الرئيسيةمتفرقاتكتاب"عرفات - حياته كما أرادها".. الفصل السادس - ح3: وصف حقيقي لـ"أبو...

“عرفات – حياته كما أرادها”.. الفصل السادس – ح3: وصف حقيقي لـ”أبو عمار” عندما خرج من صمود بيروت هو ومقاتليه الى تونس

لقد قدم الكاتب خريطة اتجاه القوات الفلسطينية والدول التي استقبلتهم وكيف كانت انظار دول العالم تتجه نحو عرفات معلنة تقديرها واعجابها بصموده مع قواته دون أن تهتز له شعرة وقد استقبله العديد من الرؤساء وكان محل تقدير واحترام من الجميع بإستثناء رئيس عربي واحد حاول أن يعيد الإهانة التي اهانه لها ياسر عرفات بخروجه إلى اليونان لكنه فشل بعد أن نزع عرفات القناع عن وجهه . وفي نهاية هذا الفصل اشار الكاتب وهواحد المحاصرين في ذلك الوقت إلى إعادة هيكلة قوات الثورة الفلسطينية ولتحتل تونس مكانة هامة في زمن النضال الوطني الفلسطين.

الفصل السادس – الجزء الثالث

كان اهتمامه الأول ينصب على إعادة بناء القوة العسكرية، ولا يهم إذا كانت هذه القوة بعيدة آلاف الأميال عن فلسطين، وفي ذكرى انطلاقة فتح الثامنة عشرة 1/1/1983، يقيم عرضاً عسكرياً مشهوداً في عدن يحير المراقبين، إنه يوجه رسالة للإسرائيليين بأن معركة بيروت ليست إلا معركة واحدة في حرب مستمرة، وأنه لم يخرج من دائرة الصراع بخروجه من بيروت، بل يؤكد بهذا العرض العسكري أن القوة العسكرية الفلسطينية ستظل الكابوس المؤرق لإسرائيل، سواء كانت في لبنان أو غيره.

خرج أبو عمار من صمود بيروت مع مقاتليه مرفوع الرأس موفور الكرامة، واستقبله الملوك والرؤساء العرب في قمة فاس في المطار، وقداسة البابا وقادة إيطاليا استقبلوه في روما بكل التكريم الذي يليق بقائد مقاومة شجاع، وتظل مجزرة صبرا وشاتيلا التي ارتكبها شارون انتقاما من فشله في القضاء على المقاومة وقائدها وصمة عار في جبين إسرائيل إلى الأبد، لقد أثارت هذه المجزرة الوحشية ضد الأطفال والنساء بعد انسحاب المقاتلين الفلسطينيين من بيروت سخط وغضب المجتمع الدولي برمته، وخرجت في إسرائيل أكبر مظاهرة في تاريخها تندد بالمجزرة وبحكومة بيغن -شارون، ولم يمض غير وقت قصير حتى استقال بيغن, وأقيل شارون من وزارة الدفاع، بعد التقرير الرسمي الإسرائيلي «تقرير كاهان»، الذي أدانه بالتواطؤ والمسؤولية المباشرة عن المجزرة، وعلى مدى خمسة عشر عاماً، ظل شارون شخصاً غير مرغوب فيه في أكثر دول العالم، أما القوات المتعددة التي كان عليها واجب حماية المدنيين الفلسطينيين بعد خروج المقاتلين, فإنها دون أدنى شك تتحمل بدورها مسؤولية هذه المجزرة، نتيجة انسحابها من بيروت قبل المجزرة، تاركة المخيمات تحت رحمة شارون وعملائه في لبنان بعد خروج المقاتلين المدافعين عنها.

وبسرعة أعاد أبو عمار الحياة إلى شرايين الثورة والمنظمة، وعلى الصعيد السياسي راح يمسك بالعصا من منتصفها، ويقدم جوابه المحير سياسة «اللعم»، ليست لا وليست نعم، أمام المبادرات السياسية الدولية لا يغلق الباب ولا يفتحه على مصراعيه، قال هذا الموقف وهو على ظهر السفينة «أتلانتيس» التي نقلته من بيروت إلى أثينا حين أصدر الرئيس ريغان خطته المعروفة، أغضب كلام عرفات الأوصياء والسذج على السواء، وصدرت بيانات تستنكر كلماته المدروسة، التي تعكس سياسته منذ عام 1974، وبعد قرار المجلس الوطني بإقامة السلطة الوطنية في الأراضي المحررة، أو تلك التي ينسحب عنها الاحتلال الإسرائيلي.

إنه يقدر الظروف الجديدة التي يتحرك داخلها، فلا بد أن يتكيف لغة وأسلوباً، دون تغيير في الموقف والمضمون والمبدأ، ويفاجئ الجميع بلقاء الجنرال متياهو بيلد وأوري أفنيري في تونس، إنه يعرف قيمة هذه اللقاءات في هذا الوقت، بعد مظاهرة الأربعمائة ألف في تل أبيب ضد مجزرة صبرا وشاتيلا، إن أوري أفنيري قد اخترق الحصار في بيروت، ووصل للقاء عرفات داخل الحصار، فما الذي يمنع من لقائه في تونس، أما بيلد فهو الذي أصبح داعية للسلام، بعد أن كان ضابطاً كبيراً في الجيش وله شهرة واسعة في المجتمع الإسرائيلي.

وقال رداً على الانتقادات الفلسطينية: «في نهاية الأمر سنتفاوض مع الإسرائيليين، أم أننا سنتفاوض مع أشباح»؟

أما لماذا بدأ أبو عمار يفصح بدرجة أكبر من الوضوح عن رؤيته السياسية، فهذا في الواقع يعود في الأساس لإدراكه لضرورة تعزيز موقع المنظمة فلسطينياً وعربياً ودولياً، وهي بعيدة عن دائرة الفعل، وطوال تعاطيه مع الحلول السياسية والتسويات، لم يكن يجهل سقف التوقعات الفلسطينية، وإذا كان سار في سياسة «اللعم» زمناً طويلاً، فإن السبب هو رفض إسرائيل الاعتراف بالشعب الفلسطيني، ورفض التفاوض مع منظمة التحرير والاعتراف بها، كانت إسرائيل تراهن على حل عربي للقضية الفلسطينية مثل التقاسم الوظيفي أو الخيار الأردني، أما المبادرات السياسية لياسر عرفات، فقد أربكت إسرائيل، وفتحت المزيد والمزيد من الأبواب الدولية التي كانت حكراً على إسرائيل، وأبقت المنظمة في بؤرة الحدث.

وصحيح هنا القول، بأن هذه المبادرات، والتي كان معظمها « بالونات اختبار» قد جرّت عليه الكثير من النقمة والتشكيك، من أقرب المقربين إليه في منظمة التحرير، وفي حركة فتح ذاتها، واتهم بالإنفراد والدكتاتورية، وحتى بالخروج على الثوابت الوطنية، وهو يخوض هذا الصراع المميت، حتى لا تسقط القضية الفلسطينية في أيدي الأوصياء، الذين لم يترددوا في ظل الكيانية القائمة على سايكس / بيكو، أن يعقدوا الصلح الواقعي مع إسرائيل لضمان بقائهم، على مدى أربعين عاماً، وأين هي غيرتهم على فلسطين وثورتها وحقوقها التاريخية والوطنية، وهم يمنعون الفدائيين من إطلاق طلقة واحدة، من حدودهم المحرمة على الفدائيين والثورة؟ هناك حلف غير مقدس يجمع إسرائيل والأردن وسوريا ضد الثورة.

في الغرف المغلقة والاجتماعات الموثوقة كان يقول الحقيقة كل الحقيقة لرجاله المخلصين، أما في العلن، فكان حريصاً على أن يبقى شعرة معاوية مع الجميع، ويقول دائماً: «ثمن الكلمات دم فلسطيني، فارحموا شعبكم وقضيتكم».

في تونس كانت الظروف مواتية تماماً، لتعزيز العلاقة بين القيادة وبين قطاعات الشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة، فالقيادة التونسية صاحبة الخبرة الطويلة، في التعامل مع جبهة التحرير الجزائرية، وفرت كل الإمكانيات والتسهيلات، للقيادات الفلسطينية في الداخل والخارج للحضور إلى تونس، دون أدنى تدخل في هذه الأمور الفلسطينية الداخلية. وأثمر هذا التفاعل الخلاق، بين القيادة في الداخل والخارج، في إحداث تغيير تاريخي في العلاقات الداخلية الفلسطينية. فالفصائلية ونظام الكوتا وحق الفيتو وتشكيل التكتلات، ضد الشرعية الفلسطينية، لم تعد قادرة على تغيير النهج الذي يسير عليه أبو عمار، وهو البعيد ألفي ميل عن وطنه، والذي أخرج من ممر المارثون، لإبقاء الوضع الراهن على حالة والممتد منذ عام 1948.

إن هذا الوضع الجديد، الذي يكرس شرعية قيادة ياسر عرفات، ويعزز استقلالية القرار الوطني، كان لا بد أن يلقى المعارضة العنيفة من داخل الساحة الفلسطينية، على أرضية الخلاف السياسي، حول قرارات قمة فاس وخطة ريغان، «إنه كلام حق يراد به باطل». إن إفلات ياسر عرفات من قبضة الوصاية واستقلاليته الأكيدة، وتواصله مع شعبه، قد أسقط كل ارتهان للسياسات القاصرة للكيانية المنغلقة والمنكفئة، وهذا تطور خطير لا يمكن التسليم به، وينفجر الصراع الداخلي تحت شعارات مضلله، ويجتذب الكثيرين من ذوي الرؤية السطحية، وأسرى الجغرافيا السياسية، وكان لا بد من الدفاع عن الشرعية والقرار الوطني المستقل، ومن المفارقات الساخرة أن قائد جيش التحرير التابع لسوريا، قلد أسياده الجنرالات أصحاب الخبرة الطويلة، في الانقلابات العسكرية، وظهر على شبكة التليفزيون السوري، وقرأ البيان العسكري رقم واحد، الصادر عن قيادة انقلابه المضحك ضد رأس الشرعية الوطنية.

“عرفات – حياته كما أرادها”.. الفصل السادس-ح2: بيروت يا بيروت ..اغتيال او اعتقال “عرفات”..الهدف غير المعلن

دنيا الوطن ـ ميسون كحيل

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا