير مصادر طاقة بديلة سيجعل مجمل مخزونها النفط في المستقبل أقل أهمية للاقتصاد العالمي.

ربما تكون الصين هي البلد الأكثر استفادة من انخفاض اسعار النفط ذلك لأنها من أكبر مستوردي الطاقة، ولكن الدول المنتجة للنفط معرضة لأن تكون اكبر الخاسرين.

إن هذا الأمر يمكن أن يؤدي إلى ردة تداعيات النفط ووجوده، بحيث يصبح مصدر إضعاف لدوله ويلتف الحبل في المراحل القادمة من حول عنق اقتصادها وسلامة كياناتها ووحدتها، وهو الأمر الذي يحتاج إلى وقفة مع المستقبل ودراسة المسار المحتمل وإلى سياسة من التضامن الصلب بين الدول المنتجة، وخاصة من خلال الأوبيك.

إن صيغة إحادية القطبية تجعل الولايات المتحدة هي اللاعب الأكبر حتى في إطار اضعافها لحلفائها الأوروبيين، وتناقضهما مع سياسة بعضهما، وقد أصبح العالم بحاجة أكثر من أي وقت مضى لعدم الاستفراد الأمريكي، وللحد من إحادية القطبية.

ما زالت الآفاق تحمل الكثير من المخاطر، ولا بد من النظر بالتقدير للدعوة لحوار بين السنة والشيعة على القضايا التي يمكن أن تكون منافذاً للتفجير أو الاستدراج.

لم يكن أمن الولايات المتحدة ولا أمن كيان الاحتلال بعيدين عن تفجير البرجين في 11 سبتمبر، وكذلك فإن بعض الأدوات ما زال يتم استخدامها في الحقيقة حتى وإن تمت محاولات إظهار العداء لها.

عثمان أبو غربية – عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا