الرئيسيةمختاراتمقالاتعيد فلسطيني تقليدي بطابع بدوي

عيد فلسطيني تقليدي بطابع بدوي

بقلم : حماد أبونصير

بمبادرة وتنظيم وإشراف من ” تجمع شباب قبيلة الترابين ” ؛ أقيم ” عيد ” فلسطيني بدوي الطابع عصر الجمعة السادس عشر من الشهر الحالي في بلدة وادي السِلْقة ، جنوب شرقي مدينة دير البلح . نَسَلَ الناس إلى ساحة العيد من كل جهة قريبة وبعيدة في حماسة وغبطة فاجأتا الجميع ، فبدا عيدا فلسطينيا حقيقيا جامعا وإن اختصت فعالياته بجانب من تراث الشعب الفلسطيني البدوي خاصة في منطقة بئر السبع المحتلة التي تشرد منها الآلاف من قبيلة الترابين في نكبة 1948 ، واستقروا جنوب ووسط قطاع غزة ، أي قريبا من موطنهم الأصلي المغتصب حيث لا يفصل بعضهم الآن عن أرض أسرته سوى السلك الشائك ، ويمكنه حتى من موقف بعيد غربي السلك أن يلامس بقلبه وعينه ما في تلك الأرض من زرع وشجر . ومما له عميق الدلالة أن كثيرين من أبناء القبيلة الذين بقوا في بئر السبع بادروا إلى التعبير عن فرحهم باحتفالية العيد مجلين شعورا جارفا بالحنين إلى إخوانهم في القطاع ، وتمنى بعضهم لو كان قادرا على المشاركة فيها ، ومبادرتهم تبين بيانا قويا ساطعا أن عقود الاحتلال وانقطاع الاتصال الاجتماعي والإنساني بين الطرفين لم تصب قوة ترابطهم بالوهن والضحالة ، والشيء ذاته فعله أبناء القبيلة الكبيرة في سيناء ، وفي الدول العربية الأخرى . العيد كان فلسطينيا بوضوح وقوة رغم منطلقه القبلي ، وأكد فلسطينيته الموحدة أنه لم يُرفَع فيه سوى العلم الوطني مكبرا على سارية في الساحة التي جرت فيها فعالياته شرقي شارع صلاح الدين مباشرة ، وحمله بعض راكبي الخيل والجمال في حجمه العادي . صدحت في العيد الأغاني البدوية المسجلة، وتُلي بعض الشعر البدوي ، واستمتع المعيدون بالدبكة الفلسطينية وصوت الأرغول بموسيقاه الثرية الجياشة، وانفرد إخواننا وأحباؤنا السمران بجزء من فعالية الدبكة ، ومن مثل السمران إذا دبكوا حماسة وروعة فن ؟!
استهدف منظمو الاحتفالية إحياء أسلوب احتفالية العيدين القديمة التي كانت تقام في الساحات الخالية ، وتوقفت تماما بعد الاحتلال الإسرائيلي لغزة في 1967 ، وكانت تشارك فيها الفتيات المحجبات اللاتي يتجمعن باقاتٍ باقاتٍ في صفوف مستقيمة أو دائرية ، وتضع كل باقة ستارة قماش مستطيلة حاجبة يمسكنها بأيديهن ، ويأخذن في غناء موحد الإيقاع تتباين كلماته ومعانيه من مجموعة إلى أخرى . ويتجمع الشبان والصغار أمام تلك الباقات للاستمتاع بذلك الغناء ، ويركض بعضهم الخيل أو الجمال . وكان ذلك الاحتفال أو العيد يبدأ ضحى ، وينتهي قبيل الغروب . وخلت الاحتفالية المتجددة تماما من العنصر النسوي ، ومن شاهدنها مباشرة شاهدنها من فوق سطوح البيوت العالية المجاورة للساحة خاصة من جهتيها الجنوبية والشمالية . وغطى الاحتفالية عدد من القنوات الفضائية والمواقع الإخبارية ، منها ” قناة الجزيرة “، وموقع “دنيا الوطن ” . التراث ، بفنونه القولية والحركية وغيرها ، ملامح هوية وأصالة ، ويأتي هذا العيد التراثي الأسلوب لتوكيد وتثبيت الهوية الفلسطينية في بعدها المنبثق من عمق الروح والتاريخ ، وفي نية من اضطلعوا به أن يتخذوه بداية بعث لأعياد تالية لا استرابة في أنها ستكون أبعد نجاحا وشمولية قياسا بنجاحه وشموليته في ابتدائه . تحية صادقة لمن بادروا ونظموا وأشرفوا ، ومحبة لكل من شاركوا فيه من كل أبناء الوطن عروضا ومشاهدة ، إنه عيدهم ؛ لأنه كان بحق عيدا فلسطينيا ، عيد فلسطين كلها ، بدوا وحضرا ، وتاريخا وجغرافيا ، والوحدة التي عمته ينبغي أن تكون قدوة هادية في أي تجمع فلسطيني .
***
من الطرائف في تاريخ قبيلة الترابين التي تمتد أراضيها من بئر السبع المحتلة إلى رفح وبلدة الفخاري في قطاع غزة ؛ أن مجموعة من رجالها قبضوا على نابليون بونابرت في منطقة خانيونس أثناء قفوله إلى مصر بعد أن دحرته عكا بقيادة أحمد باشا الجزار ومساعدة أسطول بريطاني صغير في 1799 ، وسرحوه لعدم معرفتهم بهويته وخطورة حملته على مصر وفلسطين ، ويرد في تاريخ حملته على فلسطين أنه أقام مركز قيادة في مدينة غزة في الموضع الذي تقوم فيه الآن ” ثانوية بنات الزهراء ” ، وهو أول زعيم أوروبي دعا إلى إقامة وطن لليهود في فلسطين .

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا