الرئيسيةمختاراتتقارير وتحقيقاتتقرير يكشف التمييز المنهجي الذي تمارسه إسرائيل بحق مواطنيها الفلسطينيين

تقرير يكشف التمييز المنهجي الذي تمارسه إسرائيل بحق مواطنيها الفلسطينيين

كشف تقرير سياسي اليوم، عن التمييز المنهجي الذي تمارسه إسرائيل بحق المواطنين الفلسطينيين ‏فيها في قطاعات العمل وملكية الأراضي والتعليم.

واطلق مركز مدى الكرمل، تقريراً جديداً من تقارير الرصد السياسي الشهرية. وجاء التقرير في اطار مشروع مشترك لمدى الكرمل ومؤسسة الدراسات الفلسطينية.

واماط تقرير الرصد السياسي لشهر أيّار/مايو 2016 اللثام عن التمييز المنهجي الذي تمارسه إسرائيل بحق المواطنين الفلسطينيين فيها في قطاعات العمل وملكية الأراضي والتعليم.

وفي هذا السّياق، بين التقرير السنوي الصادر عن مراقب الدولة في هذا الشهر مدى التمييز الذي تنتهجه العديد من الوزارات والمؤسسات الحكومية (التي تُسمّى السُّلطات في إسرائيل) في مجال استخدام الفلسطينيين وتخصيص الموازنات وتطوير البنية التحتية. كما يتجلى طابع ممارسات إسرائيل لمصلحة المواطنين اليهود دون غيرهم في مناهج وزارة المعارف وسياساتها.

فضلًا عن ذلك، وثّق تقرير الرصد السياسي لهذا الشهر السلوك التمييزي والعنصري الذي يسلكه أفراد جهازي الشرطة والأمن الإسرائيليين تجاه المواطنين الفلسطينيين.

سياسات عنصرية / تمييزية تقرير “مراقب الدولة” السنوي:

وتطرّق التقرير السنوي الذي صدر عن “مراقب الدولة” في إسرائيل ونُشر في يوم 24 أيّار/مايو 2016 (يغطّي الفترة الواقعة بين شهر كانون الثاني/يناير وشهريّ آب-أيلول/أغسطس-سبتمبر 2015)، إلى مسألتين تتصلان اتصالًا مباشرًا بالمواطنين الفلسطينيين، وهما الاستخدام والتشغيل، و”إعادة توطين” المواطنين البدو.

ويشمل التحقيق الذي أجراه مراقب دولة الاحتلال بشأن قطاع الاستخدام والتشغيل عددًا من وزارات الدولة وسلطاتها، ويتطرّق إلى برامج تغطي سنوات عديدة وموازناتها، وبرامج تدريب ودمج المستخدَمين الفلسطينيين، بالإضافة إلى تطوير وسائل تساند استخدام الموظفين، من قبيل تحسين المواصلات العامّة وإنشاء مراكز الرعاية النهارية للأطفال.

وأشار هذا المراقب في تقريره إلى أنه “لم يُصرف سوى 28% من الموازنات المرصودة لبرنامج الاستخدام المخصص للمجتمع العربي [المجتمع الفلسطيني في إسرائيل] على مدى ثلاث سنوات من السنوات الخمس التي يغطيها هذا البرنامج [2010-2014]. ولم تعمل سلطة التطوير الاقتصادي على إعداد خطة واضحة لمتابعة برنامج البلدات الاثنتي عشرة، ممّا استحال معه متابعة واحد من أهداف البرنامج الرئيسية: وهو زيادة مستويات الدخل لكل فرد في هذه البلدات، ما حال دون إمكانية تقويم تقدّم البرنامج ونجاعته.”

وخلص “مراقب الدولة” في ختام تقريره إلى أنّ “الاستنتاجات تعكس صورة قاتمة تبعث على القلق بشأن كل ما يتصل بتشغيل أبناء المجتمع العربي في إسرائيل [المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل] والفجوات القائمة بين مختلف المجتمعات فيها. علاوةً على ذلك، تشير [الاستنتاجات] إلى أنّ الإجراءات التي نفّذتها الحكومة في هذا المضمار لا تُعد كافية ولا مناسبة ولا فعّالة. عمليًا، يعاني المجتمع العربي تمييزّا متواصلّا.”

وبيّن تّقرير المراقب السّنوي أن مراكز الاستخدام والتشغيل في القرى الفلسطينية تقدّم خدماتها حسب معايير تقل عن مثيلاتها المرعية في البلدات اليهودية-الإسرائيلية. وبناءً على ذلك، تزيد أعباء العمل في تلك المراكز، كما يفتقر موظّفوها إلى المهارات اللغوية التي تمكنهم من التواصل مع المستخدَمين. فضلًا عن ذلك، لا تُعد الوسائل المخصصة لإسناد الاستخدام والتشغيل كافية. وأخيرًا، يبلغ معدّل استخدام الفلسطينيين الذين شاركوا في دورات تدريبية نصف معدل استخدام اليهود-الإسرائيليين.

وأشار التّقرير إلى أنّ المجتمع الفلسطيني يفتقر إلى البنية التحتية التي تيسر استخدام العمّال وتشغيلهم، ولا سيما في وسائل الإسناد كالمواصلات العامّة ومراكز الرعاية النهارية للّرضّع. ويشكّل غياب مواصلات عامّة يمكن الاعتماد عليها عاملًا مهمًّا في معدّلات الاستخدام المنخفضة في المجتمع الفلسطيني.

وقال: علاوةً على ذلك، “لم تتجاوز مراكز الرعاية النهارية التي جرى ترخيصها في العام 2010 في القرى العربية ما نسبته 12.6% من مجموع المراكز العاملة في إسرائيل، ولم يزد عدد المراكز التي تموّلها الدولة عن مركزين (7.7%) في هذه القرى على مدى الأعوام 2010-2014.” وبالإضافة إلى ذلك، “ففي الوقت الذي أُنجز فيه التقرير المذكور، كان توفُّر مراكز الرعاية النهارية للأطفال الذين تقل أعمارهم عن ثلاثة أعوام في القرى العربية لا يكاد يُذكر بالمقارنة مع مدى انتشارها في التجمعات السّكّانية اليهودية. ولذلك، لم تزِد نسبة الأطفال العرب من الفئة العمرية ممن يستطيعون الالتحاق بمراكز الرعاية النهارية المعترف بها على 10%.

وعرض التقرير عددًا كبيرًا من الأدلّة على استمرار التمييز، وخاصةً فيما يتعلق بنسبة الفلسطينيين المستخدَمين في سلطات الدولة والشركات التي تديرها: – بسبب “عدم تنفيذ” القرارات التي تعنى بتعزيز المساواة في استخدام المواطنين وتشغيلهم في “أجهزة الدولة”، تُعد نسبة الموظفين الفلسطينيين الذين يعملون في هذه الأجهزة ضئيلة، ونتيجةً لذلك، تظل نسبة تمثيل الفلسطينيين في كل شركة من أكبر عشر شركات حكومية من حيث تصنيفها “متدنية جدًا” على مستوى الموظفين وعلى مستوى الوظائف الإدارية فيها. ولا تفي هذه النسبة بحصة الفلسطينيين الذين يشكلون 20% من عدد الأفراد الذين يحملون المواطَنة الإسرائيلية. فعلى سبيل المثال، تبلغ نسبة المستخدمين الفلسطينيين في شركة الموانئ الإسرائيلية 0.7%، ولا تتعدى نسبتهم في شركة ميناء أسدود 0.2%، في حين لا يعمل أي فلسطيني في شركة خطوط الغاز الطبيعي الإسرائيلية على الإطلاق (0%).

– عدد الموظفين الفلسطينيين الذين يعملون في الشركات العامة متدنٍّ جدًا. فعلى سبيل المثال، تبلغ نسبة الفلسطينيين الموظفين في سلطة الأوراق المالية الإسرائيلية 1.5%، وفي سلطة المطارات الإسرائيلية 1.1% وفي بنك إسرائيل 1%. وفيما يتصل بالوظائف الإدارية، “لا يوجد حتى مدير عربي واحد” في بعض الشركات.

– فضلًا عمّا تقدم، تبلغ نسبة المواطنين الفلسطينيين في سن العمل (ممن يقعون ضمن الفئة العمرية 18-64 عامًا) في إسرائيل 19.4%، بينما تسجّل نسبة الموظفين منهم في قطاع الخدمة المدنية 13.7%. وتصل نسبة الفلسطينيين الذين يحظون بفرص عمل 50.5% (30.2% بين النساء)، بالمقارنة مع اليهود-الإسرائيليين الذين تصل نسبة المستخدمين منهم إلى 78%.

– يقل معدل الدّخل الذي يجنيه المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل “بصورة كبيرة عن دخل أبناء المجتمع اليهودي. ومن النتائج المترتبة على هذا الوضع تراجع مستوى الرفاه في المجتمع العربي بصورة كبيرة عن ذلك الذي يشهده المجتمع اليهودي”.

إعادة توطين المواطنين البدو :

وخلص تقرير “مراقب الدولة”، فيما يتعلّق بإعادة توطين المواطنين البدو، إلى أنّ الدولة تخلّفت عن إيجاد حلّ لقضية ملكية الأراضي في النقب.

وحسبما جاء في هذا التقرير، لم تجرِ تسوية سوى 1% من مساحة الأراضي المتنازع عليها حسب المحددات التي تضعها الدولة على مدى الفترة الواقعة بين العامين 2008 و2014 (إذ جرت، منذ العام 2008، تسوية 6,000 دونم من أصل 590,000 دونم من الأراضي المتنازع حول ملكيتها).

فضلًا عن ذلك، يصرّح هذا المراقب في تقريره بأنّ إعادة توطين المواطنين البدو الفلسطينيين في إسرائيل يمثّل الهدف الرئيسي الذي تسعى الدولة إلى إنجازه، وبأن سلطات الدولة تخلّفت بدورها عن إحراز أي تقدّم في تحقيق هذا الهدف. ففي الفترة الممتدة بين شهريّ كانون الثاني/يناير 2008 وتموز/يوليو 2015 وحدها، لم تجرِ إعادة توطين سوى 3,400 مواطن بدوي – ولا يزيد هذا العدد عما نسبته 3%-5% من عدد السكان البدو “الذين لم يجرِ توطينهم”.

ونظر التقرير إلى الأعداد الضئيلة من المواطنين البدو الفلسطينيين الذين أعيد توطينهم باعتبارها دليلًا على فشل. فمنذ العام 1969، استمرت إسرائيل في محاولتها تجميع المواطنين البدو الفلسطينيين في إسرائيل “في عدد محدود من البلدات المُفقَرَة ضمن مخطط حكومي وتمديّنهم قسرًا، بعيدًا عن أرض آبائهم وفسخ عرى الروابط التاريخية التي تجمعهم بأرضهم. وتنظر إسرائيل إلى المواطنين الذي يمكثون في قراهم التاريخية على أنهم ’متعدّون على أراضي الدولة’ وتتعمّد حرمانهم من الخدمات الأساسية والاستفادة من البنية التحتية – بما فيما شبكات الماء والكهرباء والصرف الصحي ومؤسسات التعليم والرعاية الصحية والطرق – للضغط عليهم وإجبارهم على التخلّي عن أراضيهم.” ويعكس تخلّف إسرائيل عن التوصّل إلى اتّفاق حول قضية ملكية الأراضي في النقب والبرامج التي أطلقتها لغايات “توطين” البدو الفلسطينيين، انعدام ثقة الفلسطينيين في البرامج الإسرائيلية. عمليًا، تعبّر هذه البرامج عن سياسة تعنى بتهجير البدو الفلسطينيين من مناطق سكناهم.

علاوةً على ذلك، تعاني القرى البدوية الفلسطينية المعترف بها في النقب قدرًا هائلًا من التمييز الإسرائيلي. فحسبما جاء في تقرير مراقب الدولة السنوي: في العام 2015، وبعد ما يزيد على عقد من اعتراف الدولة بالقرى البدوية. يعاني تطوير شبكات البنية التحتية في هذه القرى قصورًا كبيرًا. فلم يجرِ تعبيد الطرق في معظم هذه القرى، والمنازل فيها غير موصولة بشبكة الكهرباء. ومع أن صنابير المياه مركبة وجاهزة للاستخدام في معظم القرى المذكورة، فالقليل من سكّانها يستطيع ربط منازله بها. ولا تملك سوى قرية واحدة … شبكة صرف صحي حسب المعايير المطلوبة.

من الجدير بالذكر أن صنابير المياه المذكورة هي عبارة عن صنابير عامة يخصَّص الواحد منها للقرية بأسرها. وهذا يعني أن المنازل الواقعة في القرى المذكورة ليست موصولة بشبكة المياه العامة.

وتطرّق التقرير إلى الجهود القاصرة التي تبذلها الحكومة في تنفيذ برامج تطوير منطقة النقب. ويظهر هذا التقصير بجلاء في بنود الإنفاق الضئيلة (1.2 مليار شيكل / 310 مليون دولار) المرصودة في الموازنة التطويرية لسنة 2011 على مدى خمس سنوات.

ويقول مدير مركز “وجود” لحماية حقوق العرب في النقب إنّ الاستنتاجات التي خلص إليها مراقب الدولة في تقريره “تشير بوضوح إلى أنّ الوزارات تجاهلت بصورة متعمدة ومنهجية تنفيذ خطة التطوير الخمسية الصادرة في العام 2011 والتي تعنى بمساندة المجتمعات العربية في النقب. كما تخلّفت هذه الوزارات، دون إبداء تفسير معقول، عن تخصيص الأموال التي أقرّتها الحكومة قبل سنوات لتنفيذ هذه الخطة.”

التسهيلات المتاحة لإعادة التحاق طلبة المدارس الثانوية: لليهود فقط:

حسبما جاء في تعليمات صدرت عن وزارة المعارف الإسرائيلية في تشرين الأول/أكتوبر 2014، يحظى طلبة المدارس الثانوية من أبناء اليهود المهاجرين والعائدين بتسهيلات خاصّة عندما يتقدّمون لامتحانات شهادة الدراسة الثانوية العامة.

وبموجب هذه التعليمات، يتأهّل الطلبة الذين درسوا أربع سنوات أكاديمية أو أكثر في الخارج للحصول على تسهيلات، تشمل تجاهل الأخطاء الإملائية عند تصحيح امتحاناتهم، والسّماح لهم باستخدام القواميس، وقراءة الامتحانات لهم، ومنحهم ما معدله 10-15 نقطة إضافية على معدلاتهم التراكمية أو إتاحة وقت إضافي تبلغ نسبته 25% لهم كي يستكملوا الامتحانات المقررة لهم.

وحسبما ورد في هذه التعليمات، تُمنح التسهيلات المذكورة للطلبة الذين يتقدمون للامتحانات باللغة العبرية (أي بلغة نموذج الامتحان). وفي المقابل، لا تُمنح تلك التسهيلات للطلبة الفلسطينيين الذين يتقدمون لامتحاناتهم باللغة العربية.

فضلًا عن ذلك، يُسمح لبعض الطلبة بتقديم الامتحان بلغتين، بمعنى أنّ الأسئلة التي ترد في نموذج الامتحان تكون مطبوعة بالعبرية ومترجمة إلى إحدى اللغات التالية فقط: “الروسية، والأمهرية، والإنجليزية، والفرنسية والإسبانية.” ويعني هذا، عمليًّا، أنّ الطلبة الفلسطينيين، الذين تكون العربية لغتهم الأم، لا يستطيعون الاستفادة من هذا النظام.

وفي هذا السياق، أرسلت المحامية سوسن زهر من المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في إسرائيل “عدالة” رسالة إلى المدير العام لوزارة المعارف الاسرائيلية وإلى مدير دائرة استيعاب أطفال المهاجرين في الوزارة، تقول فيها إنّه “ما من شك في أنّ التعليمات تنتهج التمييز بحق جميع الطلبة من أبناء العرب [المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل] على أساس قوميتهم. فتعليمات الوزارة التي تمنح التسهيلات للطلبة في تقديم الامتحانات بلغتهم الأم لا تتيح الأمر نفسه للطلبة العرب، وهذا يؤدي إلى استنتاج مفاده ممارسة تمييز غير مقبول على أساس القومية.”

وحشية الشّرطة:

في يوم 22 أيّار/مايو 2016، اعتدى عناصر من وحدة حرس الحدود الإسرائيلية بوحشية على فلسطيني مواطن في إسرائيل، يبلغ من العمر 19 عامًا، في تل أبيب، إذ اقترب هؤلاء العناصر من ميسم أبو القيعان خارج السوبرماركت الذي يعمل فيه وطلبوا منه إبراز بطاقة هويته. وقد اعتدى عناصر الوحدة بعنف على الشّاب بعدما أجابهم بأن بطاقة هويته موجودة داخل السوبرماركت، وبعدما طلب إليهم أن يعرّفوا عن أنفسهم لأنهم لم يكونوا يرتدون زيهم الرسمي. وجرى توثيق هذا الاعتداء على كاميرات المراقبة في السوبرماركت.

وحسبما ورد في التقرير الذي نشرته جريدة “هآرتس” في هذا الخصوص: قال الشهود إنّ ثلاثة أفراد من الشرطة استدعوا زملاءهم من الوحدة التي يخدمون فيها والذين كانوا يتواجدون في منطقة قريبة، وشرعوا بدورهم في الاعتداء على أبو القيعان، وضربوه حتى بعدما طرحوه أرضًا، وتحلّق حوله عدد كبير من رجال الشرطة.

يذكر أبو القيعان أن أفراد الشرطة نعتوه بـ”عربي قذر”، كما حال هؤلاء الأفراد دون حصوله على الرعاية الطبية ومنعوه من الاتصال بوالديه. واعتُقل أبو القيعان في وقت لاحق وأُطلق سراحه ليمضي عقوبة الحبس المنزلي، بعدما وُجِّه الاتهام إليه برفض التعريف عن نفسه والاعتداء على أفراد الشرطة.

الشرطة الإسرائيلية تعرقل سير العدالة:

مع تصاعد الاعتداءات العنصرية التي ارتكبها اليهود-الإسرائيليون ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل على مدى الشهور القليلة الماضية، أُميط اللثام عن الأخبار التي أفادت بأنّ شرطة حيفا حاولت أن تؤثر على شاهدة عيان لكي تمتنع عن الإدلاء بشهادتها في قضية.

أنهى أحمد الفحماوي، وهو فلسطيني مواطن في إسرائيل، في يوم 1 أيّار/مايو 2016، ورديته في مقهى يعمل فيه في حيفا في الساعة الرابعة فجرًا وعرض على زميلته اليهودية-الإسرائيلية أن يقلّها إلى منزلها. وعندما وصل الفحماوي إلى الشارع الذي تقطن فيه زميلته، اعتدى عليه رجال يهود-إسرائيليون بعدما أدركوا أنه فلسطيني. وخلال محاولة الفحماوي الهرب من المنطقة، اصطدمت سيارته بجدار، وواصل هؤلاء الرجال الاعتداء عليه وضربه بالعصي.

وبعدما رفع الفحماوي شكوى إلى مركز الشرطة، حاول أحد أفراد الشرطة أن يؤثّر على صديقة الفحماوي اليهودية-الإسرائيلية.

وقال رجل الشرطة في إحدى الرسائل النصية التي أرسلها إلى الفتاة: “لا تشهدي. قولي لأحمد أن لا يورطك في مشاكله.” وحذّر المحامي نضال أحمد، مدير الائتلاف لمناهضة العنصرية في إسرائيل، من أنّ مثل هذه الحوادث التي تنطوي على عرقلة الشرطة سير العدالة باتت تتكرر، إذ تتغذّى من الجو السّياسي العنصري المستشري في إسرائيل.

تفتيش جسدي لمواطنين فلسطينيين في إسرائيل في مكتب نتنياهو:

طُلب من ديران شلابنة، وهي مواطنة فلسطينية في إسرائيل وترأس دائرة دعم الطلبة العرب في الاتّحاد القطري لطلبة إسرائيل، أن تنزع صدريتها لغايات الفحص الأمني كي تتمكّن من حضور اجتماع مع رئيس الوزراء، كما طُلب منها أن تنزل سروالها. وبسبب هذه التجربة المهينة، استغرق الأمر شلابنة شهرين حتى تنشر هذه الحادثة على صفحتها على موقع “فيسبوك”. وتعقّب شلابنة بقولها إنّ هذه التجربة “لم تقلّ في وقعها عن التحرش الجنسي. لقد استغرقني الأمر بعض الوقت لأتبادلها معكم لأنها كانت تجربة مهينة، وغير سارة على الإطلاق.”

كتاب المدنيات:

كشفت وزارة المعارف، يوم 9 أيّار/مايو 2016، عن الطبعة المعدّلة والمثيرة للجدل من الكتاب المدرسي المقرر لمنهاج المدنيات. لم يشارك أي ممثل عن المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل في تأليف هذا الكتاب على الرغم من أنّه يُطرح للتعليم في جميع مدارس الدولة. وقد أثار هذا الكتاب جدلًا بين اليهود-الإسرائيليين حول توجهاته الدينية-القومية. ومن وجهة نظر فلسطينية، تركّز الجدل الدائر حول تهميش المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل بصفتهم مجموعة قومية وتذريرهم إلى هويات دينية.

يصبّ هذا الكتاب تركيزه، بدءًا من عنوانه “أن نكون مواطنين في إسرائيل: دولة يهودية وديموقراطية”، على الهوية اليهودية لإسرائيل. وبما أن من المستحيل، في نظر الكثيرين، الجمع بين الصفة الحصرية (اليهودية) والصفة التعددية التي تسم الديموقراطية، تُعتبر إسرائيل دولة غير ديموقراطية بحكم تعريفها. فلا يمكن اعتبار دولة تخدم مصالح مجموعة محدّدة بشكل حصريّ، ناهيك عن الربط الرمزي والأبعاد الثقافية التي تنطوي عليها الحياة في هذه الدولة، ديموقراطية حقيقية. فحسبما ورد على لسان هيئة التحرير في جريدة “هآرتس”، “يستحيل أن يخطئ القارئ فهم رسالة الكتاب: فالهوية اليهودية، كما جرى التعبير عنها في تعريف الدولة لنفسها وفي الحيز العام، تحتل الأولوية على الهوية المدنية.” وينسحب هذا الأمر بوجه خاص على إسرائيل والعلاقة التي يسودها النزاع مع الفلسطينيين بعمومهم والمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل بالتحديد.

ويشدّد كتاب المدنيات على الهوية اليهودية لإسرائيل وعلى الشرعية المكتسبة بناءً على “الوعد الإلهي”.” وفضلًا عن ذلك، تضيف جريدة “هآرتس” قولها في هذا الصدد: ما يبعث على القلق بوجه خاص أنّ ما يقرب من 20% من مواطني إسرائيل من غير اليهود يُقصَون إلى الهامش. ويقسّم الكتاب، الذي لم يشارك عربي واحد في تأليفه، الأقلية العربية إلى جماعة عشوائية من الجماعات الفرعية التي تتميز أساسًا بمواقفها تجاه الخدمة في الجهاز العسكري أو في جهاز الخدمة المدنية الوطني. ولا يشتمل الكتاب في نصوصه على أي مثال للحياة المشتركة بين اليهود والعرب. وحقوق اليهود واضحة، ومكان العرب مقيَّد، والجدران التي تفصل بعضهم عن بعض ترتفع أعلى فأعلى. ولا يأتي الكتاب على ذكر العنصرية التي تمزق أوصال المجتمع الإسرائيلي من قريب أو بعيد.

وفيما يتعلّق بالمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، يتناول الكتاب في الفصل السابع منه، “هوية مواطني إسرائيل”، التركيبة الاجتماعية لـ”المجتمع الإسرائيلي”؛ فيخترع، في هذا المقام، هويات جديدة: “يوجد في إسرائيل تمييز بين الهويات القومية الرئيسية: الهوية اليهودية، والهوية العربية والهوية الفلسطينية. ومن جملة الهويات الأخرى التي تنفرد بها الجماعات الإثنية الثقافية في البلاد الهويات الدرزية والبدوية والشركسية والآرامية.”

وحسبما جاء في الكتاب، تُعد الهوية العربية مسألة اختيار شخصي، ويفسّر هذا الأمر بأنّ الهوية القومية العربية “تشدد على الانتساب إلى الأمّة العربية في الشرق الأوسط. ويعرّف العديد من المواطنين العرب [الفلسطينيين] في إسرائيل أنفسهم بأنهم عرب أساسًا، وبأنهم يشعرون بأنهم جزء من الأمة العربية التي يشاركونها تاريخهم وثقافتهم ولغتهم. وتشمل هذه الهوية المواطنين العرب المسلمين والمسيحيين وعددًا محدودًا من المواطنين الدروز.” ومن جانب آخر، تشدد الهوية الوطنية الفلسطينية على “الانتساب إلى فلسطين وحدها كوطن ثقافي وتاريخي. وهذه الهوية تكرّس نفسها لرفد الثقافة والتقاليد العربية-الفلسطينية، والمحافظة على قيام الروابط التي تجمع العرب الفلسطينيين بإخوانهم خارج إسرائيل.”

وأعلنت إسرائيل الهوية الآرامية “هوية قومية جديدة في شهر أيلول/سبتمبر 2014. وتضم هذه الجماعة، التي صنفتها الدولة جزءًا من الهوية القومية العربية، ما يقرب من 130,000 مواطن يحملون صفات متمايزة، كاللغة والثقافة والتاريخ الآرامي والديانة المسيحية”.

تجدر الإشارة إلى أنه حسبما ورد في التقارير الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الإسرائيلي، فإنه: “حتى عشية عيد الميلاد في العام 2015، كان نحو 166,000 مسيحي يعيشون في إسرائيل. ويؤلف هؤلاء المسيحيون نحو 2% من سكان دولة إسرائيل. وفي نهاية العام 2014، كان المسيحيون العرب يشكلون ما نسبته 79.1% من عدد المسيحيين المقيمين في إسرائيل.” وبما أن نسبة الـ79.1% من مجموع 166,000 مسيحي تساوي 132,800، فإن التشابه القائم بين هذا العدد وعدد الذين صُنّفوا على أنهم “آراميون” (130,000) يسترعي الانتباه، خصوصًا وأنّ هؤلاء المسيحيين قد أُدرجوا ضمن فئة “الهوية القومية العربية.” فهل يقصد مؤلفو الكتاب خلق الانطباع بأنّ جميع المسيحيين الفلسطينيين باتوا يندرجون ضمن الهوية الآرامية الجديدة؟ كما يلف الغموض المصدر الذي استند إليه الجهاز المركزي للإحصاء الإسرائيلي لدى اعتماده هذا العدد، خصوصًا وأنّ المسيحيين الفلسطينيين يشكّلون 10% من عدد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل.

وغني عن القول أنّ فرض هوية آرامية على المواطنين المسيحيين الفلسطينيين في إسرائيل أمر مصطنع، وهو يشبه تصنيف الدروز الفلسطينيين جماعة قومية في إسرائيل خلال العقد الخامس من القرن الماضي.

وفيما يتصل بالهوية الدرزية، يشير كتاب المدنيات إلى أنه “لا يوجد اتفاق بين الدروز أنفسهم حول ما إذا كانوا يشكلون جماعية إثنية أم قومية.” وقد فُصلت الطائفة الدرزية، كما هو حال الجماعة الآرامية اليوم، عن الجماعة الفلسطينية في خمسينيات القرن الماضي.

في الإجمال، تقسّم إسرائيل المواطنين الفلسطينيين إلى هويات صغيرة، ومخترَعة في بعض الأحيان، ولا تحظى إلا باهتمام وتحليل ضئيلين. وقد دعا الاتحاد القطري للجان أولياء الأمور العرب جميع طلبة المدارس الثانوية إلى مقاطعة هذا الكتاب.

وفي هذا السياق، صرّح يوسف جبارين، عضو الكنيست عن القائمة العربية الموحدة، بأنه “يُفترض في الكتاب أن يتناسب مع جميع الطلبة في البلاد، إلا أنه يقصي المواطنين العرب من المواطنة الكاملة والمتساوية”.

وطالب جبارين بأن لا تكون النسخة العربية من الكتاب عبارة عن ترجمة حرفية لنسخته العبرية، بل أن تشكّل نسخة معدّلة تتناسب مع السياق الثقافي والاجتماعي الفلسطيني في إسرائيل. وبعبارة أخرى، تعني هذه المطالبة إعادة تأليف كتاب المدنيات بما يتلاءم مع الطلبة الفلسطينيين في المدارس الإسرائيلية.

تشريعات عنصريّة / تمييزية:

استُهلت الدورة الصيفية للكنيست في يوم 23 أيّار/مايو 2016 بتقديم عدد من مشاريع القوانين العنصرية للمناقشة أمامها.

طرد عضو من الكنيست: التعديل رقم (45)

قدّمت لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست تعديلًا على القانون الأساسي: الكنيست بعنوان “تعليق عضوية عضو من أعضاء الكنيست بموجب أحكام المادة 7(أ) من القانون الأساسي: الكنيست”. ينص هذا التعديل على أنّ الكنيست يستطيع أن يطرد، بأغلبية تضم تسعين صوتًا، عضوًا يخالف أحكام المادة 7(أ) (أ) التي تنص على ما يلي:

(7أ) منع المشاركة في قائمة مرشحين

(أ) يُحظر على قائمة مرشحين المشاركة في الانتخابات للكنيست ويُمنَع شخص من ترشيح نفسه، إذا ما كانت أهداف القائمة أو أفعالها أو أهداف أو أفعال الشخص، حسب الظروف، علنًا أو ضمنًا تنطوي على أحد العناصر التالية:

·إنكار قيام دولة إسرائيل بصفتها دولة يهودية وديمقراطية؛

·التحريض على العنصرية؛

·دعم الكفاح المسلّح الذي تقوم به دولة عدو أو منظمة إرهابية ضد دولة إسرائيل؛

وبموجب التعديل رقم (45)، بعد إقرار اقتراح لجنة الكنيست على أساس ثلاثة أرباع أصوات أعضائها، يستدعي إجراء الطرد التماسًا يقدمه 61 عضوًا من أعضاء الكنيست. ويجوز أن يكون الطرد محدودًا في مدّته أو أن يستمر طيلة فترة ولاية الكنيست.

وأقرت لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست مشروع القانون في شهر شباط/فبراير 2016، وأصدرته في قراءته الأولى في شهر آذار/مارس 2016.

مشروع قانون بشأن تدريب محاربي حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها

يقترح مشروع القانون، الذي وضعه ميخائيل أورين (من حزب “كولانو” – “كلّنا”) وأييليت نحمياس-فيربين (من حزب المعسكر الصهيوني)، تدريب موظفين في وزارة الشؤون الخارجية على محاربة حركة “مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها”.

وتدعو هذه الحركة، التي استلهمت فكرتها من حركة مناهضة الأبارتهايد في جنوب أفريقيا، إلى تنفيذ إجراءات لممارسة الضغوط على إسرائيل كي تلتزم بالقانون الدولي. وتشكل الحركة اليوم حركة عالمية تتّسم بالحيوية والنشاط وتضم اتحادات وجمعيات أكاديمية وكنائس وحركات شعبية حول العالم. وبات لهذه الحركة، بعد 11 عامًا من إنشائها، أثر كبير، إذ هي تطرح عمليًا تحديات أمام الدعم الدولي لنظام الأبارتهايد والاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي.

ملخص

وعكس التمييز على مستوى الحكومة وأجهزة الدولة استشراء العنصرية على المستوى الشعبي الذي يغذّي هذا التمييز. فالعلاقة بين هذين المستويين علاقة تكاملية تعكس عمق العنصرية في أوساط المجتمع الإسرائيلي-اليهودي. ولذلك، فعندما تطرح وزارة المعارف كتاب المدنيات الذي يروج الهوية اليهودية لإسرائيل، لا تنتاب الدهشة المرء من المواقف التي تبديها الأحزاب الإسرائيلية-اليهودية.

ويظهر أحد الشواهد على ذلك بصورة جلية، خلال هذا الشهر، في استطلاع رأي أجرته كلية غوردون للتربية، إذ أشارت نتائجه إلى أنّ 52% من أولياء الأمور اليهود-الإسرائيليين قالوا إنهم لا يريدون معلمين فلسطينيين يعلمون أبناءهم في صفوف تضم أغلبية من اليهود-الإسرائيليين. وحسب هذا الاستطلاع، شكّل المستطلعة آراؤهم حول هذه المسألة من المتدينين في المجتمع اليهودي-الإسرائيلي 82%.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا