الرئيسيةأخبارعربية ودوليةالإخوان المسلمون والصعود إلى الهاوية (5) .. «ميليشيا الأزهر» رد على بلطجية...

الإخوان المسلمون والصعود إلى الهاوية (5) .. «ميليشيا الأزهر» رد على بلطجية الحزب الوطني

في الحلقة الخامسة من مذكراته، يكشف نائب مرشد جماعة الإخوان السابق الدكتور محمد حبيب، عن اختراق التنظيمات السلفية الجهادية والجماعة الإسلامية لصفوف طلاب الإخوان، خاصة في جامعة الأزهر.

ويرى حبيب أن «السلفية الجهادية» والجماعة الإسلامية، استدرجوا طلاب الإخوان بالأزهر إلى العرض العسكري الذي عرف إعلامياً بـ«ميليشيا الأزهر»، عام 2006.

وبعد عرض «ميليشيا الأزهر» فتح تحقيق حول من المسؤول من قيادات الجماعة عن تنظيمه، لكن هذا التحقيق لم ينته إلى شيء. ويقول حبيب عن ذلك: إذا أخطأ الكبير في «الإخوان» تركوه، وإذا أخطأ الصغير «يا ويله ويا سواد ليله».

لا أعرف تحديداً من الذي أصدر تعليماته إلى طلاب جامعة الأزهر بعمل العرض، الذي أطلقت عليه وسائل الإعلام «ميليشيا طلاب جامعة الأزهر»، لكن من المؤكد أن المسؤول عن ذلك هو قسم طلاب الجماعة مع مكتب إداري شرق (شرق القاهرة)، وهو إن دل على شيء فإنما يدل على السذاجة والسطحية التي كان يدير بها هؤلاء المسؤولون قسم الطلاب في الجامعات المصرية.

وأعتقد أن هذا العرض لم يؤخذ فيه رأي المشرف على قسم الطلاب في ذلك الوقت، وهو الدكتور رشاد البيومي عضو مكتب الإرشاد، كما أعتقد أن طلاب الإخوان كانوا مخترقين من قبل آخرين، ربما تابعون للجماعة الإسلامية أو السلفية الجهادية، وهؤلاء هم الذين أوعزوا إليهم أو استدرجوهم للعرض المذكور.

في هذا العرض ارتدى طلاب الإخوان زيا أسود، كما وضعوا على رؤوسهم أقنعة سوداء أيضا كتب عليها لفظ «صامدون»، على النمط نفسه الذي يميز أفراد عز الدين القسام في غزة، وقد استعرض الطلاب بعض فنون الاشتباك التي نراها عادة من الجنود أثناء العروض العسكرية.

ومن المضحك أن الطلاب اتصلوا بمحررين من جريدة «المصري اليوم» لتغطية الحدث، وفي صباح اليوم التالي صدرت الجريدة وفي صدر صفحتها الأولى صورة الطلاب وهم يقدمون عرضهم وفوق الصورة «مانشيتات» حمراء مثيرة.

ويرجع سبب هذا العرض إلى ما تعرض له طلاب الإخوان قبل هذا التاريخ بشهر تقريبا في جامعة عين شمس (بمبنى كلية التجارة) عندما أرادوا إقامة احتفال لاتحاد الطلاب الموازي (كبديل لاتحاد الطلاب العادي الذي جاء نتيجة التزوير)، إذ فوجئوا بمجموعات من البلطجية التابعين للحزب الوطني والأمن، تهجم عليهم «بالسنج» و«المطاوي» وأحدثوا فيهم إصابات شديدة، وقد تسربت أنباء ـ عن عمد ـ لطلاب جامعة الأزهر أنهم سوف يتعرضون لهجوم من هذا النوع، فأرادوا إيهام الأجهزة الأمنية والبلطجية أنهم قادرون على صد هذا الهجوم والتعامل معه بما يليق.

في ذلك اليوم اتصلت معظم الصحف ووكالات الأنباء بالمرشد وبي، لاستطلاع رأينا فيما هو منشور، كان تعليق المرشد ـ دون أن يتحقق أو حتى يسأل عن الموضوع ـ أنه عبارة عن عرض رياضي(!)، وفي حوار صحافي قال المرشد: «بداية، ما وقع لم يكن عرضا عسكريا، بل مجرد أداء رياضي تم تضخيمه من قبل أجهزة مغرضة أمنية وإعلامية؛ لتشويه صورة الجماعة وللنيل من نبل رسالتها وسلمية دعوتها، بصرف النظر عن كون ما حدث خطأ، والطلاب قدموا اعتذارا عنه.

حيث ان هذا كله لم يؤثر من قريب أو بعيد على أصحاب العقول المتابعين لحركة الإخوان ومسيرتهم الإصلاحية الدعوية التي ترتكز على الدعوة بالحسنى والنصح الهادئ والانتقاد البناء»، وكان ردي: «ليس لدي علم بالموضوع، وأحب قبل الإجابة على السؤال أن أجمع معلومات عنه من مصادره، وأن أتأكد هل الصورة المنشورة صحيحة أم مفبركة؟».

المهم ـ وكالعادة مضى الأمر دون أن يسأل أحد وعن دور هذا المسؤول أو ذاك (!)

هكذا كانت جّل أمورنا داخل الجماعة، لا أحد يحاسب أحدا، خاصة إذا كان مسؤولا ولو من القيادات الوسيطة، ويتم ترحيلها إلى أجل غير مسمى إلى أن تنسى تماما، وهكذا تتراكم الأخطاء والخطايا، ولا أحد يتعلم أو يتعظ، أما إذا صدر الخطأ من فرد هنا أو هناك، فيا «ويله وسواد ليله».

إضراب 6 إبريل 2008

استغلت مجموعة من الشباب اطلقوا على أنفسهم «6 إبريل» – وهو اليوم الذي أعلن عمال غزل المحلة أنهم سيضربون فيه عن العمل – وبدأوا يتصلون بالقوى السياسية والوطنية للمشاركة في إضراب ذلك اليوم بهدف أن يكون إضرابا عاما يهز نظام مبارك ويزلزل أركانه.

جاءوا إلينا – في مقر مكتب الإرشاد بالروضة بالقاهرة – والتقوا على ما أذكر المرشد محمد مهدي عاكف لشرح الهدف من حركتهم ودعوتهم، وقد قررنا إرسال الدكتور محمد سعد الكتاتني – كممثل لنا – إلى مقر حزب الكرامة لحضور اجتماع ممثلي القوى السياسية لبحث ودراسة مسألة المشاركة، والحقيقة أن موضوع الإضراب شغل البلد من أقصاها إلى أقصاها.

في يوم الثلاثاء السابق على يوم 6 إبريل (الذي كان يوافق يوم أحد)، كنا: المرشد وأنا وبعض أعضاء مكتب الإرشاد موجودين بالمقر، تناقشنا في مسألة إضراب 6 إبريل، وانتهينا إلى أني سأكتب بيانا يعرض على مكتب الإرشاد في اليوم التالي (أي يوم الأربعاء، وهو اليوم الذي نجتمع فيه كل أسبوع) لمناقشة رأينا في الإضراب، وهل سنشارك أم لا؟

في جلسة الأربعاء، تم عرض البيان الذي قمت بصياغته على مكتب الإرشاد لمناقشة ما جاء به، والذي كان يري ضرورة المشاركة، ولست مبالغا إذا قلت إن البيان تم تحويله إلى مسخ شائه، لا هو يدعو إلى المشاركة ولا يدعو إلى المقاطعة، شيء لا لون، ولا طعم، ولا رائحة، حتى كلمة 6 إبريل تمت الإطاحة بها، علاوة على أنه لم يرد ذكر حضور الكتاتني لاجتماع القوى السياسية، ولا مجيء شباب 6 إبريل إلينا، دافعت عن البيان الذي كتبته ببسالة، وقلت لهم إن ما انتهيتم إليه سيكون أضحوكة، وقع المرشد على البيان، وتم تصديره إلى الفضائيات والصحف ووكالات الأنباء، صلينا العصر، وانطلقت إلى بيتي.

بعد صلاة المغرب بقليل، فوجئت بجرس البيت يرن، فتحت الباب، فإذا بي أجد أربعة من أعضاء مكتب الإرشاد: محمود عزت، جمعة امين، محمد بديع، ومحمود حسين، دخلوا واتخذوا مقاعدهم، قلت: خيرا، ما الذي أتي بكم في هذه الساعة؟

نظروا إلى بعضهم، ثم قال أحدهم: الحقيقة، لقد أتينا بخصوص البيان، قلت: وماذا به؟ قالوا: بعد تصدير البيان، وصلت إلى موقع «إخوان أون لاين» تعليقات كثيرة تصفه بأنه بيان غائم وعائم، وأنه لا يليق بالجماعة، قلت: هذا ما قلناه وعارضتموه، ثم، لماذا أتيتم إلي ولم تذهبوا إلى المرشد؟

قالوا: هو لن يوافق، قلت: ألم تسألوا أنفسكم، ما هو موقف المرشد إذا نحن قمنا فعلا بتعديل البيان؟! ثم أردفت قائلا: عموما، هاتوا ما عندكم، بعد أن صاغوا بعض العبارات، قمت بالاتصال أمامهم بالمرشد هاتفيا، وأحطه علما بما كان، فرد قائلا: لا تضف حرفا على البيان، وليترك كما هو، انصرف القوم بعد ان فشلوا في تحقيق المراد الذي جاءوا من اجله.

في اليوم التالي (الخميس)، وفي الساعة الثانية بعد الظهر، دخل مكتبي الصحافي الشاب أحمد البهنساوي، الذي كان يعمل كهمزة وصل بين مكتب الإرشاد وموقع «إخوان أون لاين»، وقال لي: معي حواران أحدهما للأستاذ جمعة امين، والآخر للدكتور محمود عزت، قلت: حواران بشأن ماذا؟ قال: بشأن إضراب ٦ أبريل، قلت متسائلا ومستغربا: حواران في نفس الموضوع؟

ثم، ألم يصدر بيان في هذا الشأن، وكان الإخوان عندي البارحة؟! أردفت قائلا: يا أحمد، يكفي حوار واحد، والأخ الذي لم يصدر له حوار في «إخوان أون لاين» منذ فترة طويلة، يمكن أن ترسل حواره، أما الذي صدر لها حوار في الموقع نفسه منذ فترة قصيرة، فلا داعي لإرسال حواره، قال أحمد: إذن نرسل حوار جمعة امين، وانطلق، لكني فوجئت به يعود مرة ثانية ليخبرني بأن الموقع يريد الحوار فورا، قلت: وماذا في ذلك؟.

قال: المشكلة أن حوار جمعة مسجل، ويحتاج إلى يوم ونصف لتفريغه، أما حوار الدكتور محمود عزت فمكتوب فعلا وجاهز، ولأن الدكتور عزت كان موجودا، فقد ناديته وأخبرته بما كان، وأننا سنرسل حواره، وأما حوار جمعة فلا، وسأتصل به هاتفيا لإبلاغه بذلك، قال: جزاك الله خيرا، وسأتصل به أنا أيضا كذلك، وتم إرسال حوار الدكتور محمود عزت.

مضت بقية يوم الخميس والجمعة، وفي يوم السبت صباحا، جاءني في مكتبي المرشد ومعه عبد المنعم أبوالفتوح، وكانا في ثورة عارمة، سألني المرشد: هل قرأت حوار الدكتور محمود عزت؟ قلت: لا.

قال: ولماذا لم تقرأه قبل إرساله إلى «إخوان أون لاين»؟ رددت: ليس من عادتي أن أراجع حوارا لأي عضو في المكتب، المهم أننا أحضرنا نسخة من الحوار، وبدأت في قراءته، كان معنونا بهذه العبارة: «لأجل هذه الأسباب نرفض المشاركة في إضراب 6 إبريل»، استرسلت في القراءة، فوجدت العنوان مأخوذا من النص الرئيسي.

قال المرشد: أرجو تصحيحه وفقا للبيان الذي أصدرناه يوم الأربعاء الماضي، وإعادة نشره في الموقع، وفعلا، قمت بالتصويب اللازم وإرساله إلى الموقع، في ذلك اليوم كان الدكتور عزت مسافرا.

في يوم الاحد صباحا (الموافق 6 إبريل)، اجتمعنا المرشد وأنا والدكتور محمود وبعض الإخوان – كما هي العادة كل اسبوع – لطرح الأفكار التي سيتم اختيار إحداها لكتابة المقال الأسبوعي للمرشد، حيث ينشر في موقع إخوان أون لاين بعدها بيومين، بعد أن فرغنا من تحديد الموضوع ومن الذي سيقوم بكتابته، انصرف الحاضرون.

واستبقاني المرشد والدكتور محمود عزت الذي التفت إليه قائلا: إزاي يا «أفندي» تنشر حوارا في «إخوان أون لاين» مختلفا تماما عما تم الاتفاق عليه في البيان؟ هل ذكرنا أننا لن شارك في الإضراب؟ قال الدكتور محمود (متلعثماً): الشاب الذي نشر الحوار في «إخوان أون لاين» هو المسؤول عن كتابة هذا العنوان، نظر إلى المرشد نظرة ذات معني، وهي أن الدكتور محمود يكذب.

بالطبع ترك حوار الدكتور محمود عزت وتناقضه مع البيان الموقع من قبل المرشد آثاراً بعيدة المدى على مستوى أفراد الصف.

المؤلف في سطور

قضى الدكتور محمد السيد حبيب، كاتب هذه المذكرات، 40 عاماً داخل صفوف جماعة الإخوان، منها 25 عاماً عضواً بمكتب إرشادها الذي التحق به عام 1985، وخرج منه مطلع 2010، بعد «إسقاطه» في انتخابات داخلية أثارت عاصفة من الجدل نهاية 2009.

بحكم موقعه كنائب أول لمرشد الجماعة، اطلع الدكتور حبيب على أدق تفاصيل وأسرار التنظيم، من علاقة الإخوان بنظام مبارك إلى اتصالاتهم مع الأميركيين، كما وقف على مصادر تمويل الجماعة، التي وصفها بأنها سر لا يجوز حتى للأعضاء الاطلاع عليه.

عاكف تأخذه الحماسة

لعلنا نتذكر جيداً أن العدوان الصهيوني على لبنان (12 يوليو ـ 15 أغسطس 2006)، جاء رداً على عملية خطف حزب الله لجنديين إسرائيليين، ولا شك أن أصداء هذا العدوان قد تجاوزت حدود لبنان إلى العالم العربي والإسلامي، بل إلى العالم كله.

في مصر، احتشد الإخوان بعشرات الألوف في الجامع الأزهر، وقد شارك في الحشد رموز من القوى السياسية والوطنية. وفي مؤتمر حاشد للإخوان بمقر النقابة العامة للمحامين وسط القاهرة، أخذت الحماسة المرشد مهدي عاكف وهو يخطب، فقال: إننا على استعداد لإرسال عشرة آلاف من شباب الإخوان إلى لبنان(!).

هكذا ابتلعت حركة «حماس» الطعم

عندما استطلع المسؤولون في حماس رأي قيادة الجماعة في مصر حول انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني التي كان مزمعاً إجراؤها في 25 يناير 2006، كان الرأي هو أن ينافسوا على 30% فقط من المقاعد، حتى يشكلوا معارضة قوية داخل المجلس من ناحية، وكي لا يتحملوا مسؤولية تشكيل حكومة هي مضطرة ـ بالضرورة ـ للتعامل المباشر مع العدو الصهيوني، وهو الأمر الذي يؤثر سلبا على موقف حماس كحركة مقاومة من ناحية أخرى.

والذي حدث أن تسربت معلومات إلى حماس ـ لا ندري مدى صحتها ودقتها ـ مفادها أن الانتخابات التشريعية سوف يتم تزويرها بهدف إظهار حماس بأنها قوة ضعيفة، وليس لها وجود في الشارع، على خلاف ما تدعي. بلعت حماس الطعم، وقفزت إلى الشرك المنصوب لها، فما كان منها إلا أن قامت بترشيح رموزها الأقوياء، من أمثال سعيد صيام ومحمود الزهار وغيرهما، فضلا عن أنها أوعزت لرجال فتح أنها سوف تلجأ لاستخدام السلاح حال ظهور أي بادرة للتزوير.

وأجريت الانتخابات، وحدث ما لم نكن نريده، وهو فوز حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي. حاولت حماس التشاور مع فتح للتعاون في تشكيل الحكومة، لكن الأخيرة أبت وتمنعت، أرادت أن تترك حماس تواجه قدرها ومصيرها (..) واضطرت حماس في نهاية المطاف أن تشكل الحكومة، ومنذ ذلك التاريخ بدأت المتاعب والمصاعب، سواء مع حركة فتح من ناحية، أو مع العدو الصهيوني والإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي من ناحية أخرى.

المتأمل للأحداث التي تلت فوز حماس وتشكيل الحكومة، واتفاق مكة (6 ـ 8 فبراير 2007)، وما تمخض عنه من إقامة حكومة وحدة وطنية، والمؤامرات التي أحاطت بحماس وانتهت بالمواجهة الدامية مع حركة فتح في 14 يونيو 2007، والحصار الذي تعرض له ـ ولا يزال ـ أهل القطاع، والمجزرة التي قام بها العدو الصهيوني في غزة في الفترة من 17 ديسمبر 2008 إلى 18 يناير 2009، كل ذلك يؤكد ما انتهينا إليه.

الإخوان المسلمون والصعود إلى الهاوية (4) .. أسرار اجتماعات مكتب الإرشاد في ” أمن الدولة”

البيان الاماراتية – إعداد: محمد سعد عبد الحفيظ

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا