الرئيسيةمختاراتاخترنا لكمتقرير أمانة سر اللجنة المركزية للمجلس الثوري، الدورة 15 - 16-6-2015

تقرير أمانة سر اللجنة المركزية للمجلس الثوري، الدورة 15 – 16-6-2015

نتقدم بمقدار ما نصمُد، ونُغيّر بمقدار ما ننجح في تعبئة الجماهير والكوادر، وننهض بالحركة بمقدار ما نؤمن به ونزرعه لنجنيه، ونحقق المكاسب مادام حِراكنا وكفاحنا وجهادنا الداخلي والعربي والخارجي لا يخطيء البوصلة ولا يحيد عنها، فقضيتنا ذات نفس طويل وثورتنا وحركتنا هي صاحبة هذا النفس.

مهما فَعَلَت أو حاولت أن تستخدم مساحيق التجميل للتغطية على احتلالها وممارساتها العنصرية والوحشية، ومهما حمَلت على أكتافها إلى العالم أكذوبة الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، ورغم سعيها الدؤوب للظهور بمظهر الضحية مستغلة آلام اليهود في أوربا في عهد مضى، فإنها لا تستطيع أن تستر سياساتها الفاضحة، وأفعال حكومة “نتنياهو” اليمينية المتطرفة والتي أصبحت رائحتها العطِنة في كل مكان.

إن السياسات الإسرائيلية أصبحت مجردة من الأقنعة، وباتت واضحة ومُغرِقة في العقلية الاحتلالية الاستعمارية من جهة، ومغرقة في العنصرية البغيضة من جهة أخرى.

ترتكز سياسات الحكومة الإسرائيلية الحالية على منع نشوء دولة فلسطينية ذات سيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة ضمن حدود 1967 لذلك فهي تتّبع سلسلة من الإجراءات لتكريس هذه السياسة وهذا الهدف، فالحكومة الإسرائيلية تواصل حملاتها الاستيطانية التدميرية المحمومة على أرضنا من أقصى شمال الضفة الى جنوبها ساعية لأن تعرض بل وتفرض “دولة المستوطنين” كأمر واقع يحقق حل الدولتين-كما تراه- في الضفة الغربية بين الفلسطينيين ودولة المستوطنين.

وما مشاريع الترويع للمواطنين وارتكاب الممارسات الوحشية بحق شعبنا وضد الأسرى الأبطال، وتعمُّد تقسيم الضفة الغربية من خلال نخزها بسرطان الاستيطان إلا ليصب في الهدف الأسمى لدى حكومة “نتنياهو” التي ترفع ]لا[ كبيرة في وجه الدولة الفلسطينية، بل وفي وجه السلطة الوطنية الفلسطينية باعتبارها مشروع تحقق هذه الدولة.

إن إلتهام الأرض شيئاً فشيئاً يترافق مع تواصل تهويد مدينة القدس عاصمة دولتنا، سواء بسياسة الاستيطان وهدم البيوت أو التحايل والتزوير لشرائها أومن خلال نزع هويات المقدسيين وإبعادهم وتدمير بيوتهم ما يترافق مع سعي مكثف للسيطرة على الحرم القدسي عبر ضخ أعداد متزايدة من المستوطنين فيه يوميا لعلهم يصلون لغايتهم بتقسيمه زمانياً ومكانياً، وكما حصل في الحرم الابراهيمي في الخليل بعد مذبحة الإرهابي الصهيوني (غولد شتاين).

كما وتسعى السياسة الصهيونية لتكريس الشرخ الفلسطيني من خلال مدّ الخيوط من تحت الطاولة مع حركة “حماس” وإلزامها بحفظ الحدود بين غزة والكيان العنصري، ما أشاد به الضابط الكبير في الجيش الاسرائيلي (سامي ترجمان) وما أكدته تقارير غربية واسرائيلية مواكِبة للاتصالات الثنائية بين “حماس” والاسرائيليين ، وما تسعى معه الادارة الاسرائيلية لإبقاء القطاع في حالة عجز وحصار واستنزاف وسيطرة، فكلما خرج فيها القطاع عن الحدود يتم العدوان عليه كما حصل في حروبها العدوانية الثلاثة الفائتة على شعبنا البطل.

تكمل السياسة الاسرائيلية حلقاتها بالعمل ضد أهالينا في داخل فلسطين التاريخية داخل (اسرائيل) بفرض عشرات القوانين العنصرية التي تهدد وجودهم وحياتهم وتاريخهم تاريخنا وتراثنا، وتهدد المستقبل، ويأتي مشروع فرض “الدولة القومية اليهودية” كواحد من حشد من القوانين المغرقة في العنصرية والذي يتشابه مع تلك القوانين التي كانت سائدة في جنوب إفريقيا، أو التي طبقت في العهود النازية ضد القوميات الأخرى ومنها ضد اليهود الألمان.

إن السعي الصهيوني بتواصل الإحتلال الذي تراه غير مكلف، وتقسيم الضفة وفصل قطاع غزة، وتكريس العنصرية يأتي لمنع إمكانية تحقق أي حل عادل للقضية الفلسطينية، وينم ذلك عن ضيق أفق ومأزق تاريخي وسياسي وفكري يعشيه كيان جدار الفصل العنصري العقلي والمادي في داخل أراضينا.

إن السعي الإسرائيلي الإحتلالي الاستيطاني المحموم يأتي في ظل تنامي اليمين داخل الكيان العبري المهووس بالمرويّات التاريخية الكاذبة حول أحقيةٍ لهم في فلسطين وفي القدس، وعبر إدعاءات تُكذّبها الحقائق التاريخية والأبحاث وعلم الآثار وحقائق الجغرافيا، سواء عن أساطير وجود ممالك أوإمارات ، أو هيكل مزعوم أو خلافه، لكنها على كذبها تلقي هوى في نفوس هؤلاء (المتدينين) في الأحزاب المشاركة في الحكومة الحالية، ولدى قطاع كبير من الاسرائيليين.

لم تقف القيادة الفلسطينية مكتوفة الأيدي أمام سلسلة التحديات التي تواجهها سواء على الصعيد الشعبي، أو على صعيد التصدي للسياسات الاسرائيلية، فكرّست خطابها وحراكها وأهدافها في اتجاهات ثلاثة.

سعت حركة فتح والقيادة على الصعيد الجماهيري لإشعال أو استمرار إشعال جذوة الحِراكات الشعبية فيما أسمته “المقاومة الشعبية الشاملة” بكافة الاتجاهات والتي منها ما كرّسته حركة فتح عبر قرى التحدي من (باب الشمس ) إلى (عين حجلة)، وغيرها من المواجهات في كافة المواقع، التي لم تتوقف سواء في الضفة أو غزة أو القدس، ما ارتبط أيضاً بحملات مقاطعة بضائع المستوطنات وتجريمها في الشارع الفلسطيني، وما يمتد إلى دول العالم المختلفة وخاصة داخل دول الاتحاد الأوروبي التي تقاطع – وإن بنسب متفاوتة وآليات مختلفة – الجامعات في المستوطنات، والبضائع الاسرائيلية القادمة من أراضينا التي تنتهبها هذه المستوطنات المقامة على أراضينا.

أما على الصعيد الوطني وهذا ثانيا فإن حركة فتح والقيادة الفلسطينية قدمت التنازلات الكثيرة أمام حركة “حماس” التي انقلبت على غزة عام 2007، وشكلت بموافقة الفصائل حكومة الوفاق الوطني التي لم تُمكّنها “حماس” المسيطرة على غزة بالقوة حتى الآن من بالقيام بدورها لأهدافٍ في نفوس التيار المتحكم بقطاع غزة والساعي لإفشال الوحدة وتكريس الانفصال خدمة لأغراض خارجية .

ومع ذلك فإن حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح التي تعتبر نفسها أم الولد، ورغم علمها بمدى سيطرة هذه التيار الاقصائي للآخر داخل “حماس” ما زالت تمد الأيادي لتحقيق المصالحة الحقيقية بدءاً من تمكين الحكومة القيام بدورها كاملاً في القطاع، وصولا لعقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وتفعيل وإصلاح الأطر القيادية في منظمة التحرير الفلسطينية، ونجدد الدعوة دوماً لإخواننا في الفصائل الفلسطينية ليأخذوا دورهم في المشاركة والرقابة والشهادة وتحقيق الوحدة.

ثالثاً : فإن المواجهة الفلسطينية للسياسات الاسرائيلية تنبثق من وعي عميق بحجم المخاطر التي تحيط بالقضية الفلسطينية اسرائيلياً بشكل رئيس، وعربياً وإقليميا نتيجة حجم التفتت والتشرذم والتشتت الذي يضرب في جسد الأمة اليوم، وغرقها بين المحاور المتصارعة والتي لا تلقي بالاً لأهداف الأمة الواحدة ومساحات المشتَرَك بينها فتطغى مساحات المختَلَف عليه، وتنخرط في صراعات ثنائية أو اقليمية مع تنظيمات ودول كلها تأتي على حساب القضية الفلسطينية التي بدأت تُدفَع للخلف لتصبح في قعر الاهتمامات العربية والإسلامية.

ان المشهد العربي البائس والمرتبك والمتهاوي يعزز اتساع مساحة الدور الاسرائيلي في جسد الأمة ، وكذلك الأمر الذي يمكنها من التغوّل والتفرد بنا في ظل عجز أوسكوت الإدارة الأمريكية.

إن العالم اليوم يمر بمرحلة انتقالية عميقة ستصبح فيها أدوات السيطرة خارجة عن نطاق الدولة الواحدة المتحكمة بمصائر الشعوب والدول، إلى إطار عالمي تعددي، إن لم تستطع الأمة العربية موحدة أن تكون لاعباً أساسياً في النظام الجديد المتوقع ولادته، فإننا كقضية فلسطينية وكأمة ندخل دون أدنى شك في مرحلة انحسار وانكسار وتراجع.

إن بروز قوى جديدة في المنطقة والعالم دعى القيادة الفلسطينية وحركة فتح لتكريس جهد كبير ضمن استراتيجيتها الجديدة ما عبرت عنها بالمواجهة الداخلية المتنوعة للاحتلال الاسرائيلي، وظهرت على الصُعُد: العربي والإسلامي والعالمي ففتحت آفاقا جديدة للنضال السياسي عبر المقاطعة للإسرائيليين وعبر مراكمة الاعترافات بالدولة الفلسطينية ، وعبر إظهار الوجه العنصري الحقيقي والبغيض للكيان العبري في المحافل الدولية، والمحاكم الدولية التي لن تتوقف القيادة فيها إلا بعد أن تتمكن من فضح هذا الكيان العنصري وتعريته وعزله وصولاً لتحقيق الدولة والاستقلال وعودة اللاجئين والقدس عاصمة لنا.

بات واضحا أن عملية المفاوضات التي استمرت بيننا والإسرائيليين ردحاً من الزمن قد استغلتها الدولة العبرية لتكريس الأمر الواقع على الأرض، ما دعى القيادة لوضع أسس واضحة لأي تفاوض محتمل يتمثل بوقف الاستيطان، وإطلاق سراح الأسرى ورسم حدود الدولة الفلسطينية، وتحديد أمد زمني قصير لإنهاء الاحتلال الصهيوني وفق قرارات الشرعية الدولية.

وتمثل المقترحات لوضع إطار دولي لحل القضية الفلسطينية سعيا مطلوبا، وفهما واضحا لطبيعة القوى التي باتت ترسم مصير العالم.

لا يخفى علينا حجم المخطط الصهيوني لتدمير الأرض الفلسطينية عبر زرع المستوطنات والمستوطنين، وما يقابله من اقتلاع لشعبنا الفلسطيني من بيوته وأرضه، كما لا يخفى على أحد التغوّل الاسرائيلي المتصاعد نتيجة ضعف المنطقة، وكثرة الصراعات المحتدمة فيها ما شكّل سلاحاً بيد آلة الحرب الاسرائيلية والتي تلعب على أساسها لعبة تغيير البوصلة الدولية بحرفها للأتجاه شرقاً، وتصوير السلاح النووي الايراني هو العدو والخطر مقروناً بالتطرف الاسلاموي في محاولة يجب إلا نستسلم عندها، لأنها محاولة لإضعاف العامل الفلسطيني،ودفعه للخلف، ومع كل ذلك فإن حل الدولتين مازال قائماً في الفكر الوطني والسياسة الفلسطينية والممارسة العملية ما لاينفي أبداً أن هذه الأرض لم تكن يوماً في التاريخ -أي كل فلسطين- إلا لنا نحن العرب الفلسطينيين، ومن هنا تجئ عديد الدعوات الحديثة لمحاولة تكريس حل الدولة الديمقراطية الواحدة لسكان فلسطين كلها ، ما كانت بالحقيقة الفكرة الأولى للحل في حركة فتح.

إن التحديات الصهيونية كبيرة يقابلها الضعف العربي،والتشرذم في التنظيمات الفلسطينية التي تبتعد شيئاً فشيئاً عن حقيقة ومعنى الوحدة في إطار (م.ت.ف)، ما يلزمنا دوماً أن نتصرف كحركة فتح من موقع المُتعالي على الجراح الساعي للتآلف الوطني والعربي ، والذي لا يُقدّم على الهدف الرئيس والتناقض الأساسي أي تناقض ثانوي مهما آلمنا.

فوق كل ما سبق ما زلنا بحاجة ماسة لحشد طاقات التنظيم كلّه بأعضائه وكوادره، فقوتنا الداخلية هي مفتاح انتصارنا الأساسي، مفتاح فلسطين نحو الحرية والتقدم، كما نحن بحاجة لحشد طاقات الجماهير، ومن ورائها جماهير الأمة العربية والإسلامية، فالمسيرة طويلة وصراعنا ضمن نظرية حرب الشعب صراع طويل النفس ولن نتعب ولن نكِلّ ولن نركن،والله ناصرنا.

“وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” ﴿40 الحج﴾

وإنها لثورة حتى النصر

أمانة سر اللجنة المركزية

أبوماهر غنيم

16/6/2015

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا