الرئيسيةمختاراتمقالاتهـرتـسـل والـقـدس

هـرتـسـل والـقـدس

بقلم: عادل الأسطة

كيف تصور هرتسل القدس بعد سيطرة الحركة الصهيونية على فلسطين؟
كنت، قبل سنوات، أتيت على صورة القدس في رواية “أرض قديمة – جديدة” (1902).
ولعل الكتابة هنا تبدو ضرباً من التكرار. سأحاول ألا تكون كذلك وسأجتهد ما أمكن.
يوم الجمعة 14/7/2017 لم يؤدِ المسلمون الصلاة في الأقصى لأول مرة منذ خمسة عقود.
في صباح الجمعة حدث اشتباك مسلَّح في ساحات الأقصى أسفر عن قتلى وجرحى فقررت إسرائيل الانتقام والعقاب الجماعي.
أعادني ما جرى إلى رواية (هرتسل) وما كتبه فيها عن مستقبل القدس والبلدة القديمة وأماكن العبادة فيها، وغالباً ما أقول، اعتماداً على قراءتي الرواية، إن ما يجري في القدس، الآن، مخطط له منذ مئة عام.
في الرواية يرسم (هرتسل) صورة لهيكل السلام الذي تسعى إسرائيل لإقامته.
ببساطة كما لو أن إسرائيل بهدوء وبثقة تنفذ المخطط الصهيوني غير آبهة لأحد أو بأحد.
في الرواية التي يتخيل فيها كاتبها ما ستؤول إليه القدس بعد تحويلها إلى مدينة يهودية تقرأ: “وقد خيم الأمن على المدينة وسادتها الطمأنينة” و”لقد كانت هذه مدينة كبيرة بحسب مفاهيم القرن العشرين” و “هذا هو الهيكل!”.
و”استولى على السائرين شعور التسامي وهم يدخلون جو السلام في المدينة المقدسة، لم يجدوا بين أسوار البلدة القديمة قذارة أو ضوضاء أو روائح نتنة كما كانت عليه الحال قبل عشرين سنة. في تلك الأيام كان الحجاج من أتباع جميع الديانات يصابون برجة نفسية عميقة عندما يصلون، بعد سفر شاق طويل، الهدف الذي كان مطمح نفوسهم وأشواقهم، ليجابهوا منظراً مزرياً في تلك الشوارع المهملة، أما اليوم فقد رصفت الأزقة والشوارع من جديد، وكان يحافظ على نظافتها وكأنها أرضية غرفة جميلة. لم تعد في البلدة القديمة بيوت خصوصية، وإنما كانت جميع مبانيها مكرسة، سواء لأعمال الإحسان أم للعبادة. كانت فيها مضافات للحجاج من أبناء جميع الأديان والمؤسسات العامة ……لقد كانت البلدة القديمة أشبه بأرض دولية، وكانت كل الشعوب ترى فيها وطناً لها، فقد كان هذا موطن أكثر العناصر إنسانية: الألم”.
هل تلخص السطور المقتبسة من الرواية ما يجري داخل أسوار البلدة القديمة من القدس؟
يوم الجمعة بعد صلاة الظهر التي تابعتها من تلفاز فلسطين بثت الفضائية الفلسطينية برنامجاً عما يجري في القدس، داخل السور القديم.
خلاصة ما قاله البرنامج إن تهويد المدينة يجري منذ سنوات على قدم وساق وإن ما ورد في رواية (هرتسل) ليس كلام روايات. إنه مخطط.
كان (هرتسل) اختار لروايته عنوانا فرعيا هو “إذا أردتم فإنها ليست خرافة”.
وهم ينفذون ما ورد في الرواية من تصور، وهذا ما قاله البرنامج الذي بثته فضائية فلسطين وإن لم يتعرض المتحدثون لرواية (هرتسل).
ببساطة إن إسرائيل جادة في تهويد المدينة وكان شاعر القدس فوزي البكري يرد على من يلومه على شربه الخمر، لأن المدينة محتلة وقد يؤدي ضياع الأخلاق وفسادها إلى تدمير المدينة وتهويدها، كان يرد قائلا:
“سيظل بنيان المدينة قائماً
ما لم تنله معاول (المعراخ)”
ومعاول الأحزاب الصهيونية الحاكمة من قبل ومن بعد هي التي تسعى لهدم الأقصى وإقامة الهيكل وتفريغ المدينة من سكانها العرب.
الأدبيات الفلسطينية التي كتبها الأدباء الذين أقاموا في القدس أو مروا فيها تنبأت عموما بما جرى في الأقصى يوم الجمعة.
في العام 1979 أصدر أكرم هنية مجموعته ” السفينة الأخيرة….الميناء الأخير” وفي قصته “بعد الحصار…قبل الشمس بقليل” صحا أهل القدس ذات يوم وفوجئوا بسرقة الصخرة والأقصى. أين هما؟
على أن القصة التي عكر فيها الاحتلال صفو ليالي سكان المدينة في الصيف بإطلاق النار على رجل الضوء/ الفدائي كتبت في 1986 وهي قصة “عندما أضيء ليل القدس”.
هل ستتخذ إسرائيل من الحادثة التي جرت يوم الجمعة مدخلاً لإخلاء المدينة من سكانها العرب؟
كل شيء جاهز. المخطط جاهز والخطوات على الأرض تؤكد أن الأمر ليس عارضاً.
وليس لنا إلا أن نقول: “القدس عروس عروبتنا” وأن نفعل ما فعله أهل القدس في قصة “بعد الحصار…قبل الشمس بقليل”. أن نتكاتف ونواصل البقاء والصمود. ولعله خيارنا.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا