الرئيسيةمختاراتمقالاتحكومة نتنياهو الرابعة .. مائة يوم من الفشل كتب غازي السعدي

حكومة نتنياهو الرابعة .. مائة يوم من الفشل كتب غازي السعدي

حسب ما هو معمول به في إسرائيل، فإنه بعد مضي (100) يوم على تشكيل أية حكومة في إسرائيل، يتطلب منها تقديم جردة حساب عن أعمالها، مواقع النجاح، ومواقع الفشل، وهذا ينطبق على حكومة “بنيامين نتنياهو” الرابعة، التي مر عليها (100) يوم ويزيد منذ تشكيلها، ولم تنجح عملية التشكيل، دون منح موازنات بالملايين للأحزاب الدينية والاستيطانية، والمئة يوم الأولى تعطي الأحزاب هدنة للحكومة، دون توجيه الاتهامات لها، أو تراشق التهم بينها وبين أحزاب المعارضة، فهذه الحكومة الائتلافية اليمينية، التي أصبحت الأحزاب الدينية “الحريدية”، واليمين الإسرائيلي المتطرف والفاشي جزءاً أساسياً منها، وبخاصة حزب “البيت اليهودي”، ومع ذلك، فإن هذه الحكومة، وحكومة “نتنياهو” الثالثة أي السابقة، والحكومات الأولى والثانية التي ترأسها، تبدو جمعيها تسير في برنامج ونمط واحد، تتسم بأكثر من رأس واحد، علاقات وتعاون مهلهل بين أعضائها، وانعدام الثقة فيما بينهم، حتى أن حكومتيه الثالثة والرابعة الحالية متشابهتان من حيث عدم وجود رؤيا وانعدام الشفافية، وعدم الحفاظ على إدارة متزنة وصحيحة، وهي بلا أية كوابح في مهامها، باستثناء الكراهية للفلسطينيين، والاستيلاء على أراضيهم، ومواصلة الاستيطان، وقد أشار معلقون إسرائيليون إلى أن “نتنياهو” يتصرف كدكتاتور، ولا يولي اهتماماً لأحد من زملائه، بل يفرض قراراته على شركائه بالحكم، ويعمل على إضعاف المحكمة العليا التي تكبح قراراته وقرارات حكومته أحياناً. جريدة “هآرتس 23-8-2015″، وصفت المائة يوم التي انتهت من حكومة “نتنياهو” بأنها مائة يوم من التراجع إلى الخلف، ومسلكيات مثيرة من الغضب والفشل، بعيدة عن الديمقراطية، وتوجهاتها إلى اللامكان، وتفتقر لعمل الطاقم، ولا إستراتيجية لها، فهذه حكومة استغرقت أطول مدة في عملية التشكيل، بعد مفاوضات معقدة، لاختلاف واسع بين الأحزاب في مطالبهم الوظيفية من جهة، ومطالبهم السياسية المتطرفة من الجهة الأخرى، وهي لا تعالج القضايا العاجلة بصورة جدية، بل بصورة عارضة، وبتراجع مع القضايا الأخرى رهناً بالظروف. هناك اتهامات صحفية إسرائيلية بأن حكومة “نتنياهو” ترعى المتطرفين، وجماعة “دفع الثمن”، التي قامت بأكثر من (140) عملية ضد الفلسطينيين، ووصفت ابتسامة حفيد الحاخام العنصري “كهانا” الساخرة على وجهه، بنفس ابتسامة قاتل “إسحاق رابين”، “يغئال عمير”، وغيرهم من العنصريين الإرهابيين الذين يعتبرون أنفسهم فوق الجميع، ويرفعون شعار الموت للعرب، بل يعملون على تطبيقه، فالأداء الحكومي الإسرائيلي مخادع، لتبرير التعنت ورفض التوصل إلى السلام مع الفلسطينيين، وذريعتهم بأنها حالة ميؤوس منها، ولا وجود لفرصة للتفاهم مع الفلسطينيين، وأن حجتهم بأن العرب يريدون القضاء على إسرائيل، وأن عليهم التمسك بمواقفهم، فـ “نتنياهو” وصل إلى هذه الدرجة من الانحطاط، وهو مصاب بجنون العظمة، وأن عقدته الخشية من انقلاب حزبه والأحزاب الأخرى عليه، ولاستمرار حكمه يتمسك بمواقفه لإرضاء المتطرفين والمستوطنين الأكثر تطرفاً منه، إنه لن يتراجع، ولن يتنازل للفلسطينيين قيد أنملة. لـ “نتنياهو” علاقات حميمة مع أصحاب رؤوس الأموال، الذين يمولون حملاته الانتخابية، يعقد معهم الاجتماعات المتواصلة، مثل الملياردير “أسحاق شوفا”، المهيمن على آبار الغاز الجديدة في البحر المتوسط، ومع آخرين دون محاضر أو توثيق لهذه الاجتماعات، وأحد لا يعرف مضمونها، وما اتفق عليه خلالها، فقد أدار “نتنياهو” مسألتين مركزيتين هما: قضية الغاز، وقضية موازنة الدولة، وأقال رئيس سلطة الكهرباء، كما أقال المسؤول عن شروط إنتاج الغاز، لأنهما عارضا رأيه، بينما شكل لجنة للبحث في موازنة الأمن والجيش، ووضعت اللجنة توصياتها، لكنه رفض توصيات هذه اللجنة التي شكلها بنفسه، ووضع التوصيات في الأدراج، بل ويوجه الاتهامات لكل من يخالفه الرأي، ويتهمه بأنه يساري، ويمس بأمن الدولة. إن أكثر ما يقلق “نتنياهو” الآن، حسب جريدة “يديعوت احرونوت” هو صراع البقاء، بعد إدخال إسرائيل بصراع مع الإدارة الأميركية، باعتباره الاتفاقية النووية مع إيران سيئة، بل رفض جميع مسودات الاتفاقية قبل أن يجري التوقيع عليها، ويتهمه خصومه بأن جميع القضايا التي عالجها منيت بالفشل، وأنه لا نتائج على الصعيد الاقتصادي، فالنمو الاقتصادي في إسرائيل، أقل من النمو في “اليونان”، فحكومة “نتنياهو” فاشلة، وهي لن تعمر طويلاً وفقاً لخصومه، بينما يزعم أنصاره، عدم وجود وريث أو بديل لـ “نتنياهو” على الرغم من جميع الإخفاقات، وخاصة أزمته مع الإدارة الأميركية، فحكومة “نتنياهو” تواجه قضايا أمنية وسياسية صعبة للغاية، إضافة لإيران، والوضع الأمني في مصر وسيناء، والوضع في سورية وحزب الله ولبنان، وما يحدث بدول الجوار، إضافة إلى المقاومة الشعبية الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس، يضاف إلى ذلك فشلها في مواجهة المشاكل الاجتماعية، وخاصة قضايا الفقر في إسرائيل، التي أدت إلى فوارق اجتماعية كبيرة ويبدو أن “نتنياهو” غائب ومغيب في جميع هذه القضايا إضافة إلى تدهور الصناعات الإسرائيلية، رغم تحذير رجال الصناعة من استمرار هذا التدهور، في أعقاب المقاطعة من بعض الجهات الأوروبية والعالمية، التي أدت إلى هبوط الأسهم وانخفاض مستوى تبادل العملة، والتراجع في الناتج المحلي، فهناك خسائر كبيرة للشركات، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن شركة “طيبع” العملاقة لصناعة الأدوية العالمية خسرت خلال يومين (22) مليار دولار، إثر هبوط البورصات العالمية، وتأثيرها على الاقتصاد الإسرائيلي. رئيس الحكومة الأسبق “إيهود باراك”، الذي يمهد للعودة إلى السياسة، هاجم “نتنياهو” ووصفه بالضعيف، واتهمه بأنه لا يتخذ القرارات الصعبة إلا رغماً عنه، ويختار الخوف بدلاً من الأمل، لأنه حسب “باراك” لا يملك الشجاعة لاتخاذ القرارات الصعبة، فكشف “باراك” أنه في عام 2011، عارض “نتنياهو” صفقة “شاليط” وعندما اضطر للموافقة كان شرطه الوحيد بأن يستقبل “شاليط” ويتصور وحده معه، فالصورة بالنسبة له أهم من الحدث، و”باراك” حسب الصحف الإسرائيلية “24-8-2015″، وصف رئيس الحكومة “نتنياهو” بالجبان والضعيف، بعد وقوفه مع المعارضين من الوزراء في مجلس الوزراء المصغر مثل “موشيه يعالون” و”يوفال شتاينتس” لضرب المفاعل النووي الإيراني، حين كانت جميع الاستعدادات للضربة جاهزة، بدوره رد مكتب “نتنياهو” على ما كشف عنه “باراك”، بأن أقواله غير مسؤولة، وتضر بأمن إسرائيل، لكن “باراك” رد على الرد بالتساؤل عن أسباب عدم مهاجمة المفاعل الإيراني، رغم أن كل التحضيرات والتدريبات كانت جاهزة، ووصول الاستعدادات الإسرائيلية إلى خطوة واحدة قبل بداية التحليق إلى إيران. إن من إنجازات “نتنياهو” خلال المئة يوم الأولى على حكومته الرابعة، تشريع عشرات القوانين العنصرية، كان آخرها قانون تغذية المضربين الفلسطينيين عن الطعام بالقوة، وقانون يخول المحاكم الحكم على قاذفي الحجارة من بين الفلسطينيين، بالسجن بين (5) إلى (20) عاماً، وهناك عشرات القوانين العنصرية على جدول أعمال الكنيست، منها اعتبار حراس المسجد الأقصى “المرابطون” من رجال ونساء خارجين عن القانون، وتعريف إسرائيل بالوطن القومي لليهود في إسرائيل وفي العالم، فيما يحاولون تغيير وثيقة إقامة إسرائيل الموقعة بتاريخ 15-5-1948، التي تنص على المساواة التامة في الحقوق بين جميع رعاياها، دون تمييز في الدين والعنصر والجنس، وتؤمن بحرية العبادة، وتحافظ على الأماكن المقدسة، لدى جميع الديانات، وتكون أمينة لميثاق الأمم المتحدة لكنها لم تلتزم بها وبغيرها من ما جاء في الوثيقة، فهي تريد الآن إعطاءها صيغة قانونية مخالفة لما جاء في الوثيقة، التي كانت الأساس في إقامة إسرائيل، وخاصة بالنسبة للقضية الفلسطينية وللفلسطينيين داخل الخط الأخضر، فمشروع قانون يهودية الدولة يتناقض كل التناقض مع الوثيقة آنفة الذكر، حتى أن “شمعون بيرس” الرئيس الإسرائيلي السابق، وصف قانون يهودية الدولة، بالحيلة السياسية، بينما وضع حزب إسرائيل بيتنا في برنامجه السياسي بنداً مضمونه طرد الفلسطينيين من البلاد، لكن عن طريق التشجيع والدعم المادي والاقتصادي، أما الحاخام “غليك” فهو يكرر دعوته اليهود لاقتحام الأقصى بالآلاف، وملصقات وضعت على جدران القدس، كتب عليها: كهانا صدق حين نادى بطرد العرب من البلاد، بل والموت للعرب ولا مكاناً لهم في هذه البلاد، فلا فرق بين الترانسفير الذي تمارسه الحكومة بهدوء ودون ضجة ضد الفلسطينيين، إذا كانوا في المنطقة 1948، أو في الأراضي الفلسطينية المحتلة الأخرى، فموجة الكراهية والتحريض ونهب الأراضي، والبناء الاستيطاني، وسياسة القمع والقتل والتنكيل، كلها تندرج في ترويع وتهجير الفلسطينيين سوءا كانت في ولاية برئاسة “نتنياهو” أو غيره من الذين تولوا الحكم في إسرائيل، وأخيراً فإننا لا نعول كثيراً على المئة يوم التالية من حكمه.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا