الرئيسيةأخبارعربية ودوليةتـنظيمـات إسـلاميـة عـابـرة للحـدود - الحلقة الرابعة كتب حمادة فراعنة

تـنظيمـات إسـلاميـة عـابـرة للحـدود – الحلقة الرابعة كتب حمادة فراعنة

مقدمة لا بد منها
كتابي السابع عشر هذا « التنظيمات الإسلامية الخمسة العابرة للحدود « يصدر في سياق تفاقم حالة الصراع في العالم العربي واحتدامه بشكل عبثي ودموي، بعد انفجار ثورة الربيع العربي التي توسلت البحث عن :
1- التحرر والاستقلال، وامتلاك زمام المبادرة وحرية اتخاذ القرار، 2- الطمأنينة ولقمة العيش الكريم متضمنة ثلاثة مطالب أساس يفتقدها المواطن العربي هي الراتب المناسب، التأمين الصحي، والضمان الاجتماعي عند التقاعد والوصول إلى الشيخوخة، و3- الديمقراطية والتعددية وتداول السلطة والاحتكام إلى نتائج صناديق الاقتراع، ولذلك جاءت كتبي في سلسلة قضايا ثلاث رئيسة متداخلة، سلسلة الكتب الأردنية تحت عنوان : معاً من أجل أردن وطني ديمقراطي، وسلسلة الكتب الفلسطينية تحت عنوان : معاً من أجل فلسطين والقدس، وسلسلة الكتب العربية تحت عنوان : من أجل عالم عربي تعددي ديمقراطي موحد .
وكتابي السابع عشر هذا مرتبط بكتابين، سبق نشرهما، وهما: 1- حزب الإخوان المسلمين في الميزان، و2- الدور السياسي لحركة الإخوان المسلمين، في إطار تنظيمات وأحزاب التيار الإسلامي، تأكيداً لدورهم ومكانتهم وقيادتهم للحركة السياسية في العالم العربي، في غياب أحزاب التيار اليساري، وأحزاب التيار القومي، وأحزاب التيار الليبرالي، التي تضررت بفعل الحرب الباردة ونتائجها .
كما جاء كتابي هذا على خلفية كتابي الذي صدر العام 2013 عن ثورة الربيع العربي أدواتها وأهدافها، وحصيلتها أن الثورة ما كانت لتكون لولا توافر العامل الموضوعي المحفز للاحتجاجات والدافع لها والمتمثل بغياب الاستقلال السياسي والاقتصادي عن بعض البلدان العربية، وهيمنة اللون الواحد، والحزب الواحد، والعائلة الواحدة، والطائفة، والشخص الفرد المتحكم بمفرده في إدارة الدولة، في أكثر من بلد عربي، وأخيراً بسبب غياب العدالة والطمأنينة وعدم توافر الخدمات الأساس من صحة وتعليم وضمانات اجتماعية للمحتاجين .
أما العامل الذاتي في ثورة الربيع العربي، فقد اقتصر على مؤسسات المجتمع المدني بما تحمل من مفاهيم عصرية عن الديمقراطية والتعددية واحترام مشاركة المرأة في مؤسسات صنع القرار، وبما تملك هذه المؤسسات ( مؤسسات المجتمع المدني ) من علاقات مع مؤسسات أوروبية وأميركية توفر لها الحصانة والدعم المطلوبين، ولكن بسبب غياب دور الأحزاب اليسارية والقومية والليبرالية، فقد استثمرت أحزاب التيار الإسلامي حصيلة الربيع العربي ونتائجه كي تكون هي صاحبة القرار، سواء عبر تفاهمها مع الأميركيين، أو عبر حصولها على الأغلبية البرلمانية كما حصل في فلسطين والعراق ومصر وتونس والمغرب، أو لامتلاكها الخبرات القتالية على أثر دورها في أفغانستان، ورغبتها في التغيير الثوري الجوهري، فاحتكمت إلى وسائل العنف واستعمال السلاح لمواجهة الاحتلال الأميركي للعراق، او لإسقاط النظم القائمة في ليبيا وسوريا واليمن، وحصيلة ذلك إخفاق ثورة الربيع العربي للآن، رغم توافر العامل الموضوعي ونضوجه لقيام الثورة، تغييراً للواقع، نحو الأفضل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولكن الإخفاق الفاقع يعود لعدم نضوج العامل الذاتي، وكثرة نواقصه، وعدم اكتماله، بصفته أداة الثورة ومحركها، وطالما أن العامل الذاتي كان ناقصاً، ولم تكتمل حلقات نضوجه، فقد انعكس ذلك على ضعف أدائه وعلى نتيجة أفعاله، فغياب أحزاب التيارات الثلاثة اليسارية والقومية والليبرالية وضعفها، جعل الوضع متروكاً لقوة ونفوذ أحزاب التيار الإسلامي، التي لا تؤمن لا بالتعددية ولا بالديمقراطية، ولا تملك البرامج الاقتصادية والاجتماعية الكافية، لجعلها أداة في يد عامة الناس، وهدفاً لها كي تلتحم مع الثورة وتلتف حولها، فانطبق على المواطن العربي المثل القائل أنه مثل الشخص الذي هرب من الدلف فوقع تحت المزراب، وغدت الأنظمة السابقة بعجرها وبجرها، هي أفضل حالاً مما وقع لاحقاً، من هيمنة ونفوذ وتأثير الأحزاب الإسلامية، وقيادتها للعمل السياسي وللتغيير الثوري، مسنودة بعواصم إقليمية، فحاضنة الإخوان المسلمين تركيا وقطر، وحاضنة ولاية الفقيه الدولة الإيرانية؛ ما خلق حالة من الصراع الإقليمي والدولي المباشر في منطقتنا، وعلى أرضنا، وعلى حساب دماء شعبنا وثرواته .
إذن هذا الكتاب، ليس فلسفة معرفية، بل هو إضافة سياسية تراكمية، لوضع ثورة الربيع العربي في سياقها من أجل إنتصار الديمقراطية في العالم العربي، وتحقيق الطمأنينة بلقمة العيش الكريم بالصحة والتعليم والضمان الاجتماعي، وتحرير فلسطين .
هذا الكتاب يسلط الضوء على التنظيمات الإسلامية الخمسة العابرة للحدود، أي أنه يستهدف القوى الإسلامية الأساس القيّا تأثيراً ومكانة في العالم العربي، ولا يستهدف تنظيمات إسلامية محلية في هذا البلد العربي أو ذاك، بصرف النظر عن قوتها أو ضعفها، بل هو يستهدف التنظيمات الإسلامية الخمسة العابرة للحدود، والتي تعمل في السياسة، ولها تأثير على صنع القرار، أو على صنع الأحداث الجارية :
1- حركة الإخوان المسلمين . 2- ولاية الفقيه الإيرانية . 3- تنظيم القاعدة . 4- تنظيم الدولة الإسلامية داعش . 5- حزب التحرير الإسلامي.
لذا أرجو أن يقدم شيئاً جديداً، للقارئ، وللمكتبة العربية، وأن ينال الاهتمام كما يستحق، وفق الجهد الذي بذل وتحقق.
حمادة فراعنة *

استيلاء الحوثيين على السلطة في اليمن

بإعلان البيان الدستوري المنظم للمرحلة الإنتقالية لمدة سنتين ، يوم 6/2/2015 ، وخطاب عبد الملك الحوثي في مهرجان انتصار الارادة الشعبية يوم 7/2/2015 ، تكون ولاية الفقيه وأداتها اليمنية (جماعة أنصارالله) ، قد أنجزت خطواتها ، وأغلقت حلقاتها على اليمن ، بعد سلسلة من الخطوات التراكمية ، والتي بدأت يوم 21/9/2014 ، بإعلان الثورة الشعبية التي دعا إليها عبد الملك الحوثي ، رئيس حركة أنصار الله ، وحجته كانت قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية ، وإحتجاجاً على ما يراه من الفساد ، وعدم كفاءة حكومة باسندوة ، والتباطؤ في تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني .

التحولات في اليمن ، تمت على أثر إنفجار الإحتجاجات الشعبية ، خلال ثورة الربيع العربي ، التي بدأت في تونس وتواصلت في مصر وليبيا وسوريا ، حيث انفجرت الإحتجاجات تحت مسمى ثورة الشباب اليمينة يوم 15 كانون ثاني يناير 2011 ، وفي الشهر الذي تلاه ، وبالتحديد يوم 11 شباط ، أعلنت أحزاب اللقاء المشترك بقيادة حزب التجمع اليمني للإصلاح ، عن دعمها ومساندتها للإحتجاجات الشعبية وتبني مطالبها ، فرفعوا شعاراً يطالب الرئيس بالرحيل ، كما حصل مع زين العابدين بن علي وحسني مبارك ، في كل من تونس ومصر .

قبل ذلك ، في 23 تشرين الثاني 2011 ، تم التوقيع على المبادرة الخليجية ، في الرياض ، بإعتبارها الأداة والمظلة المتفق عليها بين الأطراف اليمنية ، وأنها مرجعية دستورية لأدارة البلاد خلال الفترة الإنتقالية ، مقابل إنهاء الثورة وتوقف الإحتجاجات ، ومُنح الرئيس على عبدالله صالح حصانة ضد أي ملاحقة قانونية عن فترة رئاسته لليمن التي بدأت منذ عام 1978 ، وتسلم نائبه عبد ربه منصور هادي ، سلطاته كرئيس للجمهورية ، يوم 21 شباط 2012 .

وإعتماداً على سلسلة الوقائع والأحداث ، تبين أن الذي استفاد من نتائج ثورة شباب اليمن هو حزب التجمع اليمني للإصلاح ، وهو الأداة اليمنية لحركة الإخوان المسلمين ، فأدار هؤلاء المعركة السياسية ، ونجحوا في جني ثمارها ، وأصبحوا أصحاب القرار في سلطة إتخاذ القرار في العاصمة اليمنية صنعاء .

ومثلما إستطاع الإخوان المسلمون ، تكتيل الأحزاب وتحشيد الشارع ضد حزب الرئيس علي عبد الله صالح ، عمل الحوثيون على حشد القوى السياسية ضد حزب الإصلاح ، وإعتبروا الرئيس هادي بمثابة أداة طيعة بيد الإخوان المسلمين ، فأعلنوا ثورتهم في 21/9/2014 ، وفي هذا اليوم اقتحموا مقر الفرقة الأولى التي كان يقودها علي محسن الأحمر ، وكذلك جامعة الإيمان الإصلاحية ، وسيطروا على العديد من المؤسسات الأمنية والعسكرية ودوائر حكومية ، خاصة وأن البعض منها أعلنت تأييدها للثورة التي يقودها أنصارالله ، واستطاعوا هزيمة علي محسن الأحمر وغيره من القيادات والمؤسسات التي يديرها أفراد من حزب التجمع اليمني للإصلاح أو الموالين له .
على ضوء هذه النتائج لصالح الحوثيين (جماعة أنصار الله) ، تم التوصل إلى إتفاق السلم والشراكة بين أنصارالله والقوى السياسية اليمنية الأخرى ، وهو الاتفاق الذي يدعو الى» استجابة مطالب الشعب في التغيير السلمي وإجراء إصلاحات اقتصادية ومالية وإدارية وتحقيق الرفاه الاقتصادي ، وخدمة للمصلحة الوطنية العليا ، وتجسيداً للشراكة والتوافق في التشخيص والحلول والتنفيذ ، والتزاماً باستقرار البلاد وتحقيق مستقبل ديموقراطي واعد ومشرق ، ومن أجل الوحدة الوطنية وبناء السلام وتعزيزه « .

ولكن إتفاق السلم والشراكة جرى خرقه ، وتم تعطيل خطواته ، وعرقلة تنفيذه ، ففي 19 كانون ثاني 2015 ، واصل الحوثيون برنامجهم وخطواتهم ، فهاجموا دار الرئاسة في صنعاء بعد يومين من إختطاف أحمد عوض بن مبارك مدير مكتب رئيس الجمهورية ، وهددوا بإتخاذ إجراءات خاصة إذا لم تنفذ مطالبهم ، وفي 22 كانون ثاني 2015 ، قدم الرئيس هادي ورئيس حكومته خالد بحاح استقالتهما ، وهكذا تطورت الأحداث نحو إستيلاء أنصار الله الحوثيين على السلطة وعلى رئاسة الجمهورية ، وباتوا وحدهم أصحاب القرار ، وبذلك تحققت رؤية وتصريحات رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني حينما قال : «لقد أصبح قرار أربعة عواصم عربية ، هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء ، بيد طهران « وهكذا غدت ولاية الففقيه عن حق ، حركة سياسية تنظيمية تنفيذية ، عابرة للحدود .

تطورات اليمن بعد مصر

تطور نوعي شهدته الأحداث اليمنية وسجلته الوقائع العملية ، التي بدأت من صباح الخميس 26 أذار ، عبر ما قامت قوات عربية ، بقيادة سعودية خليجية ، بالهجوم متعدد الأشكال ضد قواعد ومؤسسات الحركة الحوثية ولجانها الثورية في اليمن ، وتم ذلك بمبادرة من بلدان مجلس التعاون الخليجي ، استجابة لنداء الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ، الذي سبق وأن وجه رسالة لقادة مجلس التعاون يوم 24 أذار ، طلب فيها ومن خلالها التدخل الخليجي المباشر لحماية اليمن من انقلاب الحوثيين ومحاولات تمددهم نحو عدن بهدف سيطرتهم على كامل الأراضي اليمنية .

الرئيس هادي شخص انقلاب الحوثيين عليه ، من منطلق أنه «مدعوم من قوى داخلية باعت ضميرها ، ولم تعد تكترث إلا لمصالحها الذاتية» قاصدة بذلك الرئيس السابق علي عبد الله صالح ، و «مدعوم أيضاً من قوى إقليمية هدفها بسط هيمنتها على البلاد وجعلها قاعدة لنفوذها في المنطقة ، مما لم يعد معه التهديد مقتصراً على أمن اليمن ، بل أصبح التهديد لأمن المنطقة بأكملها «قاصدة بذلك إيران ، فجأت رسالته ونداؤه للقادة الخليجيين بقوله : «من منطلق مسؤولياتي الدستورية ، أتوجه اليكم مناشداً دولكم ، وأطلب منكم ، إستناداً إلى مبدأ الدفاع عن النفس المنصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة ، واستناداً إلى ميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك ، تقديم المساعدة الفورية بكافة الوسائل والتدابير اللازمة ، بما فيها التدخل العسكري ، لحماية اليمن من العدوان الحوثي المستمر ، إضافة إلى مساعدة اليمن في مواجهة القاعدة وداعش « .

وكان الرد الخليجي ببيان نصه «قررت دولنا الإستجابة لطلب الرئيس هادي رئيس الجمهورية اليمنية من عدوان الميليشيات الحوثية ، التي كانت ولا تزال أداة في يد قوى خارجية « ، وهكذا جاء الرد الخليجي حازماً وسريعاً وقوياً ، وهو رد غير مسبوق ، حتى حينما تم إحتلال الكويت من قبل العراق عام 1990 ، وهو يفوق ما فعلته العربية السعودية حينما أدخلت قوات أمنية إلى البحرين المهددة بالإحتجاجات الشعبية الشيعية المدعومة من نظام ولاية الفقيه .

والموقف الخليجي هذا ، ستكون له إنعكاساته السياسية الهامة في الخليج وفي المنطقة ، فما قامت به قوات التحالف العربي ، من هجوم عسكري مباشر على الحوثيين لردعهم وقطع الطريق على برنامجهم وإحباط سيطرتهم على اليمن ، إنما تم بوضوح بالغ في سياق فهم الخليجيين لانفسهم ، وتطور رؤيتهم الإستراتيجية ، وحماية مباشرة لمصالحهم في مواجهة تطلعات ولاية الفقيه ، للتمدد وتوسيع النفوذ في العالم العربي ، بإستثناء سلطنة عمان ، التي ستبقى جبهة دبلوماسية مفتوحة ، ومركز إحتياطي للإستعمال التفاوضي مع إيران ومع الحوثيين عند الحاجة ، من قبل الخليجيين .

ما قام به الخليجيون ضد ولاية الفقيه ، شبيه بما قاموا به ضد حركة الإخوان المسلمين ، والوقوف إلى جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إستجابة لمبادراته بعد ثورة 30 حزيران 2014 ، ضد الرئيس الإخواني محمد مرسي ، فأسالوا المليارات للخزينة المصرية ، في إطار برنامج دعم الرئيس السيسي الذي أحبط مشروع الإخوان المسلمين ، ومنعه من التمكن من إدارة مصر وهيمنتهم عليها ، ومحاولاتهم التمدد في العالم العربي ، وكما فعلوا في مصر وفي اليمن ، ومن قبلهما لدى البحرين ، إضافة إلى ما قامت به السعودية ازاء احتياجات الجيش اللبناني بثلاثة مليارات دولار لتسليحه كي يبقى قادراًعلى مواجهة القاعدة وداعش من طرف ، وضد نفوذ حزب الله من طرف ثاني ، وكي يبقى في الجنوب قادراً على حماية حدوده في مواجهة العدو الإسرائيلي ، وفي العراق وسوريا وقفوا ضد تنظيمي القاعدة وداعش ، مع فارق جوهري ، وهو أن الولايات المتحدة هي التي بادرت لتشكيل التحالف الدولي ضد داعش والقاعدة في العراق وسوريا ، بينما بلدان مجلس التعاون الخليجي هي التي بادرت ضد الإخوان المسلمين في مصر ، وإعتبرتهم تنظيماً إرهابياً محظوراً من العمل في بلدان الخليج العربي ، وهي التي بادرت ضد ولاية الفقيه في اليمن ، وفي جميع الحالات ، لم يكن ذلك ليتم لولا إحساسها بالخطر الجدي ، وأنها باتت مستهدفة من قبل الأطراف الثلاثة : أولاً من الإخوان المسلمين وثانياً من ولاية الفقيه وثالثاً ورابعاً من تنظيمي القاعدة وداعش

عاصفة الحزم

في 26 أذار 2015 ، أعلنت العربية السعودية ومعها تسعة بلدان عربية عملت باسم التحالف العربي ، بدء عمليات القصف الجوي والتدمير المنهجي للبنية العسكرية اليمنية تحت عنوان عاصفة الحزم في اليمن ، وحددت أهدافها السياسية بالنقاط التالية

1- التصدي لميليشيات حركة أنصار الله الحوثية وقوات حليفهم علي عبد الله صالح التي سعت لبسط هيمنتها على اليمن .
2 – حماية شرعية الرئيس هادي .
3 – إزالة التهديد الذي يستهدف أمن العربية السعودية .
4 – مكافحة تنظيم القاعدة ومن يواليه .
5- التهيئة لاستئناف العملية السياسية في اليمن وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني ، وبعد أقل من شهر ، وعبر ضربات يومية مكثفة ومركزة ، حققت قوات التحالف بقيادة السعودية ، أهدافها بتدمير قدرات الحوثيين وقوات علي عبد الله صالح ، وتمهيداً لإجبارهم على التراجع ، والعمل من ثمة على جلبهم إلى طاولة الحوار وفق قرار مجلس الأمن 2216 ، والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل .

قرر مجلس الأمن الصادر يوم 14 نيسان ، حظر توريد الأسلحة لجماعة أنصار الله ومنع سفر عبد الملك الحوثي والسفير أحمد علي عبد الله صالح ، وأكد استئناف الانتقال السياسي بمشاركة جميع الأطراف اليمنية ، ورحب باعتزام مجلس التعاون الخليجي عقد مؤتمر في الرياض ، بناء على طلب الرئيس هادي ، تشارك فيه كل الأطراف اليمنية من أجل مواصلة خطوات الانتقال السياسي ، سعياً إلى تكملة المفاوضات بوساطة مبعوث الأمم المتحدة .

وبهذا تكون العربية السعودية قد حققت نجاحها السياسي ، عبر تدخلها العسكري المباشر في اليمن ، ومنع حزب ولاية الفقيه وفصيلهم اليمني أنصار الله الحوثيين من السيطرة على اليمن ، مثلما سبق وأن تدخلت مباشرة في مصر بعد ثورة حزيران 2013 ، بدعمها لحركة الرئيس عبد الفتاح السيسي عبر إسالة المليارات للخزينة المصرية ، إضافة إلى تقديمها المنحة المالية بثلاثة مليارات دولار لتغطية احتياجات الجيش اللبناني وتسليحه بالأسلحة الفرنسية .

في حالات التدخل الأربعة البحرانية والمصرية واليمنية واللبنانية ، كان الهدف السياسي السعودي ، واضحاً ، وهو حماية أمن المملكة العربية السعودية ونظامها السياسي المستهدف أولاً ، ومن ثمة حماية أمن ونظام دول الخليج العربي ، على نحو اكثر من حماية النظام العربي ، من القوى السياسية الإسلامية الأربع : المشار اليها آنفاً ، المتحفزة للانقضاض على النظام العربي تدريجياً ، منذ ثورة الربيع العربي ، حيث حصدت التنظيمات الإسلامية وهذه نتائج ضعف النظام العربي وترهله وعدم قدرته على الاستجابة لمعايير العصر ومتطلبات الشعوب العربية في الأمن والاستقرار والتقدم والديمقراطية ، فضلاً عن عدم تجديد شرعيتها عبر صناديق الاقتراع .
ولذلك سعت أحزاب التيار الإسلامي عبر أدوات ووسائل مختلفة ، بعضها عبر صناديق الاقتراع كما فعل الإخوان المسلمون في مصر والعراق ، وبعضها عبر الثورة الشعبية كما حصل في اليمن ، وعبر العمل المسلح كما يجري في كل من سورية والعراق ، أجل الانقضاض على بلدان النظام العربي ، في ظل غياب وضعف أحزاب التيارات اليسارية والقومية والليبرالية .
لم يكن التدخل السعودي الخليجي في مصر ولبنان واليمن ، يهدف إلى حماية بلدان هذه الشعوب من سيطرة الاتجاهات والتنظيمات الإسلامية العابرة للحدود ، فحسب ، بل كان موجهاً ضد التهديدات الخارجية ، وبالتالي لم يكن فقط بين تيارات يسارية وقومية وليبرالية من طرف وقوى محافظة من طرف آخر ، بل كان ايضاً بين المنظومة العربية وولاية القضية الايرانية .

حزب الله ابرز احزاب الولي الفقيه

لا أحد ينكر على حزب الله اللبناني ، دوره في مقاومة الإحتلال الإسرائيلي بشجاعة ، والعداء لمشاريعه العدوانية التوسعية بوضوح ، والعمل على إدارة المعركة الوطنية لهزيمته على أرض لبنان بحنكة ، ودفعه نحو التراجع أمام ضربات المقاومة والإنسحاب من الأراضي اللبنانية في أيار 2000 ، بعد إحتلال دام لأكثر من عشرين عاماً اثر الإجتياح الواسع عام 1982 .

ولا شك أن سقوط الشهداء من كبار قادة الحزب بدءاً من عباس الموسوي الأمين العام وزوجته وإبنه ، والشيخ راغب حرب ، وقائد قوات الحزب عماد مغنية ، الذين وصفهم حسن نصرالله على أنهم «عنوان ثباتنا وإنتصارنا» ، كان لهم الدور الأساسي في تحفيز قواعد الحزب وجمهوره للعمل ضد المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ، ولم يكن هؤلاء يتحدثون عن إسرائيل على أنها ستخرج من الجنوب وحسب ، بل كانوا يتحدثون عن رؤية مفادها «أن إسرائيل ستنتهى من الوجود ، رغم أنها تحتل أرضنا وتسجن رجالنا ونساءنا ، وكنا في حالة ضعف وكانت هي الأقوى «كما قال أمين عام الحزب في ذكرى الشهداء يوم 16/2/2015 ، وهي دلالة رمزية تشير إلى مدى رفض حزب الله لوجود إسرائيل وعدائه لمشروعها الإستعماري التوسعي .

ولكن حزب الله الذي يكن العداء للمشروع التوسعي الإستعماري الإسرائيلي ، ولديه سجلاً حافلاً من عمليات المقاومة ضد هذا المشروع وإحتلاله ، يؤمن بولاية الفقيه ويتمسك بها ، ويدفع ثمنها ، ويقبض عوائد كثيرة من أهميتها ومكانتها ودورها ، وما مقتل الجنرال الإيراني ومعه جهاد عماد مغنية ، في عملية القنيطرة الإسرائيلية على أرض سوريا ، سوى تأكيد على العمل الثلاثي المشترك الذي يجمع إيران وسوريا مع حزب الله ، وتحالفهم إلى أقصى مدى مع بعضهم البعض ، ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح بالغ ، عبر التوقف أمام عدة محطات شملها خطاب نصرالله يوم الشهداء 16/2/2015 :

أولاً : حول موقف الحزب من البحرين قال «نحن الأن في شباط ، حيث تمر الذكرى السنوية للإنتفاضة السلمية المدنية الحضارية لشعب البحرين الذين نوجه إليهم تحية إكبار وإعزاز على صبرهم وثباتهم ووعيهم وحكمتهم « .

ثانياً : حول اليمن قال «في اليمن هناك ثورة شعبية حقيقية لا يمكن تجاهلها (يقصد ثورة الحوثيين) ، وهذه الثورة هي التي تقف حقيقة في وجه القاعدة وفي وجه داعش التي تهدد الجميع ، والوثائق تتحدث عن أن مشروع القاعدة الأصلي كان السيطرة على اليمن والسيطرة على سوريا ، والإنطلاق من اليمن وسورية نحو مكة والمدنية « .

ثالثاً : حول ما يجري في سورية والعراق ومصر وليبيا واليمن من قبل القاعدة وداعش يسأل نصرالله «ما هي الحرب والجبهات؟ من يخدم هؤلاء؟ لمصلحة من يقاتل هؤلاء؟ وهنا ولأول مرة أجرؤ بقوة أن أقول : إبحثوا عن الموساد الإسرائيلي ، فتشوا عن الـ (C .I .A .) ابحثوا عن المخابرات البريطانية ، لم نرد أن نتكلم سابقاً عن نظرية المؤامرة ولكن الأن أقول إبحثوا ، لأن كل شيء يخدم قوة إسرائيل ، وهيمنة إسرائيل على المنطقة ، وعلينا أن نلاحظ أن كل شيء يخدم قوة أميركا وهيمنتها على المنطقة تفعله داعش ، ويفعله التيار التكفيري « .

هذه المقتطفات من خطاب الشيخ حسن نصر الله ، إنما هي تعبير عن مواقف الحزب نحو القضايا الشائكة التي تجتاح العالم العربي ، وولاية الفقيه جزء من هذه العناوين ، وأحد أطرافها ، وأحد أبرز أدوات الصراع المحلية الأقليمية فيها ، وحزب الله في مواجهة العدو الإسرائيلي ، ومشروعه الإستعماري التوسعي ،لا يتردد في التعبير عن مواقفه نحو القضايا العربية من وجهة نظر ولاية الفقيه ، كأحد التنظيمات الإسلامية العابرة للحدود في العالم العربي ، وقد لخص حسن نصرالله ذلك بقوله علناً «أنا جندي في حزب ولاية الفقيه « .

وما جرى في اليمن ، لهو تعبير أخر بقيادة حركة أنصار الله ، أو الحركة الحوثية ، وهي جزء لا يتجزأ من ولاية الفقيه ، وإمتداد لها ، فالشعارات التي يرفعها الحوثيون «الموت لأميركا ، الموت لإسرائيل» يقابلها الموت لكل من يُخالف توجهاتهم ولا يقر بدورهم ، ولا ينحني أمام برامجهم وتطلعاتهم .

حمادة فراعنة تـنظيمـات إسـلاميـة عـابـرة للحـدود – الحلقة الثالثة

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا