الرئيسيةأخباراسرائيليةجبهة جديدة تتبلور ضد حماس من جهة مصر

جبهة جديدة تتبلور ضد حماس من جهة مصر

(المضمون: هناك انقسام بين الذراع العسكري والسياسي في حماس حيث يرغب الاول في تصعيد الوضع ورأب الصدع مع ايران في حين أن الثاني يسعى الى الحفاظ على هدنة طويلة الأمد. والضغط يزداد عليهما من قبل مصر التي تتهمهما بمساعدة الارهاب في سيناء).
الانقسام الداخلي يزداد ويتعمق في اوساط قيادة حماس في قطاع غزة. الصراعات مع السلطة الفلسطينية ومصر هي التي ستؤثر على التطورات في القطاع في الاشهر القادمة. كما أن الضغط الاقتصادي على القطاع وفي الاساس من جانب مصر كان عنصرا اساسيا في التدهور الذي قاد الى الحرب بين حماس واسرائيل في تموز الماضي، فان استمرار الازمة المالية التي تمر بها حماس في غزة من شأنه أن يؤدي الى تصعيد عسكري آخر.
في هذه الاثناء يبدو أن القيادة السياسية للمنظمة تقوم بكل ما في وسعها لمنع الاشتعال. عندما أطلقت منظمة جهادية متطرفة صاروخا منفردا الى منطقة مفتوحة في النقب عشية عيد الاستقلال، اهتمت حماس باعتقال من قاموا بالاطلاق، ونقلت رسالة الى اسرائيل بأن رجالها ليس لهم أي علاقة بالاطلاق. اسرائيل من جانبها ردت بقصف رمزي للقطاع وحرصت على ألا تؤدي الى تصعيد آخر. لكن بالنسبة لسؤال كم من الوقت سيستمر الذراع العسكري لحماس في التقيد بالتوجيهات والامتناع عن القيام بالعمليات، لا توجد له اجابة مؤكدة. حسب ما نشر في “هآرتس” قبل نحو شهر فان الذراع السياسي للمنظمة يسعى للحصول على الدعم السعودي، في حين أن الذراع العسكري برئاسة محمد ضيف، الناجي الأبدي، ما زال يهتم برأب الصدع مع ايران.
الانقسام بين القيادتين اللتان وجدتا صعوبة في الموافقة على التوافق على خطواتهما في الحرب في الصيف الماضي من شأنه أن يظهر لاحقا ايضا في محاولة القيام بعملية جديدة ضد اسرائيل على حدود القطاع، حيث تلتهم كل الاوراق. عضو الكنيست، عومر بار ليف (المعسكر الصهيوني) وعضو لجنة الخارجية والامن في الكنيست، زعم هذا الاسبوع أن حماس جددت حفر الانفاق الهجومية في القطاع وحذر من عملية قريبة.
بار ليف ليس الوحيد الذي أسمع تنبؤات كهذه. فقد انتشرت في اوساط سجناء حماس في السجون الاسرائيلية شائعات عن هجوم تخطط له المنظمة في غزة، وبعضهم مقتنع بأن ضيف نظم عملية استعراضية ستؤدي الى تحريرهم في صفقة لتبادل الأسرى. تحضيرات الذراع العسكري لخطوة مشابهة في معبر كرم أبو سالم قبل نحو سنة، كانت عود الثقاب الذي أشعل في نهاية المطاف حريق الحرب. في الحقيقة يجري حاليا سباق ضد الزمن بين المعسكرين المتخاصمين في حماس: في الوقت الذي يدرس فيه ضيف ورجاله، كما يبدو، تنفيذ عملية فان القيادة السياسية في المنظمة ترسل المرة تلو الاخرى رسائل الى اسرائيل عن طريق وسطاء مختلفين – الامم المتحدة وقطر وسويسرا – بشأن رغبتها في “هدنة انسانية”، واتفاق على وقف اطلاق نار طويل المدى، بحيث يكون مرتبط بتسهيلات كبيرة في الضغط على القطاع. بقدر معرفتنا، فان اسرائيل لم ترد بعد بصورة صريحة على الاقتراح، وفي كل الاحوال فان الآراء بشأن الفائدة الكامنة في هذه الفكرة مختلفة. وزير الدفاع موشيه يعلون يؤمن فقط بوقف اطلاق نار فعلي بدون توقيع، ويتحفظ من الاقتراحات حول اقامة ميناء عائم في غزة باشراف دولي. لكن في قيادة الجيش الاسرائيلي هناك ضباط يعتقدون أنه يجب اعطاء فرصة لمثل هذا الاجراء.
اشخاص رفيعو المستوى في اسرائيل ينفون أنه تجري مفاوضات مباشرة مع حماس، لكن اسرائيل ستضطر الى البحث عن نقاط التقاء غير مباشرة مع المنظمة. وكما تم تحريك صفقة شليط في 2011 بواسطة قنوات مفاوضات غير رسمية فمن المعقول أن يجري ذلك هذه المرة ايضا. اسرائيل ايضا تهتم بايجاد حلول للمشكلة الانسانية المُلحة – اعادة جثتي الجنديين هدار غولدن واورون شاؤول اللذان قتلا في الحرب في السنة الماضية.
من أخرجت نفسها بصورة نهائية من صورة الاتصالات هي مصر. بعد عملية “عمود السحاب” في قطاع غزة في تشرين الثاني 2012، كانت مصر هي الوسيط الوحيد بين الطرفين وأملَت بدرجة كبيرة صيغة التفاهمات التي صمدت حتى اندلاع الحرب في تموز 2014. لكن سلطة الجنرالات الحالية معادية جدا لحماس، الى درجة أنها غير معنية تقريبا في الدخول فيما يجري. الى جانب حكم الاعدام الذي أصدرته محكمة في القاهرة هذا الشهر ضد الرئيس المعزول محمد مرسي وضد حوالي ألف من نشطاء حركته “الاخوان المسلمين”، فقد تم الاعلان عن احكام مشابهة ضد عشرات من نشطاء حماس في القطاع بسبب مشاركتهم، كما يُقال، في نشاطات ارهابية على الاراضي المصرية. اغلبية رجال حماس حوكموا غيابيا، وواحد منهم مسجون في اسرائيل.
إن غضب الجنرالات على حماس لا يتعلق بالعلاقات بين الحركة الأم، “الاخوان المسلمين” في مصر، بل ايضا، حسب ادعاءات القاهرة، المنظمة تواصل المساعدة سرا التنظيمات الجهادية في سيناء، وعلى رأسها أنصار بيت المقدس التي أعلنت عن ولائها هذه السنة لتنظيم داعش (تنظيم الدولة الاسلامية). مصر تواصل بجدية هدم المنازل في رفح المصرية كجزء من حربها ضد انفاق التهريب الى القطاع. الاتهامات المتبادلة بين الاطراف شديدة جدا الى درجة أنه ليس من المستبعد أن يقوم الرئيس السيسي، في حالة التصعيد في العمليات في سيناء، باصدار أمر بمهاجمة أهداف حماس في القطاع.
في الوقت الذي تتنكر فيه مصر لحماس، فانها تعارض بشدة ايضا زيادة تدخل الوسطاء الآخرين في غزة، وخاصة الخطوات التي تقوم بها قطر. ماذا يريد المصريون تحقيقه في القطاع؟ يبدو أنه على المدى البعيد هناك في القيادة المصرية من تغريهم فكرة اعادة السلطة الفلسطينية للسيطرة على غزة. لكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) يحذر من كل تدخل فيما يجري في غزة، الى درجة رفضه حتى فكرة وضع رجاله في المعابر بين القطاع واسرائيل ومصر، كجزء من الاقتراحات التي تم بحثها لاعادة اعمار القطاع وتخفيف الحصار. لكن عباس إبن الثمانين لن يحكم الى الأبد، وليس من الصعب التنبؤ من كان المصريون يريدون رؤيته حاكما في رام الله وغزة بعده: محمد دحلان، الرجل صاحب المكانة الرفيعة في فتح والمقرب منهم، الذي اضطر الى ترك الضفة بسبب التوترات الكبيرة بينه وبين الرئيس الفلسطيني. على كل الاحوال فان عملية كهذه تقتضي الأخذ في الحسبان الرد وربما الحرب من جانب حماس.
في هذه الاثناء، طالما استمر الهدوء في القطاع، فان الجبهة الامنية الانشط هي شرقي القدس، واحيانا تمتد اعمال العنف ايضا الى الضفة الغربية. نظرا لأن التنسيق الامني بين الجيش الاسرائيلي و”الشباك” وبين اجهزة السلطة مستمرا رغم المواجهة السياسية، فان الطرفين ينجحان حتى الآن في منع نشاطات واسعة لمنظمات ارهابية قوية. كل يوم تجري اعتقالات من قبل الجيش لمشبوهين فلسطينيين بالاعمال التخريبية (في الغالب راشقي الحجارة والزجاجات الحارقة). السلطة تواصل اعتقال عشرات النشطاء من الذراع العسكري لحماس في الضفة. الضغط المشترك الذي معظمه يتم القيام به من خلال نوع من تقسيم العمل بين الاسرائيليين والفلسطينيين، يفعل فعله: في الاشهر الاخيرة سجلت فقط محاولات منفردة لحماس لتنفيذ عمليات كبيرة، تم احباط معظمها.
في هذا الفراغ الذي نشأ، دخل المخربون المنفردون وخلايا ارهاب محلية، التي في الغالب تضم اعضاء قليلين وبصورة عامة لا تتماثل مع تنظيمات معروفة. ازاء الصعوبة في تجنيد وتشغيل خلايا منظمة للقيام بعمليات اطلاق نار أو عمليات انتحارية، تتركز المحاولات في عمليات الطعن والدهس التي لا تتطلب الحصول على السلاح أو تحضيرات طويلة.
في يوم الاربعاء الماضي قتلت شرطة حرس الحدود فلسطيني من جبل المكبر دهس وجرح ثلاثة من افراد الشرطة في الطور في شرقي القدس. في الايام العشرة السابقة طعن اسرائيلي في المنطقة الصناعية في ميشور أدوميم وحصلت عملية دهس في موقف في غوش عصيون. الاندماج بين الاحباط المتواصل في أعقاب الحياة تحت الاحتلال الاسرائيلي والمشكلات الشخصية من شأنه أن يؤدي الى عملية يتم اتخاذ القرار بشأنها خلال لحظة. مخربون داهسون بقوا على قيد الحياة بعد العمليات التي قاموا بتنفيذها، شهدوا أكثر من مرة في التحقيق معهم أنهم انحرفوا عن الشارع ودهسوا اسرائيليين في الموقف أو جنود في الحاجز حال رؤيتهم بدون أن يسبق قرارهم هذا عملية تحضيرات أو تطرف ايديولوجي.
عمليات مشابهة، بوتيرة متغيرة، سجلت على مدى السنة الاخيرة، في الاساس منذ خطف وقتل الفتيان الاسرائيليين الثلاثة في غوش عصيون في حزيران الماضي، قتل الفتى الفلسطيني في شعفاط والحرب في غزة. الذروة كانت في تشرين الاول وتشرين الثاني، في سلسلة من اعمال الطعن والدهس في القدس وآخرها قتل خمسة اسرائيليين في الكنيس في حي هار نوف. لكن في ذلك الوقت كان هناك داخل الصورة عنصر هام آخر: الى جانب الغضب بسبب قتلى الحرب في غزة، والصحوة الدينية المتطرفة التي جاءت نتيجة نجاح تنظيم داعش في العراق وسوريا، فان القدس اهتاجت في تلك الاشهر بسبب موجة التحريض التي قام بها اعضاء كنيست من اليمين في استعراض الحضور الممنهج في جبل الهيكل.
بعد سلسلة العمليات أوقف رئيس الحكومة تدفق اعضاء الكنيست الى جبل الهيكل، ووجه “الشباك” جهودا كبيرة الى شرقي القدس ونشرت الشرطة مئات رجالها في الشوارع. التأثير كان تقريبا فوريا. القدس هدأت بشكل نسبي ويبدو أن قوات الامن الاسرائيلية أعادت لنفسها السيطرة على الوضع. حاليا ما زال هذا هو الواقع إلا اذا حدثت عملية بقوة أكبر وكانت لها تداعيات واسعة.

(هآرتس – عاموس هرئيل:22/5)

المادة السابقة
المقالة القادمة
أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا