الصمت الأمريكي

الأحداث التي شهدتها ساحات القدس من اعتداءات إسرائيلية على الأماكن المقدسة ومحاولات تغيير معالم المدينة بل تغيير المعالم التاريخية وضرب الهوية الوطنية والديمقراطية للمدينة بقيت تنتظر موقفا دوليا يساهم في تهدئة الأوضاع ويطالب إسرائيل بوضع حد لممارساتها التي يمكن ان تضع المنطقة كلها على شفير الهاوية وتهدد بمزيد من الانفجار بحيث يصبح من الصعوبة السيطرة على مجريات الأحداث.
إسرائيل ومن خلال الأحداث الأخيرة كانت معنية الى جر المنطقة الى حالة من انعدام اليقين وتمييع الصراع الى درجة تسمح لها بالسيطرة على كل محدداته بحيث يكون لها كلمة الفصل في وضع الحلول وتغييب الجانب الفلسطيني من خلال سلطة الأمر الواقع لما للمقدسات الإسلامية من أهمية روحانية في وجدان الشعوب العربية والإسلامية ولما للقدس من أهمية سياسية ودينية، وأرادت فرض معادلة سياسية جديدة وان تتمحور المطالب حول إلغاء الإجراءات الإسرائيلية الجديدة بحيث تكون عنوانا جديدا للصراع.
وفي الوقت الذي كان العالم ينتظر موقفا أمريكيا لتهدئة الأوضاع على الأقل وإرسال خطاب لإسرائيل بان هذه الإجراءات تهدد مشروع السلام التي تتهيأ الولايات المتحدة لطرحه بعد جولات المبعوثين الأمريكيين الى المنطقة للتشاور حول المفاهيم الجديدة لاستئناف المفاوضات، إلا أن الصمت الأمريكي كان سيد الموقف، وفتح الباب أمام إسرائيل لزيادة تماديها واستمرارها في اعتداءاتها وانتهاكاتها الفاضحة وفي تهديدها للقانون الدولي وخرقها لقرارات الشرعية الدولية.
إن التزام الصمت وعدم إطلاق ردود فعل تدين الإجراءات الإسرائيلية أو المطالبة بوقفها قد تفسر وكأنها تشجيع لإسرائيل في تماديها وهكذا فهمتها إسرائيل وفهما العالم اجمع إذ أن الولايات المتحدة وحدها قادرة على ردع إسرائيل ومطالبتها بوقف كافة الإجراءات التي تعرقل مشروعها الجديد لعملية السلام، وكأننا أمام حالة انسحاب مرحلية جديدة للسياسة الأمريكية ربما تعود بعد ان تكون إسرائيل قد فرضت واقعا جديدا في ظل صمت دولي مريب.
الصمت الأمريكي شكل تراجعا واضحا في السياسة الأمريكية الخارجية والتي كانت إحدى استراتيجيات دونالد ترامب بإعادة حضور الولايات المتحدة بقوة في منطقة الشرق الأوسط بعد ان كانت تراجعت في عهد اوباما، واردات الولايات المتحدة ان تكون عودتها من بوابة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والعمل على فكفكته وحله، لكن بهذه المواقف الأخيرة لن تنجح الولايات المتحدة حتى في تحريك أبجدياته لأنها ستصطدم بالموقف الفلسطيني الذي سيطرح عليها أسئلة مشروعة بتقصيرها في ردع العدوان الإسرائيلي على القدس الشرقية الأرض المحتلة في المفاهيم الدولية ويمنع على إسرائيل القيام بأية إجراءات من شأنها تغيير الوضع السياسي للمدينة فهي تشكل العصب الرئيسي في عملية السلام أو الحرب.
المواقف السياسية للولايات المتحدة شكلت خيبات أمل واضحة في المنطقة اذ أن استمرار الانحياز الأمريكي لإسرائيل يطرح تساؤلات مشروعة حول دور الولايات المتحدة في النجاح بمشروعها في إمكانية إيجاد حلول للصراع.

خاص بمركز الإعلام

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا