الرئيسيةمختاراتاخترنا لكملماذا استمر الانقسام عشر سنوات؟! كما يكتب رجب أبو سرية

لماذا استمر الانقسام عشر سنوات؟! كما يكتب رجب أبو سرية

في حمى الرغبة العاطفية بتوحيد الوطن الفلسطيني تحت الاحتلال، لتوحيد الشعب والقوى في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وتقريب يوم الحرية والاستقلال، قليلاً ما نناقش أو نبحث في أو نتساءل: لم وكيف حدث الانقسام؟ ثم وهذا هو الأهم أيضاً: كيف ولماذا استمر هذا الانقسام عشر سنوات متواصلة، حتى الآن؟
ومن أجل الحصول على إجابة دقيقة وموضوعية، لا بد من التجرد _ حيث أمكن _ من الهوى السياسي لهذا الطرف أو ذاك، لهذا الفصيل أو ذاك، أو لهذا الشخص أو ذاك، ولا بد من التحرر من سطوة المقدس أو الذي يعتبر فوق النقد أو المساءلة، ذلك أن الإجابة الدقيقة والصحيحة ستكون بمثابة تشخيص حالة المريض، التي دونها تصبح وصفة العلاج بلا فائدة، بل ربما تؤدي إلى نتيجة عكسية تماماً، لو صادف _ وهذا أمر محتمل _ أن جاءت في اتجاه آخر معاكس أو مضاد لحقيقة الأمر.
ولا بد أيضاً من الانتباه إلى أن أنه ومع تشخيص صحيح وتحديد معالجة صائبة، ليس بالضرورة أن نضمن التوصل للحل الناجز، بل ربما نكون مع حالة أو إزاء واقع تكرس فيه المرض لدرجة أن يصبح التوصل لعلاج يقلل الخسائر أو يرمم الوضع هو أفضل ما يمكن التوصل إليه . فهناك مرض ميؤوس من علاجه، مثلاً، نأمل بألا يكون الانقسام الداخلي قد وصل إلى هذه الحالة التي تشبه الحالة العربية، حيث تكرس فيها الواقع القطري لدرجة أنه لم يعد أحد بعد نحو ستين عاماً يقول بالوحدة العربية التي كانت ملايين العرب تتغنى بها في خمسينيات وستينيات القرن العشرين الماضي.
أولاً، لا بد من التذكير بأن الانقسام الداخلي حدث نتيجة اقتتال داخلي بين قوات “حماس” العسكرية _ القسام وميلشياتها القوة التنفيذية _ وقوات السلطة الفلسطينية بهدف السيطرة على السلطة، في غزة: مقرات الأمن الوقائي والمخابرات والاستخبارات والأمن الوطني والشرطة، وأن ذلك الاقتتال حدث بعد عام من تشكيل “حماس” للحكومة العاشرة بمفردها وللحكومة الحادية عشرة بالشراكة، وبعد ثلاثة شهور فقط من توقيع اتفاق مكة.
وقبل ذلك أجريت انتخابات المجلس التشريعي الثاني بإصرار أميركي/إسرائيلي، رغم استطلاعات الرأي التي كانت ترجح فوز “حماس”، وكان الضغط الأميركي بعد أن فكرت السلطة بتأجيل موعد الانتخابات للمرة الثانية، بسبب أن النتائج المتوقعة كانت فوز “حماس”، أي أن الثنائي الإسرائيلي/الأميركي كان يريد فوز “حماس”، وظهور ثنائية الرأس القيادي الفلسطيني.
ثانياً، جاء الانقسام بعد اقتتال سعت إليه “حماس” لتمكين حكومتها من الحكم، بدعوى عدم رضوخ قوات الأمن الفلسطينية بأجهزتها المذكورة أعلاه لتعليمات وتوجيهات وقرارات وأوامر حكومتها، رغم أنها تدرك أن هذه القوات مشكلة قبل تشكيلها للحكومة بأكثر من اثني عشر عاماً، ورغم معرفتها أن نظام السلطة الفلسطينية إنما هو نظام رئاسي، حيث كان الرئيس انتخب مباشرة من الشعب قبل انتخابات التشريعي الثاني بعام. ورغم ذلك كانت حكومة “حماس” تسعى إلى تحويل الرئيس إلى رئيس شرفي أو فخري، في نظام ليس هو كذلك، والسبب هو أنه ليس من حركة “حماس”.
ثالثاً، شكلت “حماس” حكومتها العاشرة بمفردها، ولم تظهر أي رغبة أو استعداد، ولو من باب جمع الحلفاء من القوى معها، دون حرمانها أغلبية القرار الحكومي، بما أكد أنها حركة تعجز عن التعامل مع الآخر، أو الإقرار بوجوده، وبالتأكيد تعجز عن الشراكة معه، لا في الحكومة ولا في الحكم، أي أنها حتى تعجز عن التعامل مع نظام تداول السلطة، فهي حين تعارض من خارج نظام الحكم، الذي لا تدخل إليه إلا بشرط السيطرة عليه.
ولعل أسوأ أشكال السيطرة على الحكم هي السيطرة بالقوة، وقد فعلتها “حماس” عام 2007، بعد أن انتهت المهلة التي منحها القسام لتجريب اتفاق مكة، فإن كان نجح في فتح الأبواب الإقليمية والدولية للتعامل مع إسماعيل هنية ووزراء “حماس”، كان بها، وإن لم يحدث انقلبوا على الاتفاق وهذا ما كان.
رابعاً، لم تميز “حماس” بين برنامج الحكومة، وهي حكومة فلسطين، وبرنامج الحركة أو ميثاقها أو وثيقتها السياسية، لذا فقد رفضت التعامل مع شروط الرباعي الدولي، ورفضت التأكيد على أنها حكومة السلطة التي تحترم الاتفاقيات الدولية التي وقعتها م.ت.ف.
هكذا تحولت حركة “حماس” وقسامها الذي يقال ليل نهار: إنه مقاومة، إلى حصان طروادة إسرائيلي تركته إسرائيل وراءها يوم انسحب في أيلول عام 2005، ليتحول إلى قوة “احتلال داخلي” ينكل ويقهر الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بأسوأ مما فعل الاحتلال الإسرائيلي، ولسنا هنا بصدد تعداد عدد الضحايا الذي سقطوا لتمكين “حماس” من حكم غزة، ولا بصدد تعداد الضحايا الذي سقطوا جراء الحروب الثلاث التي جرّتها “حماس” على غزة للإبقاء على حكمها لها، ولا بصدد إضافة مئات الشهداء الذين سقطوا نتيجة نقص العلاج أو الفقر والمرض أو في عرض البحر وهم يسعون للهرب من جحيم حكم “حماس”، كما أننا لو قمنا بجرده حساب لحكم “قراقوش” الحمساوي لتبين لنا أن “السفربرلك” كانت أهون علينا واخف وطأة .
ثم خاضت “حماس”، لأن السلطة آثرت أن تستعيد غزة بالحسنى، ماراثونات الحوارات من أجل إنهاء الانقسام ووقّعت عدة اتفاقات، دون جدوى، لأن إسرائيل تريد الإبقاء على الانقسام وعلى حكم “حماس” لغزة، لتقدم النموذج السيئ “للاستقلال الفلسطيني”، وعلى ذلك، فإنه لا بد من القول بمرارة: إن “حماس” غير قابلة لا للشراكة، ولا للتسليم بشكل سلمي، حيث لا بد من التفكير بقهر قوة القهر بأدوات أخرى.
Rajab22@hotmail.com

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا