الرئيسيةمختاراتمقالاتأسئلة فلسطينية ... من وحي «اليرموك» كتب صادق الشافعي

أسئلة فلسطينية … من وحي «اليرموك» كتب صادق الشافعي

في اجتماعها الأخير السبت الماضي أكدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رسمياً موقفها تجاه مخيم اليرموك وتبنت مبادرة رئيسها. قررت :
أولاً، “توفير كل الدعم للمخيم الجريح وإرسال وفد من قيادة المنظمة يضم جميع الفصائل العاملة في المخيم لمتابعة المعالجة الميدانية بشكل متواصل” وهو قرار معنوي بالدرجة الأولى كون عدد من أعضاء اللجنة من الفصائل لن تسمح لهم إسرائيل بالمغادرة ولأن كل الفصائل يوجد لها في دمشق قيادات اولى قادرة ومقررة واكثر تماساً وتواصلاً مع الواقع هناك.
ثانياً، “عدم الانجرار الى الصراع الدائر في سورية وتجنب الوقوع في الخيار العسكري لأنه يؤدي الى نتيجة واحدة خطيرة بتدمير المخيم وتهجير أبنائه الصامدين البواسل”. القرار سياسي بامتياز يؤكد ويكرس الموقف الرسمي الفلسطيني المعروف.
والقرار يفتح الباب للأسئلة:
– هل تجنب الوقوع في الخيار العسكري كما يطلب القرار ما زال خياراً متاحاً، وتملك المنظمة القدرة على فرضه على التنظيمات وعلى الناس وقد اجتاحت قوات داعش المخيم واحتلته وعاثت فيه قتلا وتدميرا وفرضت واقعا لم يختره الفلسطينيون او سعوا اليه؟
– هل لا يزال فصل “اليرموك” ومنع اندماجه التام مع المسألة السورية بكل تداخلاتها وتعقيداتها وتجنحاتها ممكنا؟ وهل كان ممكنا أصلا في يوم من الأيام؟
لجهة الجغرافيا، فالمخيم يقع على مدى مدفعية من قلب دمشق ويتلاصق من معظم جهاته بأحياء دمشقية يلاصق بعضها طريق المطار. ولجهة الديموغرافيا، فان سكانه لم يعودوا منذ زمن طويل فلسطينيين فقط، أغلبيتهم وبنسبة عالية أصبحت من السوريين، وكذلك شوارعه وأبنيته ومحلاته أيضا.
أما وجدانيا وتاريخيا وفكريا وسياسيا، الم تترسخ عبر عشرات السنين وحدة حال فلسطينية سورية من العمق بحيث يستحيل فصلها، ولم تتكرر مثل هذه الحالة في اي من بلدان اللجوء الفلسطيني الأُخرى ( تبقى الأردن حالة خاصة وبخصائص متميزة من نوع آخر).
الم يعش الفلسطيني كما السوري تحت نفس الظروف وتعرضوا لنفس المعاملة وتساوت حقوقهم وواجباتهم المدنية تقريبا وتساوت معاناتهم؟.
توحدوا تحت راية الوطنية وضد الاحتلال والاستعمار ومن اجل التحرر والعودة وغيرها من شعارات ذلك الزمن، وتوحدوا تحت راية الفكر القومي الذي نادى بالوحدة ورفض الانقسام والحدود، ثم توحدوا تحت راية المقاومة وفكرها وأهدافها السياسية التحريرية. دخلوا نفس الأحزاب من وطنية الى قومية الى شيوعية وإسلامية، حتى تنظيمات المقاومة. وفي السنوات الأربع الأخيرة يتعرضون لنفس الظروف ويعيشون نفس الاختلافات والانقسامات والتداخلات والتأثيرات والصراعات التي تعصف بسورية.
والمخيم مع كل ذلك، يقع ضمن السيادة السورية، وتحت المسؤولية السورية، وهو قضية سورية بقدر ما هو قضية فلسطينية وربما اكثر.
صحيح تماما انه تبقى للمخيم خصوصية وطنية رمزية هامة جدا واستراتيجية ترتبط بموضوع اللاجئين ومخيماتهم وبحق العودة المقدس، وانه تجب المحافظة على هذه الرمزية في وجه مؤامرات تسعى الى شطب المخيمات وشطب حق العودة.
وصحيح أيضا ان القيادة الرسمية الفلسطينية انتهجت سياسة عدم الانجرار الى الصراع وبالذات عدم التورط في القتال الدائر، والتزمت بها، ونجحت في تأمين القبول لها من الأطراف المعنية ولو بشكل نسبي.
مع ان تلك السياسة الرسمية لم تمنع الجبهة الشعبية- القيادة العامة مثلا وربما غيرها من المشاركة القتالية مع قوات النظام، وفي الدفاع عن “اليرموك” بالذات، ولم تمنع حركة حماس أو بعضها أو موالين لها من المشاركة القتالية في الجهة المقابلة مع قوى المعارضة المسلحة، والمساهمة مع جبهة النصرة بالذات في السيطرة على المخيم، منحازة بذلك إلى فكرها العقائدي والى قوى المعارضة التي تشاركها هذا الفكر.
ومع ذلك يبقى السؤال، هل يمكن لخصوصية المخيم وللسياسة الرسمية للمنظمة ان تمنع، تحت اي قانون، أهل المخيم والقادرين من التنظيمات الفلسطينية – والذين هم في الغالب من أهله – من حق الدفاع عن انفسهم ومخيمهم بشكل عام وضد غزوة داعش الوحشية الأخيرة بكل الوسائل الممكنة وبالتعاون مع اي جهة او قوة تتفق معهم وتشاركهم الدفاع عن المخيم؟
وهل منع موقف الحياد وحالة السكون النسبيان اللتين عاشهما المخيم لأشهر عديدة تنظيم داعش من اقتحامه والسيطرة عليه؟
– هل كان واقعيا كل النقاش الذي دار حول تشكيل قوة مشتركة من التنظيمات الفلسطينية وبقيادة موحدة تتولى الدفاع عن المخيم وتحريره وإعادة المهجرين من أهله الى بيوتهم وحياتهم فيه؟ فالكل يعلم ان التنظيمات الفلسطينية داخل سورية لا تملك مقاتلين ولا تملك سلاحاً بمستوى خوض معارك، وظل هذا هو الحال طوال الوقت، ببساطة لأن وضع هذه التنظيمات وطبيعة وجودها ومهامها في سورية لم يكن يتطلب ذلك.
– لماذا لم يتم اللجوء الى الخيار الذي يبدو مبدئيا هو الأنسب، وهو ان يقوم جيش التحرير الفلسطيني في سورية بمهمة محددة تماما تنحصر في الدفاع عن المخيم وحمايته من اعتداءات القوى الظلامية الإرهابية؟
وجيش التحرير هو قوة عسكرية تتكون من الشباب الفلسطينيين اللاجئين في سورية.
وهو جيش منظم ومدرب ومسلح بما يلزم وذو خبرة قتالية، وهو الأكثر أهلية للقيام بهذه المهمة. ان قيام جيش التحرير بمسؤولية هذه المهمة المحددة يبقي الباب مفتوحا أمام إشراك الفصائل الفلسطينية، حسب إمكانياتها، وربما المتطوعين أيضا، للمساهمة في إنجازها وبالتنسيق معه وفي إطار خطته العملياتية وتدريباته وقيادته.
هذه مجرد أسئلة يفرضها واقع الحال الدموي المأساوي للمخيم وأهله سواء القلة اليسيرة التي لا تزال فيه أو الأغلبية المشردة خارجه.
ولا تبدو الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها يسيرة، كما على كل الأسئلة حول الأوضاع المحبطة التي تهدد كل المنطقة.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا