الرئيسيةمختاراتمقالاتبالعلم نواصل زراعة الأمل

بالعلم نواصل زراعة الأمل

بقلم: د. صبري صيدم

طلبتنا ومعلّمينا وأسرتنا التربوية، طلّابَ العلم والمعرفة، ورُوّادَ الآداب والعلوم، قد بدأوا عامهم الدّراسي الجديد، يحدوهم الأمل بمستقبل مُشرق، تتبدّى معالمُه بكلّ وضوح، كيف لا؟ وقد عملنا جميعاً كخليّة نحلٍ، بدأبٍ وحرصٍ ومثابرة، وحافظنا على العمليّة التعليميّة ومكوّناتها بالمُهج والأرواح، وظلّ هدفنا متجها نحو تعليم نوعي يحقّق التنمية، ويصنع التّحرير الذي نصبو إليه جميعاً، مُتسلّحين بإيمان قويّ وعميق؛ أصلُه ثابت في أعماق الأرض؛ مثل تين فلسطين وزيتونها، وفروعه تعانق السّماء مثل سَرْوِها وسنديانها.

لقد رسمنا معالم الطريق بصبر وروية، ووضعنا مخطّطاتِ التّطوير صوب أعيُننا هدفاً وغاية، فنفّذناها خطوةً خطوة، ونجحنا في ذلك، وسنواصل مسيرة النّجاح هذه، رغم ريح الأبعدينَ والأقربينَ العاتية التي تعترض طريقنا، ولن نكلّ ولن نملّ، ولن نتقاعس أو نستسلم، مُستمدّين العزم منكم ومن قيادتنا الحكيمة، وعدالة قضيّتنا، وإيماننا الحتميّ بانتصار نهج العمل والعلم، المُستند إلى الخير والحقّ والفضيلة، والمتّكئ على سُرر المعرفة والإيمان، وما راكمته مسيرة الشهداء والجرحى والأسرى من إنجازات كان آخرها في القدس العاصمة الأزلية لفلسطين.

وفي خضمّ هذه الإنجازات، يحقّ لنا أن نفتخر أنّ جهود وزارة الشعب الفلسطيني، قد تكلّلت خلال العام الدراسي الماضي بالنّجاح في تنفيذ عشرات البرامج والمشاريع الرائدة، التي برهنت على قدرة نظامنا التعليمي على تحقيق آماله وطموحاته، وتسطير قصص نجاح فريدة، رغم صعوبة الظروف وقلّة ذات اليد، تمثّلت باعتماد القانون الأول للتربية والتعليم،-وهو بالمناسبة القانون الأول للتربية والتعليم في فلسطين- والذي يجسّد الحقّ في التعليم ويحميه، ويوفّر إطاراً قانونياً لرعاية الجهود التطويرية كافّة، ويعزّز تعميق الهويّة الفلسطينيّة، والانطلاق نحو تعليم نوعيّ مميّز، عبر تطوير مناهج دراسيّة عصرية، شكلّت خلاصة الفكر التربوي الفلسطيني، مستندةً إلى مرجعيات وطنية، وبُنيت بعقول وسواعد فلسطينية، وفق منحىً يعمّق الروح الوطنية، ويستلهم روح التطوّرات المتسارعة، بما يُعدُّ طلبتنا لمهارات القرن الواحد والعشرين، ويزاوج بين البناء المعرفي وتعزيز منظومة القيم والأخلاق.

وفي القدس المحتلة، واصلنا إسناد التعليم عبر الاستمرار في توفير كلّ مقومات الدعم له، وبما يضمن حماية المؤسسات التعليمية في عاصمتنا الأبدية، عبر توفير الدعم الفني والمالي لمدارسها، ومقاومة مخططات الاحتلال التي تستهدف الهوية الفلسطينية للنظام التعليمي واستثمر هذه الإطلالة لأحيي أهل القدس ، وهنا نستحضر مدارس التحدي في المناطق المستهدفة، ومدارس الإصرار التي افتتحتها الوزارة لتوفير التعليم للأطفال المرضى في المستشفيات. كما أنّ الوزارة ماضية قدماً في مساعيها الرامية إلى تطوير التعليم، وتسجيل المزيد من الإنجازات، وتطبيق البرامج الرائدة التي تستهدف إحداث نقلة نوعية على صعيدي التعليم العام والعالي، وتأتي في هذا الإطار، مدارس التعلّم الذكي التي بدأنا بترسيخها كنهج سيتعاظم ويتواصل، وهي مدارس بلا واجبات، وبلا حقائب وبلا امتحانات، وكذلك إنشاء الأوركسترا المدرسية، وتعميم النشاط الحر في المدارس، والارتقاء بواقع الكشافة المدرسية، وتنفيذ برنامج ضبط جودة التعليم، بتوفير آليات متابعة وتقييم للمدارس، وتنفيذ برنامج “نوركم” لاستخدام أسطح المدارس لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشّمسية، وتطبيق برنامج تعليم البرمجة (الكودينغ) وهو منحىً يستهدف زيادة الأنشطة الخاصّة بالبرمجة في 500 مدرسة وتعظيم التفكير المنطقي، وتطوير الرياضة المدرسية والجامعية، وتطوير الزّي المدرسي وتطبيقه تدريجياً، كما أن الوزارة ستستكمل العمل على نظام الثانوية العامة “الإنجاز”، لتغدو ملفات إنجاز الطلبة جزءاً أصيلاً من عملية التقييم النهائي، والاستمرار في بناء المدارس.

لقد عكست المنطلقات السابقة مفهوم المساواة في التعليم ومجّانيّته، وجسّدت التزامنا بما أعلنّاه من تطوير شموليّ، ولن نقف عند هذه الخطوات، بل سنواصل مسيرة التطوير التربوي، مركّزين على قطاع التعليم العالي أيضاً؛ عبر استكمال عملية دمج الكليات التّقنية بجامعة خضوري الحكوميّة، وبما يتطلّبه ذلك من تطوير يطال المستويات الإدارية والبرامج والتخصصات. وسنواصل كذلك تفعيل صندوق التعليم الذي أعلن عنه مؤخراً على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي، وتوسيع نطاق دمج التعليم المهني والتقني بالتعليم العام لنصل إلى ألف مدرسة، بالترافق مع بدء عمل المركز الوطني لتطوير التعليم والتدريب المهني والتقني؛ وبما يساهم في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية، وتجسيد التعاون بين جميع الشركاء في هذا القطاع المهمّ من التعليم والتدريب. وفي هذا السياق سنعمل على رفع قيمة مساهمة الحكومة في دعم مؤسسات التعليم العالي التي تهتمّ بالتعليم التّقني والتعليم التطبيقي والبحث العلمي، والسّير قُدماً نحو التعليم التكاملي في مرحلة التعليم العالي، من خلال توفير فرص التدريب لتطوير الكفايات التطبيقية للطلبة، وتطوير منهجيّات تحقّق التكامل بين برامج التعليم وحاجات سوق العمل.

ويأتي تكريس الجهد على التعليم العالي، نظراً لما يمثّله تطوير هذا القطاع من ركيزة رئيسة ومهمّة من ركائز التعاطي مع تحديات وطنيّة، واحتياجات سوق العمل، وأبرز ما سيحمله معه هذا العام هو إنجاز قانون التعليم العالي، الذي تعكف الوزارة ومجلس التعليم العالي على وضع اللمسات الأخيرة عليه لاعتماده من مجلس الوزراء، بالإضافة إلى إقرار الخطة الوطنية للتعليم العالي، بتركيزٍ على التعليم المهني، وتعجيل اعتماد وتنفيذ برنامج التعليم التكاملي في كافة الجامعات، وتوسيع إدخال الطاقة الشمسية إلى الجامعات، وتعزيز العمل الطلابي الطوعي، وإقرار نظام الوقفية الوطنية للتعليم العالي، ونظام التعليم الإلكتروني، وتحقيق مجّانية التعليم لطلبة المناطق المُهدّدة، واستحداث مشاريع صغيرة للخريجين عبر صندوق التشغيل.

مع بداية عام دراسي جديد، لعله من نافلة القول إن الاحتلال لا يزال العقبة الأكبر في طريقنا، وسنواصل تجاوز التحديات الماثلة كلها تسندنا في ذلك إرادة وإدارة، كما أؤكد أننا وحين ننتصر للتعليم ووحدته فإننا نفخر بمواصلة التطوير التربوي وتعزيز وحدة نظامنا التعليمي في غزة والضفة، لأن قناعاتنا التي لازمتنا دوما هي أننا وإنْ تباينت رؤانا في مرحلة، فمستقبل أجيالنا تاريخ يجمعنا، وسيظل التخطيط العلمي نهجا نعتمده لأننا ندرك أن تحقيق الغايات المنشودة لن يتأتى خبط عشواء.

إنّ الخطوات التي خطوناها خلال العامين الماضيين، تعمّق اعتزازنا بمعلّمينا وبجميع الطواقم الإداريّة والفنيّة، وتجعلنا نجدّد سعينا الحثيث لتحقيق المزيد من الإنجازات للعاملين في السلك التربوي على صعيد فتح الدرجات وصرف العلاوات لهم، بما فيها علاوة طبيعة العمل، وفتح التدرّج الوظيفي، وفي هذا السياق أؤكد أنه سيتم صرف مكافآت شهريّة للعاملين في عاصمتنا الأبيّة، لدعم صمودهم استناداً للبرنامج الوطني لدعم التعليم في القدس، وصرف علاوة القدس للبدلاء وموظفي العقود العاملين في مديرية القدس الشريف.

بإيمان مطلق بأن معركة التعليم ستنتصر لتكون بوابّة لمشروعنا الوطني.. نواصل العمل ونحثّ الخطى، فبالعلم والتعليم سنقهر المستحيل، وسنهزم المحتلّين المحرضين، وسنوقد شعلة النصر، ونبني دولتنا المستقلّة، وسنظلّ نزرع الأمل ونربّيه لتحقيق مقولة الراحل محمود درويش “سنكون يوماً ما نريد”.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا