الرئيسيةمختاراتمقالاتجهاد الدهس..الفكرة إسرائيلية والعمليات داعشية

جهاد الدهس..الفكرة إسرائيلية والعمليات داعشية

بقلم: فوزي رمضان

”قد لا تنعم دول أوروبا ولفترة ليست قصيرة بعذابات من الألم، وزخات من الرعب والإرهاب لا تستطيع أقوى وأذكى أجهزة مخابرتها أن ترصده أو تتحرى عنه أو حتى تتنبأ به أو تمنع وقوعه، مهما أوتيت من قوة عسكرية أو تكنولوجية، لخطورة الأشخاص الذين يتصرفون بطريقة فردية وقد يمثلون هؤلاء خطرا أكبر من التنظيم ذاته عندما يقومون بعمليات الدهس طواعية وبدون سابق تخطيط أو تكليف من قادة التنظيم، ”
ما كاد الفريق البرشلوني أن يفيق من هزيمتي السوبر الأسباني على يد غريمه ريال مدريد، إلا ويستفيق على عملية دهس غادرة، تحصد أرواح مدنيين أبرياء على أرضه برشلونة، وتحديدا ضاحية لاس رامبلاس السياحية فى ذاك الإقليم الكاتالوني الذي يضربه الإرهاب للمرة الثانية، لتتغوط عمليات الدهس في أعماق القارة الأوروبية العجوز، وتمتد إلى فنلندا واستراليا، بعد أن اكتوت بلدان ألمانيا وفرنسا والسويد بعمليات دهس مماثلة حصدت معها عشرات القتلى ومئات الجرحى.
الفكرة في الأساس إسرائيلية عندما نعرف أن أول عملية دهس بالشاحنات جرت في إسرائيل تحديدا في 8 ديسمبر من العام 1987، عندما دهس سائق إسرائيلي من مدينة أشدود وبشكل متعمد مجموعة من العمال الفلسطينيين في مدينة جباليا بقطاع غزة، مما أوقع قتلى وجرحى أوجدت معها حالة من الغضب والفوران بين الفلسطينيين، لتندلع في تلك الأحيان انتفاضة الفلسطينيين الأولى، وقد اخفت السلطات الإسرائيلية الحادث دون اتهام السائق، إلى أن اتضح فيما بعد أنه صدم العمال انتقاما لمقتل نجله الذي قتل في قطاع غزة، وقد استخدم الفلسطينيون أنفسهم تلك العمليات في صراعهم مع الاحتلال الإسرائيلي في ظل الضغوط الإسرائيلية ضدهم، وفي ظل الحصار الخانق مما اضطرهم لاستخدام نفس الطريقة في المقاومة.
وقد وجد داعش ضالته في هذا التكتيك المتفرد في ضخامة التأثير والجلبة الدعائية للتأكيد على قوة التنظيم، مع استخدام أقل امكانيات متاحة لتنفيذ عملية القتل باستخدام شاحنات داهسة، أو كما يطلقون عليها (جهاد الدهس) تلك الاستراتيجية الجديدة تعتمد على هجمات فردية تنفذها مجموعات صغيرة تتكون من شخصين أو ثلاثة كحد أقصى، ليسوا في حاجة لأدنى تدريب أو تكاليف أوعتاد أو أعداد أو ترقب أوتربص، فقط نفر قلة لديهم دوافع عقائدية أو اجتماعية أو نفسية وأحيانا تكون مرضية، والأداة شاحنة كبرت أم صغرت يقودها عضو التنظيم مثله كأي شخص في الشارع يقود شاحنة مع اختلاف الهدف، ما عليه سوى تحري الشوارع المكتظة بالبشر أو استهداف أية تجمعات بشرية، وبكبسة عاجلة على ضاغط الوقود ينفذ عمليته الإرهابية لتتناثر أشلاء القتلى والجرحى، وتختلط الدماء بلا فرقة أو لون أو عرق أو عقيدة، لتدوي صافرات الخوف وتصرخ سارينات الرعب في الأجواء، معلنة أن الدواعش موجودون ومتمكنون وقادرون رغم كل المتاريس والحواجز وكافة العمليات الأمنية المعقدة والدقيقة.
اذا قد لا تنعم دول أوروبا ولفترة ليست قصيرة بعذابات من الألم، وزخات من الرعب والإرهاب لا تستطيع أقوى وأذكى أجهزة مخابرتها أن ترصده أو تتحرى عنه أو حتى تتنبأ به أو تمنع وقوعه، مهما أوتيت من قوة عسكرية أو تكنولوجية، لخطورة الأشخاص الذين يتصرفون بطريقة فردية وقد يمثلون هؤلاء خطرا أكبر من التنظيم ذاته عندما يقومون بعمليات الدهس طواعية وبدون سابق تخطيط أو تكليف من قادة التنظيم، أضف إلى ذلك عودة الآلاف ممن يسمون المجاهدين إلى بلدانهم الأصلية بعد الهزائم المتكررة والضربات الموجعة التي يتلقاها الدواعش في كل من سوريا والعراق، ولا مفر أمامهم سوى الدخول من شبابيك دول أخرى لإعادة لملمة شتاتهم، أو العودة إلى أوطانهم متحولين إلى ذئاب بشرية لتنفيذ عمليات إجرامية تزلزل تلك الدول التي خرجوا منها، مما حدا بالساسة الأوروبيين للتفكير وبشكل جدي في تصفيتهم جسديا قبل انخراطهم بين أفراد المجتمع.
وإن تعددت المسميات ما بين جهاد الدهس أو الذئاب المتفردة أو شاحنات الموت سيصنف التاريخ شكلا جديدا وسلاحا آخر أكثر فتكا في القتل يصعب الكشف عنه أو التنبؤ به، بل يتيح لمستخدميه سرعة الفرار والهرب دون اللجوء إلى لاستخدام الأحزمة الناسفة أو التفجيرات الانتحارية التى تلزم نسف أنفسهم لاتمام عملية القتل واسع الانتشار، والسؤال ماذا أوروبا فاعلة فى عمليات إرهابية قادمة لأراضيهم لا محالة؟ ولا تستثني بلدا منهم، فقد تسللت الدواعش بالفعل بين ثنايا حدودهم أو ضمن الخلايا النائمة لهذا التنظيم من سكانهم أو تسللوا بالفعل مع العدد الغفير من المهاجرين من دول النزاعات المسلحة فى الشرق الأوسط، كل هؤلاء على أهبة الاستعداد لتنفيذ عملية دهس في أية لحظة وبدون سابق تخطيط .
وللأسف تكون التهم جاهزة لاتهام كافة المسلمين البعيدين كل البعد عن كل هذا السخف .. فهم أرقى من تهمة القتل .. واسمى من جريرة دم.. وهم أنبل من نعتهم بالإرهاب ..
هم المستضعفون لو تعلمون وهم المظلمون لو تشعرون وهم المنكل بهم لو كنتم منصفين……

جريدة الوطن العمانية

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا