الرئيسيةمختاراتمقالاتمن يثق فى «حماس»؟ (1+2)

من يثق فى «حماس»؟ (1+2)

من يثق فى «حماس»؟

بقلم: د. عماد جاد

هناك تساؤلات كثيرة مطروحة فى الشارع المصرى وبين الكتّاب والمتخصصين فى الشأن الفلسطينى وشئون الحركات الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين، فحوى التساؤل يدور حول الانفتاح المصرى على حركة حماس واستضافة لقاءات تجمع بين تيار القائد الفتحاوى محمد دحلان ووفود من حركة حماس بهدف تصفية الخلافات بين هذين التيارين باعتبار أن خصومتهما جوهرية ومن ثم فإن تسوية الخلافات بينهما تساعد على الدخول فى مرحلة تالية من المصالحة داخل فتح وبين فتح وحماس، والسؤال هو: ومن أين جاءت الثقة المصرية فى حركة حماس التى تعرّف نفسها وفق ميثاقها الأول الصادر عام 1988 بأنها تتبع جماعة الإخوان فكراً وتنظيماً؟ من أين جاءت الثقة وقادة حماس ومكتبها السياسى دعموا خطة الجماعة للقفز على السلطة فى مصر وشاركوا فى الأحداث الإرهابية التى وقعت فى مصر بعد 25 يناير؟ من أين جاءت الثقة وحماس كانت طرفاً فى المؤامرة الإخوانية على الشعب المصرى وقواته المسلحة بعد ثورة 30 يونيو، بل قامت باستعراضات مسلحة على الحدود مع مصر، ودعمت تركيا وقطر وسعت بكل قوة لنقل الملف الفلسطينى خارج مصر، إلى الدوحة تارة وإلى أنقرة تارة ثانية؟

من أين جاءت الثقة فى حركة تمثل فرعاً للجماعة الإرهابية، فهى الفرع الفلسطينى لجماعة الإخوان المصنفة إرهابية وفق القضاء المصرى؟

الحقيقة أن حركة حماس أقدمت على مجموعة من التغييرات لتنفى عن نفسها صفة الانتماء السياسى والتنظيمى لجماعة الإخوان، فقد سقطت الجماعة فى مصر وأصبحت مكروهة تماماً من الشعب المصرى، واستردت مصر عافيتها. هنا ومن أرضية برجماتية بحتة، أى مصلحية عملية، وتكيفاً مع الواقع الجديد، أقدمت حماس على مجموعة من التغييرات أبرزها تبنى ميثاق جديد يقبل بفكرة حل الدولتين وفق مبدأ «الأرض مقابل السلام»، وهو ما ورد على لسان الرئيس السابق للمكتب السياسى للحركة من العاصمة القطرية فى شهر مايو الماضى، ومن ثم فقد تبنى جوهر وأساس اتفاق «أوسلو» الذى تم توقيعه عام 1993 وأجهضته الحركة بسلسلة من العمليات الانتحارية التى دفعت إسرائيل إلى إعادة احتلال ما سبق أن انسحبت منه بموجب المرحلة الأولى من اتفاق «أوسلو». وبعدها تم انتخاب رئيس جديد للمكتب السياسى للحركة وهو إسماعيل هنية من حماس الداخل بدلاً من خالد مشعل المقيم فى الدوحة، ثم جاء الانفتاح على مصر عبر القبول بالجلوس مع تيار محمد دحلان باستضافة مصرية، وتكررت زيارات قادة حماس لمصر، الأمر الذى أثار دهشة البعض، لا سيما أن هذا الانفتاح جاء فى وقت لا تزال فيه مصر تعتبر الحركة الأم تنظيماً إرهابياً، وفى وقت اشتد فيه الخلاف القطرى الخليجى وجوهره دعم الدوحة للإرهاب.

السؤال هنا ومع كل التقدير للواقعية والبرجماتية السياسية، ووفق السجل التاريخى للجماعة الأم وسياسات الحركة وتلونها المتواصل: هل هناك من يثق فى فرع الجماعة؟ أليس الأجدى التركيز على مصالحة داخل حركة فتح أولاً ثم العمل مع الشرعية الفلسطينية؟

أعتقد أن التناقض ما بين مشروع الجماعة، والحركة جزء منها، والدولة الوطنية تناقض جوهرى، ومن ثم فلا جدوى من الرهان على حدوث تغير جوهرى فى رؤية الحركة ومواقفها، فما تقوم به اليوم من تغيير شكلى وانفتاح على مصر هو وليد هزيمة مشروع الجماعة والعودة لمرحلة الاستضعاف من جديد تحيُّناً لفرصة تمكين جديدة.

من يثق فى حماس؟ (2)

بقلم: د. عماد جاد

لأن حركة حماس هى الفرع الفلسطينى لجماعة الإخوان المسلمين، فهى حركة أيديولوجية تخلط بين الدين والسياسة، والأوطان بالنسبة لها ما هى إلا حفنة من التراب العفن، وفق أدبيات مؤسس الجماعة وقادتها، وهى حركة متلونة، الغاية عندها تبرر الوسيلة، والرابطة الدينية/الطائفية تتقدم على الرابطة الوطنية، لكل ذلك لا يمكن الثقة فى حركة حماس مهما كانت الالتزامات والضمانات والأطراف الضامنة، ولكن فى عالم السياسة التعامل يكون مع الواقع القائم والحقائق على الأرض، هذا الواقع يقول إن الحركة تلقت على مدار السنوات الأربع الماضية ضربات شديدة، فقد أسقط الشعب المصرى فى الثلاثين من يونيو حكم المرشد والجماعة فى مصر، وأعلنت مصر الجماعة كياناً إرهابياً محظوراً من الناحية القانونية، ثم انضم عدد من دول الخليج لمصر، وجاءت الأزمة بين قطر والدول الأربع المقاطعة لها لتصيب الحركة بالضرر البالغ، فقد فرضت عقوبات على قطر بسبب رعايتها للإرهاب ودعمها للجماعة الأم، فتوقف التدفق المالى القطرى على الحركة، وأحكمت مصر السيطرة على الحدود وسيطرت على ظاهرة الأنفاق والتهريب، الذى كانت تعتمد الحركة على عوائده فى تمويل سيطرتها على غزة، وأخيراً فرضت السلطة الوطنية الفلسطينية مجموعة من الإجراءات ضاعفت الخناق على الحركة فى القطاع، لكل ذلك ازدادت الصعوبات فى القطاع وخشيت الحركة من انتفاضة شعبية ضدها فى القطاع بسبب الصعوبات المعيشية، فأقدمت على تغييرات واسعة أبعدت الجناح المتشدد عن صدارة المشهد وقامت بتغيير فى تركيبة المكتب السياسى ونقلت الرئاسة من رجل قطر خالد مشعل إلى إسماعيل هنية المقيم فى القطاع، وبعثت برسائل عديدة إلى مصر وجماعة القيادى الفتحاوى وعدوها اللدود محمد دحلان، وكانت النتيجة لقاءات بين الجانبين، ممثلى حماس وتيار محمد دحلان برعاية مصرية، ثم انتقل الحوار ليكون ما بين فتح وحماس وبرعاية مصرية، وكان التطور السريع فى المشهد الذى أوصلنا إلى موافقة حماس على كل ما كانت ترفضه فى السابق. والسؤال هنا ما هى الضمانات بأن حماس لن تنقلب على موقفها فى حال تغير بعض مكونات المشهد المحلى أو الإقليمى؟.

الإجابة بوضوح: لا توجد ضمانات، ففى عالم السياسة القوة هى الضمان الوحيد، بمعنى أن الطرف الأقوى بمقدوره فرض الالتزام بما يتم التوصل إليه من اتفاقات، وفى هذه الحالة فإن البناء سريعاً على ما تحقق مطلوب وبشدة، بمعنى التنفيذ الفورى لقرار حل اللجنة الإدارية التى شكلتها حماس فى القطاع، ثم سرعة تسلم حكومة السلطة الوطنية للمسئولية فى قطاع غزة، والترتيب لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية فى غضون ستة أشهر على أقصى تقدير. ويبدو مهماً للغاية أن تستكمل مصر دورها بإتمام المصالحة بين مكونات حركة فتح وتحديداً مع تيار القيادى محمد دحلان، ثم التحرك سريعاً لاستئناف مفاوضات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية بعد كل الدمار الذى أصابها بسبب أفعال حركة حماس التى دمرت اتفاق أوسلو واليوم وبعد ربع قرن تعود الحركة وتقبل بالأسس التى بنى عليها الاتفاق، وبعيداً عن السجال حول مدى الثقة فى حركة حماس، ينبغى التحرك فوراً للبناء على ما تحقق فى لحظة تاريخية تبدو مواتية للغاية للمصالحة وتمكين السلطة الوطنية والترتيب لاستئناف عملية التسوية.

عن الوطن المصرية

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا