الرئيسيةمختاراتاخترنا لكمتم إيداع ثلاثة دونمات في رصيدك

تم إيداع ثلاثة دونمات في رصيدك

منذ سنوات وأنا أدافع عن استحضار الإسلاميين في الحكم والحياة السياسية، لكن بين فترة وأخرى ينط أحد عباقرتهم ويكسر رقبتي أمام أصدقائي الكافرين من شاربي الكحول ومرتادي الروايات الحسية.
يصيبون في أشياء كثيرة، ولكن ينهار ذكاؤهم فجأة، ونقف مذهولين وخاسرين لفكرة إنهاء الحصار على العقل المتدين.
انهار ذكاء الإخوة في حماس قبل أشهر عندما ورطهم أحد النواب في فرض ضريبة على التفاح والفاكهة واللحوم، ذلك النائب الكارثي برر الخطوة أمام الجمهور بعذر أقبح من ذنبه، وحاول استمالة التجار في اجتماع موثق على اليوتيوب وراح يهمس لهم: أنتم غير مستهدفين بهذه الضريبة التي ستؤخذ أصلاً من الناس العاديين وليس من التجار.
هذه الأيام، ينهار عقل أصدقائي الحتميين من المتدينين، على لسان مهندس ذكي ووزير سابق ولاحق من حماس اسمه زياد الظاظا، الذي يطرح فكرة منح موظفين كبار من حماس أرضًا حكومية بدلاًعن رواتب متأخرة لهم لم تدفعها لا حكومة حماس السابقة ولا حكومة منظمة التحرير غير المسموح لها الدخول إلى غزة إلا على الورق أو عبر الإيميلات فقط.
أناقش هذا الموضوع، وعقلي يعود 21 عاما إلى الوراء، تحديدا إلى عام 1996، وإلى عام 2006 أيضا، عندما وضعنا العلمانيون والإسلاميون على مفرمة الشعارات، في انتخابات البرلمان الفلسطيني، وفي المرة الأولى، قاطع الإسلاميون طبعًا، ومع ذلك، شنوا دعاية انتخابية على هامشه أكثر من فصائل منظمة التحرير التي دخلته، أذكر آنذاك الشعارات الكبيرة عن “الإسلام هو الحل، والاقتصاد الإسلامي، والبحر والنهر معًا، وهي لله هي لله، والأيدي المتوضئة، والحكومة الربانية.
أدوات الإسلاميين في إدارة السلطة بسيطة وبلهاء تمامًا، وما يفعلونه في حماس أو ما فعلوه أيام مرسي، يوجه ضربة قوية لشعبية الإسلاميين لدى الناخب العربي والفلسطيني، وما يقدسونه سرًّا في التنظيمات الإرهابية في سوريا اعتقاد خاطئ تمامًا. لم يعد الجمهور يعيش على الشعارات، ليس في المنطقة العربية وحسب، بل في كل العالم، العقل الحديث أسرع من أن ينتظر عقودًا لتحقيق الشعار السياسي لأي فصيل، توقعه صار أقصر وأكثر منطقية، ولا يحتمل هذا الكلام “الوازن” الذي تفضل به الظاظا.

أتذكر الآن حفلة الذم الحمساوية ضد السلطة في كل السنوات، وتحديدًا تلك الرقصة الخاصة بذم السلطة في التصرف بالأراضي الحكومية. كانت هذه القصة تعلقها حماس على أعلى راياتها الانتخابية، لكنها الآن مع المهندس الظاظا، تقوم بما اعتبرته عارًا في خصومها، وتضيف إلى قائمة مصطلحات الفساد معنى لا يقبله عقل ولا يحتمله محام وقاض ومحلل: توزيع أرض الدولة على موظفين كبار كأتعاب أو رواتب متأخرة. هذا جنون بعينه، ولم يحدث لا في تاريخ الناس العاديين، ولا في تاريخ الحكومات في المئة عام الأخيرة،إلا عند الحكومات الفاسدة أو الشمولية أو العمياء.

جنون وجهل في إدارة الدولة، لأن هذا القرار بالقياس، قد يسمح لأحد نواب حماس بأن يفكر بتوزيع مقدرات الدولة من مكاتب وأثاث وسيارات وأجهزة وحواسيب وملفات ومحتويات مطبخ دائرة حكومية ووظائف ومبان وغرف ومكاتب لسداد ديون الحكومة، وهذا لعمركم أهبل منطق إداري وسياسي.

قرار توزيع الأرض على موظفي حماس الكبار، حكم مسبق على حماس بالغرق في ذات السباب والشتائم التي كانت توجهها لخصومها في منظمة التحرير، فكيف لهكذا حركة أن تزور قائمة الممنوعات على غيرها على أنها فضائل وخصال لإدارتها العبقرية السياسية.

للمرة الثالثة في العام 2015: أدعو أصدقائي وصديقاتي الشباب في حماس وحركة الإخوان لأن يطالبوا بمراجعات عميقة في الإدارة السياسية التي ورثتها الحركة عن القرضاوي. لم تعد أفكار المعلم الأول صالحة، وهناك نماذج سياسة وإدارة بينكم الآن أهم من كل حسن البنا.

كتب صالح مشارقة

عن زمن برس

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا