بقلم: الكاتب وفيق زنداح
ليس بقفزات الهواء … او بضربات الحظ واليانصيب … يمكن ان تقام العلاقات … وان تسير باتجاهات محسوبة … ووفق منطلقات صحيحة … على قاعدة انه ليس من مصلحتنا ادخال انفسنا بأدنى صراعات … او تحالفات طائفيه … وحتى منافسات سياسية اقليمية واستيراتيجية … في ظل محاور وتحالفات اصبحت واضحة وجلية … ولا نمتلك من مقومات القوة والتأثير… ما يمكن ان يحدث أدنى متغيرات بمثل هذه المحاور والتحالفات القديم منها والجديد .
ليس قبولا واذعانا بالشروط الاسرائيلية والامريكية حول العلاقة مع ايران أو غيرها … لكنها محاولة جادة للدراسة الدقيقة والمتأنية … لمجريات تجربة ماضية … وحاضر واقع … ومتطلبات اتية وقادمة … ومخارج سياسية ضرورية … للخروج من حالة متأزمة فيها من الضعف … بأكثر من عوامل القوة المادية والسياسية … خاصة ونحن لا زلنا نعيش الانقسام … ولا نمتلك كافة مقومات وادوات وظروف الوحده بكل اشكالها ومضامينها … أي اننا بعنق الزجاجة … ولم نخرج منها بعد .
ليس بالشعارات تبني الاوطان … وتحرر الارض … وتتجسد السيادة … وتقام الدولة … حتى انه ليس بالشعارات يمكن ان تبني العلاقات الخارجية الدولية والاقليمية … وحتى الوطنية الداخلية .
الحسابات تجري بدقة متأنية في اقامة العلاقات مع الدول والاحزاب … لان حسابات المواقف … لا تبني على الاهواء والمصالحة الضيقه … ولا تبنى على المصالح الحزبية والرؤية الاحادية … ولكنها تبنى وتحسب وفق حسابات دقيقه … ومعطيات قائمه … لها ضوابطها ومحدداتها .
فالسياسة وتحديد مواقفها … ليس فيها قفزات بالهواء … ولا خروجا طارئا وانفعاليا … يمكن ان يحسب على من يتخذ موقفا غير مدروسا يريد من خلاله اعادة توازنات ضائعه … في ظل حالة تراجع بفعل تحالفات اصابها الضعف .
وحتى اكون بصلب موضوع المقال … وحرصا على كافة حركاتنا وفصائلنا باعتبارها مخزونا استيراتيجيا لقضيتنا وشعبنا … وحيث ان حركة حماس تعتبر احد مرتكزات الحركة الوطنية الفلسطينية … والتي لا زالت بحاجة الى المزيد من الخطوات …على طريق المشاركة والشراكة بالنظام السياسي الفلسطيني ومرجعياته ومؤسساته سواء منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لكافة ابناء شعبنا … والسلطة الوطنية الفلسطينية باعتبارها صاحبة الولاية القانونية والسياسية … وما يلزم المشارك بالمنظمة والسلطة من استحقاقات ومتطلبات سياسية لكل من بداخلها وسوف يشارك بها … ويشارك بقراراتها … ويعمل وفق خياراتها … واهدافها … فان تحرك حركة حماس لاعادة العلاقات مع ايران ربما من وجهة نظري الشخصية لا تخدم حماس لا بالسياسة … ولا بالتوقيت … ولا بالمنظور الاستيراتيجي الذي تعمل عليه حركة حماس لاجل المنافسة على القياده والشراكه بمؤسسات منظمة التحرير والسلطة الوطنية والدخول بالانتخابات العامة والترشح لها من حيث الرئاسة والمجلس التشريعي والوطني .
الحسابات الوطنية تدخل في اطار الحسابات الجمعيه … وليس الحسابات الحزبية … خاصة ونحن امام الحديث عن ايران وخلافاتها مع العديد من الدول ذات الاهمية الاستيراتيجية للقضية الفلسطينية وخاصة مصر والسعودية ودول الخليج بأستثناء قطر .
ايران لا ننكر عليها دعمها ومساندتها للقضية الفلسطينية … كما لا تستطيع ايران ان تنكر مساندة الثورة الفلسطينية ما قبل ثورة الامام الخوميني ومع بدايتها بدعم مجاهدي خلق … كما لا يمكن ان ننكر ان ايران قد قدمت المساعدة للعراق لاجل القضاء على داعش والارهاب المتواجد في بلاد الرافدين … كما لا ننكر ان ايران قد ساعدت سوريا لمواجهة الارهاب والارهابين … كما لا ننكر ان ايران قد ساعدت حزب الله لاجل تحرير الارض اللبنانية والدفاع عن سيادة لبنان الشقيق … كما لا ننكر على ايران مساعدتها للمقاومة الفلسطينية بالمال والسلاح … الا ان عدم الانكار … والاعتراف بما تم تقديمه من قبل ايران .. يعطي لنا الحق بالقول ان ايران قد توغلت بالعراق وسيطرة عليه … كما ان ايران لا زالت تشكل تهديدا لامن الخليج في ظل احتلالها للجزر الاماراتية الثلاثة … اضافة الى الطموح او الاطماع الايرانية الدارجة بمنهج حكمها وطائفتها … وما تسعى لتحقيقه تحت عناوين وشعارات عديده لا نريد الخوض فيها … ولا التفصيل حولها … فنحن لسنا بصدد الاختلاف مع احد … ولا حتى التناقض مع مواقف احد …. وبالتاكيد لسنا بصدد العداء والتحالف مع احد … ضد احد .
نحن اصحاب قضية وطنية تحررية … كانت علاقاتنا الخارجية منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية وحتى ما قبلها بتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية قائمة على اسس واضحة ومتينة … ولا زالت حتى اللحظة تعتمد على استقلالية القرار الوطني … وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول … وبالتالي رفض التدخل بشؤوننا الداخليه … والدخول عبر قنوات المساعده والدعم وتحقيق الاهداف … وتنفيذ اجندات ومشاريع خارجية لا علاقة لنا بها … ولا تخدم قضيتنا .. وحرية شعبنا … واقامة دولتنا المستقلة .
نحن اصحاب تجربة طويلة بالعلاقات الخارجية … وفق الحسابات الوطنية .. اصبنا .. واخطأنا … ولا ندعي الصواب الكامل والمطلق بمجمل علاقاتنا الخارجية … لكننا بالمجمل والاغلب قد احسنا تلك العلاقات … واقمنا علاقات تعاون ثبت صحتها … كما واثبتت نفسها على خارطة علاقاتنا السياسية الخارجية من خلال تواجدنا داخل ما يزيد عن 140 دولة بالعالم من خلال سفارات وممثليات وقنصليات … وان القيادة الفلسطينية تتحرك شرقا وغربا شمالا وجنوبا … واننا نشارك بعضوية الامم المتحده بصفة دولة مراقب … كما نشارك بالعديد من المؤسسات الدولية كما عضوية المؤسسات والمنظمات الاتحاد الافريقي والجامعة العربية ومنظمة العالم الاسلامي … ومنظمة دول عدم الانحياز … أي ان علاقاتنا الخارجية تتصلب وتقوى وفق حساباتنا الوطنية … ومصالحنا العليا .
الحركات والاحزاب السياسية الفلسطينية لها الحق باقامة علاقاتها وتعاونها مع الاحزاب المماثلة لها … بما يتوافق … وبما لا يتعارض… مع مصالحنا الوطنية … وحساباتنا الداخلية .. وعلاقاتنا الخارجية … وهذا ما تم ولا زال مع حركة فتح ومجمل الاحزاب اليسارية والقومية .
هناك محددات وضوابط وقوانين منظمة للعلاقات الخارجية … بما لا يتعارض ومصالحنا وحساباتنا الوطنية .
وهنا تكمن الحقيقة السياسية والوطنية بضرورة مشاركة الجميع في الاطر والمؤسسات الفلسطينية والمتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية … والتي من خلالها وعبر قنواتها تبنى العلاقات الخارجية … وتجري الاتصالات وتكون سبل الدعم مفتوحة ومتاحة عبر تلك القنوات والمؤسسات الشرعيه التي يشارك بها الجميع … وليس عبر بوابة هذا التنظيم او هذا الحزب .
مداخل الدول وامكانية تحركها … واقامة علاقاتها عبر البوابة الشرعيه والقياديه والتي تمثل الجميع … والتي يتم من خلالها تقديم كافة المساعدات والامكانيات بما يحقق مصالحنا … ووفق اولوياتنا الوطنية … هذه هي الحقيقة السياسية والوطنية لبناء علاقات خارجية … وفق حسابات وطنية … اما ان تترك الابواب مفتوحة … لكل منا فان هذا لن يفيد … بل سيجعل من ارضنا وقضيتنا ملعبا تتقاذفه الارجل … وهذا ما لا يمكن القبول به على الاطلاق … لانه لا يخدم مصالحنا وقضيتنا … ومجمل علاقاتنا الخارجية … وحتى علاقاتنا وحساباتنا الوطنية .
الكاتب : وفيق زنداح