الرئيسيةمختاراتمقالاتمن الان وحتى نهاية العام؟! كتب إبراهيم ملحم

من الان وحتى نهاية العام؟! كتب إبراهيم ملحم

من الآن وحتى نهاية العام، ينفتح المشهد الفلسطيني المثقل بالهموم والتسريبات والشائعات والتحديات على ورشة عمل وطنية مفتوحة، يتم خلالها اجراء عملية “قلب مفتوح” وعلى الهواء مباشرة لتجديد الدماء في الشرايين المتصلبة من وعثاء السفر الطويل في متاهات المفاوضات وسراديب التسويات، ولترشيق الاداء في المفاصل المتيبسة من الجلوس الطويل على الكراسي التي تجرها العجلات، لتكتسب المناعة والمنعة لمجابهة المخاطر الجدية التي تحدق بنا وسط قوس النار المممتد من الشام لبغدان ومن نجد الى يمن.

من الان وحتى نهاية العام يشتعل الجدل وتحتدم المناقشات للاجابة على سؤال المصير الذي بات في علم الغيب بعد ان دخلت السفينة في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب، وهو سؤال تتطلب الاجابة عليه المذاكرة الجادة والقراءة الجيدة والمعمقة لكل الدروس والفصول والعبر في كل الحقب واستحضار تجارب أمم وشعوب تتلظى اليوم بنار الاستبداد التكفيري والطائفي والاثني، بعد تأخر حكامها في فهم الهموم التي اثقلت كواهل شعوبها التي اضطرت لركوب البحر والموت اختناقا في صهاريج الموت التي انبأنا عنها غسان في رائعته[رجال في الشمس] قبل عقود فاستحال الخيال حقيقة بعد ان ظل مجرد ابداع روائي، في اوسع نزوح بشري لم يشهد له العالم مثيلا منذ الحرب العالمية الثانية.

من الان وحتى نهاية العام يكرم الفلسطيني او يهان في اختبار الذكاء الموحد لكل الوان الطيف الوطني للخروج من النفق المظلم ولتجنب مصائر شعوب من حولنا تبكي قلوبنا وتقلق مناماتنا وسط هوان رسمي عربي وتهاون رسمي غربي يبلغ حد التواطؤ.

في عملية القلب المفتوح تتخذ جميع الاحتياطات، وتتوخى جميع الاجراءات لتجنب المفاجأت، من اعداد الطواقم، وتعقيم الغرفة والادوات، لتحاشي اية اعراض جانبية او مضاعفات .

في عملية الاعداد للعملية فان كل التفاصيل مهما كانت صغيرة مهمة وضرورية، كما ان بعث الامل والكف عن تصدير الياس والكابة والاحباط من متطلبات النجاح .

فتح قنوات الحوار مع جميع ألوان الطيف الوطني، وتقديم مقاربات وتنازلات غير مسبوقة، ان في اطار الفصيل الواحد او الفصائل مجتمعة، خطوة واجبة وممر اجباري لضمان اوسع اصطفاف وطني، مع حق اي فصيل بالاحتفاظ بمواقفه الخاصة في اطار التوافق والتزام بالرؤية الوطنية الجامعة.

اخطر ما يواجه العملية، تنحية الانظمة والقوانين، واغلاق الجرح دون تنظيف وبلا تعقيم ، وهو ان حدث سيشكل شرخا في بنية المنظمة المتآكلة من غياب الصيانة الدورية لمفاصلها .

على مشارف الورشة المفتوحة وفي خضم الانشغال بتفاصيلها، يطلق الرئيس اكثر الاشارات وضوحا لرغبته بالتنحي التدريجي ليفتح الطريق لتعاقب الاجيال، مقدما النموذج والقدوة، عندما أسر لاعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح امس بعدم رغبته بالترشح لرئاسة اللجنة التنفيذية، وابلاغه لاعضاء التنفيذية الليلة برغبته اعتزال العمل السياسي، سبقتها اشارات لا تخطئها العين عندما بادر بخطوة الاستقالة الجماعية للتخلص من الاحمال الثقيلة في المنظمة لاعادة التركيب بعد التفكيك، فلو كان يريد البقاء على رئاسة المنظمة لما وجد أفضل من التشكيلة القائمة لخوض المباريات !

احسب ان الرجل الصبور الحكيم صاحب العقل الاستراتيجي عيل صبره وهو يريد بالفعل التخفف التدريجي من الاعباء بعد ان يطمئن لسلامة وسلاسة الاداء، وان اصراره على انعقاد المؤتمر السابع لفتح قبل نهاية العام، يماثل اصراره لالتئام المجلس الوطني في منتصف هذا الشهر، ذلك ان بوحه بعدم رغبته بترشيح نفسه للتنفيذية ، يعني فعل الامر ذاته ازاء ترشحه لرئاسة المركزية ، وهو بهذا الفعل يقوم بعملية هبوط آمن على مدارج يلفها الضباب، ذلك ليقينه بان احداً من المرشحين لخلافته لن يكون بوسعه الجمع بين الرئاسات الثلاث، وان توزيع تلك الرئاسات بانتخابات ضمن التقاليد الديموقراطية المتبعة في تلك المؤسسات، بعيدا عن الوجبات الجاهزة والاملاءات، يشكل بوليصة تأمين من العثرات، مثلما يجنب الساحة اية تجاذبات او تصدعات تضاعف الهموم وتضعف جهاز المناعة عن مواجهة التحديات.

“القدس”دوت كوم

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا