الرئيسيةمختاراتمقالاتالقضية الفلسطينية بين غزة والأقصى!

القضية الفلسطينية بين غزة والأقصى!

بقلم: حدة حزام

ونجحت مرة أخرى إسرائيل، ليس فيما تلحقه بالفلسطينيين العزل من جرائم، والاستقواء على الأطفال والشباب، بل نجحت في تفتيت القضية، بعد أن تمكنت من تفتيت صفوف المقاومة، ومنذ أن ضربت حركة حماس الإخوانية منظمة التحرير في الظهر وانعزلت بغزة وسكانها، مختصرة القضية الفلسطينية التي هي قضية شعب يكافح من أجل تحرير أرضه من الاحتلال الصهيوني، في قطاع غزة المحاصر، ولم نعد نتكلم عن الشعب الفلسطيني بل عن شعب غزة. وبعد أن كانت المطالبة بإعلان دولة فلسطين، صار الحديث مقتصرا عن فك الحصار على القطاع، وبدل المطالبة بالقدس عاصمة لفلسطين المستقلة، صار مطلب حماس ومؤدوها مقتصرا على تحرير المقدسات، وحصر النضال في الحق في الصلاة في المسجد الأقصى.

هل هناك خيانة للقضية أكبر من هذه الخيانة، فقد نجحت حماس في جعل الصراع مع إسرائيل، صراع ديني وعقائدي، صراع على أماكن العبادة وعلى الحق في رفع الأذان بمكبر الصوت، وإقامة صلاة الجمعة في الأقصى، بدل الصراع من أجل حق شعب في استرجاع أرضه المسلوبة، وحقه في العيش في حرية وكرامة، الحق في وطن وهوية، وفي حماية شجر الزيتون من الجرافات وحماية البيوت من الهدم على رؤوس سكانها بعد أن تمهلهم بضع دقائق غير كافية حتى للهروب منها. وحق الأطفال في العيش بعيدا عن الخوف والتهديدات بالقتل لكل طفل هو في نظر المحتل مشروع إرهابي.

لا أنكر على المصلين حقهم في المطالبة بالصلاة في الأقصى كرمز من رموز السيادة والهوية، لكن أليس من الخطأ اختزال القضية في رموز، وأيهما أهم، الاستنفار لوطن محاصر وسلطة مستضعفة مغلوبة على أمرها، أم الاستنفار لأماكن العبادة وحدها وكأن الباقي، الإنسان والأرض، غير مهم.

مصيبة التنظيمات الإسلامية كلها نصبت نفسها مدافعا عن الدين وحده، واختصرت كل النضال لغاية واحدة حماية العقيدة، وهو نفس الخطأ الذي اقترفته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، عندما اختصرت نضالها في حماية الدين من الاستعمار، حتى أنها وقفت إلى جانب المستعمر ضد المقاومة ولم تلتحق بالثورة المسلحة إلا لما فرضت هذه منطقها على الجميع، على الصديق قبل العدو، وها هم أتباعها اليوم يحاولون تزوير الحقائق ويدعون أن الثورة التحريرية قامت من أجل الدين الإسلامي.

نعم نجحت إسرائيل في جعل القضية برمتها قضية صراع ديني، في الوقت الذي لطخ الإرهاب سمعة الإسلام والمسلمين، وجعلت من الدين مرادفا للعنف والإرهاب، واتجهت بالصراع من الكفاح من أجل استرجاع حق مسلوب إلى حماية أماكن العبادة. فليس من الغريب أن تفقد القضية يوما بعد يوم مؤازرة الشعوب ومنظمات حقوق الإنسان لها، وزاد على ذلك الخيانات وسط قادتها سواء من حماس أو من السلطة حيث صار الجميع يتاجر بالقضية، ووحده الشعب الفلسطيني المحاصر بين قنابل إسرائيل ورعب حماس من يدفع الثمن!

عن جريدة الفجر الجزائرية

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا