الرئيسيةمختاراتمقالاتالزمن الجميل ... والفكر الارهابي القادم !!!

الزمن الجميل … والفكر الارهابي القادم !!!

بقلم: الكاتب وفيق زنداح

ليس من منطلق الخيال … ولا في سياق التمنيات والاحلام … الكتابة حول الزمن الجميل باعتباره ليس حلما بالمنام … ولكنه حقيقة عشناها … واستمعنا اليها … وقرأنا عنها في البادية والمدن والقرى .
فكرتي من مقالتي عن ايام الزمن الجميل … ليس حول الاغنية والطرب … وبالتاكيد ليس عن الفيلم الابيض والاسود … كما لن يكون عن الطعام والخضروات والفاكهة وسلامتها وتذوق طعمها … كما ليس للعلاقات الاجتماعيه والانسانية بين الاهل والجيران وسكان الحي والقرية والمدينة … ومشاعرهم وتعاونهم ومساعدتهم لبعضهم البعض .
ليس هذا … بل اكثر من كل هذا … حول ثقافة المحبة والاحترام .. المودة والوئام … دون ادنى فلسفة لها … لابراز منطلقاتها وابعادها واهميتها وحول تصرفات وسلوكيات طبيعية انسانية من خلال فعل ملموس في ظل امكانيات ضعيفه .. وتكنولوجيات بسيطه … حيث كان الفضاء فارغا ولم يكن بالحي والمدينة والقرية … وحتى البادية بأكثر من تلفون واحد … او شاشة تلفزيون واحدة … او مذياع واحد كل يخدم على عشرات الاسر التي تتجمع لتشاهد وتستمع… في ظل كهرباء لم تكن معروفة بمثل ما هي عليه اليوم …. وفي واقع مطاعم قليلة لكنها معروفة ومتميزة بأكلها ونظافتها … مدارس قليلة لكنها تمتاز بتعليمها الاساسي واستيعاب طلابها ومهنية مدرسيها … اطباء قلائل لكنهم يعملون بجد واخلاص ومتابعه حثيثة لشفاء مرضاهم …نظافة ونظام … وشوارع نظيفة … واشجار خضراء .
ما اتحدث عنه جزء يسير من حياة كاملة لمجتمعات متفاعلة ومنتجة … كل بعمله … الصانع بمصنعه … والفلاح بمزرعته … والموظف بوظيفته … كل يؤدي عمله دون ان ينتظر الاخر … ودون ان ينظر للاخر .
ثقافة احترام ومحبة وتسامح … وقناعه تامة بما قسمه الله لكل واحد .
حياة بسيطة … غير معقدة … فيها ما نحتاج بقدر … وفيها ما يكفي بقدر يعيش فيها الجميع بسعاده متاحة .. لا موانع … ولا تنازع … ولا احقاد وكراهية … كل يعمل ويتحرك ويعيش مع اسرته وعائلته الممتدة بأمان واطمئنان .
كانت المجتمعات تعيش التدين واداء الصلاة والذهاب للمساجد والاستماع الى الخطب … سعادة بالمسجد ومحبة ما بين المصلين … وفهم مشترك لعلاقات طيبة … وفهم صحيح للدين وسلوكياته … لا تناقض ما بين الاقوال والافعال .. لشخصيات متوازنة … لا انحراف بفكرها .. ولا تناقض بشخصياتها … ولا احقاد بقلوبها … بل قناعة كاملة وثابتة بالاوطان والمجتمعات … والرضى والسكينة بما قسمه الله لكل مجتمع ووطن … ولكل انسان واسرة .
مشهد الزمن الجميل … بكل ما فيه وبداخله من تفاصيل وعناوين لم يكن فيها من بهرجة اليوم … ولا من تعصب هذا الزمن … ولا من اطماع من يعيشون واقع الحال … ليس فيها اغلب ما نشاهده اليوم وما نستمع اليه .
الزمن الجميل .. فيه من الجمال والطبيعه … والبيئة غير الملوثة … والمياه العذبة … والخدمات المتوفرة بما يلزم ويلبي الاحتياجات .
لم يكن الانسان بحالة صراع مع النفس … ولم تكن العائلات والاسر بخلافاتها القائمة اليوم … الجميع يعيش بحالة وئام ومحبة وتسامح … دون صدام وبعيدا عن الكراهية والاحقاد .
ادخل علينا التطور والحداثة وتكنولوجيا المعلومات .. مما زاد علينا بمنظومة احتياجاتنا … ولزوم حياتنا … ومتابعه كل ما يصنع من اجل شراءه واقتناءه … سيارات فاخرة … ووسائل اتصال حديثة … وشاشات عرض كبيرة … واجهزة للتواصل … بدأنا نعيش الزمن المختلف … والايام التي تختلف عن سابقها .
الشئ الذي يحتاج لدراسة الفارق والاختلاف … وتبيان الاسباب … ليس له علاقة مباشرة بالتطور والحداثة … وزيادة مدخولات الناس واقتناءهم للتكنولوجيا الحديثة … لكنه له علاقة بالفكر والتربية وترك المجال واسعا للانحراف الفكري … والتدين الخاطئ … وفتح شهية بيع الذمم بالمال … وترك المجال للاحقاد والكراهية ما بين الافراد … والحقد على المجتمع ومحاولة الانعزال عنه … مما يولد كراهية للاخر …تصل الى مرحلة قتل الاخر … وسفك دماء الاخر … وحتى قطع رأس الاخر …وحتى حرق الاخر … سلوكيات شاذة ومنحرفة نابعة من فكر منحرف … وتدين مغلوط .
اليوم وفي بعض ما نشاهد ونسمع … كل شيئ مباح ومستباح … وله مبرراته وذرائعه التي يسوقها عالم الشياطين والاشرار .. في ظل الانفتاح … والفضاء الواسع … وحالة الفراغ … وامتلاك التكنولوجيا … والتي اصبحنا ضحية من ضحاياها… وضحية من تقدمها وانفتاحها الثقافي و المعلوماتي … في ظل فراغ تربوي … وضعف تعليمي وغياب اعلامي … يغيب فيه ما يمكن ان يواجه هذا الارهاب الفكري التكفيري … بكل شذوذه وانحرافاته وغرائزه … وشيطنة تصرفاته .
هذا الارهاب القادم الينا … والذي تم زراعة جزء منه في بلادنا العربية والاسلامية .. وكأنه الىتدين والتربية الدينية … والاخلاقيات المثالية وما يجب ان يكون عليه الانسان … لنجد انفسنا أمام نتائج مخيفة واخطاء قاتلة … لاساليب مريبة … ومضمون ثقافة غريبة … حتى كانت النتائج بعكس كافة التوقعات … واستخلاصات التجارب بعد ان خرجت مجموعات عن اطار مجتمعاتها … ودينها … واخلاقيات اوطانها .
خرجوا … انعزلوا … انحرفوا … ووجدوا من يخرجهم ومن يساعدهم … ويمولهم … ويزيد الحقد بقلوبهم .
انحرفوا وفقدوا توازنهم … ولا يعرفون كيف يمكن ان يعودوا عن تطرفهم وانحرافهم … في ظل من يسيطرون عليهم … ويغرونهم ويستمروا بتوجيههم … حتى يزيدوا من تطرفهم واحقادهم … وكراهيتهم لمجتمعاتهم التي عاشوا بها … واكلوا من خيراتها … وتعلموا على ايدي علمائها … وشربوا من مياهها … واكلوا من زرعها … وتنفسوا من هوائها وتعايشوا مع جيرانهم واهلهم داخل باديتهم وقريتهم ومدينتهم .
من اين جاء هذا الحقد الاسود ؟؟! … ومن اين جاء هذا الفكر التكفيري ؟؟! … بقلوب حاقدة … لا رحمة فيها … ولا ضمائر تحاسب … ولا عقول تفكر … ولا وطنية تلزم .
كل شيئ تغير وانقلب على كل ما هو اسوأ في ظل ايام قاسيه ومريرة نشاهد فيها اناس ليسوا منا … ولم يعيشوا بيننا … حتى اصبحنا نريد العودة الى ايام الزمن الجميل الذي لم يقتل فيه احد … ولم تسيل فيها دماء احد … في ظل مجتمعات متماسكة تحكمها القوانين العشائرية والقبلية والقوانين الوضعيه .. والتي تقوم على الاحترام ومعرفة حدود كل منا دون توغل … وبعيدا عن الانانية المفرطة والاحقاد والكراهية المصنعه .
صعب … ومستهجن … ومستنكر … ومرفوض … كل فعل تكفيري قاتل للحياة … ومخرب للاوطان … ومعطل للانجازات … ومثير للمخاوف … ويغيب الطمأنينة والاماني والاستقرار .
الفارق الكبير والواسع ما بين الزمن الجميل … وبعض فصول الزمن الرديء بشخوصه وبخطاباته ومضامين فكره .. وبأفعال ليس لها علاقة مباشرة او غير مباشرة بطبيعة وطبائع النفس البشرية … مما يفرض علينا ضرورة المعالجة والمتابعه … حتى تستقيم وتتوازن العقول … وتكون قادرة على العطاء والالتزام وتعزيز الانتماء للارض والمجتمعات والاوطان .. التي تتحدث بلغة واحدة من ابناء العروبة والتاريخ … الثقافة والعادات والدين … والقومية الواحدة .
يجب ان ندرك الاخطار … وان نتجاوز الاخطاء … وان نعدل الكثير من الفكر والسلوك والثقافة … وان لا نقع باكثر مما نحن فيه … وان نكون دائمي التذكير بأيام الزمن الجميل بما فيها من محبة وتسامح … وعلاقات انسانية … وحالة من الرضى والسكينة .
لنعود بكل قوة وثقة … ولنأخذ كل ما يفيد الانسان وتطوره … ولنسقط ما طرأ علينا وتوغل بحياتنا … واوجع قلوبنا … وحرف من فكر البعض منا .ظاهرة ارهاب متطرف وتكفيري … يحاول يائسا ان يحدث التغيير لكنه يفشل فشلا ذريعا … يستطيع ان يقتل وان يخرب وان يسفك الدماء … وان يزهق الارواح … وان يهجر العباد … لكنه ارهاب فاشل .. لا نتائج من وراءه الا الدماء والخراب … محاولاته مكشوفة وعارية ومفضوحة … وعليها من الشبهات … وما تحمله من سيئات وخطايا … لا تغسلها البحار والمحيطات .
هنا دور الاعلام … الثقافة … التربية … التعليم … الخطاب الديني … المؤسسات الحكومية وغير الحكومية … هنا دور المجتمع والمجتمعات بأسرها … والتي لا يجب ان تقصر بواجباتها ومسؤولياتها حتى لا نسمح بالمزيد من التهاوي … بمنزلقات اخطر … قد تضيع فيها الاوطان … وتسرق فيها الخيرات … وتهجر فيها الشعوب … ويزور فيها التاريخ .

الكاتب : وفيق زنداح

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا