الرئيسيةمختاراتاخترنا لكمقراءة سياسية نقدية في مبادرة د. شلح

قراءة سياسية نقدية في مبادرة د. شلح

طرح الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي الدكتور رمضان شلح مبادرة للخروج من الواقع الفلسطيني المتردي في مختلف المجالات، وخاصة الناحية السياسية لاجل الوصول الى رؤية قادرة على الخروج من تلك الانقسامات والازمات التي تهدد مستقبل الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، حيث جاءت هذه المبادرة في عشرة نقاط سنعمل على تحليلها وتفنيدها للوصول الى مدى امكانية تطبيقها على ارض الواقع .

1 – اعلان الرئيس محمود عباس الغاء اتفاق اوسلو، ووقف العمل به

ان هذا البند الداعي للمطالبة بالغاء اتفاقية اوسلو، ووقف العمل فيها من قبل الجانب الفلسطيني، فلابد لنا هنا ان نلقي الضوء على اتفاقية اوسلو والتي وقعت بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، وكانت هناك رسائل الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل كلا اعترف بالاخر، الامر الذي ترتب عليه وجود السلطة الوطنية الفلسطينية، والتي جاءت لتكون نواة وبذرة للدولة الفلسطينية تمهيدا لتحقيق الحرية والاستقلال.

وقد ترتب على وجود السلطة مراكز قانونية عدة، وايضا مجموعة من المؤسسات الوطنية التي اصبحت حقيقة وخاصة عندما نتحدث عن تواجد السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، فاصبح للفلسطينيين مكانة وهوية معترف بها من قبل المجتمع الدولي خاصة عندما نتحدث عن نتائج اوسلو، وتحقيق حالة من الاستقرار على ارض الواقع، رغم المحاولات الاسرائيلية والتي قامت بها الحكومات الصهيونية المتعاقبة، وذلك لاجل الهروب من هذا الاتفاق الذي منح للفلسطينيين مكانة دولية، تمثلت بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في الامم المتحدة وانضمام فلسطين للعديد من المعاهدات والاتفاقيات والمنظمات الدولية، واسقط الرواية الاسرائيلية التي دائما ضللت بها دولة الاحتلال رأي العالم الدولي بان هذه الارض بلا شعب ولا يوجد هناك ما يسمى بفلسطين او الشعب الفلسطيني هذا من ناحية .

ومن ناحية اخرى حالة التواجد المؤسساتي، واستيعاب عشرات الالاف من الموظفين ووجود مؤسسات الدولة المعترف بها عالميا واقليميا وعربيا، مما اضفى نوعا من الاستقلالية الفلسطينية والكل يعرف عدد المشاريع التي طرحت لتذويب الهوية الفلسطينية والغائها، فهل المطلوب هنا ان يتم منح الاحتلال ما رغب به على مدار السنوات الماضية من محاولات للقضاء على حالة التواجد الفلسطيني ومؤسسات الدولة، التي اشادت بها كافة التقارير الدولية واعتبرتها بانها تشكل نواة الدولة الفلسطينية، على ان يعود الاحتلال او ان يقوم بايجاد وانشاء ما يسمى بادارات مدنية او روابط قرى تعمل على ادارة الشان الفلسطيني، وهدم كافة الانجازات الدبلوماسية التي حققتها دولة فلسطين فلذلك كان الاجدر ان نذهب للمطالبة بتحقيق كافة الالتزامات التي وردت في اتفاقية اوسلو على الجانب الاسرائيلي وفق الضمانات الدولية التي رعت هذه الاتفاقية حتى لانكون نحن من يهدم بنيانه بنفسه.

2- ان تعلن المنظمة سحب الاعتراف بدولة اسرائيل

فيما يتعلق بهذه النقطة والمتمثلة بسحب الاعتراف باسرائيل، فهذا الامر يترتب عليه وفقا لما ذكرناه في النقطة الاولى من ان هناك اعتراف متبادلا بين منظمة التحرير االفلسطينية واسرائيل، لذلك فقضية سحب الاعتراف سيترتب عليها ان يكون هناك سحب اعتراف اخر من قبل اسرائيل بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، الامر الذي سيدعوا اسرائيل الى حشد قواها في العالم من اجل الضغط على المجتمع الدولي لسحب الاعتراف بالدولة الفلسطينية، التي تعهدت فلسطين بموجب هذا الاعتراف بالالتزام بكافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية وخاصة في نطاق الامم المتحدة وفكرة التعايش السلمي في دولتين متجاورتين، وانهاء الصراع عبر الطرق السلمية..

ولذلك المطلوب يتمثل في وجوب مطالبة المجتمع الدولي سحب اعترافه بدولة تحتل اراض دولة اخرى، وتنتهك القانون الدولي والقانون الدولي الانساني، وترتكب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني، لان سحب الاعتراف سيتم استغلاله سياسيا وعسكريا على ارض الواقع من قبل دولة الاحتلال، في ظل وجود مؤسسات السلطة الفاعلة والقادرة على تسيير وتلبية احتياجات المواطنيين الفلسطينيين، بعيدا عن تدخلات الاحتلال التي دائما تحاول الاصطياد في المياه العكرة بما يعود بالسلب على ابناء الشعب الفلسطيني، مع التاكيد على ان سحب الاعتراف سيؤدي الى الغاء كل ما ترتب على الرسائل المتبادلة من اتفاقات، وسيمنح دولة الاحتلال صك البراءة امام المجتمع الدولي، وتحقيق رؤية المتطرف نتنياهو وحكومته اليمينية بان لاوجود لشريك للسلام

3- اعادة بناء منظمة التحرير لتصبح الاطار الوطني الجامع

قضية جيدة وبحاجة الى التفكير المتعمق والجيد، لان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ولكن وفق أي اسس سيتم اعادة البناء هل سيكون باشتراطات جديدة ام بمماطلات سارقة للوقت، في ظل وجود اكثر من اتفاق للعمل على تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وكانت هناك عدة مبادرات واجتماعات شاركت بها كافة القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية، ولكن لم تنجح نتيجة حالة التمسك الحزبي لمجموعة من الاشتراطات التي لاتصب في صالح القضية الفلسطينية، فلذلك من يريد ان يكون جزءا من هذه المنظمة فالابواب مفتوحة ولا يوجد اعتراضات على ايا كان، ولكن من غير المقبول ان تبقى المناشدات والمبادرات في الاعلام وعلى ارض الواقع لايوجد أي عمل جدي لتحقيقها، ومن يريد ان يكون جزء من منظمة التحرير عليه ان يدخل لهذا الاطار ومن ثم يطالب بالتغيير او التطوير.

4 – اعلان ان المرحلة هي مرحلة تحرر وطني والاولوية لمقاومة الاحتلال، وهذا يتطلب اعادة الاعتبار للمقاومة والثورة ولتصبح الانتفاضة شاملة لدحر الاحتلال.

لا احد فينا يختلف على اسلوب المقاومة للتخلص من الاحتلال، فهو حق كفلته كافة الشرائع والمواثيق باعتباره حق اصيل كفل للشعوب من اجل نيل حريتها، وهو امر متفق عليه من قبل الجميع، فالمقاومة، وان تعددت اشكالها تؤدي للهدف المنشود بعيدا عن المغامرات اللامحسوبة واللامنطقية التي تكون نتائجها السلبية اكثر من ايجابيتها، باعتبار اننا جزء من هذا المجتمع سواء العربي او الدولي او الاقليمي نتأثر ونؤثر في احداثه، فنحن ليس بمعزل عما يدور في العالم من حولنا من احداث تتسارع وتتلاحق وتيرتها، لذلك علينا التفكير بانسب الطرق والوسائل لمواصلة المقاومة بمختلف اشكالها، ولكن بعيدا عن جلب الويلات والمعاناة لابناء الشعب الفلسطيني الذي مازال يعاني من تلك المغامرات، التي ارهقت كاهل الشعب وخلفت عليه معاناة متعددة الاشكال والجوانب سواء صحية او بيئية او اجتماعية او اقتصادية، فقرار الحرب والسلم يجب ان لا يكون بأيادي اشخاص او احزاب او جماعات بعيدا عن حالة الاجماع الوطني والسياسي، والقادرة على التمييز ما بين الافضل والافضل للشعب الفلسطيني لان معاناة شعبنا فاقت كل تصور وحد.

5 – انهاء الانقسام وتحقيق الوحدة وصياغة برنامج جديد موحد واستراتيجية على قاعدة التحلل من اوسلو وينهي سلطتين وبرنامجين.

المطلوب انهاء حقيقي للانقسام، بعيدا عن حالة المماطلة والتسويف لان الاوضاع المحيطة بالقضية الفلسطينية تتغير بسرعة كبيرة جدا، ولابد ان يكون هناك توافق فلسطيني ينهي الانقسام بعيدا عن اية اشتراطات او مواقف حزبية او فئوية خاصة تعرقل التوصل الى تنفيذ الاتفاقات السابقة، التي وقعت لانهاء الانقسام فاصبح غير مقبول استمرار الانقسام ووجود سلطتين، لان الوضع الفلسطيني الداخلي بحاجة الى لملمة الصفوف الفلسطينية ووحدة الموقف، لسحب كافة الذرائع من الحكومة الاسرائيلية التي تتخذ من الانقسام الفلسطيني ذريعة لتتهرب من كافة الالتزامات المترتبة عليها، ففكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية تشكل جانب ايجابي بحيث تعتمد برنامجا يحقق طموحات المواطن الفلسطيني، ويلبي احتياجاته وينطلق بخطوات سياسية تحقق المزيد من المكاسب على الصعيد الدولي والاقليمي، وتضع دولة الاحتلال في حالة عزلة لا ان تأتي حكومة تجلب حصارا جديدا على الشعب الفلسطيني في ظل معاناته المتواصلة والمستمرة، وهذا يتطلب جهدا من قبل الكل الفلسطيني الوطني والاسلامي للخروج من دوامة الانقسام

6 – صياغة برنامج وطني لتعزيز صمود الشعب ووجوده على ارضه.

الشعب الفلسطيني بحاجة لمن ياخذ بيده، بعد ما قدمه من تضحيات عظام وصموده الاسطوري في وجه الاحتلال ومخططاته التدميرية، والتي تستهدف للكل الفلسطيني دون تمييز بين فصيل واخر، لان سياسة الاحتلال تعتمد على استعداء الكل الفلسطيني، لذلك لابد ان يكون هناك تفهما وطنيا صريحا وواضحا تجاه احتياجات المواطن الفلسطيني لتعزيز صموده واعادة بناء ما دمره الاحتلال، وذلك من خلال التكاتف الوطني في كافة المجالات خاصة الاجتماعية والاقتصادية والصحية والبيئية، وانهاء المشكلات المزمنة الواقعة على الشعب خاصة مشكلة الكهرباء، وهذا ياتي بتكاتف كل قوى المجتمع الفلسطيني، سواء الحزبية او المستقلة او قطاعات رجال الاعمال ومنظمات المجتمع المدني بعيدا عن التحزب والتعصب الاعمى الذي يجلب الويلات لشعبنا .

7- الخروج من حالة اختزال فلسطين ارضا وشعبا في الضفة وغزة، والتاكيد على ان الشعب هو شعب واحد، وهذا يتطلب كل مكونات الشعب في 48 و67 ومناطق الشتات.

ان فلسطين ارضا وشعبا هي ليس مقتصرة على مناطق الضفة والقطاع ومن يقطنها، ففلسطين والشعب الفلسطيني الذي يتواجد في كل بقاع الارض في الشتات وفي الضفة والقطااع والقدس واراضي عام 48 هم ابناء الشعب الفلسطيني، ولا يستطيع احد ان ينزع عنهم صفتهم الفلسطينية، بل يجب ان يكونوا مشاركين وحاضرين في القرار الفلسطيني، فالمعاناة ليست في الضفة والقطاع والقدس فهناك ملايين الفلسطينيين الذين يعانون في الشتات من فقدان الهوية وغربة الوطن، وهناك من يعاني من التفرقة العنصرية وسياسة الاحتلال الغاشمة في اراضي ال48 لانهم لازالوا قابضين على الجمر ومتمسكين بهويتهم الفلسطينية، لذلك فلسطين للكل الفلسطيني في كل بقاع الاراضي اينما كانوا واينما تواجدو وهو ما يجب ان يتم التاكيد عليه في كافة المحافل الدولية والاقليمية والعربية .

8- الاتصال بكل الاطراف العربية والاسلامية تجاه هذه الخطوات ووقف قطار الهرولة نحو العدو الصهيوني وسحب المبادرة العربية والعمل مع الشقيقة مصر لرفع الحصار عن غزة.

حالة الاتصال مع العرب والمسلمين هي قائمة، وهم ليس بعيدين عن المشهد الفلسطيني، فهناك جامعة الدول العربية التي تتابع كافة القضايا التي تتعلق بالشان الفلسطيني، فاصبحت فلسطين بندا رئيسيا على طاولة الاجتماعات العربية على كافة المستويات، وعلى طاولة اجتماعات منظمة التعاون الاسلامي، وهناك مواقف تصدر عن الدول العربية والاسلامية تجاه القضية الفلسطينية، تتميز بالدعم والتاييد للحق الفلسطيني مع التاكيد على ان العمل العربي والاسلامي بحاجة الى المزيد من المواقف الداعمة والمعززة للصمود الفلسطيني، وتقديم كافة اشكال الدعم المادي والمعنوي لمواجهة الاحتلال واعتداءاته المتواصلة .

اما عن جمهورية مصر العربية فهي لم تتدخر جهدا لتخفيف الاعباء عن الشعب الفلسطيني، ودعم كافة المواقف الفلسطينية والعمل الدؤب لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، وانهاء حالة الانقسام بالرغم مما تمر به مصر من اوضاع داخلة، الا ان القضية الفلسطينية تبقى حاضرة وتحظى باهتمام كبير من الشقيقة مصر، ولكن مصر بحاجة الى ان يكون هناك حالة من التوافق والتفهم الفلسطيني للقضية الفلسطينية، والمخاطر المحدقة بها وخاصة ملف تحقيق المصالحة .

9- ان تقوم قيادة منظمة التحرير بملاحقة دولة الكيان وقيادتها امام المحكمة الجنائية الدولية كمجرمي حرب وتعزيز المقاطعة الدولية.

القيادة الفلسطينية تعمل على هذا الملف، وخاصة بعدما انضمت فلسطين الى محكمة الجنايات الدولية في نيسان 2015 واصبحت عضوا فيها، فتقدمت فلسطين بمجموعة من الملفات الى المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية تتعلق بالاستيطان وبحرب عام 2014، وبالاعتداءات والجرائم الاسرائيلية بحق ابناء الشعب الفلسطيني، وشكلت لجنة فلسطينية ضمت معظم اطياف العمل الوطني والاسلامي الفلسطيني، تتابع هذه اللجنة مع محكمة الجنايات الدولية الاجراءات، وتوثق انتهاكات واعتداءات وجرائم الاحتلال وتسلمها للمحكمة الجنائية الدولية، فهذا امر وطني فلسطيني باقتدار تعمل عليه القيادة لاجل محاكمة الاحتلال، وخاصة الجهود التي تبذل في مجلس حقوق الانسان الدولي، حيث لا تراجع عن هذا الملف وعن محاسبة قادة الاحتلال عن الجرائم التي ارتكبت بحق ابناء الشعب الفلسطيني .

10- اطلاق حوار وطني شامل

قضية الحوار الوطني بحاجة، الى ان تكون هناك مجموعة من الاسس الواضحة لاية حوار وطني، حيث تكون الاولوية لفلسطين وللشعب الفلسطيني بعيدا عن أي حالات محاصصة او اقتسام او مزاودات تعود بالسلب على الجميع الفلسطيني، فاذا تم اعلاء مصلحة الوطن ووضعت مطالب واحتياجات الشعب الفلسطيني على سلم الاهتمامات فالحوار الفلسطيني سيكون ذو فائدة، خاصة اذا ابتعد عن أي تدخلات خارجية او املاءات من هنا او هناك تعيق مسيرة التقدم والوصول الى نتائج قابلة للتحقيق على الارض، وفق قاعدة عدم التخوين والتكفير

مبادرة تستحق الاهتمام والتطوير والعمل.

كتب د. ناهد زهير

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا