الرئيسيةأخبارعربية ودوليةسامى شرف يكتب عن الإخوان المسلمين: جماعة الإخوان تقدم نفسها للسفارة الأمريكية...

سامى شرف يكتب عن الإخوان المسلمين: جماعة الإخوان تقدم نفسها للسفارة الأمريكية على أنها ذراع واشنطن فى مصر لمحاربة الشيوعية

عندما نشأت جماعة الإخوان المسلمين على يد مؤسسها حسن البنا في بدايات القرن الماضي كان هدفها اصلاحيا اجتماعيا، ولكن عندما انتشرت الجماعة في أرجاء مصر، وكثر عدد مريديها بما لم يتوقعه مؤسسها نفسه، طمع في أن يكون لجماعته دوراً أكبر، واتجه لممارسة اللعبة السياسية، وهذا حق مشروع في حد ذاته لأي جماعة أن تستغل قوتها وتتحول لحزب سياسي تنافس من خلاله للوصول إلى السلطة لوضع أهدافها موضع التنفيذ.

مارست الجماعة السياسة من خلف ستار الدين، مستغلين التدين الفطري للشعب المصري منذ القدم .. الغريب في الأمر أنهم ظلوا ينكرون رغبتهم في الوصول إلى السلطة أو ممارسة اللعبة السياسية، رغم أن كل أفعالهم كانت منخرطة في السياسة، وفي سبيل ذلك طبقوا منهجا لا يلتزم بأي قيمة أو مبدأ، منهج نفعي بحت وهو «الغاية تبرر الوسيلة»، ولكي يزيفوا ويضللوا وعي مريديهم أوجدوا له صيغة دينية «الضرورات تبيح المحظورات»، وكعادتهم دائما يلبسون السياسة ثوب الدين حتى يضفوا على أعمالهم الشرعية وربما القدسية في بعض الأحيان، ومن ثم يقمعوا معارضيهم معنوياً قبل أن يكون مادياً.

بهذا المنطق، تحالفت جماعة الإخوان مع من تصورت أنه الأقوي، والأقدر علي تمكينهم من تحقيق هدفهم في الوصول إلي السلطة أو التأثير عليها، حتي ولو كان هذا الأقوي أو الأقدر يخالفهم المنهج والمبدأ، وتصوروا في ذلك أنهم الأذكي وأنهم قادرون علي خداع من أمامهم، ويستطيعون استخدامه لخدمة أغراضهم، وكانوا في هذا قمة في الغباء .. فحين تعتقد أنك أذكي من الآخرين فاعلم أنك غبي.

وتثبت لنا وقائع التاريخ أن من اعتقد الإخوان المسلمون أنهم يستخدمونهم لتحقيق أهدافهم، هم من استخدموا الجماعة لمصلحتهم، بل ونكلوا بهم بعد ذلك؛ فقد تحالفت الجماعة مع النظام الملكي المستبد ممثلاً في الملك فاروق، حيث ارتبطت الجماعة بعلاقات متنامية مع القصر؛ الذي رأي فيها عونا كبيرا باعتبارها تنظيما يقاوم النشاط الشيوعي، وفي نفس الوقت عمل علي دعم وتمويل الجماعة ضد حزب الوفد، فقد كان الملك فاروق يعتبرها الجماعة الوحيدة التي تحتكم إلي قواعد شعبية تستطيع أن تنافس الوفد في شعبيته؛ فكانت استعراضات الجماعة تخرج هاتفة باسمه ضد حزب الأغلبية الشعبية «الوفد» آنذاك.

ولقد خصص المؤتمر الرابع للجماعة للاحتفال باعتلاء الملك فاروق عرش مصر، كما كانوا يقفون في ساحة قصر عابدين في المناسبات هاتفين «نهبك بيعتنا وولاءنا علي كتاب الله وسنة رسوله».

وحين اشتد الخلاف بين النحاس والقصر، وخرجت جموع المصريين في الشوارع مؤيدة للنحاس هاتفة «الشعب مع النحاس»، سيّر حسن البنا أعضاء جماعته هاتفين «الله مع الملك».

كما قدمت جماعة الإخوان المسلمين أنفسهم للسفارة الأمريكية علي أنهم ذراعهم في مصر لمحاربة الشيوعية؛ حيث طلب حسن البنا من السفارة الأمريكية وقتها تكوين مكتب مشترك بين الإخوان والأمريكيين لمكافحة الشيوعية علي أن يكون معظم أعضائه من الإخوان، وتتولي أمريكا إدارة المكتب ودفع رواتب أعضاء الإخوان فيه. وفي هذا دليل علي عمق وقدم العلاقة كتبادل مصلحي.

وقد سجل حسن البنا في مذكراته الشخصية »مذكرات الدعوة والداعية«، أن الإخوان اتصلوا بالإنجليز وحصلوا منهم علي أموال إلي جانب تسجيل جوانب أخري بسيطة، ولكنها قوية الدلالة فيما يتّصل بانتهازية وانحراف البنا وجماعته فكريًّا وقيميًّا، ومنها رشوته لإمام أحد المساجد في محافظة الإسماعيلية ليسمح له بالخطابة وعقد جلسات ولقاءات مع أتباعه في المسجد، وكانت هذه التحرُّكات المتناقضة والمنحرفة بأسس تكوين الجماعة التي وضعها الشيخ أحمد السكري ورفاقه الأوائل سببًا قويًّا في خروج كثيرين من الأعضاء علي سلطة البنا، فانفصلت مجموعات كبيرة من الشباب وكوّنت تجمُّعًا عُرف باسم »شباب محمد«، وتبع ذلك انفصال كثيرين من كوادر الجماعة منهم الشيخ محمد متولي الشعراوي والشيخ محمد الغزالي والأستاذ خالد محمد خالد وغيرهم.

وما ميز المرحلة التأسيسية للإخوان وما بعدها حتي منتصف الخمسينيات من القرن العشرين هو الاغتيالات السياسية التي كانت تتم بمباركة القصر تارة أو الاحتلال الانجليزي تارة أخري، والتي طالت كبار رجال الدَّولة، أمثال أحمد ماهر 1945 رئيس الوزراء، الذي اغتيل في قاعة البرلمان، ثم المستشار والقاضي أحمد الخازندار 1948، وبعده بشهور لقي رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النُّقراشي مصرعه، عند ديوان وزارة الدَّاخلية.

في كلِّ تلك الجرائم حضر اسم الإخوان المسلمين بقوة، فهم الطَّرف الأهم في العمل السِّري والعلني ضد السُّلطة آنذاك، ولديهم قضايا مع المغتالين، ولقد سطرت الجماعة تاريخها الدموي في تلك المرحلة، بالعديد من الجرائم أبرزها:

اغتيال أحمد ماهر:

في 24 من فبراير 1945 كان «أحمد ماهر» باشا متوجهاً لمجلس النواب لإلقاء بيان، وأثناء مروره بالبهو الفرعوني قام «محمود العيسوي» بإطلاق الرصاص عليه وقتله في الحال، وبعد الحادث تم إلقاء القبض علي كل من «حسن البنا، وأحمد السكري، وعبد الحكيم عابدين» ولكن بعد أيام تم الإفراج عنهم نتيجة الاعتراف «العيسوي» بأنه ينتمي للحزب الوطني، وتأتي شهادة «أحمد حسن الباقوري» التي خطها بيده في كتابه «بقايا ذكريات» لتثبت انتماء «العيسوي» للإخوان، التي أقر فيها بأن أعضاء «النظام الخاص» داخل الإخوان لم يكونوا معروفين إلا لفئة قليلة، وقد قرروا الانتقام من أحمد ماهر بعد اسقاط «البنا» في انتخابات الدائرة بالإسماعيلية وكان العيسوي من أكثر المتحمسين لذلك.

اغتيال القاضي الخازندار:

كان القاضي أحمد الخازندار ينظر قضية كبري تخص تورط جماعة الإخوان المسلمين في تفجير دار سينما مترو، وفي صباح 22 مارس 1948 اغتيل المستشار أحمد الخازندار أمام منزله في حلوان، فيما كان متجها إلي عمله، علي أيدي شابين من الإخوان هما: محمود زينهم وحسن عبدالحافظ سكرتير حسن البنا، علي خلفية مواقف الخازندار في قضايا سابقة أدان فيها بعض شباب الإخوان لاعتدائهم علي جنود بريطانيين في الإسكندرية بالأشغال الشاقة المؤبدة في 22 نوفمبر 1947.

وعلي إثر اغتيال الخازندار استدعي حسن البنا المرشد العام للإخوان للتحقيق معه بشأن الحادث ثم أفرج عنه لعدم كفاية الأدلة.

اغتيال محمود فهمي النقراشي:

في 15 نوفمبر 1948، قام عدد من أعضاء النظام الخاص بجماعة الإخوان المسلمين في مصر بنقل أوراق خاصة بالنظام وبعض الأسلحة والمتفجرات في سيارة جيب من إحدي الشقق بحي المحمدي إلي شقة أحد الإخوان بالعباسية، إلا أنه تم الاشتباه في السيارة التي لم تكن تحمل أرقاماً وتم القبض علي أعضاء التنظيم والسيارة لينكشف بذلك النظام الخاص السري لجماعة الإخوان المسلمين. وأدي هذا الحادث وغيره إلي إعلان محمود فهمي النقراشي رئيس الوزراء آنذاك أمرا عسكريا بحل جماعة الإخوان المسلمين، واعتقال أعضائها، وتأميم ممتلكاتها، وفصل موظفي الدولة والطلبة المنتمين لها، وكان هذا القرار سببا جعل النظام الخاص يقوم بقتل النقراشي، وقال القاتل عبد الحميد أحمد حسن، وكان طالبا بكلية الطب البيطري وينتمي لجماعة الإخوان المسلمين عندما سأله المحقق .. «أيوه قتلته واعترف بكده لأنه أصدر قرارا بحل جمعية الإخوان المسلمين وهي جمعية دينية ومن يحلها يهدم الدين .. قتلته لأني أتزعم شعبة الإخوان منذ كنت تلميذا في مدرسة فؤاد الاول الثانوية». ويبدو أن جماعة الإخوان قد تخطت الخطوط الحمر المرسومة لها، وضاقت الدولة ذراعا بعمليات القتل والتدمير التي شنها التنظيم السري للجماعة، وراح ضحيتها الكثير من أبناء الشعب الأبرياء، وبعض أعضاء الحكومة، مما دفع الأخيرة إلي إهدار دم الجماعة ومؤسسها، وعلي الجانب الآخر، كان هناك صراع داخل الجماعة نفسها، خاصة التنظيم السري، الذي أعلن البنا براءته من أفعاله ببيانه الشهير «بيانا للناس: ليسوا اخونا وليسوا مسلمين»، والذي وإن كان البنا أطلقه ليخفف من وطأة الضغط الحكومي عليه وعلي إخوانه المعتقلين، فإنه وضعه بين مطرقة الحكومة وسندان الجماعة نفسها، وهو ما جعل دماء البنا تتأرجح بين أعضاء التنظيم الخاص، والملك والحكومة آنذاك!. ولأنهم أغبياء انتهازيون طلاب سلطة، لم تعي جماعة الإخوان الدرس، وظلت تمارس النهج نفسه مع الضباط الأحرار، طمعاً في الحصول علي السلطة أو أخذ نصيب منها؛ فبعد أيام قليلة من ثورة 23 يوليو 1952، وبعد أن اطمأن الإخوان تماما إلي نجاحها في الإطاحة بالنظام الملكي والاستقرار في السلطة، سارعوا إلي إصدار بيان يحددون فيه مفهومهم للإصلاح المنشود في المرحلة الجديدة، وشنوا هجوما عنيفا قاسيا علي الحياة النيابية السابقة، واندفع الإخوان في تأييد ثورة يوليو ووصفوها بالثورة المباركة.

وخلال الأشهر التالية استمرت العلاقة الودية بين الضباط والجماعة؛ حتي كشفت الجماعة عن نياتها ووجهها القبيح باستغلال الثورة في الوصول إلي الحكم، وابتزاز الرئيس الراحل جمال عبد الناصر؛ فبعد صدور قانون حل الأحزاب حضر لمجلس قيادة الثورة وفد من الإخوان ضم الصاغ صلاح شادي والمحامي منير الدلة ليقولا لجمال عبد الناصر، إنه الآن وبعد حل الأحزاب لم يبق من مؤيد للثورة إلا جماعة الإخوان، ولهذا فإنهم يجب أن يكونوا في وضع يليق بدورهم وبحاجة الثورة لهم، ليرفض عبد الناصر المطلب بدعوي أن الثورة ليست في محنة أو أزمة، لكنه سألهما عن المطلوب لاستمرار تأييدهم للثورة، فردا: «نطالب بعرض كل القوانين والقرارات التي سيتخذها مجلس قيادة الثورة قبل صدورها علي مكتب الإرشاد لمراجعتها من ناحية مدي تطابقها مع شرع الله والموافقة عليها وهذه هى سبيلنا لتأييدكم إذا أردتم التأييد»، ليرفض عبد الناصر الأمر قائلا: «لقد قلت للمرشد في وقت سابق إن الثورة لا تقبل أي وصاية من الكنيسة أو ما شابهها».

وحين شعرت الجماعة بأن مجلس الثورة شديد الوعي بأطماع الإخوان، بدأوا في التخطيط للإطاحة به، من خلال الاتصال بالسفارة البريطانية والسفارة الأمريكية بالقاهرة، ليعربوا لهم عن رفضهم لمبادئ الثورة، وادانتهم للعمليات الفدائية المدعومة من مجلس قيادة الثورة ضد القوات البريطانية في القنال، وعدم ممانعتهم لإقامة سلام مع الدولة الصهيونية.

متوازيا مع هذه الأنشطة، كان نشاط الإخوان المسلمين في أوساط الجيش والبوليس وطلاب الجامعات مستمرا، وهو ما أحدث توترا في العلاقة بين الجماعة ومجلس قيادة الثورة.

استمر التوتر بين الجانبين إلي أن تفجر الموقف في 12 يناير 1954 في احتفال الجامعة بذكري شهداء معركة القناة، حينما وقعت اشتباكات بين طلبة الإخوان والطلبة الآخرين، ورد مجلس قيادة الثورة علي ذلك بإصدار قرار في 14 يناير بحل الجماعة، وهو القرار الذي صوت ضده محمد نجيب وحده، وأصدر المجلس بيانا يتهم فيه الجماعة بالسعي للوصاية علي مجلس قيادة الثورة، وتجنيد رجال من الجيش والشرطة، وإجراء اتصالات مع السفارة البريطانية. واقترن صدور البيان باعتقال الهضيبي و450 عضوا من الجماعة.

ومن جانبها، لعبت الجماعة دورا أساسيا في المظاهرات التي اندلعت في فبراير 1954 للمطالبة بعودة نجيب. وفي هذا يوضح محمد نجيب في مذكراته أن الإخوان حاولوا التواصل معه في ديسمبر 1953، وبالفعل وافق علي ذلك، ولكن عبر مندوب يلتقي ممثلين عنهم في «اجتماعات سرية». ويروي نجيب أنه عبر من انتدبه لحضور تلك الاجتماعات، أكد لممثلي الإخوان أنه يريد إنهاء الحكم العسكري، وعودة الجيش إلي ثكناته، وإقامة الحياة الديمقراطية البرلمانية، وعودة الأحزاب، وإلغاء الرقابة علي الصحف، إلا أن الإخوان لم يوافقوا علي الأمر بل طالبوا ببقاء «الحكم العسكري».

ويتابع في سرده حول الأمر أن الإخوان عارضوا إلغاء الأحكام العرفية، وطالبوا باستمرار الأوضاع كما هي، علي أن ينفرد محمد نجيب بالحكم وإقصاء جمال عبد الناصر وباقي أعضاء مجلس قيادة الثورة، وأن يتم أيضًا تشكيل حكومة مدنية لا يشترك فيها الإخوان، ولكن يتم تأليفها بموافقتهم.

وينوه بنقطة خطيرة وهي «طلب الإخوان تعيين أحد الضباط المنتمين للجماعة قائدًا عامًا للقوات المسلحة، بالإضافة إلي تشكيل لجنة سرية استشارية يشترك فيها بعض العسكريين الموالين له، وعدد مساوٍ من الإخوان، بحيث يتم عرض القوانين علي هذه اللجنة قبل إقرارها، كما تعرض علي هذه اللجنة سياسة الدولة العامة وأسماء المرشحين «للمناصب الكبري».

ويعقب محمد نجيب، قائلًا: «كان الإخوان يريدون بذلك السيطرة الخفية علي الحكم دون أن يتحملوا المسئولية».

يبدو أن جماعة الإخوان أدركت أن جمال عبد الناصر يدرك حقيقة نياتهم، وأنه العقبة الكؤود الكبري أمام طموحاتهم في الاستيلاء علي السلطة، فقرروا التخلص منه، ودبروا عملية اغتيال عبد الناصر في ميدان المنشية في أكتوبر من نفس العام، وقبض علي محمود عبد اللطيف الذي كان قد كلف بعملية الاغتيال، وشكلت محكمة لمحاكمة أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المتهمين في عملية الاغتيال، وثبت من خلال التحقيقات والاعترافات تورط الجماعة، وتم القبض علي أعداد كبيرة ممن ثبت تورطهم في عملية الاغتيال. ولأن أسلوب جمال عبد الناصر لم يكن دمويا أو يميل للعنف مع خصومه، فقد أصدر في عام 1960 قرارا بالإفراج عن كل المسجونين من الذين كانت قد صدرت ضدهم أحكام من الإخوان المسلمين، وتم صرف جميع مستحقاتهم بأثر رجعي، بموجب قانون جري استصداره من مجلس الأمة ينص علي أن تعاد لجميع المفرج عنهم حقوقهم كاملة، وأن يعودوا إلي وظائفهم بمن فيهم أساتذة الجامعات الذين يملكون حرية الاتصال والتوجيه للنشء الجديد.. هذا هو جمال عبدالناصر الإنسان والقائد والزعيم. خرج الإخوان المسلمون من السجون بفكر إرهابي قائم علي تكفير الحكم، وضعه سيد قطب في كتابه «معالم علي الطريق»، وأمكن بواسطته أن يجذب إليه العديد من العناصر التي كانت بالسجن معه، كما وجدوا في انتظارهم مجموعة موازية علي قدر عال من التنظيم ويعملون علي نشر فكر الجماعة في مختلف المحافظات؛ خاصة في الدقهلية والإسكندرية والبحيرة ودمياط.

كما خطط هؤلاء علي إدخال بعض عناصرهم كضباط في القوات المسلحة عن طريق الالتحاق بالكلية الحربية كما حاولوا اختراق الشرطة أيضا بنفس الأسلوب، يضاف إلي ذلك تجنيد عدد لا بأس به من شباب الجامعات خاصة في الكليات العملية، كليتى العلوم والهندسة اللتين يمكن لعناصرهم أن يتمكنوا من إعداد المتفجرات بأيسر الطرق، وبيان تفاصيل هذا الأمر محفوظ في أرشيف سكرتارية الرئيس للمعلومات بمنشية البكري، وأرشيف المباحث العامة وأرشيف المخابرات الحربية. والتفت المجموعات المختلفة من الإخوان حول فكرة واحدة هي تكفير المجتمع ومن ثم استباحته، واغتيال رموزه، وتدمير منشآته، فقد تم الكشف عن مخطط إخواني يرمي لإحداث شلل عام في جميع مرافق الدولة، وقد أعدوا خرائط ضبطتها الأجهزة المختصة- مبينا عليها البيانات التي توضح أسلوب وآلية التدمير.

واستطاعت الأجهزة الأمنية إجهاض المخططات الإخوانية، وقدمت المنظرين والمدبرين لها للمحاكمة، وعلي رأسهم سيد قطب، صاحب كتاب «معالم علي الطريق»، الذي يجمع الباحثون علي أنه عراب التطرف، وعلي أساس أفكار هذا الكتاب صاغ فقهاء وأمراء الجماعات الإسلامية المتطرفة شعاراتهم وبرامجهم.. وإذ يحاول الإخوان المسلمون إعلان براءتهم من هذا الكتاب وحصر المسئولية عنه في سيد قطب فقط وتبرير تطرف أفكار الكاتب بظروف السجن التي عاشها المؤلف، إلا أن الحقائق تدل علي عكس ذلك وتفضح صلة الإخوان المسلمين ومرشدهم العام بهذا الكتاب وأفكاره المدمرة.

وافق المرشد العام حسن الهضيبي علي كتاب سيد قطب الذي أرسله إليه من السجن وراجعه ملزمة ملزمة وأمر بطباعته وفقاً للروايات التي جاءت في عدة كتب صدرت بعد رحيل عبد الناصر بعشرين عاماً وفي مقدمتها كتاب زينب الغزالي «أيام من حياتي».

في هذا السياق قالت زينب الغزالي في كتابها «أيام من حياتي» إن التنظيم أعيد بناؤه بصورة سرية بعد قرار حله، وكانت بداية إعادة البناء سنة 1957 بعلم المرشد العام الهضيبي ومباركته علي أن يتولاه سيد قطب، فيما أشارت اعترافات المتهمين بمؤامرة 1965 أمام المحكمة إلي أن التنظيم بدأ بجمع الأسلحة واستغل طاقات الشباب بصنع المتفجرات، وإعداد خطط الاغتيالات لعدد كبير من المسئولين وفي مقدمتهم جمال عبد الناصر.. بل إن إحدي الخلايا اهتدت بالمنهاج الدعوي للإخوان المسلمين الذي يعتبر الراديو والتليفزيون والسينما والفنون والموسيقي والنحت والتصوير أعمالاً محرمة في الإسلام ومنافية للأخلاق، ولذلك تم وضع خطط لتدمير هذه المرافق واغتيال نجوم الفن ومن ضمنهم أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم حافظ ونجاة وشادية وغيرهم.

كما اقترحت الخطط اغتيال عدد من مذيعات التليفزيون ومن بينهم ليلي رستم وأماني راشد، ثم أعدت الخطط لاغتيال سفراء كل من الاتحاد السوفييتي وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، لإيجاد مشكلة بين مصر وهذه الدول. وكان تدريب الخلايا الجهادية يتم علي ثلاث مراحل هي: مرحلة الإعداد الروحي، ثم الإعداد الجسدي بالمصارعة والمشي والطاعة، وأخيراً الإعداد العسكري بالتدريب علي السلاح.

ومما له دلالة عميقة أن تنظيم «القاعدة» الذي يقوده «أسامة بن لادن» والدكتور «أيمن الظواهري» يتبع نفس نهج الإعداد الجهادي للإخوان المسلمين في عملياته الإرهابية، مما يدل علي أن الإخوان المسلمين هم الآباء الشرعيون لكل الجماعات المتطرفة التي تفرخت وتناسخت عنهم.

جمال عبد الناصر والاخوان

 

 

 

 

 

 

 

وهكذا، كان لموقف الرئيس عبد الناصر الصلب ضد أطماع وممارسات الجماعة الفضل في إجهاض مخططات الجماعة، ودرء خطرها علي الدولة والمجتمع في مصر وربما العالم، إلي أن رحل عبد الناصر عن عالمنا، وتولي السلطة خلفا له الرئيس السادات.

ويفسر كل ما سبق سر الكراهية والعداء الشديدين اللذين يكنهما الإخوان للرئيس جمال عبد الناصر رغم مرور كل هذا التاريخ الطويل، والوقائع الكثيرة التي جرت في نهر السياسة المحلية والدولية؛ فلم يترك قادة جماعة الإخوان المسلمين نقيصة إلا وألصقوها بالرجل، وتعددت اتهاماتهم له ومازالت- فمن العمالة للمخابرات الأمريكية والشيوعية العالمية في وقت واحد، إلي الادعاء بأن والدته السيدة/ فهيمة محمد حماد يهودية الأصل، رغم أنها من أسرة مصرية مسلمة من مدينة الإسكندرية ووالدها الحاج محمد حماد كان تاجر فحم معروفا بالمدينة، ومازال هناك أفراد علي قيد الحياة من عائلة الحاج محمد حماد من أقارب الرئيس جمال عبد الناصر وهم عرب مصريون ومسلمون، كما اتهموا جمال عبد الناصر أيضا بالماسونية والعمالة للصهاينة، رغم أنه هو الذي أصدر قرارا بإغلاق المحافل الماسونية ونوادي الروتاري والليونز في مصر في الستينيات، وهو أشرس من تصدوا للصهيونية العالمية وحاربوها علي امتداد فترة حكمه، هذا غير اتهاماتهم له بتدبير محاولة اغتياله بالمنشية عام 1954، ثم تدبيره لمؤامرتهم بقلب نظام الحكم عام 1965، وذلك في إطار حقده الدفين عليهم وسعيه لتدمير جماعتهم.

ورغم أن صراع الإخوان مع عبد الناصـر لم يكن صراعا دينيا أبدا، بل كـان صـراعا علي السلطة وحكم مصـر، إلا أن هزيمتهم في ذلك الصـراع جعلتهم -كعادتهم – فجروا في خصومتهم، وقرروا تديين الصراع ليكون صراعا بين الإسلام الذي يتوهمون أنهم حماته وبين الإلحاد الذي ألصقوه زورا بجمال عبد الناصر ونظام حكمه، فاتهموا الرجل بالكفر بالله والردة عن الإسلام.

أبدا، لم يكن جمال عبد الناصر معاديا للدين ولم يكن ملحدا ، بل كان أقرب حكام مصر فهما لروح الدين ودوره في حياة الشعوب وأهمية إضفاء المضمون الاجتماعي في العدالة والمساواة عليه .

ويكفي هنا، أن نضع أمام القارئ الكريم ـ بإيجاز شديد – المعلومات الآتية عن الرئيس جمال عبد الناصر ورموز جماعة الإخوان المسلمين»، لنترك بعدها الحكم لكل صاحب عقل وضمير:

1. في كتاب ( فلسفة الثورة ) لجمال عبد الناصر الصادر عام 1953 ، تناول عبد الناصر الدوائر التي ستتحرك فيها السياسة المصرية ومنها الدائرة الإسلامية التي تتداخل مع الدائرة العربية والدائرة الإفريقية وتعد مصر جزءا فاعلا فيها.

2. كان الخليفة الراشد أبو بكر الصديق هو أول من بدأ جمع القرآن الكريم في مصحف وذلك بعد إلحاح من عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد مقتل معظم حفظة القرآن في حروب الردة ، والخليفة الراشد عثمان بن عفان هو صاحب أول مصحف تم جمع وترتيب سور القرآن الكريم به ، والرئيس جمال عبد الناصر هو أول حاكم مسلم في التاريخ يتم في عهده جمع القرآن الكريم مسموعا ( مرتلا و مجودا ) في ملايين الشرائط و الأسطوانات بأصوات القراء المصريين.

3. في عهد جمال عبد الناصر تم زيادة عدد المساجد في مصر من أحد عشر ألف مسجد قبل الثورة إلي واحد وعشرين ألف مسجد عام 1970، أي أنه في فترة حكم 18 سنة للرئيس جمال عبد الناصر تم بناء عدد (عشرة آلاف مسجد)، وهو ما يعادل عدد المساجد التي بنيت في مصر منذ الفتح الإسلامي حتي عهد جمال عبد الناصر.

4. في عهد عبد الناصر تم جعل مادة التربية الدينية (مادة إجبارية) يتوقف عليها النجاح أو الرسوب كباقي المواد لأول مرة في تاريخ مصر بينما كانت اختيارية في النظام الملكي.

5. في عهد عبد الناصر تم تطوير الأزهر الشريف وتحويله لجامعة عصرية تدرس فيها العلوم الطبيعية بجانب العلوم الدينية ، يقول الأستاذ محمد فائق في كتابه (عبد الناصر والثورة الإفريقية) أن الرئيس عبد الناصر أمر بتطوير الأزهر بعد أن لاحظ من متابعته لأوضاع المسلمين في إفريقيا أن قوي الاستعمار الغربي كانت حريصة علي تعليم المسيحيين العلوم الطبيعية (الطب الهندسة الصيدلة) ومنع تعليمها للمسلمين مما أدي لتحكم الأقليات المسيحية في دول إفريقية غالبية سكانها من المسلمين ، وكانت هذه الأقليات المسيحية تتحكم في البلدان الأفريقية المسلمة وتعمل كحليف يضمن مصالح قوي الاستعمار الغربي التي صنعتها، لذا صمم الرئيس عبد الناصر علي كسر هذا الاحتكار للسلطة وتعليم المسلمين الأفارقة علوم العصر ليستطيعوا حكم بلدانهم لما فيه مصلحة تلك البلدان.

6. أنشأ عبد الناصر مدينة البعوث الإسلامية التي كان ومازال يدرس فيها عشرات الآلاف من الطلاب المسلمين علي مساحة ثلاثين فداناً تضم طلاباً قادمين من سبعين دولة إسلامية يتعلمون في الأزهر مجانا ويقيمون في مصر إقامة كاملة مجانا أيضا ، وقد زودت الدولة المصرية بأوامر من الرئيس عبد الناصر المدينة بكل الإمكانيات الحديثة وقفز عدد الطلاب المسلمين في الأزهر من خارج مصر إلي عشرات الأضعاف بسبب ذلك.

7. أنشأ عبد الناصر منظمة المؤتمر الإسلامي التي جمعت كل الشعوب الإسلامية.

8. في عهد عبد الناصر تم ترجمة معانى القرآن الكريم إلي كل لغات العالم.

9. في عهد عبد الناصر تم إنشاء إذاعة القرآن الكريم التي تذيع القرآن علي مدي اليوم.

10. في عهد عبد الناصر تم تسجيل القرآن كاملا علي أسطوانات وشرائط للمرة الأولي في التاريخ وتم توزيع القرآن مسجلا في كل أنحاء العالم.

11. في عهد عبد الناصر تم تنظيم مسابقات تحفيظ القرآن الكريم علي مستوي الجمهورية ، والعالم العربي ، والعالم الإسلامي ، وكان الرئيس عبد الناصر يوزع بنفسه الجوائز علي حفظة القرآن.

12. في عهد عبد الناصر تم وضع موسوعة جمال عبد الناصر للفقه الإسلامي والتي ضمت كل علوم وفقه الدين الحنيف في عشرات المجلدات وتم توزيعها في العالم كله.

13. في عهد عبد الناصر تم بناء آلاف المعاهد الأزهرية والدينية في مصر وتم افتتاح فروع لجامعة الأزهر في العديد من الدول الإسلامية.

14. ساند جمال عبد الناصر كل الدول العربية والإسلامية في كفاحها ضد الاستعمار.

15. كان الرئيس جمال عبد الناصر أكثر حاكم عربي ومسلم حريص علي الإسلام ونشر روح الدين الحنيف في العدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس.

16. سجلت بعثات نشر الإسلام في إفريقيا وآسيا في عهد الرئيس جمال عبد الناصر أعلي نسب دخول في الدين الإسلامي في التاريخ ، حيث بلغ عدد الذين اختاروا الإسلام دينا بفضل بعثات الأزهر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر 7 أشخاص من كل 10 أشخاص وهي نسب غير مسبوقة و غير ملحوقة في التاريخ حسب إحصائيات مجلس الكنائس العالمي.

17 ــ في عهد عبد الناصر صدر قانون بتحريم القمار ومنعه ، كما أصدر عبد الناصر قرارات بإغلاق كل المحافل الماسونية ونوادي الروتاري والمحافل البهائية، كما تم إلغاء تراخيص العمل الممنوحة للنسوة العاملات بالدعارة التي كانت مقننة في العهد الملكي وتدفع العاهرات عنها ضرائب للحكومة مقابل الحصول علي رخصة العمل والكشف الطبي.

18. في عهد عبد الناصر وصلت الفتاة لأول مرة إلي التعليم الديني، كما تم افتتاح معاهد أزهرية للفتيات، وأقيمت مسابقات عديدة في كل المدن لتحفيظ القرآن الكريم، وطبعت ملايين النسخ من القرآن الكريم، وأهديت إلي البلاد الإسلامية وأوفدت البعثات للتعريف بالإسلام في كل آفريقيا وآسيا ، كما تمت طباعة كل كتب التراث الإسلامي في مطابع الدولة طبعات شعبية لتكون في متناول الجميع، فيما تم تسجيل المصحف المرتل لأول مرة بأصوات كبار المقرئين وتم توزيعه علي أوسع نطاق في كل أنحاء العالم.

19. كان جمال عبد الناصر دائم الحرص علي أداء فريضة الصلاة يوميا، كما كان حريصا أيضا علي أداء فريضة صلاة الجمعة مع المواطنين في المساجد.

20. توفي الرئيس جمال عبدالناصر يوم الاثنين 28 سبتمبر 1970 والذي يوافق هجريا يوم 27 رجب 1390، صعدت روح الرئيس جمال عبدالناصر الطاهرة إلي بارئها في ذكري يوم الإسراء والمعراج ، وهو يوم فضله الديني عظيم ومعروف للكل.

كما كان الرئيس عبد الناصر شديد الإيمان بأن الدين لله والوطن للجميع، شديد الحرص علي وحدة الشعب المصري، مدركا لمعني المواطنة؛ فكانت علاقته ممتازة بالبابا كيرلس السادس ، وهو الذي سأل البابا كيرلس السادس عن عدد الكنائس التي يري من المناسب بناؤها سنويا ، وكان رد البابا (من عشرين إلي ثلاثين)، وكان الرئيس عبدالناصر هو الذي أمر بأن يكون عدد الكنائس المبنية سنويا خمسا وعشرين كنيسة، وأن يكون التصريح بها بتوجيه من البابا نفسه إلي الجهات الرسمية.

وعندما طلب البابا كيرلس السادس من الرئيس عبدالناصر مساعدته في بناء كاتدرائية جديدة تليق بمصر ، وأشتكي له من عدم وجود الأموال الكافية لبنائها كما يحلم بها ، قرر الرئيس عبد الناصر علي الفور أن تساهم الدولة بمبلغ 167 ألف جنيه في بناء الكاتدرائية الجديدة، وأن تقوم شركات المقاولات العامة التابعة للقطاع العام بعملية البناء للكاتدرائية الجديدة.

كما أنه بناء علي أوامر الرئيس جمال عبدالناصر كان يعقد اجتماع أسبوعي كل يوم اثنين بين سامي شرف – وزير شئون رئاسة الجمهورية – والأنبا/ صمويل – أسقف الخدمات وسكرتير البابا – لبحث وحل اي مشاكل تطرأ للمسيحيين.

كما أولي الرئيس جمال عبد الناصر اهتماما شديدا بتوثيق العلاقات بينه وبين الإمبراطور هيلاسيلاسي حاكم الحبشة (إثيوبيا) مستغلا في ذلك كون مسيحيي إثيوبيا من الطائفة الأرثوذكسية، ودعا الإمبراطور هيلاسيلاسي لحضور حفل افتتاح الكاتدرائية المرقسية في العباسية عام 1964، كما دعم توحيد الكنيستين المصرية والإثيوبية تحت الرئاسة الروحية للبابا كيرلس السادس ، كان الرئيس عبد الناصر كعادته بعيد النظر في ذلك فقد أدرك أن توثيق الروابط بين مصر وإثيوبيا يضمن حماية الأمن القومي المصري لأن هضبة الحبشة تأتي منها نسبة 85% من المياه التي تصل إلى مصر.

للأسف الشديد بعد وفاة عبدالناصر والانقلاب علي الثورة في 13 مايو 1971 وما أعقب حرب أكتوبر 1973 من ردة شاملة علي سياسات عبد الناصر، تدهورت العلاقات المصرية ـ الإثيوبية في عهد السادات ،ومازالت متدهورة حتي الآن، واحتلت إسرائيل مكانة مصر في إثيوبيا، وفي إفريقيا كلها .

وفي عهد جمال عبد الناصر لم تقع حادثة واحدة طائفية بين المسلمين والمسيحيين، ولم تنتشر دعاوي تكفير الآخر ومعاداته.

لم يكن رموز جماعة الإخوان المسلمين شرفاء في خصومتهم مع جمال عبد الناصر وثورته ، وتصوروا أن الخصومة السياسية مباراة رياضية تنتهي بالمصافحة وعفا الله عما سلف ، حاولوا قتل جمال عبد الناصر أكثر من مرة ، ودبروا أكثر من محاولة للإطاحة بنظام حكمه ، وعندما فشلوا ودفعوا ثمن محاولاتهم الانقلابية وعداءهم للنظام الثوري ، لم يكتفوا بذلك خرجوا من المعتقلات كالمتسول صاحب العاهة الذي يشحذ بعاهته ، وبتحالفهم مع السادات والسعودية والمخابرات المركزية الأمريكية تدفقت عليهم مئات الملايين من الدولارات وفتحت لهم المنابر لبخ سمومهم وأكاذيبهم عن أنبل وأشرف عربي في التاريخ الحديث ، وعن عهده الذي يمثل استثناء لم يتكرر حتي الآن خلال ألف عام من التاريخ العربي ، ولكن لآن الوثائق لا تكذب ولا تتجمل، والحقائق لابد أن تظهر مهما يطل الزمن ، كشفت أجهزة المخابرات التي عملوا لحسابها وتحالفوا معها أكاذيبهم وتدليسهم .

لقد زورت جماعة الإخوان المسلمين تاريخ جمال عبد الناصر وزيفت وعي أجيال من الشعوب العربية ، ظنت أن جماعة تلصق باسمها صفة الإسلام لا يكذب قادتها ولا يزورون وثائق ولا يتهمون الناس بالباطل ولا يتعاملون مع مخابرات غربية ضد بلادهم.

ولكن هذه هي أخلاق الإخوان المسلمين مع خصومهم الكذب والافتراء والتدليس ورمي الناس بالباطل، ولأنهم يتوهمون أنهم هم الإسلام لذا فكل شيء مباح في نقدهم وتشويههم لخصومهم السياسيين.

وتكرارا لسيناريو استخدام السلطة لجماعة الإخوان، أخرج السادات الإخوان المسلمين من السجون ودعاهم للعمل من جديد ليواجهوا التيارين اليساري والناصري؛ فترك الباب مفتوحا أمام الإخوان للعمل الدعوي في الجامعات والمساجد والجمعيات الخيرية والعمل السياسي في البرلمان والنقابات والاتحادات, وغض الطرف عن ممارستهم الوحشية والعنيفة ضد خصوم النظام خاصة من الناصريين، كما فتح الباب واسعا أمام باقي الحركات الإسلامية من جماعات إسلامية متشددة، حتي انقلب السحر علي الساحر، وكانت نهايته علي أيديهم في أكتوبر 1981، بعد أن أطلق سراح شيطان الإرهاب جماعة الإخوان الذي كان قيده عبد الناصر.

ثم جاء خليفة السادات حسني مبارك – ليشن حربا علي الجماعة، استمرت حتي منتصف التسعينيات، حتي استطاع نظام مبارك أن يقضي علي الجناح العسكري للجماعة، وتخلت الجماعة مؤقتاً عن نهج العنف، فيما سمي مراجعات الجماعة.

وبدأ النظام يستخدم الجماعة لخدمة أهدافه؛ في كونه يظهر أمام الغرب والولايات المتحدة باعتباره حليفا مهما واستراتيجيا في حرب الإرهاب الديني، وفي المقابل استخدمت الجماعة مساحة الانفتاح الديمقراطي التي كان النظام يجمل بها صورته أمام خصومه، وعقدت الجماعة صفقة ضمنية مع النظام؛ بأن يغض الطرف عن الجماعة في النقابات ومؤسسات العمل الأهلي، مقابل ألا تطمع الجماعة فيما هو أكثر.. ثم عقد النظام في السنوات الأخيرة أكثر من صفقة منها المعلن أو غير المعلن لتمرير مشروع التوريث، ومواقف النظام من العلاقة مع إسرائيل والقضية الفلسطينية، والولايات المتحدة الأمريكية.

ولذلك لم يكن غريبا أن نجد تصريحاً يقول فيه محمد مهدي عاكف، المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين في حوار لموقع «إخوان ويب»، الناطق بلسان الجماعة باللغة الإنجليزية: «إن الجماعة توافق علي ترشيح جمال مبارك رئيسًا لمصر».

هذا بالإضافة إلي موقف الجماعة من ثورة 25 يناير 2011؛ فقبل يومين من اندلاع الأحداث رفضت الجماعة شأنها شأن كل تيارات الاسلام السياسي الخروج عن الحاكم، وكانت دعواتهم لأنصارهم بعدم المشاركة، وقاموا بنشر روايات وأحاديث وفتاوي دينية تُحَرِّم الخروج عن الحاكم.

وبعدما لاحت بوادر نصر الثوار في 28 يناير 2011، وبرز للعيان دعم الشعب المصري للثوار في كل ربوع مصر، تبدل موقف الجماعة 360 درجة ضد الحاكم ووصفوه بالطاغية والمستبد والفاسد، وأنهم مع الثورة تماماً، وأعلنوا في مخالفة لأدبياتهم الرصينة ـ تأييدهم للدولة المدنية الحديثة ورفعوا شعارات الثورة.

محمد نجيب والاخوان

 

 

 

 

 

 

 

ولأنهم انتهازيون، طلاب سلطة، لا عهد ولا شرف كلمة لهم، تآمرت الجماعة علي الثورة؛ ففي خضم الأحداث، وفي أثناء صمود الشباب المصري الحر في ميادين الثورة من أجل إسقاط النظام، قاموا بالاتصال مع رموز النظام المخلوع، وعرضوا في اجتماعهم الشهير مع نائب مبارك – عمر سليمان – قيامهم بإيقاف المظاهرات مقابل إعطائهم دور في المشهد السياسي المصري!!، إلا أن إصرار الثوار علي رفض التفاوض علي مبادئ الثورة، واستبسالهم في الدفاع عن ميدان التحرير يوم ما يسمي بموقعة الجمل التي يشار إلي تواطؤ جماعة الإخوان فيها ــ أجهض المؤامرة.

وعقب خلع مبارك، وتولي المجلس العسكري إدارة شئون البلاد انبرت جماعة الإخوان لتقديم نفسها علي أنها القوة السياسية الوحيدة المنظمة والتي لها شعبية في الشارع المصري، تستطيع أن تعاون المجلس في هذه المرحلة، وأن توفر لقراراته وسياساته الشرعية.

وكان المجلس العسكري يدرك أن ما تقدمه الجماعة لا يخلو من الحقيقة؛ ويبدو أن الطرفين قررا التعاون وفي خلفية كل منهما تجربة الجماعة مع مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952، فالمجلس العسكري يدرك أنه يملك القوة الفعلية علي الأرض، ويضع خطوطا حمراء في التعامل معه، وعلي الجانب الآخر، تدرك الجماعة أن العائق الرئيسي في سبيل تحقيق طموحها بالهيمنة علي السلطة في مصر التي توهموا أنها دانت لهم هو المجلس العسكري، وعليهم أن يتعاملوا معه بحكمة، ويهادنوه حتي تتكشف الأمور أمامهم، ويرتبوا أوراقهم جيدا للإطاحة به.

وهكذا، يبدو أن كلاً من الطرفين كان في حاجة إلي بناء علاقة إيجابية مع الآخر مع الحذر منه والقلق مما قد يضمره له في الوقت نفسه. فقد قامت العلاقة التوافقية بينهما علي اعتبارات المواءمة السياسية التكتيكية وليس علي منطق الصفقة الاستراتيجية.

وفي هذا السياق، نشير إلي دراسة أمريكية بعنوان («الإخوان والسلام» أو فلنقل «الإخوان والعسكر»)، منشورة في أحدث إصدارات مجلة الشئون الخارجية «فورين أفيرز» (عدد سبتمبر/ أكتوبر 2011) وهي بقلم اثنين من الأكاديميين الباحثين في مؤسسة «راند»، «جيف مارتيني وجولي تايلور» تؤكد أن زعماء الإخوان يعتقدون أن توطيد مواقعهم في ساحة السياسة المصرية إنما يقتضي منهم إقناع العسكر بأنهم لا يشكلون خطرا علي النظام الأساسي القائم، ولهذا يسعون بكل الطرق لكسب رضاء المجلس العسكري الحاكم، حتي ولو كان علي حساب خروجهم علي إجماع الجماعة الوطنية المصرية، أو تحقيق مبادئ وأهداف ثورة 25 يناير، وهو ما بدا واضحاً في حشدهم لأنصارهم في مظاهرات تأييد لسياسات المجلس العسكري في مواجهة طلبات المحتجين التي عبرت (أو تجاوزت) الخطوط الحمراء التي سبق الي وضعها العسكريون.

وفي هذا السياق، تنكرت الجماعة للجماعة الوطنية، والقوي الثورية، وبدأت تعمل بمفردها وفق منطق المغالبة لا المشاركة- مستغلة قواعدها المنظمة علي الأرض واللعب علي وتر الدين. وكانت البداية، جري استفتاء 19 مارس 2011، والذي اشتهر بـ »غزوة الصناديق»، في جو مشحون بالمزايدات الدينية، والزج بالدين في السياسية، حيث روجت التيارات الإسلامية إلي أن المشاركة في الاستفتاء والموافقة علي التعديلات سبب لدخول الجنة، بينما التصويت بلا يدخل النار.

وتمت من خلاله تعديلات دستورية شكلت نقطة تحول في الثورة المصرية، وأول مسمار في نعش الثورة، فكانت بداية الانقسام الذي واجهه الشعب المصري، وتشتت إلي قسمين «مع و ضد»، كما سمحت هذه الفرصة للمزايدات بين أبناء الثورة؛ حيث كانت النواة الصلبة للثورة من شبابها وقادتها يسعون لكتابة دستور جديد لبدء صفحة جديدة بعد أن طويت صفحة نظام مبارك.

وفي الإطار نفسه، وبمخالفة ما تعهدت به الجماعة مع القوي الثورية بعدم تنظيم مظاهرات ترفع شعارات دينية، نظمت الجماعة مليونية دعت لها مع الأحزاب والقوي الإسلامية وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين، وجماعة الدعوة السلفية بعنوان «مليونية دعم الشريعة الإسلامية»، والتي كانت في الأساس اعتراضا علي وثيقة الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء وقتها، وهي المليونية التي عرفت بـ «مليونية قندهار»، حيث كانت المليونية التي ظهر فيها الهتاف الشهير للإسلاميين «دقن وجلابية.. والعسكر مية مية».

وشهدت هذه المليونية دعما كبيرا للمجلس العسكري والمشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة؛ حيث ردد وقتها عشرات الآلاف من الإسلاميين هتافات «يا مشير يا مشير ألف تحية من التحرير»، «ألف تحية من المشير من قلب ميدان التحرير», «يا مشير يا مشير.. من النهارده أنت الأمير»، كما قام متظاهرون إسلاميون وقتها بتكسير منصة شباب 6 إبريل حال اعتراضهم علي الهتافات المؤيدة للمجلس العسكري.

كما يأتي ذلك في سياق خيانتهم العهود، وطمعهم في السلطة، أيضا مخالفتهم ما تعهدوا به منذ تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك بأن منهجهم المشاركة لا المغالبة، وأعلنوا أنهم لن يترشحوا في انتخابات مجلس الشعب إلا علي 40% من مقاعد البرلمان ولن يقدموا مرشحا للرئاسة، إلا أن ما حدث كان خلاف هذه التصريحات، إذ ترشحوا علي 80% من مقاعد مجلسي الشعب وكل مقاعد مجلس الشوري، وحصدوا 70% من مقاعد مجلس الشعب، وأغلب مقاعد مجلس الشوري.

كما تراجعوا عن قرارهم بعدم ترشيح رئيس للجمهورية، وقاموا بترشيح خيرت الشاطر وكلفوه بكتابة مشروع النهضة الشاملة، ولم يكتفوا بذلك بل رشحوا معه مرشحا احتياطيا هو محمد مرسي، خوفا من استبعاد الشاطر من سباق الرئاسة لعدم حصوله علي حكم قضائي برد الاعتبار عن الأحكام العسكرية التي صدرت ضده في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، وهو ما حدث بالفعل.

وهنا لابد أن نشير إلي أن رؤية الإخوان للديمقراطية أقرب إلي تقنين انتخابي للوصاية علي النخبة والجمهور، في إطار رؤية أشمل تحلم بالوصاية علي البشرية كلها «أستاذية العالم»!، فالديمقراطية تبدو في فكر الجماعة حتي الآن مجرد أداة مناسبة لـ »الاستعلاء بالحق« (مثلها مثل مراجعات الجهاديين).

كل ذلك ترك انطباعاً سيئاً لدي المواطنين بسبب تراجع الجماعة عن قراراتها وعدم الالتزام بالوعود، فضلا عن الأداء البرلماني السئ الذي لا يرتقي لما كان ينتظره المواطنون من برلمان الثورة في الدفاع عن الحريات وإصدار قوانين لحمايتها، وإلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين، وإعادة محاكمة الثوار الذين حكم عليهم في محاكم عسكرية وغيرها من القضايا؛ خاصة قضايا قتل الثوار.

مع اقتراب المرحلة الانتقالية من نهايتها، لم يعد هناك متسع من الوقت؛ إذ يُفترض أن يعود الجيش إلي ثكناته بعد أقل من ثلاثة أشهر دون أن تتضح معالم وضعه في النظام السياسي الذي سيحدده دستور يقوم «الإخوان» بالدور الرئيسي في عملية إعداد مشروعه بعد أن سيطروا علي تشكيل الجمعية التأسيسية التي ستكتبه، قبل أن يصدر القضاء الإداري حكما ببطلان تشكيلها فيما بعد، فمن الطبيعي أن يثير ذلك قلق القوات المسلحة ومجلسها الأعلي.

في الوقت نفسه، يتوجس «الإخوان» من إصرار هذا المجلس علي إبقاء حكومة الجنزوري التي يتهمونها ليس فقط بالعجز عن حل المشاكل الأساسية بل بافتعال بعضها لوضع البرلمان الذي يتصدرونه في وضع حرج أمام الشعب.

ولذلك، أخذ الخلاف يتصاعد بين جماعة «الإخوان» والمجلس الأعلي للقوات المسلحة، وصولاً إلي إعلان ترشيح الشاطر ثم سليمان لرئاسة الجمهورية، نتيجة تداعيات الأفعال وردود الأفعال في الأسابيع الأخيرة.

وفي هذا الإطار، استطاعت الجماعة ـ للأسف – تزييف وعي جناح كبير من شباب الثورة، واقناعهم بأن المجلس العسكري يماطل في تسليم السلطة، ومررت شعار «يسقط حكم العسكر»، معلنة الدخول في معركة تكسير عظام مع المجلس العسكري، متوهمة أنها ملكت الشارع، وركبت موجة الثورة، ولن يستطيع أحد أن يثنيها عن السلطة، وأن تجربة 1953 لن تتكرر، مدعومة في ذلك بموقف أمريكي وآخر أوروبي أقنعته الجماعة بأنها حليف يمكن الاعتماد عليه بما له من شعبية علي الأرض- لا يمانع في وصول الجماعة للسلطة في مصر.

ويبدو أن المجلس العسكري أدرك أن الموجة عالية، وأن أي صدام عنيف مع الجماعة سوف تحوله الأخيرة لصدام مع الشعب، وهو ما لا يمكن أن يقع فيه الجيش في مصر مهما تكن الضغوط.

وبدا المجلس العسكري، وكأنه يرتب أوراقه في مرحلة ما بعد هيمنة الإخوان علي السلطة في مصر.

وبالفعل استطاع مرشح جماعة الإخوان الوصول لقمة السلطة في ظل أجواء يشوبها الغموض تارة، والتآمر تارة أخري، ولا تخلو من المفارقات، ولابد هنا أن نشير إلي الدور التحريضي الذي لعبته النخبة المصرية في إقناع جمهور الناخبين بمقاطعة الجولة الحاسمة بين أحمد شفيق ومحمد مرسي أو منح أصواتهم إلي مرشح الإخوان بزعم أن أحمد شفيق سيعيد إنتاج نظام مبارك من جديد، وهو ما ندموا عليه فيما بعد!!.

وعقب وصول ممثل جماعة الإخوان ـ محمد مرسي – إلي سدة الحكم في مصر في 30 يونيو 2012، كشفت الجماعة عن وجهها القبيح، وبدأت في سعار ممجوج، وكأنها تسابق الزمن، تحاول إحكام قبضتها علي مفاصل الدولة، وتعاملوا معها كأنها «غنيمة حرب» ينبغي الاستيلاء عليها، ولم تستطع أن تدير علاقاتها بالمؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية علي نحو كفء، هذا في الوقت الذي لم تمتلك فيه رؤية واضحة لإدارة البلاد، ولجأت إلي قيادات تدين لها بالولاء أقل كفاءة وقدرة علي مواجهة مطالب متزايدة ومتنامية، وكان لتحالفاتها مع الجماعات الراديكالية الإسلامية التي علي يمين الإخوان المسلمين مثل الجماعة الإسلامية والجبهة السلفية دور مهم في انصراف المجتمع عنهم

وهنا ظهر بقوة المعني الحقيقي لأخونة الدولة؛ التي اعتبرها القيادي الإخواني محمد البلتاجي «قمة الديمقراطية»، وكانت تبشيرا بصيغة استبدادية تلوح في الأفق تمسك بمفاصل الدولة، وتقبض علي مفاتيح الموارد الحكومية، وتتحكم في مخرجات العملية الانتخابية علي النحو الذي يروق للجماعة الغالبة، وهو ما بلغ ذروته حين أصدر محمد مرسي إعلانا دستوريا مساء يوم الخميس (22 نوفمبر 2012)، يحتوي علي بند لتحصين الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية من الطعن عليها أمام أية جهة قضائية، وعدم جواز حل مجلس الشوري ـ الحالي ـ أو الجمعية التأسيسية ـ الحالية ـ من قبل أي جهة قضائية.

وفقدت الجماعة خلال الشهور الأخيرة من حكمها شعبيتها في الشارع المصري، الذي تكتل بكل أطيافه ضدها، بعد أن أدرك فاشيتهم وخطرهم علي الدولة المصرية، بعد وقائع عديدة كانت شديدة الدلالة علي افتقاد الجماعة لكل معاني الوطنية، وإعلائها مصالح التنظيم الدولي للإخوان المسلمين علي مصالح الدولة المصرية، وتكرر خروج ملايين هادرة إلي الشوارع حاولت ميليشيات الجماعة قمعها بعنف دموي إرهابي، صاحب ذلك استقالات أعضاء التيار المدني في مجلس الشوري، واتساع دائرة الاحتجاج في إطار حركة «تمرد» الشبابية التي تلقت دعما من أطراف كثيرة في المجتمع، وغاص المجتمع في مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية خانقة.

ولأنهم طلاب سلطة بالدرجة الأولي والأخيرة، رفض الإخوان كل المطالب التي قدمت إليهم بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، إنقاذا للبلاد من حرب أهلية، وفوضي كادت تلوح نذرها في الأفق، فما كان من المصريين سوي إنقاذ وطنهم وتخليصه من حفنة أقل ما توصف به بأنها فاشية بعيدة عن أي معني للوطنية؛ وخرج عشرات الملايين ليملأوا ميادين مصر، مطالبين بإنهاء حكم جماعة الإخوان الظلاميين، مدعومين في ذلك بجيشهم الوطني، الذي لم ولن ينحاز سوي لإرادة الشعب، وكان لافتا للأنظار أن جماهير ثورة 30 يونيو الشعبية رفعت صور الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر قائد ثورة 23 يوليو، وإلي جانبه صور القائد عبد الفتاح السيسي قائد الجيش المصري في تأكيد واضح لثقة الشعب المصري في جيشه الوطني.

وهكذا، كانت ثورة 30 يونيو ملحمة وطنية كبري سطرها الشعب والجيش وأنهت أسطورة جماعة الإخوان المسلمين إلي الأبد، وبددت حلمهم نهائيا في الوصول لحكم مصر، وكأن المصريين أرادوا أن »يوصولهم« للقمة ثم يلقوهم من عليها في مزبلة التاريخ.

بقلم: سامى شرف

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا