عباس اعلن وقف التنسيق الأمني، وغرينبلات يصل اليوم في محاولة للمساعدة على حل الأزمة
في الوقت الذي اوضح فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الملابسات التي رافقت اعلانه حول وقف الاتصالات مع اسرائيل وتأكيده بأن ذلك يشمل وقف التنسيق الامني، خلافا لما جاء في وثيقة نسبت الى وزير الشؤون المدنية، حسين الشيخ، ومع تصاعد حالة التوتر مع الاردن ومع الوقف الاسلامي في القدس، قال مصدر امريكي لصحيفة “هآرتس” ان المبعوث الأمريكي لعملية السلام جيسون غرينبلات، سيصل اليوم الاثنين، الى اسرائيل، للمساعدة في المحاولات المبذولة لتهدئة التوتر في المنطقة على خلفية أزمة الحرم القدسي، والتصعيد في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وحسب الصحيفة فانه من المتوقع ان يحافظ غرينبلات خلال تواجده في البلاد، على اتصال مع المستشار الرفيع للرئيس الأمريكي جارد كوشنر لاطلاعه على نتائج محادثاته. وقال المسؤول الامريكي ان “الرئيس ترامب وادارته يتعقبون عن قرب ما يحدث في المنطقة. ونحن نجري اتصالات مع الجهات المعنية وملتزمون بالعثور على حل للمسائل الأمنية المطروحة على الجدول”.
وقال المسؤول الأمريكي الرفيع ان “الولايات المتحدة تشجب احداث الارهاب العنيفة الاخيرة، بما في ذلك الهجوم الرهيب يوم الجمعة، الذي قتل خلاله ثلاثة اشخاص خلال تناولهم لوجبة السبت في حلميش. نحن نعزي عائلات الضحايا الأبرياء”.
ويشار الى ان الادارة الأمريكية تجري منذ منتصف الاسبوع الماضي، اتصالات مع اسرائيل والأردن والفلسطينيين وجهات اخرى في العالم العربي، في محاولة للعثور على حل ينهي الأزمة في الحرم ويصد التصعيد، حسب ما قالته مصادر اسرائيلية ودبلوماسية عربية طلبت التكتم على اسمائها بسبب الحساسية السياسية.
ويشعر البيت الابيض بالقلق العميق ازاء التصعيد في الأيام الأخيرة، لكنه في الأسبوع الأخير اجرى محادثات، في الأساس عبر قنوات هادئة، ومنع نشر بيانات رسمية. وقام كوشنر بتركيز الاتصالات الامريكية بالتعاون مع غرينبلات والسفير الأمريكي لدى اسرائيل ديفيد فريدمان والقنصل الأمريكي العام في القدس، دان بلوم.
“لا نغامر بمصير شعبنا، ولا نأخذ قرارات عدمية”
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قد اعلن ظهر امس الأحد، بان وقف الاتصالات مع اسرائيل يشمل وقف التنسيق الأمني معها. وحسب اقواله، فان القرار صعب لكنه المطلوب في ضوء القرارات التي اتخذتها اسرائيل في الحرم الشريف. ومع ذلك، تقول جهات في الجهاز الأمني الاسرائيلي ان وقف التنسيق هو رمزي ويتواصل هاتفيا. وقال مسؤول فلسطيني رفيع ان تجميد العلاقات مع اسرائيل ينبع من خيبة الأمل من الولايات المتحدة ونتنياهو. واضاف: “في البيت البيض لم يحددوا موقفا قاطعا وواضحا حتى الان”.
ويعتبر تصريح عباس هذا استثنائي جدا، لأنه سبق ووصف التنسيق الأمني مع اسرائيل بأنه مقدس. وقالت مصادر امنية في السلطة لصحيفة “هآرتس” انه سيتم اختبار تصريحات عباس على الأرض، ويجب الانتظار ورؤية كيف ستتصرف الجهات الأمنية الفلسطينية مقابل الجهات الأمنية والاستخبارية الفلسطينية.
وقال عباس خلال لقاء مع علماء وباحثين فلسطينيين في المقاطعة، امس، ان ” الأمور ستكون صعبة جدا، ونحن لا نغامر بمصير شعبنا، ولا نأخذ قرارات عدمية، وإنما قرارات محسوبة، نأمل أن تودي إلى نتيجة.”
وانتقد عباس قرار تركيب البوابات الالكترونية في المسجد الاقصى وقال “نحن من يجب أن يراقب، ونحن من يجب أن يقف على أبوابه”. وحسب اقواله فان الاسرائيليين هم الذين سيخسرون من هذه الخطوة لأننا “نقوم بدور هام في الحفاظ على امنهم وأمننا، ولدينا كدولة فلسطينية الحق باتخاذ قرار بمحاربة الارهاب في كل مكان”.
وقال الرئيس الفلسطيني ان “السلطة تحارب الارهاب والعنف، واسرائيل تريد محاربة الارهاب وتعتمد علينا، لكنها لا تؤدي التزاماتها. اذا ارادت اسرائيل مواصلة التنسيق الامني، يجب عليها التراجع عن القرارات التي اتخذتها في موضوع المسجد الأقصى”.
وقالت مصادر فلسطينية ان معنى اختيار عباس تأكيد موقفه ضد العنف والارهاب هو ان وقف التنسيق لن يسمح بحرية العمل لكل فلسطيني سيسعى الى خوض الكفاح المسلح ضد اسرائيل.
خيبة أمل من الموقف الامريكي وسلوك نتيناهو
وقال مسؤول فلسطيني رفيع لصحيفة “هآرتس” ان القيادة الفلسطينية اتخذت قرار وقف الاتصالات مع اسرائيل، ايضا بسبب خيبتها من الموقف الأمريكي. وحسب المسؤول، فقد طلب كوشنر من عباس، خلال المحادثة الهاتفية التي اجراها معه، ليلة الخميس الماضي، العمل لتهدئة الأوضاع وابلغه بأنه ينوي الوصول قريبا الى المنطقة. من جانبه قال الرئيس الفلسطيني انه توقع موقفا حازما واكثر عمليا من جانب كوشنر والبيت الأبيض، لأن الوضع متفجر ولا يسمح بالانتظار لأيام وأسابيع. وقال المسؤول الفلسطيني ان “البيت الأبيض لم يتخذ حتى الان قرارا حازما وواضحا. لقد توجهوا الى عدة دول عربية وسمعوا مقولات واضحة تقول انه من دون موافقة الفلسطينيين لن يتقدم أي شيء وكل ما يتم الاتفاق عليه مع الفلسطينيين سيكون مقبولا عليهم”.
وقال المسؤول ان عباس يشعر بالخيبة الكبيرة من سلوك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بعد المحادثة الهاتفية بينهما. “ابو مازن اجرى اتصالا على الفور تقريبا، من اجل منع التصعيد وشجب العملية، ونتنياهو وعده بعدم اجراء تغيير في الوضع الراهن، لكنه في اليوم التالي تم تركيب البوابات الالكترونية على مداخل الحرم. في اسرائيل رفضوا ازالتها ايضا قبل صلاة الجمعة في نهاية الأسبوع، الأمر الذي زاد من التصعيد ولم يتبق امام القيادة الفلسطينية وابو مازن الكثير من الخيارات”.
وكان عباس قد صرح، يوم الجمعة، بأنه سيجمد الاتصالات مع اسرائيل “الى ان يتم الغاء الخطوات التي اتخذتها ضد المسجد الاقصى”. ومع ذلك، قال مصدر امني فلسطيني لصحيفة “هآرتس” بعد تصريح عباس، بأن الانقطاع لن يكون مطلقا، وان التنسيق مع المستوى العسكري في اسرائيل سيتواصل. واكدت مصادر امنية في إسرائيل ان التنسيق الامني لن يتوقف.
وقال المصدر الأمني الفلسطيني الذي تحدث مع “هآرتس”، امس، ان قرار القيادة الفلسطينية امس الاول، يشمل الانقطاع على كل المستويات، باستثناء التنسيق الامني. وصباح امس، تم تسريب وثيقة تنسب الى وزير الشؤون المدينة في السلطة حسين الشيخ، وموجهة الى منسق اعمال الحكومة في المناطق الجنرال يوآب مردخاي، يقول فيها ان الفلسطينيين سيواصلون التنسيق الامني مع مكتبه. لكن الشيخ سارع الى نشر توضيح ادعى فيه ان الوثيقة مزورة ونشرت على موقع يتماثل مع مسؤول فتح السابق محمد دحلان. وقال ان قرار الرئيس والقيادة الفلسطينية لا يزال ساريا.
تخوف من تدهور العلاقات مع الأردن
في موضوع العلاقات مع الأردن والتخوف من تدهورها، تكتب “يديعوت أحرونوت” ان المجلس الوزاري السياسي – الامني، عقد اجتماعا طويلا آخر، الليلة الماضية، في محاولة للتوصل الى حل للأزمة في الحرم القدسي، تتيح لكل الأطراف النزول عن الشجرة ومنع تصعيد آخر لأعمال العنف.
وقالت الصحيفة ان موضوع التوتر في العلاقات مع الأردن احتل مركز النقاش على خلفية مسلة البوابات الالكترونية في الحرم. وقال مسؤولون كبار في اسرائيل ان رئيس الحكومة قرر تركيب البوابات في الحرم في اعقاب العملية التي وقعت قبل عشرة ايام هناك، فقط بعد ان اطلع الأردنيين ولم يسمع منهم أي اعتراض. وبعد بدء المواجهات مع الوقف، فقط، اعلن الاردن معارضته للبوابات، لكن اسرائيل كانت قد قامت بتركيبها.
وادعت مصادر سياسية ان الخلافات ناجمة عن صراع القوى بين الوقف الفلسطيني الذي يرفض السيادة الأردنية ويتحداها، وبين عمان. وتتهم اسرائيل الأردن بأنه على الرغم من المكانة التي حصل عليها في اتفاق السلام مع اسرائيل، فقد تصرف بشكل شعبوي ضد البوابات الإلكترونية التي سبق واعطى الضوء الأخضر لتركيبها.
ويوم امس، دخل السفير الامريكي ديفيد فريدمان الى الصورة، حيث اجتمع برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لمناقشة التصعيد، فيما علم ان جارد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي ترامب، يجري اتصالات بين اسرائيل والاردن والفلسطينيين في محاولة لتهدئة الاوضاع.
وتشعر اسرائيل بالغضب على الأردن بشكل خاص، بسبب سماح رئيس البرلمان الأردني بالوقوف دقيقة صمت احياء لذكرى قتلة الشرطيين في الحرم. وهاجم رئيس الكنيست يولي ادلشتين، رئيس البرلمان الأردني عاطف الطراونة، الذي قال ان “الشهداء يروون الارض الطاهرة”. وقال ادلشتين: “من غير المعقول ان يقوم شخص بهذا المستوى الرفيع في بلد تربطنا به اتفاقية سلام، بتشجيع قتل مواطني اسرائيل”. وتوجه الى الطراونة قائلا: “الأمر الأساسي المطلوب منك كشخصية رسمية وكشخص مستقيم هو شجب هذه الجريمة النكراء. كان يجب ان تكون اول من يقول: يمنع ممارسة العنف في كل مكان، وبالتأكيد ليس تدنيس الاماكن المقدسة! واذا لم تشجب، فقد كان من المفضل ان تصمت”.
“قرار تركيب البوابات اتخذ بشكل مهمل وبدون نقاش عميق”
في الموضوع ذاته، تكتب “هآرتس” في تقرير آخر، نقلا عن مصادر رفيعة في الشرطة الاسرائيلية قولها بأن قرار تركيب البوابات الالكترونية على مداخل الحرم الشريف، اتخذ بشكل مهمل ومن دون اجراء نقاش عميق في القيادة العليا للشرطة، كما كان متبعا في كل القرارات الحساسة. وحسب هؤلاء المسؤولين فان وزير الامن الداخلي غلعاد اردان لم يعمل حسب خطة تركيب البوابات الالكترونية التي صودق عليها في 2014. وكان اردان قد صرح صباح امس الاحد، بأنه سيأمر بالإبقاء على البوابات طالما لم يتم العثور على بديل.
وقد دعم اردان تركيب البوابات الالكترونية وعرض الموضوع على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، خلال محادثة المؤتمر التي جرت بين نتنياهو واردان ووزير الامن افيغدور ليبرمان ومسؤولين في الأجهزة الأمنية، مساء السبت قبل الاخير، في اليوم التالي للعملية التي وقعت في الحرم. وقال المسؤولون انه قبل المحادثة اجرى اردان مشاورات فقط مع القائد العام للشرطة روني الشيخ وقائد شرطة القدس يورام هليفي، فدعما الخطوة وعرضا موقفهما خلال المحادثة الهاتفية مع نتنياهو.
وقال احد المسؤولين ان قادة الشرطة السابقين كانوا يعقدون جلسات للتشاور مع القيادة الرفيعة للشرطة لإجراء نقاشات شاملة قبل طرح توصيات في قضايا معقدة على القيادة السياسية. وكان يحضر هذه الجلسات عادة، نائب القائد العام للشرطة، رئيس قسم التحقيقات والاستخبارات، رئيس قسم العمليات، قائد حرس الحدود، قائد اللواء المعني ومندوبين عن الجيش والشاباك. وحسب هؤلاء المسؤولين فانه في فترة اردان والشيخ لا يتم دعوتهم لعرض تحفظاتهم العملية والمهنية قبل حسم القرار.
وقال مصدر رفيع آخر، ان طريقة توصية اردان بتركيب البوابات لم تتفق مع الخطة الأصلية التي اعدت قبل ثلاث سنوات. وقال ان الخطة الأصلية تحدثت عن تركيب بوابات الكترونية على مقربة من مداخل الحرم، بحيث يتم اجراء تفتيش انتقائي وليس اجبار كل المصلين على المرور عبر البوابات.
واعتبرت قيادات اسلامية في البلاد والعالم تركيب هذه البوابات بمثابة خرق للوضع الراهن في الحرم. وخلال المواجهات التي اندلعت في نهاية الأسبوع قتل اربعة فلسطينيين واصيب المئات خلال مواجهات مع الشرطة. وفيما بعد قتل ثلاثة مستوطنين في عملية طعن وقعت على خلفية احداث الاقصى.
وقال اردان لراديو “كان ب” امس، انه ينوي المطالبة بالإبقاء على البوابات الالكترونية الى ان يتم العثور على بديل لها. واوضح: “البوابات الالكترونية ليست مقدسة، ولكن في اللحظة التي لا تملك فيها الشرطة بديلا فاعلا آخر، لمنع تكرار ما حدث في الحرم، لن يتم ازالة البوابات الالكترونية”.
وقالت جهات في وزارة الامن الداخلي ان رئيس الحكومة نتنياهو هو الذي اتخذ القرار واردان دعم ذلك. واضافت بأن اردان هو الذي يتسلم توصية القائد العام للشرطة وليس جزء من تحديد القرارات في الشرطة. وجاء من الشرطة ان “شرطة اسرائيل تعمل حسب وبالتنسيق مع توجيهات القيادة السياسية. لا ننوي التطرق الى ما يقال خلال الجلسات المغلقة للمجلس الوزاري برئاسة رئيس الحكومة”.
الجامعة العربية: “اسرائيل تلعب بالنار”
وتكتب “هآرتس” في تقرير اخر انه على خلفية التصعيد في الحرم القدسي وتركيب البوابات الالكترونية، قال الامين العام للجامعة العربية، احمد ابو الغيط، امس الاحد، ان اسرائيل تهدد المنطقة كلها. واوضح: “القدس هي خط احمر، واسرائيل تلعب بالنار”. وقال ان الحكومة الاسرائيلية تخاطر بإشعال ازمة كبيرة مع العالمين العربي والاسلامي من خلال وضع المعدات الأمنية في المسجد الاقصى.
الى ذلك قال البابا فرانسيس امس، انه يشعر بالقلق ازاء العنف في القدس. واضاف خلال موعظة في الفاتيكان: “انا اتعقب التوتر الثقيل، واشعر بالحاجة العميقة للدعوة الى الاعتدال والحوار”.
وفي اسطنبول قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، خلال مؤتمر صحفي، ان العالم الإسلامي لن يسكت امام الخرق الاسرائيلي المتكرر في المسجد الاقصى. وطالب اسرائيل بالسلوك حسب القانون الدولي وقيم حقوق الانسان.
تركيب كاميرات في باب الاسباط وفحص وسائل تكنولوجية
وفي الموضوع نفسه، تكتب “هآرتس” في تقرير منفرد، ان قوات الامن قامت، فجر امس، بتركيب كاميرات حراسة على مدخل باب الاسباط في القدس، بالقرب من الحرم القدسي. واكدوا في الجهاز الامني ان تركيب هذه الكاميرات يأتي استكمالا للبوابات الالكترونية وليس كبديل لها.
واعلن رجال الوقف الإسلامي، صباح امس، انهم يعارضون كل وسيلة تقيمها اسرائيل على مداخل الحرم. وفي بيان نشروه امس، طالبوا ملك الاردن والرئيس الفلسطيني وقادة الدول العربية “بتحمل المسؤولية واستخدام كل وسائل الضغط التي يملكونها لوقف السلوك العدواني الاسرائيلي ضد المسجد الاقصى”.
وفي هذا السياق تكتب “يسرائيل هيوم” ان الشرطة الاسرائيلية تفحص حاليا خطة حماية جديدة في الحرم القدسي تشمل استخدام وسائل تكنولوجية بصرية لمواجهة التهديدات القائمة في المكان. وحذر مسؤولون كبار في الشرطة من ان التهديدات في الحرم ليست موجهة ضد الاسرائيليين فقط وانما ضد الفلسطينيين، ايضا.
وقال مسؤولون في الشرطة، امس، ان “هناك الكثير من السيناريوهات التي تتحدث عن محاولة داعش، او ربما منفذ عملية يهودي، اشعال حرب دينية في الشرق الاوسط من خلال تنفيذ عملية كثيرة الضحايا في الحرم. من سيواجه النتائج عندما نعرف عن هذا التهديد ونهمله؟ هذا عدم مسؤولية”.
وتفحص الشرطة حاليا، عدة وسائل تكنولوجية يمكن استخدامها لإحباط محاولات ادخال وسائل قتالية الى الحرم. وقال مسؤولون في الشرطة ان استخدام البوابات الإلكترونية وفر اول رد فور وقوع العملية التي اسفرت عن مقتل شرطيين.
وقال ضابط شرطة رفيع لصحيفة “يسرائيل هيوم” امس ان “هذا يوفر الان ردا امنيا معقولا”، لكنه تحفظ وقال: “نحن نفحص حلول تكنولوجية اخرى، وحين نجدها سنتبناها. هذا يستغرق بعض الوقت”.
وتضيف الصحيفة ان احدى الوسائل هي استخدام كاميرات لتشخيص الوجوه من اجل الكشف عن المخربين المحتملين، اذا تمكنوا من التسلل الى الحرم. ويشار الى انه قبل تنفيذ العمليات، يصل المخربون الى المسجد الاقصى من اجل اداء “صلاة الطهارة”. هكذا حدث قبل العملية التي قتلت خلالها الشرطية هداس مالكا في باب العامود، وقبل العملية التي وقعت قبل عشرة ايام، والتي قتل خلالها الشرطيان.
وقالت جهات في الشرطة ان المقصود وسيلة امن اخرى، وأن مثل هذه الكاميرات يمكن ان تكشف عن المشبوهين الذين تتوفر معلومات عنهم في مستودع الاستخبارات الامني وليس منفذي العمليات الافراد.
ومن الوسائل الاخرى التي يجري فحصها حاليا، وسائل تكنولوجية تشم وتكشف المواد الناسفة، ويمكن بواسطة اليات مسح خاصة كشف الوسائل الحربية من دون حاجة الى التفتيش اليدوي. مع ذلك قال مسؤولون في الشرطة انه من اجل خلق الردع ضد من ينوون تهريب اسلحة الى الحرم “لا يوجد حاليا بديل للبوابات الالكترونية، لكن استخدامها يجب ان يتم بشكل انتقائي”. وقال الوزير غلعاد اردان ان “البوابات الالكترونية هي مجرد ذريعة، يحظر علينا الاستسلام للتهديد والعنف”.
ووقعت في ساعات مساء امس الاحد، مواجهات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، واعلن الهلال الاحمر بأن 25 فلسطينيا اصيبوا، من بينهم 21 في باب الاسباط في القدس الشرقية، واربعة قرب قلقيلية.
وقال الفلسطينيون ان 15 فلسطينيا اصيبوا بعيارات المطاط خلال المواجهة التي اندلعت بعد صلاة المغرب في باب الأسباط. وخلال المواجهات التي وقعت بالقرب من قرية جيوس، شرقي القدس، اصيب اربعة اشخاص بعيارات مطاط، و14 نتيجة استنشاق الغاز. كما شهد مخيم قلنديا مواجهات ظهر امس الاحد.
تقييد دخول الصحفيين الى البلدة القديمة
وفي محاولة واضحة للتغطية على عمليات القمع التي تمارسها الشرطة ضد المصلين الذين يتظاهرون في محيط باب الاسباط ضد قرار اغلاق الحرم، تكتب “هآرتس” ان الشرطة الاسرائيلية قيدت، صباح امس الاحد، تحركات الصحفيين في منطقة باب الاسباط، ومنعتهم من التحرك في المنطقة المفتوحة للجمهور بالقرب من ساحة الدخول الى الحرم الشريف، ولم تسمح لهم بالوصول الى المنطقة التي تم فيها تركيب كاميرات صباح امس. وتدعي الشرطة ان السماح للصحفيين بالوصول الى المنطقة يثير اضطرابا ويمس بالأمن.
واوضحت الشرطة في المكان بأنها تلقت اوامر بعدم السماح بإدخال الصحفيين فقط، وانه يمنع القيام بكل نشاط يهدف الى تغطية ما يحدث هناك. وتم صد الصحفيين باتجاه شارع موطي غور، على مسافة عدة مئات من الامتار من اسوار البلدة القديمة، وحوالي نصف كيلومتر من مدخل الحرم، بينما سمح لغير الصحفيين بالوصول الى المنطقة بشكل حر.
ونشرت رابطة الصحفيين الاجانب في اسرائيل بيانا اعربت فيه عن معارضتها الشديدة لهذا القرار وطالبت بتغييره. ووصفت الرابطة الوضع بأنه خطير، وقالت انه “ليس من الواضح كيف يمكن ان تكون المنطقة مفتوحة امام السياح بينما يتم اغلاقها عمدا امام الصحفيين والمصورين. هذا يبدو نوعا جديدا من الرقابة ويثير الاستهجان في ضوء مفاخرة اسرائيل بأنها تسمح بحرية الصحافة”.
وقال الناطق بلسان الشرطة في لواء القدس انه “تم ابعاد الصحفيين لأنهم ازعجوا المصلين في المكان” و”اثاروا مخاوف”. وقالت الشرطة ان الأمر صدر عن قائد المنطقة.
وزراء يطالبون باعدام منفذ عملية حلميش
تكتب صحيفة “هآرتس” ان الوزراء افيغدور ليبرمان ونفتالي بينت واييلت شكيد ويسرائيل كاتس، طالبوا النيابة العسكرية، امس، بفرض عقوبة الاعدام على عمر العبد، منفذ عملية الطعن في مستوطنة حلميش. وتوجه الوزير كاتس الى انصاره على صفحته في الفيسبوك، وطلب منهم دعم فرض الاعدام. وقالت النائب شيلي يحيموفيتش (المعسكر الصهيوني) تعقيبا على ذلك ان “المقصود مطلبا واهيا”، واضافت: “ليس هذا العقاب، لأن هذا ما سعى اليه المخرب”.
وفي هذا الصدد تكتب “يسرائيل هيوم” ان رئيس جهاز الشاباك، سابقا، كرمي غيلون، قال لإذاعة “كان ب” انه “لم تثبت في السابق فاعلية هذا الاجراء في الحرب ضد الارهاب. فالمخرب الذي يخرج لتنفيذ عملية، لا يفكر بأنه سيبقى على قيد الحياة”.
ودعا نائب الوزير في ديوان رئيس الحكومة، مايكل اورن (من حزب كلنا)، الى تغيير اوامر اطلاق النيران، بحيث لا يتم اطلاق النار من اجل الاحباط وانما من اجل القتل. وكتب على حسابه في تويتر ان “حصول من قتل ثلاثة مواطنين ابرياء على علاج طبي رائع هو امر مهووس. اليس هذا هو الوقت لإعادة فحص اوامر اطلاق النار”؟
وقال اورن انه يفحص الأمر مع جهات عسكرية مهنية، وانه حسب رأيه فان “المخرب الذي نفذ عملية وحدث احتكاك معه خلال العملية يجب إطلاق النار عليه ليس بهدف احباطه فقط لأنه لا يزال يشكل خطرا”.
واضاف اورن ان “الاحباط هو مصطلح ذاتي. يصعب معرفة ان تم احباطه، وفي مثل هذه الحالة يمنع المخاطرة”.
شروط لتحرير جثث منفذي عملية الحرم
وتكتب “هآرتس” ان المحكمة العليا ناقشت، امس، طلب عائلات الشبان الثلاثة من ام الفحم بتسليم جثثهم لدفنها. وطلب القضاة من ممثلي مركز “عدالة” الذي يمثل العائلات، ومن الشرطة محاولة التوصل الى اتفاق، لكن النقاش انتهى من دون نتائج.
وتشترط الشرطة تسليم الجثث بعدم مشاركة اكثر من 50 شخص في تشييعها، بينما يصل عدد افراد عائلة جبارين التي ينتمي اليها الثلاثة الى عدة آلاف. وفي هذا الصدد تضيف “يسرائيل هيوم” ان الشرطة تطالب بكفالة مالية مقدارها 78 الف شيكل. ومن المنتظر ان تعود المحكمة لمناقشة الموضوع اليوم.
ايزنكوت: “التدهور الامني الحالي لا يشبه ما حدث قبل عامين”
تكتب صحيفة “هآرتس” ان رئيس الاركان غادي ايزنكوت، وصل صباح امس الاحد، الى دائرة التجنيد في تل هشومير، واجرى محادثات مع الجنود الذين تم تجنيدهم امس للوائي جولاني وجبعاتي. وقال ان دور الجيش هو الاستعداد لاحتمالات الحرب. وفي ختام محادثاته مع الجنود، قال لوسائل الاعلام ان التدهور في الوضع الامني الحالي لا يشبه ما حدث قبل عامين، مع بداية موجة الارهاب في تشرين اول 2015.
وقال “هذه ليست احداث مطلب الساعة (رمز العمليات التي بدأت مع التصعيد في تشرين اول 2015)، هذا امر مختلف مع محفزات اخرى”. وكان ايزنكوت قد قال للجنود ان “نهاية الأسبوع الأخير تدل بشكل ما على التهديدات التي تواجهنا: عملية قاتلة في مستوطنة حلميش، سعى خلالها جندي الى المواجهة واطلاق النار ووقف حملة القتل في وقت تواجد فيه اطفال وبالغين داخل المنزل”. واضاف: “امس وقع إطلاق لقذائف من غزة، ايضا، وهذا يدل على التقلبات في هذه الفترة، في الجنوب – في قطاع غزة، وفي يهودا والسامرة”.
وشرح ايزنكوت للجنود الجدد ان دور الجيش هو ان يكون جاهزا للحرب “واذا اندلعت الحرب فان دورنا هو تحقيق الانتصار الحاسم لكي نحقق نتائج واضحة وابعاد الحرب القادمة الى سنوات كثيرة قادمة”. وقال انه يسود في قطاع غزة خلال السنوات الثلاث الماضية “واقع امني هادئ، لكنه معقد جدا ومتقلب، ويمكن للحدث ان يتطور خلال فترة وجيزة جدا”.
بينت ولبيد يدشنان نصبا غير قانوني في بؤرة امرت المحكمة العليا بهدمها
تكتب “هآرتس” ان وزير التعليم نفتالي بينت، وعضو الكنيست يئير لبيد شاركا، امس، في مراسم تدشين نصب تذكاري اعيد بناؤه في بؤرة “نتيف هأبوت” غير المرخصة في غوش عتصيون، بعد ان تم هدمه بقرار من المحكمة العليا. وخلال الحدث الذي يرمز الى بداية حملة لوقف هدم البؤرة غير القانونية، قال المستوطنون انهم ينوون محاربة قرار المحكمة العليا وطالبوا السياسيين بقلب القرار.
وخلال كلمته عاد بينت الى وصف لبيد بلقب “اخي” (كما كان عليه الأمر خلال تحالفهما عشية تشكيل الحكومة السابقة – المترجم) وقال: “اخي، اريد القول لك ان مواقفنا تختلف احيانا، لكن وجودك هنا يدل على انه يمكننا مد ايدينا الى بعضنا البعض. وانا اقدر ذلك جدا”. وفي تطرقه الى قرار المحكمة العليا، قال: “ادعو رجال القضاء، سارعوا، نحن سنساعدكم، لا تقتلعوا ما تم زرعه”.
يشار الى ان بؤرة “نتيف هأبوت” بنيت من دون ترخيص، وفي قسم منها على أراض فلسطينية خاصة، في عام 2001، بالقرب من مستوطنة العزار، وتعيش فيها حاليا عشرات العائلات. وفي العام الماضي تبنت المحكمة العليا التماس حركة “سلام الان” وعدة فلسطينيين من بلدة الخضر وامرت بهدم 17 بناية داخل البؤرة خلال سنة نصف، واخلاء كل البؤرة حتى السادس من آذار 2018.
وتطرق لبيد خلال كلمته الى قرار هدم النصب السابق الذي قام على اراضي فلسطينية خاصة، وقال: “كل المركبات الثابتة للخلاف الاسرائيلي كانت جاهزة: التماس فلسطيني، تدخل سلام الان، المحكمة العليا، المستوطنين، الصحفيين، المحرضين والمجتمع الاسرائيلي الذي يوجه منذ عدة سنوات الغضب الى نفسه. لقد ادمنا توجيه الاتهامات بدلا من تحمل المسؤولية. ولكن ليس هنا. ليس في المكان الذي يحمل توقيع عمانوئيل مورانو” (احد الجنود الذين يحمل النصب اسمائهم).
واعلن سكان البؤرة انهم سيبنون منذ اليوم، خيمة اعتصام امام ديوان رئيس الحكومة من اجل منع هدم البؤرة. وطالبوا بينت ولبيد ببذل كل ما يستطيعان من اجل منع هدم البيوت، واتهموا بينت ورئيس الحكومة بأنهما يتحملان المسؤولية. وقال حاخام البؤرة لبينت: “انتم من يجب ان تتخذوا القرار، مع كل الاحترام للمحكمة، انتم يمكنكم وقف ذلك”.
اطلاق النار على فلسطينيين في قلقيلية والغور
تكتب “هآرتس” ان الجيش الاسرائيلي اطلق، مساء امس الاحد، النار على فلسطيني قام بقص السياج الشائك في منطقة قلقيلية، واشعال اطار. وفي حالة اخرى وقعت بالقرب من قرية الجفتلك في غور الاردن، اطقت قوة من الجيش النار على فلسطيني هرب منها ولم يستجب لأوامر الجنود بالتوقف. واصيب الفلسطينيان في ساقيهما وتم نقلهما الى المستشفى لتلقي العلاج,
وفي حادث الغور قال الجيش ان حاجزا للجيش قام بفحص وثائق السيارات، وادعى احد السائقين بأن وثائق السيارة في المنزل، فرافقته سيارة عسكرية الى منزله، وخلال السفر هرب بسيارته من سيارة الجيش حتى وصل الى طريق مسدود، وعندها نزل من السيارة وحاول الهرب فاطلق الجنود النار على ساقه.
إسرائيل تحدد معايير منع دخول انصار المقاطعة
تكتب “يديعوت احرونوت” ان اسرائيل قررت تصعيد نضالها ضد حركات المقاطعة وعلى رأسها حركة BDS. ولأول مرة تم صياغة معايير واضحة تحدد من يدخل الى اسرائيل ومن يمنع من ذلك: الاشخاص الذين يعملون بشكل متماسك ومتواصل لمقاطعة دولة اسرائيل سيمنع دخولهم اليها. ومع ذلك، سيسمح بدخول من ينتقدون سياسة الحكومة.
ودخل قانون الدخول الى اسرائيل في شهر آذار، واليوم، ستقوم وزارة الداخلية وسلطة تسجيل السكان، بنشر السياسة المفصلة التي تحدد من سيسمح له بدخول البلاد ومن سيتم منعه. ويأتي ذلك بعد انتهاء عمل الطاقم الذي قادته وزارة الشؤون الاستراتيجية في هذا الشأن. وتم العمل بالتعاون مع وزارتي القضاء والخارجية ومجلس الامن القومي.
وجاء في القانون انه “لن يتم اعطاء تصريح بالإقامة لشخص ليس مواطنا في اسرائيل او يحمل ترخيصا يسمح له بالإقامة الدائمة في اسرائيل، اذا كانت المنظمة التي يعمل فيها قد نشرت او دعت علنا الى فرض المقاطعة على اسرائيل.”
والاشخاص الذين سيمنع دخولهم هم “اصحاب المناصب الرفيعة او الكبيرة في تنظيمات المقاطعة البارزة، الاشخاص الذين يقومون بنشاطات ملموسة ومتماسكة لدفع المقاطعة في اطار تنظيمات المقاطعة البارزة او بشكل مستقل، جهات رسمية تدفع المقاطعة بشكل فاعل ومتواصل، مسؤولين يصلون الى اسرائيل من قبل تنظيمات المقاطعة البارزة”.
وفي حالات معينة يمكن للجهات المهنية التوصية بالسماح لشخص من هؤلاء بدخول اسرائيل اذا كان منعه سيسبب ضررا اكبر من الفائدة الكامنة في امر المنع، او بسبب معايير سياسية وانسانية.
وقال وزير الداخلية ارييه درعي، امس، ان “المعايير لا تترك مكانا للتساؤلات. هدف عمل الطاقم كان توضيح الموضوع بشكل قاطع. بصفتي الوزير المسؤول عن دخول الاجانب الى اسرائيل، انا ملتزم بالحفاظ على امن اسرائيل والتأكد من عدم منح الشرعية للجهات التي يمكن ان تسبب ضررا للبلاد، من خلال منحها تصريح دخول الى اسرائيل”.
مطالبة المستشار القانوني بوقف تشغيل المحامي مولخو مبعوثا لنتنياهو
تكتب “يديعوت احرونوت” انه تم يوم امس، ولأول مرة منذ بداية قضية الغواصات، التوجه الى المستشار القانوني للحكومة، ابيحاي مندلبليت، ومطالبته بوقف تشغيل المحامي يتسحاق مولخو، شريك المشبوه في الملف المحامي دان شمرون، كمبعوث خاص لرئيس الحكومة. ويأتي تقديم الطلب على خلفية تضارب المصالح الخطير.
ووقف وراء هذا الطلب المحامي شاحر بن مئير، والذي يهدد بالتوجه الى المحكمة العليا في حال رفض طلبه. وجاء في رسالة شاحر الى مندلبليت انه “منذ سنة 2010 تدار في اسرائيل، في ديوان رئيس الحكومة، منطقة قانونية وادارية مستقلة، يقوم في اطارها شخص ليس مستخدما في الدولة – المحامي مولخو- بتفعيل ما يشبه وزارة خارجية خاصة برئيس الحكومة، وفي الوقت نفسه يشارك هذا الشخص في ادارة مكتب المحامين مولخو – شمرون – فركاس. هذه المنطقة الإقليمية الخاصة والمرفوضة حظيت للأسف بتصديق منك ومن سابقك في المنصب”.
واضاف بن مئير ان مولخو لا يخضع للقوانين السارية على مستخدمي الدولةـ وفي الوقت نفسه لا يزال شريكا رفيعا ويتمتع بمدخول من مكتب المحامين. هذا الأمر مرفوض وكان يجب ان يكون سببا لوقف تشغيله في مهام موالية لسلطات الدولة. حقيقة انك لا تجد في الأمر مسألة مرفوضة، تعتبر مشكلة في حد ذاتها”.
وكتب بن مئير ان المحامي دافيد شمرون، شريك مولخو، ومستشار نتنياهو الشخصي، مشبوه الان في مخالفات ترتبط بقضية الغواصات، وفي الوقت الذي يخضع فيه شمرون للتحقيق في الشرطة، بشأن شبهات تتعلق بقضايا يعمل فيها مولخو. ورغم ان هذا الوضع كان قائما من قبل الا انه في ضوء الوضع الحالي يبرز الخلل ويثبت مدى خطورة تشغيل مولخوـ وكم يمكن لتضارب المصالح ان يتدهور عندما لا يتم وقفه منذ البداية.
في قضية الغواصات وبعد التوقيع مع ميكي غانور على اتفاقية الشاهد الملكي، سيبدأ اليوم بتوفير المعلومات المتوفرة لديه للشرطة، والذي سيشمل معلومات حول دور شمرون في الصفقة، علما ان شمرون كان المستشار القانوني لغانور.
مقالات
إسرائيل تضطر الى محاورة الشارع الفلسطيني بعد ان شطبت كل وجود للقيادة في القدس
يكتب جاكي خوري، في “هآرتس” انه اذا نظرنا الى الأجواء على الحلبة الاسرائيلية والفلسطينية، في الأيام الأخيرة، سيتبين بأن الشعور هو ان الجميع يبحثون عن البالغ المسؤول لكي يتخذ قرارا بإخماد الحريق. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اسير في أيدي اليمين المتطرف ويفكر بمركز الليكود ومكانته، اكثر مما يفكر بما يحدث في المسجد الاقصى او بالاتفاق مع الفلسطينيين.
والرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يستطيع اقتراح أي شيء يحقق الهدوء، بل على العكس: امام السلوك والاجواء السائدة اليوم، وخاصة في القدس، فان كل قرار يصدر عنه ولا يدعم مشاعر الحشود سيسبب له الضرر. الرجل الذي وصف التنسيق الامني بأنه مقدس، يقرر على الاقل على المستوى التصريحي، وقف كل اتصال مع اسرائيل. عباس الذي ينظر اليه الجمهور الفلسطيني كمن مضى بعيدا امام اسرائيل، يجد صعوبة في منح الفلسطينيين بارقة أمل.
وهناك من علق الامال على ملك الأردن عبدالله او على الرئيس المصري السيسي، لكن كلاهما، في هذه الاثناء، لا يوفران المطلوب. وليس هناك ما يمكن قوله عن الرئيس الامريكي دونالد ترامب، ومن المفضل ان يبقى صامتا.
وهكذا، فانه في غياب القيادة، تبقى الكلمة الاخيرة للشارع. النشطاء المحليين ورجال الوقف وجدوا انفسهم هذا الأسبوع تحت الاضواء بشكل غير مسبوق. مفتي القدس محمد حسين كان اكثر شخص اجريت معه لقاءات، ورجال الدين قادوا الصلوات في شوارع البلدة القديمة. كما ان الاعتقالات التي قامت بها الشرطة ضد عدد من النشطاء المركزيين في القدس، لم تغير الاجواء بتاتا في الشارع الفلسطيني.
منذ الانتفاضة الثانية، عملت اسرائيل على شطب أي ذكر للقيادة الفلسطينية في القدس، واغلقت كل مكتب يمكن ان يخدم السلطة. واليوم تجد نفسها تتحدث مع الشارع ومع رجال الدين. كما ان الفصائل الفلسطينية التي تطمح الى قيادة الرأي العام وتحديد الاجواء في الشارع وجدت نفسها تسير في المؤخرة. ايام الغضب التي اعلنتها فتح وحماس وبقية الفصائل لم تخرج الحشود الى الشارع، ومستوى عدم الثقة بالقيادة السياسية التقليدية يتزايد فقط في الشارع الفلسطيني.
الخروج الى الشوارع يأتي بشكل عفوي، في الأساس، ويقوده شبان يتنظمون بواسطة الرسائل الداخلية وعبر الشبكات الاجتماعية. ويقود الاحباط والغضب الشعبي في الأساس، الجيل الذي ولد بعد اتفاقيات اوسلو. هذا الجيل الذي تم وعده بدولة وبتقرير المصير، ينظر اليوم الى صورة الأوضاع ويرى فقط غياب القدرة على تحقيق الحلم. في إسرائيل لا يزالون يعتقدون حتى اليوم ان ما لا يتحقق بواسطة القوة، سيتحقق بواسطة قوة اكبر – ومع حلويات اقتصادية، لكنهم ينسون انه ينشأ في الجانب الفلسطيني جيل تتحطم كل احلامه، هذا الجيل الذي يطمح الى الحياة وليس للموت، ويطمح الى العيش منتصب القامة وليس مهانا ولن يبيع احلامه مقابل تحسين اوضاعه الاقتصادية.
الشعور بالإحباط والغضب ازاء القيادة يتغلغل ايضا في المجتمع العربي في اسرائيل. في القائمة المشتركة يواجهون صعوبة في عرض رؤية موحدة امام تسلسل الاحداث، بدء من صياغة بيان شجب العملية التي نفذها ثلاثة شبان من ام الفحم. حتى الزيارة التي قام بها وفد من لجنة متابعة قضايا الجمهور العربي في اسرائيل الى منزلي الشرطيين القتيلين، اشعلت نقاشا عزز الاحباط من القيادة. الخلافات الداخلية التي تشمل عدم احترام اتفاق التناوب بين مركبات القائمة المشتركة، والذي كان يفترض ان يتم تطبيقه هذا الاسبوع، سحقت الجبهة الموحدة التي تحدثوا عنها في القائمة عشية الانتخابات. صراع القوى والحروب الانانية تمنع اجراء نقاش جدي ومعمق حول الاحداث. صحيح ان غالبية اعضاء الكنيست العرب يشاركون في الاحداث، لكنهم ابعد عن ان يحددوا الجدول. في المجتمع العربي لم ينسوا بعد صدمة تشرين اول 2000 وآثارها، ايضا على المستوى الاقتصادي. قادة الأحزاب ولجنة المتابعة العليا يقرؤون الخارطة بشكل صحيح ولا يسارعون الى اتخاذ قرارات من شأنها ان تقود الى مواجهة، لكنهم يفهمون ايضا انه في هذه القطعة الصغيرة من البلاد يمكن لكل شيء ان يتدهور بسرعة، حين تغيب القيادة الحقيقة الموجهة ويغيب الأمل في الأفق.
فصل الدين عن الحرب
يكتب عاموس هرئيل، في “هآرتس” ان العامل الديني يلعب دورا كبيرا في المواجهة بين اسرائيل والفلسطينيين منذ فترة طويلة. الخلافات والاحداث المرتبطة بالحرم القدسي اشعلت فترات من العنف المتزايد عدة مرات في السابق – من بينها في 1990، 1996، 2000، والى حد ما في 2015 ايضا. لقد برزت خلال السنوات الأخيرة، تفسيرات ومميزات دينية لقسم من العمليات، ايضا كتقليد لنجاح تنظيم داعش. في الصراع القومي مع الفلسطينيين تداخلت، بشكل متزايد، الدوافع الدينية. ولكن في موجة التوتر الحالي التي بدأت بقتل شرطيين اسرائيليين في الحرم قبل عشرة ايام، اصبح العامل الديني هو الأساس، وبشكل لا يقل عن ذلك اصبح التحدي الذي سيضطر الجهاز الامني الى مواجهته.
لقد المح رئيس الاركان غادي ايزنكوت الى ذلك، خلال حديث مع الصحفيين امس. وقال ان التصعيد الحالي لا يشبه موجة الارهاب في تشرين اول 2015، لأنه ينطوي هذه المرة على “محفزات اخرى”. وامس الاول، قال الناطق العسكري رونين منليس، ان الجيش يشخص في الاحداث الأخيرة “عوامل دينية لم نشهدها من قبل”.
قتل ابناء العائلة الثلاثة في يوم الجمعة، في مستوطنة حلميش، ومحاولتي الدهس والطعن في الاسبوع الماضي، تنسب كلها الى الاحداث في الحرم القدسي. ردود الفعل على الشبكات الاجتماعية الفلسطينية متطرفة بشكل خاص. لقد تعاملت الاف المنشورات على الشبكة مع هذا الأمر في الأيام الأخيرة، وهدد الكثير من الشبان والشابات من خلال عدد كبير جدا من المنشورات، بتنفيذ عمليات بسبب الاحداث في الحرم. ويسود الانطباع في الشاباك وشعبة الاستخبارات العسكرية بأن حجم التحريض وخطورته يفوق بشكل كبير ما حدث في 2015.
هذا هو ايضا، السبب الذي يجعل اسرائيل تفكر الان، رغم التصريحات الرسمية المتشددة، بالخروج من هذه الازمة بشكل يسمح بإزالة البوابات الالكترونية من الحرم. بين السطور، ومن خلال محادثات ليست للاقتباس، يعترف بذلك عدد من الوزراء. وقال احدهم ان ماسحات المعادن لا تنطوي على أي عنصر مقدس. وقد استمع المجلس الوزاري الذي اجتمع الليلة الماضية، الى تقرير حول الاتصالات الجارية بمساعدة عدة دول عربية وبتدخل محدود من قبل الولايات المتحدة. تهدئة الاوضاع يتطلب التوصل الى اتفاق مشترك مع الوقف، يمكن لإسرائيل عرضه على الجمهور كتسوية معقولة لا تترافق بالاستسلام المهين.
الوزير يوآب غلانط، الذي وجد نفسه في اقلية مع الوزير يوفال شطاينتس، خلال جلسة المجلس الوزاري السابقة، ليلة الخميس، وصف الوضع هكذا – من الواضح لنا جميعا انه سيتم في نهاية الخلاف تفكيك هذه البوابات. الفلسطينيون سيتمكنون من تسويق الصدامات كنقاش حول حق العبادة للمسلمين في الحرم، وليس حول الفحص الامني او دلائل السيادة. المجتمع الدولي سيضغط على اسرائيل، وستضطر الى التنازل لكي لا تدخل في مواجهة مباشرة مع كل العالم الإسلامي. ولذلك، ادعى غلانط، من المفضل ازالة البوابات الإلكترونية الان.
الا ان بقية الوزراء، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة نتنياهو، صوتوا الى جانب الابقاء على البوابات، وتخويل الشرطة صلاحية اتخاذ القرار لاحقا. واعلن القائد العام للشرطة روني الشيخ خلال الجلسة، تمسكه بقرار الابقاء على البوابات.
الشيخ ليس قائد شرطة عادي. لقد وصل الى الشرطة بعد سيرة مهنية طويلة في الشاباك، حيث شغل هناك ايضا منصب رئيس منطقة القدس والضفة، ورئيس منطقة الجنوب ونائب رئيس الجهاز. وهذه هي، ايضا، خلفية الخلاف المعين بينه وبين رئيس الشاباك الحالي، نداف ارجمان. عندما يعتمد الشيخ على تجربته على الحلبة الفلسطينية تأخذ الامور حجما آخر، حتى لو عرض قادة الاجهزة الاخرى – الجيش والشاباك وشعبة الاستخبارات العسكرية ومنسق اعمال الحكومة في المناطق – موقفا معكوسا.
خلال جلسة المجلس الوزاري السابق، حدث امر استثنائي اخر. فلأول مرة منذ تعيين ليبرمان وزيرا للأمن، لجأ الى موقف يتعارض مع موقف القيادة الأمنية في مسألة مصيرية. وخلافا لعدد آخر من الوزراء والنواب في اليمين، حرص ليبرمان على عدم توجيه الانتقاد الشخصي لقادة الجيش والشاباك، لكنه يبدو ان هناك حدود لصورة المسؤول البالغ التي الصقتها به وسائل الاعلام منذ بداية شغله للمنصب في ايار من العام الماضي. يمكن التكهن بأن الخلاف في مسألة تعتبرها القيادة العامة مصيرية، يخلق توترا بين الوزير والضباط الكبار.
حتى اليوم، وعلى الرغم من تصريحاته القاطعة على الملأ، لم يظهر ليبرمان خلافا حادا مع الجيش، حتى عندما اصر ايزنكوت على عدم الاستسلام لمطالب اليمين بفرض عقاب جماعي واسع في المناطق ردا على العمليات القاتلة.
وينضم النقاش الاخير الى الخلافات التي نشأت بالتدريج حول مسألة معالجة الأوضاع في قطاع غزة. لقد قال ليبرمان، بعد دخوله الى منصبه، ان على اسرائيل الاستعداد لجولة حرب اخرى مع حماس، ستكون الاخيرة من نوعها، لأنها ستنتهي بسقوط سلطة حماس في القطاع. لقد تعامل الجيش بشكل دائم مع القطاع بما يتفق مع توجه الجولات: مرة كل عدة سنوات يتدهور الجانبان الى جولة ضربات، ويكون الهدف هو انهائها من خلال التسبب بما يكفي من الضرر لحماس، بشكل يضمن الهدوء لسنوات اخرى.
قبل فجر الأحد، تم اطلاق قذيفة واحدة من قطاع غزة على اسرائيل، وسقطت في منطقة مفتوحة في النقب. اطلاق النار هذا يعتبر استثنائيا في الفترة الاخيرة – وهو اول رد عنيف من غزة منذ اندلاع الازمة الجديدة. الاستخبارات الاسرائيلية لا تزال تدعي ان حماس تريد الامتناع عن التصعيد. فالتنظيم يستثمر جهوده لتشجيع الارهاب في الضفة وداخل الخط الأخضر. قاتل أبناء عائلة سلومون في حلميش كان ناشطا في حماس، رغم انه لم يتم حتى الان التوصل الى معلومات تثبت انه عمل في اطار التنظيم.
في الضفة تم استكمال تعزيز قوات الجيش بعدة كتائب نظامية، وبدأت عمليات اعتقال اوسع من المعتاد، تستهدف بشكل خاص حركة حماس. في لواء العمليات في القيادة العامة يستعدون الان لتعزيز القوات طوال شهر، لكنه كما حدث في السابق، يمكن لتواجد القوات في الضفة ان يطول اذا تواصل التصعيد.
بالمقارنة مع التصعيد السابق في 2015، يتمتع الجيش الان بتفوق ملموس واحد: لقد تم تشخيص طابع عمل “المخربين الافراد” وتم في هذه الاثناء صياغة مفاهيم حرب ضده وتحسين طرق جمع المعلومات. اذا اندلعت موجة واسعة من العمليات لن يكون هذا كافيا، لكن الجيش مستعد بشكل افضل للجولة الحالية.
ما نشره ينيف كوبوفيتش في “هآرتس” حول كون وزير الامن الداخلي غلعاد اردان، والقائد العام للشرطة، قررا تركيب البوابات الالكترونية في الحرم، بعد اجراء مشاورات مقلصة، ومصادقة رئيس الحكومة، يدل على التسرع في اتخاذ القرارات التي اسهمت في التدهور الاخير. عندما نضيف ذلك الى التدخل القليل من قبل اجهزة الاستخبارات في القرار، يسود الانطباع بأنه تم اتخاذ القرار من دون فهم قوة الحساسية في الجانب الفلسطيني وفي العالم العربي لكل تغيير في الوضع الراهن في الحرم، مهما كان صغيرا.
في بداية جلسة الحكومة، امس الاحد، اطرى نتنياهو على نفسه. وحسب اقواله فان القيادة الاسرائيلية برئاسته تدير الازمة “برباطة جأش وبإصرار ومسؤولية”. لكن ليست هذه هي وجهة نظر بعض وزرائه، ناهيك عن قادة الاجهزة الأمنية. في الواقع تصرف نتنياهو هذه المرة بشكل مختلف جدا عن الحذر المبالغ فيه الذي ميزه في قرارات تفعيل القوة. ربما ترتبط الظروف بالصورة السياسية للائتلاف الحكومي، التي تتحداه بشكل دائم من الجانب اليميني.
اذا كانت هناك مشكلة تجنبها رئيس الحكومة خلال ست سنوات ونصف من الهزة العربية، فهي التورط في الاضطراب الذي يشهده الشرق الاوسط. الأزمة التي ضخمها الجانب الفلسطيني في موضوع الحرم، يمكن ان تدهور اسرائيل الى هناك تماما، اذا لم يتم حلها بسرعة. لكنه في هذه الأثناء، اطلت معايير دينية من الجانب الاسرائيلي، ايضا. وراء التصريحات المتكررة لقادة البيت اليهودي حول الحاجة الى تعزيز السيادة الاسرائيلية على الحرم، يقف هدف آخر: تحسين مكانة اليهود في الحرم. عندما تدخل المعايير الدينية الى الصورة في الجانبين، وبكل قوة، يصعب جدا التوصل الى تسوية.
يجب تقريب الأصوات المعتدلة
يكتب البروفيسور ايال زيسر، في “يسرائيل هيوم” ان هناك في العالم العربي من يسعون الى تأجيج النار التي اندلعت في الاسبوع الماضي في الحرم، في اعقاب العملية الارهابية التي اسفرت عن قتل شرطيين من حرس الحدود بأيدي شبان من ام الفحم. لقد عمل القتلة بدوافع التزمت الديني الذي لا يعرف الحدود، وفقا لنظرية الجناح الشمالي للحركة الإسلامية، التي تم اخراجها عن القانون، ظاهرا، لكن روحها لا تزال تحلق في الكثير من البلدات العربية في اسرائيل.
لقد سارع رجال الحركة الاسلامية، من امثال حماس والاخوان المسلمين، لتحويل القتلة الى ضحايا، والخطوات الرادعة التي اتخذتها الشرطة على مداخل الحرم الى عدوان اسرائيلي متجدد، يجب بسببه الخروج لمحاربة اسرائيل. في نهاية الأمر، يتجه هؤلاء نحو التصعيد وتأجيج الغرائز، وليس نحو تهدئة الامور، وهم يسعون الى الرقص على الدماء ومحاولة تحقيق مكاسب سياسية.
العملية في حلميش كانت، الى حد كبير، نتيجة لهذا التحريض، وهي تعلمنا مدى قوة الراديكالية والتزمت الديني لدى الشبان الذين يخضعون للتحريض ولا يوجد ما يصدهم – لا في صفوف القيادة الدينية والسياسية، ولا في محيطهم الاجتماعي.
وقد انضمت وبشكل غير مفاجئ الى هؤلاء المتطرفين، قطر التي وقعت في بداية الشهر فقط على اتفاق مع الولايات المتحدة لمكافحة الارهاب، ولكن في اعقاب احداث الاسبوع الاخير سارعت للوقوف الى جانب الارهابيين وضد الضحايا. وكالعادة برزت قناة الجزيرة التي تناست صراع البقاء الذي تخوضه الامارة القزم مع جاراتها العربية، وكرست البث لتحشيد النضال ضد اسرائيل من اجل انقاذ المسجد الاقصى. ولا حاجة للإشارة الى ايران وحزب الله.
لكنه كان هناك الكثيرين في العالم العربي، الذين رفضوا سكب الزيت على النار، بل سارعوا الى اخماد النار قبل اندلاعها. والحديث عن اصوات وقوى عقلانية ومعتدلة، تسعى الى املاء خطاب اخر في الحوار العربي وفي العلاقات مع اسرائيل، وخاصة التركيز على المشاكل الحقيقة التي تواجه العالم العربي.
هكذا الأمر بالنسبة للعربية السعودية ومصر، وكذلك دول الخليج، وغالبية دول شمال افريقيا. فقد تجندت هذه الدول من اجل تهدئة النفوس وانزال الفلسطينيين عن الشجرة العالية التي تسلقوها، والتوصل الى تسوية تسمح بوسائل الفحص التي وضعتها اسرائيل على ابواب الحرم.
المملكة العربية السعودية تعرف بأن المشكلة المركزية التي تواجهها هي محاولات ايران التوسعية ودعمها للإرهاب الشيعي على اراضي المملكة وفي انحاء الشرق الاوسط، وليس “العدوان” الاسرائيلي على الحرم. ومن جانبها تصارع مصر ضد العنف والتطرف الذي تمارسه حركة الاخوان المسلمين في مصر، وارهاب داعش في سيناء. كما يعترف القصر الملكي الهاشمي بالخطر، ويرى في ارهاب داعش ووجود ايران المتزايد في المنطقة، خطرا على استقرار المملكة. هذه الجهات كلها تمد ايديها لحل ازمة الحرم وتحقيق الهدوء.
على هامش الامور، من المهم الاشارة الى انه خلافا لسنوات سابقة، وخلافا للعاصفة في اسرائيل وفي السلطة الفلسطينية، قلل العالم العربي من الاهتمام بالعواصف التي يسعى المتطرفون الى تأجيجها في موضوع الحرم القدسي ومداخله. ربما ينبع هذا الأمر من حالة التعب التي يعانيها الشارع العربي نتيجة التعامل المصطنع مع مشاكل غير حقيقية، ولعل الأمر الأهم – هو انها ليست على صلة بالجدول اليومي المكتظ والمنهك للمشاكل الوجودية الاكثر اهمية. الأنظمة العربية تفهم من جانبها انه يحظر عليها الانجرار وراء المتطرفين الذين يستخدمون اسرائيل كمعول للتآمر الداخلي على استقرار الدول العربية.
نتأمل بأن تثمر الجهود التي تبذلها الدول العربية المعتدلة، وان ينجح التحالف غير العلني بين اسرائيل والقوى العربية المعتدلة، في احتواء الأزمة التي اندلعت في الحرم، والتي تهدد بالامتداد الى المناطق. لكنه لا يزال من الضروري ان تعمل اسرائيل، من جهة، بحكمة وبإصرار من اجل توثيق العلاقة مع القوى المعتدلة في محيطها، ومن جهة اخرى، على مواصلة محاربة التزمت الديني الذي عمل باسمه القتلة في الحرم وفي حلميش، هذا التزمت الذي يرجع الى الحركة الاسلامية في اسرائيل، التي تم اخراجها عن القانون، لكنه لم يتم اجتثاثها من جذورها، والى شركائها في العالم العربي، بدء من الاخوان المسلمين وانتهاء بداعش.
الدين كملاذ
يكتب روني شكيد، في “يديعوت احرونوت” ان العقيد ميخائيل ميلشتين، مستشار الشؤون الفلسطينية في مكتب منسق اعمال الحكومة في المناطق، كتب قبل اندلاع موجة العنف الحالية، مقالة حذر فيها من غياب التفاهمات العميقة حول مواضيع الدراسة في الجهات الأمنية. وحسب اقواله فان التقييم الاستخباري كان يقوم في السابق على نوايا القيادة والقدرات العسكرية، اما اليوم فهناك حاجة الى تشخيص اجراءات معقدة يحركها المجتمع والتنظيمات غير الحكومية، ومجالات الشبكة الالكترونية. ولا يمكن، حسب ادعائه، تحليل سلوك مجتمع من دون ترسيخه على معرفة ثقافته، تاريخه ولغته. المشكلة هي انه في السنوات الأخيرة ينقص، وليس في اسرائيل وحدها، معيار العمق هذا.
اذا قمت بترجمة ادعاءاته مقارنة مع ما يحدث اليوم في القدس الشرقية ويمتد الى الضفة والقطاع والى الدول العربية، يمكن القول ان قرارات القيادة السياسية والشرطة تعاني من عدم فهم عميق للوعي والروح والثقافة والتاريخ والمعتقدات التي تحرك الفلسطينيين، خاصة فيما يتعلق المسجد الأقصى. ومن هنا جاءت القرارات الحمقاء المتعلقة بتركيب البوابات الالكترونية، وإغلاق الحرم القدسي وإغلاق البلدة القديمة. وساد الانطباع بأن الشرطة تعيد احتلال القدس. صحيح ان قتل الشرطين من حرس الحدود والمذبحة في حلميش هي اعمال وحشية، ولكن تركيب البوابات الالكترونية والتدابير العقابية القاسية بالذات في هذه الايام المتوترة قد تحول نوايا التهدئة الى زيت للنار.
في خصائص الصراع يبرز، في السنوات الأخيرة، البعد الديني، ويجب الاعتراف بملء الفم ان هذا يحدث ليس فقط بين الفلسطينيين ولكن لدينا، أيضا. اليأس والإحباط، والأزمة التي تواجه الحركة الوطنية الفلسطينية، وعدم قدرة الفلسطينيين على تحدي الاحتلال الإسرائيلي على خلفية عدم التكافؤ في علاقات القوة – توجه نحو الملاذ الديني. وهكذا تحول المسجد الاقصى، ومكانته التاريخية الاسطورية، الى رمز ملموس للنضال الوطني الفلسطيني في الصراع ضد إسرائيل، والذي يحل محل الشعارات القومية المجردة لتقرير المصير.
ان ما يدفع الجمهور الفلسطيني، في هذه المرحلة، الى النضال هو ليس الإسلام المتشدد، ولا التحريض من قبل الزعماء الذين يستخدمون الدين كمورد سياسي، وانما الخوف من استيلاء اليهود على المسجد. في مفاهيمهم ووعيهم يعتبر هذا بمثابة تهديد حقيقي. انهم يعتقدون بأن إسرائيل تعتزم هدم المسجد وبناء الهيكل، او أن إسرائيل تسعى إلى تقسيم السيطرة على الحرم كما فعلت في الحرم الابراهيمي. وهم يعتقدون فعلا ان الأقصى في خطر ويجب حمايته. وهذه المعتقدات يتبناها ايضا الجمهور المسلم في جميع أنحاء العالم.
هذا المزيج من الدين، القومية، الإحباط من النضال اليائس ضد الاحتلال، مشاعر الكراهية القوية لإسرائيل، ومشاعر دوس الكرامة، هي محفزات للانتقام وذبح عائلة بسكين. من الصعب جدا وقف ارهاب الأفراد الذهني هذا. ولكن يمكن، وينبغي محاولة تهدئة الحرب بين الأديان، والبت للجمهور الفلسطيني بأن إسرائيل لا تنوي الاستيلاء على الأقصى.
لقد اصبح من الواضح، في وقت لاحق، بأن الوضع الراهن التي حدده ديان في عام 1967 في الحرم، سمح بصد الحرب الدينية، على الرغم من الحوادث الصعبة، كإحراق المسجد في عام 1969، حوادث العنف في الحرم القدسي الشريف في عام 1990، افتتاح نفق الحائط الغربي في عام 1996، أو العنف عقب زيارة شارون الى الحرم في عام 2000. لكن زيارات رجال اليمين المتطرف، بما في ذلك القادة السياسيين، الى الحرم القدسي الشريف، في السنوات الأخيرة، أثارت مخاوف الفلسطينيين على مستقبل المسجد، واشعلت نيران الصراع الديني.
الحل السياسي لقضية القدس والحرم لا يزال بعيدا عن المنال، ولذلك ومن اجل المصلحة الأمنية، وليس فقط في القدس، يجب العودة إلى الوضع الراهن، وعدم الانجرار وراء مطالب اليمين المتطرف أو الحلول التي تحركها المشاعر او حاجة ملحة للشرطة، وتجنب استلال بوابات كشف المعادن في المستقبل.