الرئيسيةمختاراتمقالاتالغموض غير الإيجابي

الغموض غير الإيجابي

بقلم: عمر حلمي الغول

في اعقاب لقاء الرئيس محمود عباس مع الوفد الأميركي، الممثل ب”كوشنير” وغرينبلات مساء الأربعاء الماضي صدر عن الإدارة الأميركية موقفين، الأول من البيت الأبيض، والثاني من وزارة الخارجية، تضمنت مواقف متناقضة من الإستيطان الإستعماري، فبيان مقر الرئاسة الأميركية، جاء فيه، “أن الإستيطان لا يشكل عقبة في طريق السلام”؟! في حين ان الناطقة باسم الخارجية، هيذر ناورت، اعلنت العكس تماما، وأكدت على مواقف الإدارات الأميركية المتعاقبة، من ان الإستيطان يشكل عقبة في طريق السلام. أضف لذلك لوحظ ان موفدي الرئيس ترامب للمنطقة كانا في حالة تناغم وتساوق مع الموقف الإسرائيلي بشأن رواتب الأسرى والشهداء وإدعاءات إسرائيل بشأن التحريض الفلسطيني … إلخ

من حيث المبدأ يمكن للمرء ان يجزم، بأنه لم يتبلور موقفا اميركيا محددا حتى الآن، ولا يوجد اي خطة او خارطة طريق واضحة المعالم لإتمام الصفقة السياسية الكبرى على المسار الفلسطيني الإسرائيلي. وهو بقدر ما يتطلب من الجانب الفلسطيني المرونة والتعاطي الإيجابي مع اية إستيضاحات واسئلة اميركية، بقدر ما يتطلب الوضوح والتمسك بالثوابت الوطنية، في مجال محددات التسوية السياسية المستندة لمبادرة السلام العربية ومرجعيات عملية السلام الأممية، وفي مجال رواتب الشهداء والأسرى، فهذا يفترض ان يكون خط احمر، وإعادة الأمور إلى جذورها ومركباتها الأولى. وايضا بذات القدر مطالبة الإدارة الأميركية بإتخاذ موقف واضح من مواصلة الإستيطان الإستعماري الإسرائيلي. والكف عن إستخدام مقولة، أن الإستيطان لا يؤثر على عملية السلام. لإن هكذا موقف يمنح حكومة اليمين المتطرف الضوء الأخضر لمواصلة الإستيطان، وهذا ما يجري الآن وعلى الملأ، حيث اعلن مع وصول الوفد الأميركي عن وضع حجر الأساس لبناء مستعمرة جديدة بدل بؤرة عمونا، واعلن مكتب رئيس الوزراء عن بناء 300 وحدة إستيطانية في مستعمرة بيت إيل، وأعلن عن نشر عطاءات بالآف الوحدات ألإستيطانية في المستعمرات المقامة في القدس العاصمة الفلسطينية بعد صعود الإدارة الأميركية الجديدة للحكم … إلخ. وبالتالي المطلوب من الإدارة العكس، مواقف صارمة وقوية ضد الإستيطان. وفي حال واصلت ذات الخطاب، فإنها تكشف بهذه السياسة عن ازمة عميقة في رؤيتها السياسية. وتميط اللثام عن الخلط المتعمد والسلبي في منطق الصفقات، فالصفقات السياسية لا تتوافق تماما مع الصفقات العقارية، في الجانب الأخير يستطيع المقاول ان يواصل البناء لتحسين شروط عملية عقد الصفقة، لكن في السياسة مواصلة البناء الإستعماري تعني نسف عملية السلام. لإنها تخلق الشروط الملائمة لإدامة الفوضى والإرهاب الصهيوني ومواصلة عمليات القتل وتهديد مصالح المواطنين الفلسطينيين. ومحاولة القيادة الإسرائيلية قلب الحقائق رأسا على عقب، والهروب إلى الأمام من مناقشة مرتكزات السلام يعني اللجوء لسياسة المناورة والتسويف، التي إنتهجتها طيلة ال25 عاما الماضية.

من هنا إن كانت الإدارة الأميركية جادة في وضع اسس للصفقة المرجوة فلسطينيا وعربيا وعالميا وقبل ذلك إسرائيليا، فانها تحتاج إلى توحيد خطابها السياسي تجاه عملية السلام، والتوقف عن إنتهاج سياسة الغموض والإلتباس غير الإيجابي. والتأكيد المتلازم مع الضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف الإستيطان الإستعماري دون قيد او شرط، والزام حكومة اليمين المتطرف بدفع إستحقاقات عملية السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعدم ترك الباب على الغارب لحكومة نتنياهو، اي وضع سقف زمني لبلورة التسوية السياسية. لاسيما وان القيادة الفلسطينية ومعها الأشقاء العرب قدموا سلفا كل استحقاقات عملية السلام. فهل تراجع ادارة ترامب سياساتها بهدف تعزيز مركزها في بناء جسور السلام على المسار الفلسطيني الإسرائيلي؟

oalghoul@gmail.com

a.a.alrhman@gmail.com

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا