الرئيسيةمختاراتمقالاتصحوة إخوانيَّة.. من «تونس الخضراء»؟! بقلم: حمّاد السالمي

صحوة إخوانيَّة.. من «تونس الخضراء»؟! بقلم: حمّاد السالمي

* كثيرون هم الذين انسلخوا من (حزب الإخوان المسلمين)؛ بعد أن اكتشفوا اللعبة الكبرى الذي قام عليها الحزب وسار عليها في ما بعد داخل بلد المنشأ (مصر) وخارجه، في بلدان عربية مشرقية ومغربية.

* الشيخ محمد الغزالي – رحمه الله – قيادي في الحزب؛ أعلن انفصاله في حياته وقال: (اكتشفت أن عمل حزب الإخوان يقوم على فكرة: قم لأقعد مكانك).

* الشيخ محمد متولي الشعراوي – رحمه الله – هو الآخر؛ خرج مبكرًا بسبب رأيه في الزعيم المصري النحاس باشا، الذي قال عنه بأنه رجل طيب، وكان ذلك في حضور مؤسس الجماعة حسن البنا، الذي لم يعجبه هذا الرأي، فرد على الشيخ الشعراوي بقوله: (إن النحاس باشا هو عدونا الحقيقي. هو أعدى أعدائنا؛ لأنه زعيم الأغلبية، وهذه الأغلبية هي التي تضايقنا في شعبيتنا، أما غيره من الزعماء وبقية الأحزاب فنستطيع أن -نبصق- عليها جميعًا، فتنطفئ وتنتهي فورًا)!!. يقول الشيخ الشعراوي: (كان هذا الكلام جديدًا ومفاجئًا لي، ولم أكن أتوقعه، وعرفت ليلتها – النوايا-، وأن المسألة ليست مسألة دعوة وجماعة دينية، وإنما لعبة سياسية، وأغلبية وأقلية، وطموح إلى الحكم. وفي تلك الليلة اتخذت قراري، وهو الابتعاد، وقلت: (سلام عليكم، ماليش دعوة بالكلام ده).

* وتكرر خروج عدد كبير من قيادات وأعضاء الجماعة خلال العقود الستة الفارطة، وكان من آخر الخارجين الدكتور (ثروت الخرباوي)، الذي عرّى فكر الجماعة، وكشف أسرارها في كتابه الشهير (سر المعبد).

* إن آخر الخارجين على (حزب جماعة الإخوان المسلمين)؛ ليس عضوًا في الحزب ولا واحدًا من قياداته فقط، ولكنه فرع من فروع الجماعة بقائده وقيادته وفكره وتوجهه، وهذا دليل صارخ على فساد الفكرة الإخوانية من أساسها، وأنها قامت ليس لله ورسوله، ولكن للوصول إلى الحكم والسلطة، كما قال بذلك الغزالي والشعراوي والخرباوي وغيرهم من أعضاء وزعامات كانوا ضمن مكنتها الأيدولوجية، ثم خرجوا عليها وتبرؤوا منها في حياتهم قبل مماتهم.

* جاءت الثورات العربية لتكشف عوار جماعة الإخوان في مصر وفي خارج مصر، فقد بدا واضحًا أن شهوة الجماعة للسلطة؛ هي كل ما تملك من فكر، وأنها ظلت تجهد وتجاهد طيلة عقود مضت من أجل هذا الهدف، فهي لا تملك أي مشروع نهضوي أو تنموي يصلح أن يكون بديلاً ومحققًا لمطالب شعبوية في بلدان عربية ثارت على حكامها، ثم وجدت أنها مطالبة بثورة مُخلِّصة من الثورة، كما حدث في تونس ومصر وليبيا.

* الكلام الذي أفضى به مؤخرًا الشيخ راشد الغنوشي رئيس الجماعة الإخوانية التونسية- (جماعة النهضة)- يشي بالكثير من الدروس والعبر المهمة، التي تكشف إلى أي حد كان بؤس الفكرة الإخوانية وفشلها في التجربة التي خاضها فرعها في تونس، فقرر بعدها نفض يده من الجماعة، ومن ثم الفصل بين الدعوة الدينية والعمل السياسي، وهذا ما وقع في مصر في ثورة التصحيح بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، حين ثار الشعب المصري ضد حكم الإخوان، الذين كادوا يخرجون بمصر من مسارها العربي والقومي؛ إلى التيه الإخواني من جديد.

* ماذا قال الشيخ راشد الغنوشي رئيس (حزب النهضة) التونسي؛ في رسالته التاريخية التي وجهها للإخوان أثناء المؤتمر العالمي الذي عقدته الجماعة أبريل الماضي في تركيا، والتي أكد فيها أنه لا يريد لتونس أن تكون ليبيا المجاورة أو العراق..؟

* مما قال الغنوشي: (أنا الآن أعلن أمامكم أن تونسيتي هي الأعلى والأهم، لا أريد لتونس أن تكون ليبيا المجاورة ولا العراق البعيد، أريد لتونس أن تحمي أبناءها بكل أطيافهم وألوانهم السياسية، أنا وبالفم الملآن أعلن لكم أن طريقكم خاطئ، وجلب الويلات على كل المنطقة، لقد تعاميتم عن الواقع، وبينتم الأحلام والأوهام، وأسقطتم من حساباتكم الشعوب وقدراتها.. لقد حذرتكم في مصر وسوريا واليمن، ولكن لا حياة لمن تنادي، أنا الآن جندي للدفاع عن أراضي تونس، ولن أسمح للإرهاب مهما كان عنوانه أن يستهدف وطني، لأن سقوط الوطن يعني سقوطي، عليكم أن تعوا ولو لمرة واحدة خطورة ما يحصل ومن هو المستفيد، لقد صورتم لنا أن مصر ستنهار، وأنكم ستستعيدون الحكم في مصر خلال أسابيع أو أشهر، ولكن للأسف.. فقد أثبتم بأنكم قليلو الحيلة، وتحالفتم مع منظمات إرهابية تدمر أوطانكم، ماذا سيتبقى لكم في حال دمار وطنكم؟ يجب ألا تكون الكراسي هي الهدف فالوطن هو الأهم).

* هذه بلا شك؛ صحوة إخوانية تونسية ولو بعد خراب أكثر من مالطا عربية تسبب فيها الإخوان في عدة أقطار عربية، فهم الذين ركبوا موجة الدعوة الدينية لكسب الأنصار وتضليل العلماء والعامة لإزاحة الحكام، وهم الذين أفسدوا الذهنية العربية بفكرة الجاهلية التكفيرية التي أطلقها كتاب سيد قطب: (جاهلية القرن العشرين)، فنصبوا أنفسهم دعاة لأسلمة المسلمين من جديد، فانخدع بدعوتهم الضالة المضلة هذه؛ جمهور عربي عريض، أصبح هو وقود المعركة بين الجماعة والحكومات العربية، من أيام النقراشي باشا حتى زمننا هذا، فما من جماعة إرهابية تظهر بيننا وهي تمارس الذبح والقتل والتكفير والتفجير، إلا ولها صلة بالجماعة بشكل أو بآخر، من ابن لادن والظواهري في القاعدة؛ إلى قيادات وإرهابيي النصرة وداعش وبو حرام والجماعات الجهادية في شمالي أفريقيا ووسطها.

* متى تصل الصحوة الإخوانية التونسية إلى الأتباع في خليجنا العربي؛ الذي لن يقبل أبداً أن يكون في حال تشبه العراق وسورية وليبيا واليمن، ولا أن يرى المنظمات الإرهابية تعبث بأمنه واستقراره برايات إخوانية كما ذكر الغنوشي في صحوته التاريخية..؟

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا