الرئيسيةمختاراتمقالاتمقالات عربية في الشأن الفلسطيني – الأثنين 19-06-2017

مقالات عربية في الشأن الفلسطيني – الأثنين 19-06-2017

مختارات من مقالات الصحف العربية في الشأن الفلسطيني

في هــــــذا الملف:

  • عشرة أعوام من حكم حماس في غزة بقلم: ماجد كيالي عن العرب اللندنية
  • «وعد البراق» والثلاثاء الحمراء بقلم: يونس السيد عن الخليج الإماراتية
  • انتهازية إسرائيلية بقلم: عماد عريان عن البيان الإماراتية
  • هجوم إسرائيلي في الأمم المتحدة بقلم: حسين عطوي عن الوطن القطرية
  • توظيف خطير لعملية القدس بقلم: ماهر ابو طير عن الدستور الأردنية

عشرة أعوام من حكم حماس في غزة

بقلم: ماجد كيالي عن العرب اللندنية
لم يحدث أن واجهت حركة سياسية كل هذا الحجم من المشكلات والإحباطات والتخبّطات كما واجهت حركة حماس، منذ صعودها في المشهد الفلسطيني، بفوزها على حركة فتح في انتخابات المجلس التشريعي (مطلع العام 2006)، وبتحولها إلى سلطة أو إلى شريك في السلطة، ثم بسيطرتها الأحادية والإقصائية على قطاع غزة (يونيو 2007) وهيمنتها على حوالي مليونين من الفلسطينيين فيه.
فمن يصدق اليوم أن ثمة عشرة أعوام مضت على انقسام الكيان الفلسطيني بين الضفة وغزة، الذي أعقب الاختلاف بل والاقتتال بين حماس وفتح في مثل هذا الشهر منذ عشرة أعوام؟ ومن الذي يصدق أننا إزاء كيانين أو سلطتين فلسطينيتين، متنافستين ومتعارضتين، واحدة لحركة فتح في الضفة، والثانية لحركة حماس في غزة، وكل واحدة منهما لها أجهزتها الأمنية والخدمية، وكلاهما ترزح تحت الاحتلال والحصار أو تحت هيمنة السلطة الإسرائيلية؟ ومن الذي يصدق أن كل الجهود العربية، وكل الاتفاقات (في مكة والقاهرة وصنعاء والدوحة) عجزت عن إعادة اللحمة إلى الجسم الفلسطيني؟
طبعا يمكن إحالة العديد من الإخفاقات والتخبطات الحاصلة إلى المعطيات الدولية والإقليمية غير المواتية، وإلى الخلافات الداخلية (مع حركة فتح) ووجود رؤيتين سياسيتين مختلفتين، بيد أن من السذاجة بمكان الافتراض مسبقا بأن الأطراف الدولية والإقليمية والعربية كانت ستصفق لحماس وترضى عنها، بل وتدعم بقاءها، هكذا ومن دون أي مقابل. كما أنه من التبسيط الاعتقاد، أيضا، بأن “فتح” كانت ستسهل على حماس في السلطة، وهي التي طالما عانت من سياسات هذه الحركة إبان كانت في موقع المعارضة.
وفي كل الأحوال فإن مثل هذه الافتراضات أو التبريرات، لا تصبّ في صالح حماس، بل هي تؤكد أن هذه الحركة لا تتمتع ببصيرة سياسية، وأنها تفتقد للخبرة والتجربة في التعاطي مع تعقيدات ومداخلات القضية الفلسطينية، وأنها تحيل الأمور إلى البعد الرغبوي والغيبي، بعيدا عن الواقع والإمكانيات والمعطيات المحيطة.
على ذلك فإن حركة حماس هي بالذات المسؤولة عن مآل الوضع في قطاع غزة، مع فهمنا أن إسرائيل هي المسؤول الأول عن كل ما يجري للفلسطينيين، وتحديدا عن الحالة المأساوية لهم في القطاع، لا سيما بعد ثلاث حروب مدمرة شنتها عليهم (أعوام 2008- 2011- 2014)، إذ ليس من المنتظر، ولا من المنطقي، توقع أن تقوم الدول المانحة، مثلا بالاستمرار بتمويل سلطة حماس هكذا مجانا وكأنها مجرد جمعية خيرية، وهي بالأصل كانت قامت من أجل تمويل عملية التسوية بين إسرائيل والفلسطينيين.
أيضا ليس من المنطقي البتة توقع قيام إسرائيل بتخفيف إجراءات الحصار على سلطة حماس، وعلى الفلسطينيين الذين تسيطر عليهم في القطاع، وهي التي كانت تفرض الحصار ومازالت، وتمارس الضغوط على مناطق السلطة منذ أواخر العام 2001 لفرض املاءاتها عليها، وتكريس واقع الاحتلال والاستيطان.
وقد فات حماس أن الانقلاب الذي أحدثته في غزة (يونيو 2007)، بالتداعيات التي ولدها في الساحة الفلسطينية، هو بالضبط ما كانت تأمله إسرائيل لدى تفكيرها بالانسحاب الأحادي من هذا القطاع (أواخر 2005)، لتكريس الانقسام والخلاف والفوضى في الساحة الفلسطينية.
وغاب عن حركة حماس أنها بانقلابها هذا تضعف شرعيتها الفلسطينية، وأن الواقع العربي والدولي لا يمكن أن يتعاطى معها، وأنها بذلك تسهم في تبرير مساعي إسرائيل لتشديد حصار قطاع غزة، والتملص من كل استحقاقات التسوية مع الفلسطينيين، وهو ما حصل. وعدا عن كل ما تقدم فإن تجربة العشرة أعوام الماضية أكدت إخفاق حركة حماس في عدة مجالات، فهي مثلا، لم تستطع تحقيق التوازن بين كونها حركة سياسية وكونها حركة دينية، في مجمل إدارتها للوضع في غزة، وفي العديد من الإيحاءات والتصريحات الصادرة عن قيادييها، والثقافة التي تفرضها الأجهزة التابعة لها، وسلوكيات أجهزتها الأمنية.
أيضا بدا لافتا أن حماس لم تستطع أن تحافظ على مكانتها كحركة مقاومة، بعد أن صعدت إلى السلطة باعتبارها كذلك (بين عوامل أخرى)، وكأنها دخلت إلى المربع الحرج الذي عانت منه حركة فتح (غريمتها) سابقا، كونها عندما استلمت السلطة وتقيدت بقيودها، لم تستطع الحفاظ على وضعها كحركة مقاومة.
أما في امتحان الديمقراطية، وإدارة المجتمع، فقد فشلت حماس كحركة سياسية إسلامية في إشاعة الثقة بشأن إمكان تحول الحركات الإسلامية إلى الديمقراطية، التي تتضمن احترام الرأي الآخر، وإغناء التنوع والتعددية في المجتمع، والقبول بالمشاركة ومبدأ تداول السلطة، كأن الانتخابات والديمقراطية عندها مجرد سلم للوصول إلى السلطة، ليس أكثر. وأخيرا لم يظهر، حتى الآن أن حماس تعرف ماذا تفعل بقطاع غزة، فهل تريده قاعدة للتحرير أم قاعدة للمقاومة أم بقعة تحررت وينبغي بناء نموذج لإدارة فلسطينية راشدة فيها؟
ومن تجربة عشرة أعوام من حكم حركة حماس لغزة، يمكن التوصل إلى استنتاجات عديدة أهمها:
أولا، أن الفلسطينيين لم ينجحوا في استثمـار الانسحاب الإسـرائيلي الأحـادي مـن قطاع غزة، بتحويله إلى إنجاز وطني يمكـن المـراكمة والبنـاء عليـه، إذ تم تبديد هذا الإنجاز، وتجاهل التضحيات الجسام التي بـذلت في سبيله، بتحـويل غزة إلى مكـان لـلاختلاف والانقسـام والحـروب، وليس إلى نموذج يليق بولادة الكيان الفلسطيني.
ثانيا، حوّل الاقتتال، ثم الانقسام، في غزة مأثرة الانتخابات الديمقراطية والنزيهة من مفخرة للفلسطينيين إلى وبال عليهم، وكارثة على حركتهم الوطنية.
ثالثا، بينت تجربة غزة أن الفلسطينيين لم ينجحوا في امتحان التسوية، ولا في بناء الكيان، كما لم ينجحوا في امتحان الديمقراطية، أو في بناء حركة وطنية.
رابعا، أثارت تجربة حماس مجددا شبهة مفادها أن حركات الإسلام السياسي في المنطقة العربية تتوسل الانتخابات باعتبارها مجرد وسيلة للوصول إلى السلطة، وليس باعتبارها طريقة أو نهجا في إدارة النظام والسياسة والمجتمع.
خامسا، ما حصل ومازال في غزة هو بمثابة دليل آخر على تفسّخ الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، لا سيما مع تحولها إلى سلطة تحت الاحتلال.

«وعد البراق» والثلاثاء الحمراء

بقلم: يونس السيد عن الخليج الإماراتية
ليس صدفة أن تتزامن عملية «وعد البراق» التي نفذها ثلاثة شبان فلسطينيين في القدس المحتلة، مع ذكرى «الثلاثاء الحمراء» حيث جرى إعدام الشهداء الثلاثة فؤاد حجازي ومحمد جمجوم وعطا الزير، في مثل هذه الأيام، على يد الاحتلال البريطاني بعد عام على اندلاع «هبة البراق» عام 1929، بسبب اعتداءات المستوطنين والعصابات الصهيونية آنذاك.
عنوان العملية وتوقيتها ودلالاتها تؤكد ارتباطها الوثيق بتلك الهبة، قولاً وعملاً، وهي تأتي في ظروف مشابهة، رداً ليس فقط على اعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال على القدس والأقصى والمقدسات، بل تحمل رداً مباشراً على أولئك الذين يوزعون هبات مجانية على «الإسرائيليين» من حقوق الشعب الفلسطيني والمقدسات الدينية لكل المسلمين.
من الواضح أن هذه العملية جاءت لتعيد خلط الأوراق لدى الاحتلال وتربك أذرعه الأمنية والاستيطانية، ومعها بعض المتنفذين الفلسطينيين ممن يجتهدون دائماً لتقديم أوراق اعتمادهم لدى سلطات الاحتلال بحثاً عن ضمان مستقبلهم ومصالحهم الشخصية التي لن تتحقق.
هذا الارتباك بدا واضحاً منذ اللحظات الأولى، حيث جرى إدخال تنظيم «داعش» الإرهابي على الخط ببيان يحمل تبنيه للعملية، ولطالما سعى الاحتلال إلى تشويه المقاومة الشعبية الفلسطينية، قبل أن يتراجع ويؤكد أن منفذي العملية هم أفراد خلية محلية، لكن حسناً فعلت الجبهة الشعبية بإصدار بيان تبنت فيه العملية حاملاً أهدافها ومقاصدها. فك الاشتباه هذا ضروري لتأكيد أن فلسطين خالية من «داعش»، وأن الفلسطينيين يقاتلون من أجل الحرية واسترداد الحقوق وليس من أجل الإرهاب.
ولكن رغم الحاجة الماسة والملحة لإعادة الاعتبار والروح للمقاومة والمشروع الوطني، فإن هذا النوع من العمليات يطرح الكثير من الأسئلة والتساؤلات حول جدواها وكلفتها ومردودها، وبالتالي فإن من الحكمة النظر إليها في سياق إعادة تنظيم المقاومة وإطلاق مشروع وطني شعبي دائم ومتواصل لمقاومة الاحتلال، إذ لا يعقل أن تنفذ هكذا عمليات فدائية جريئة بمعزل عن الحالة الشعبية التي يفترض أن تكون مواكبة وفي حالة انتفاض وثورة دائمة ضد الاحتلال. صحيح أن الأمر صعب، وهناك تنسيق أمني، ومحاولات تدجين للشعب الفلسطيني وإغراقه في قروض البنوك وهموم الحياة اليومية، بخلاف الآلة القمعية للاحتلال وأذرعه الاستيطانية، ولكن لا خيار أمام الفلسطينيين سوى المقاومة وإعادة إحياء البرنامج الوطني الكفاحي، لأن كل التسويات السابقة واللاحقة فشلت أو ستفشل لأنها ستصطدم في نهاية المطاف بالحقيقة المجردة: فلسطين لا تقبل القسمة على اثنين، ما يعني استمرار الصراع وعودته إلى أصله: إما نحن أو هم ولا شيء آخر.

انتهازية إسرائيلية

بقلم: عماد عريان عن البيان الإماراتية
قطار الانتهازية الإسرائيلية لا يتوقف عند حد، وإنما ينطلق نحو هدف أكثر خطورة، هذه الأيام، عكسته دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو لتفكيك وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا.
جاء ذلك خلال اللقاء الذي جمعه بسفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي الأسبوع الماضي، مدعياً أنه آن الأوان للأمم المتحدة أن تنظر في استمرار عمل الأونروا، وأن تدمجها في مفوضية اللاجئين التابعة للمنظمة الدولية كونها – من وجهة النظر الصهيونية، متهمة بإطالة أمد قضية اللاجئين الفلسطينيين، بدلاً من حلها وممارسة التحريض ضد إسرائيل ودعم الإرهاب.
من دون أدنى اجتهاد أو البحث عن أسباب خفية للتحرك الإسرائيلي لتفكيك الوكالة التي أنشئت في عام 1949 بموجب القرار 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة للتعامل مع مأساة اللاجئين والتخفيف من الآثار الإنسانية التي نجمت عن جريمة العصابات الصهيونية، التي دبرت المذابح وارتكبت المجازر بحق الشعب الفلسطيني الذي تم تشريد ثلثيه وإبعادهم عن ممتلكاتهم وديارهم لتشكل عامل استقرار في المنطقة إلى جانب إنجازاتها الإنسانية على صعيد خدماتها الأساسية في مجالات التعليم والرعاية الصحية والإغاثة الاجتماعية، فهذا التحرك بكل تأكيد يمثل محاولة صريحة ومكشوفة لتصفية الحقوق الفلسطينية وعلى رأسها حق العودة.
تؤكد تقارير عديدة في هذا الشأن أن إسرائيل بدأت محاولات تفكيك الأونروا منذ زمنٍ بعيد، لأن وجودها بعد بمثابة اعتراف دولي بالحق الفلسطيني المسلوب، حق اللاجئين، وهو الحق المزعج لإسرائيل، حيث ينص على حقهم في العودة أو التعويض.
في إطار هجومها على هذه المنظمة الدولية، جمعتْ ثمانمئة وخمسين ألف إسرائيلي مهاجر من دول العرب، وقامت بتوثيق سجلاتهم عبر إعلانات في الصحف الإسرائيلية للمساومة على حقوقهم باعتبارهم لاجئين، لكي تطالب الأمم المتحدة بمعاملتهم بالمثل، كما الفلسطينيين،على الرغم من أن أغلبيتهم هاجروا بمحض إرادتهم، ولم يُهجَّروا كالفلسطينيين.
كما ظهرت محاولات التفكيك بوضوح خلال اجتماع ليبرمان أثناء زيارته لواشنطن مارس الماضي بوزير الخارجية الأميركي تيلرسون ومايك بنس نائب الرئيس وطالَبَهما بإعادة النظر في الدعم المالي للأونروا.
لأن المؤسسة الدولية التي تشرف على تعليم اللاجئين الفلسطينيين تسمح بالتحريض على إسرائيل في مناهج التعليم الفلسطينية، هذه المناهج تغفل دولة إسرائيل من مقرراتها وخرائطها، وتذكر الطلاب بمدن وقرى آبائهم وتخلد أسماء الشهداء في الشوارع.
لا عجب في ذلك، فقطار الانتهازية الإسرائيلية لا يعرف للتوقف معنى، ولا يفوت قادته أي فرصة، ولا يضيعون الوقت في سبيل تعظيم مكاسبهم الإستراتيجية، وأغلب الظن أنهم لن يجدوا أفضل من تلك الظروف التي تعيشها أمتنا العربية، سواء أكانت حروباً أهلية مريرة أم صراعات حادة على السلطة أو عمليات إرهابية خطرة.

هجوم إسرائيلي في الأمم المتحدة

بقلم: حسين عطوي عن الوطن القطرية
يبدو من الواضح أن الحكومة الإسرائيلية تركز هجومها هذه الأيام على جبهتين أساسيتين وجوهريتين في الصراع على فلسطين، حيث تسعى تل أبيب إلى حسم الصراع بشأنهما لمصلحة المشروع الصهيوني.
الهجوم الأول والذي لم يتوقف وهو يتصاعد على نحو غير مسبوق، يتمثل في رفع وتيرة الاستيطان في القدس المحتلة والعمل المستمر للاستيلاء على المزيد من أراضي الفلسطينيين وهدم منازلهم بذريعة أنها مبنية بطريقة غير شرعية، والسعي إلى تكريس الأمر الواقع الصهيوني في المسجد الأقصى والعمل كمرحلة أولى على تقسيمه على غرار ما جرى في الحرم الإبراهيمي في الخليل إثر المجزرة التي ارتكبها مستوطن صهيوني بحق المصلين في المسجد.
أما الهجوم الثاني فإنه يتركز على السعي لشطب حق العودة، وكل ما يذكر به على الصعيد الدولي، وذلك من خلال العمل على تفكيك وكالة تشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» الشاهد الدائم على تهجيرهم من أرضهم وديارهم من قبل العصابات الصهيونية سنة 1948.
وإذا كان الهجوم الاستيطاني في القدس يتم بقوة الاحتلال والقمع والإرهاب، فإن الهجوم في الأمم المتحدة يحصل بطرق دبلوماسية مصحوبة بوسائل الضغط وتوظيف الدعم الأميركي والغربي، وأخيراً الدعم الإفريقي الذي باتت تحظى به «إسرائيل» على نحو غير مسبوق منذ احتلال فلسطين عام 48، وهذا الهجوم بدأ بدعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو إلى تفكيك وإزالة وكالة الأونروا نهائيا، وطالب مندوبة الولايات المتحدة الأميركية نيكي هالي بتبني المطلب الإسرائيلي والعمل على تحقيقه.
ومن الواضح أن هذا التطور في الهجوم الإسرائيلي لتصفية حق العودة وحسم الصراع على القدس لمصلحة المشروع الصهيوني يشكل أولوية إسرائيلية كبرى لما لهاتين المسألتين من أهمية في الصراع الدائر على أرض فلسطين، منذ عقود طويلة، فإسرائيل تريد إحداث تغيير جذري في طبيعة الصراع بحيث تمحو من الذاكرة العالمية أن عملية اغتصاب صهيونية قد تمت للحقوق الفلسطينية وأن هذه العملية أدت إلى تهجير مئات آلاف الفلسطينيين من أرضهم وديارهم إلى الدول العربية وانحاء مختلفة من العالم، وإلى احتلال جزءٍ كبير من الأرض الفلسطينية عام 48، وثم جرى احتلال القسم الآخر من أرض فلسطين سنة 1967.
وهذا التغيير يتطلب إزالة الشاهد المستمر على هذه الجريمة الوحشية ضد الشعب الفلسطيني، وحقه بالعودة إلى أرضه ودياره وبالتالي حقه بالمقاومة بهذه العودة وفق ما ينص القرار الدولي رقم 194 الذي يؤكد على هذا الحق، وهذا الشاهد هو وكالة الأونروا التي تواصل منذ قيامها عام 48 تقديم الخدمات الاجتماعية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين ريثما يتمكنوا من العودة إلى وطنهم.
فاستمرار هذه الوكالة عدا عن كونه يمثل اعترافا دوليا بتهجير الفلسطينيين وحقهم بالعودة، فإنه يشكل إدانة مستمرة لتهجيرهم من قبل العصابات الصهيونية ويؤكد عدم شرعية احتلال فلسطين وانتهاك كيان العدو الصهيوني للقوانين الدولية بدءا بالقرار 194. ولهذا فإن إلغاء وكالة الأونروا ترى فيه الحكومة الإسرائيلية مقدمة ضرورية مهمة تساعدها على الانتقال إلى إلغاء القرار 194 بزعم أنه لم يعد هناك شيء اسمه لاجئون.
والخطير في الأمر أن هذا الهجوم الإسرائيلي يتواكب مع نجاحات للدبلوماسية الإسرائيلية على حساب القضية الفلسطينية، مستفيدة من غياب العرب وانشغالهم في صراعات داخلية تقف وراءها القوى الغربية الاستعمارية وكيان العدو الصهيوني الذين يعملون على تغذيتها وإدامتها، وكذلك مستفيدة من التنازلات الخطيرة التي قدمتها السلطة الفلسطينية واستعدادها لتقديم المزيد، حسبما أعلنت خلال زيارة الرئيس الأميركي لفلسطين المحتلة واجتماعه مع رئيس السلطة محمود عباس، حيث أفيد بأن عباس أبدى الاستعداد لاستئناف المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي وأنه لا يمانع القبول بحل متوافق عليه بشأن حق العودة، وأن يكون حل لقضية القدس على أساس دولي. الأمر الذي يفهم منه رسالة واضحة باستعداد السلطة الفلسطينية للسير باتفاق نهائي يرضي إسرائيل بمسألتين حساستين وبالتالي تحقيق ما تطمح إليه من حل ينهي حق اللاجئين بالعودة إلى أرضهم التي احتلت عام 48، وكذلك بلوغ ما ترمي إليه من انتزاع اعتراف من السلطة بحق إسرائيلي مزعوم في القدس والأقصى.
ولا شك في أن هذه التنازلات التي تبدي السلطة الاستعداد لتقديمها حتى قبل أن تستأنف المفاوضات شكلت مادة هامة للدبلوماسية الإسرائيلية عملت سريعا على الاستفادة منها في الأمم المتحدة واللقاءات الدولية لتعزيز موقفها المطالب بإلغاء حق العودة وبالتالي تفكيك وكالة الأونروا.
على أن هذا التقدم الذي تحققه الدبلوماسية الإسرائيلية على حساب الحقوق الفلسطينية مكن إسرائيل من تحقيق مكسبين مهمين، لأول مرة:
المكسب الأول، إحداث اختراق كبير واسع النطاق في القارة الإفريقية توج أخيرا بمشاركة نتانياهو في قمة الإيكواس لدول غرب إفريقيا بناء على دعوة رسمية وجهت إليه.

توظيف خطير لعملية القدس

بقلم: ماهر ابو طير عن الدستور الأردنية
عملية القدس التي ادت الى استشهاد عدد من المنفذين، ومقتل عدد من الاسرائيليين، تثير التساؤلات، حول الجماعات الحاضنة للمنفذين، اذ في الوقت الذي ادعى فيه تنظيم داعش انه وراء العملية، خرجت حركة حماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لتعلن ان المنفذين ينتمون اليها، وان لاصلة لداعش بكل القصة.
لاعمليات لداعش في فلسطين اساسا، والارجح ان اعلان داعش كاذب، لسبب او آخر، خصوصا، ان عمليات كثيرة، تقع في العالم، ويتم نسبها الى داعش، ولايكون التنظيم على معرفة مسبقة، بها، الا بعد ان يتبين ان الذي نفذ العملية بايع داعش في رسالة الكترونية، واعلن انتماءه المتأخر للتنظيم، وتصرف وفقا لهواه، دون تنسيق محدد مع قيادة التنظيم.
معنى الكلام اننا امام سيناريوهين، الاول انتماء هؤلاء حقا الى داعش، وبشكل متأخر، ومغاير للانتماء الاصلي للمنفذين، اي حماس والشعبية، وبحيث يمكن القول هنا، ان هؤلاء ينتسبون حقا الى داعش، ولكن بشكل مستجد، لاتعرفه التنظيمات التي كانوا ينتمون اليها اساسا، بعد تغيرات استجدت على المنفذين.
الثاني، ان تنظيم داعش يكذب، ويريد رفع شعبيته، بأعتباره يحارب في كل مكان بأستثناء فلسطين، ووجد في عملية القدس، فرصة لنسب العملية الى التنظيم، ظنا منه ان لا احد في فلسطين، سيعلن مسؤوليته، من التنظيمات خشية من ردود الفعل الاسرائيلية، ضد هذه التنظيمات وجماعاتها.
في كل الاحوال، نحن امام اشارة على تطور خطير محتمل على جبهة غزة، اذ ان اعلان حماس ان بعض المنفذين ينتمون اليها، قد يؤدي الى رد فعل اسرائيلي كبير ضد غزة، بأعتبار ان مركز الحركة هو في القطاع هذه الايام، وليس في الضفة الغربية او القدس.
اللافت للانتباه هنا، ان حركة حماس سارعت لاعلان كونها طرفا في العملية، ويمكن هنا، ان نقول ان اعلان داعش استدرج الحركة لرد الفعل، خصوصا، ان حماس تدرك نهاية المطاف ان اسرائيل، تلمح منذ فترة طويلة على حرب مقبلة على غزة، والمثير هنا السؤال المتعلق حول حقيقة داعش واذا ماكان يخدم الاحتلال، عبر نسبه للعملية لنفسه، من باب دفع التنظيمات الاصلية لكشف هويتها في هذه العملية، توطئة لرد الفعل المخطط له.
من جهة ثانية لابد ان نقول صراحة هنا، ان هناك اطرافا عربية واقليمية، تريد فتح جبهة غزة، هذه الايام، لاعتبارات تتعلق بتخفيف الضغط عليها، عبر اعادة خلط الاوراق ، اقليميا، واذا صحت هذه النظرية، اي تقديم غزة كأضحية، من اجل تخفيف الضغط على هذا المحور، فأن هذا الرأي يلتقي مع تفسيرات هذه السرعة الغريبة في اعلان حماس تبنيها للعملية، بدلا من التعامي عنها.
دون ان نبالغ، فأن غزة تنتظر ظرفا في غاية الصعوبة، اذ ان طبول الحرب الاسرائيلية تدق ضدها، وسلطة رام الله تريد حسم ملف غزة، وهناك محور عربي اقليمي، يريد ان يتخلص من الضغط عليه، هذه الايام، بتفجير حرب في غزة، بحيث تشتد الحاجة لهذا المحور من اجل ان يكون وسيطا مع حماس، في الحرب المقبلة، وبحيث نكون حقا، امام وضع معقد، يدفع فيه الفلسطينيون وحدهم، كل الكلف الداخلية والعربية والاقليمية.

 

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا