الرئيسيةمختاراتاخترنا لكمالكلام المحظور في المدى المنظور

الكلام المحظور في المدى المنظور

بعد الانتصار الكاسح للرئيس عباس في المؤتمر السابع لحركة فتح ، تكثر الوشوشات والهمسات في صالونات المدن الفلسطينية ، حول النظام السياسي والقلق من انهياره في حال تربع الرئيس على كافة السلطات القضائية والتشريعية والنقابية والمالية والامنية والعسكرية والسياسية . ولكن الاعلام المحلي – بما فيها نحن – لم يجرؤ على نقاش الامر بعقل منفتح وبرؤية علمية تبدّد القلق وتطرد الخوف المسكون فينا . وان قناعتي ان البحث في الامر والوصول الى تشخيص صحيح هو الحل بدلا من التراشق الاعلامي والهمز واللمز والغمز .

بين الديموقراطية والفلتان الامني شعرة رفيعة . وقد تترسخ ثقافة الاختلاف بكامل جمالها ، أو تحترق البلد بسلاح الفوضى بفارق رؤية واحدة . وليس اسهل من الفلتان الامني بالف ذريعة وذريعة وليس أصعب من بناء مجتمع ديموقراطي يؤمن بالاختلاف كرافعة بنيوية ..

بين النظام الرئاسي والدكتاتورية شهيق وزفير . وقد تنضبط البلاد لسيادة القانون ورموز الدولة نحو مستقبل زاهر ، او تجزع قلوب المواطنين بتفسير أعوج من مستشار منافق . وهنا يأتي دور الاعلام الواعي الرشيد ، وقبل ان نطالب بحكم رشيد علينا ان نتمسك باعلام رشيد لان اعلام غوغائي او منافق قد يحرق كل ما انجزناه .

بين ركب الحضارة ومنزلق التخلف منعطف غير مرئي للوهلة الأولى . وقد يقفز شعب الى مصاف الامم المعاصرة او يغرق في وحل التخلف بفارق شعار غامض .

بين التحرر من الاحتلال واحتلال حركة تحرر يختبئ مارق جبان من جهة او مدّعي ثقافة يأخذ تمويله من عواصم اخرى من جهة اخرى . هذا يرفع شعارات التمرد وهو غارق في احضان المستثمرين في دم هذا الشعب . وهذا يرفع عصا الطاعة وهو لا يعرف جمالية الاختلاف .

بين مقاومة الاحتلال وشقاء شعب ، يجلس رجل غير مناسب في مكان غير مناسب يعمي الجمهور بصراخ لا جدوى منه ويضيع الفرصة .

بين العلم والجهل جدل غير لازم في وسط الشارع … والانكى من ذلك كسر ادوات القياس في المشهد ذاته ، وبدلا من قياس النصر بالفداء والعطاء ، أن يقاس بالنهب والتعمشق على مصالح الناس .

نقطة اخيرة أريد ان اكررها لضرورات فنية. ان القول بالارتهان الى الشعب كضمانة دائمة يعتبر مبالغة رومانسية بحتة ، وقد يحاول البعض من خلالها التملص من المسؤولية ، وان كان الشعب ضمانة فهذا لا يعني أن لا يقوم القادة بدورهم النقابي والتاريخي .

جورج حبش كان المعارض الاول لقائد الثورة عرفات ، وحين وقع الاخير اتفاقية اوسلو سرا ومن دون التشاور مع باقي فصائل منظمة التحرير ، قال جورج حبش عبارته التاريخية لعرفات ( اخشى منك وأخشى عليك ) فظل قائدا لائقا ، ورمزا وطنيا يتحدث عنه عرفات بكل هيبة وهو الذي قال عنه حكيم الثورة . فهل لدينا الان حكيم دولة الان ؟ يعارض ولكن بمسؤولية وحرص على استقلالية القرار ومصلحة الشعب .

وبالمقابل لا يزال العرب يذكرون حين ذهب الملك الحسين بسيارته وأخرج المعارض الاردني الاسلامي الاستاذ ليث شبيلات من السجن وأوصله بنفسه الى منزله .

نعم صحيح . ان الشعب ضمانة وطنية دائمة . لكن هذا لا يعفي المعارضة من فكر مستنير وبنيوي ، ولا يعفي الرئيس من نفحات حنان وتسامح ، ولا يعفي النقابات من مواقف كبيرة لبناء الدولة ، لان وزير الخارجية لوحده لا يبني دولة ، ووزير الداخلية لوحده لا يبني دولة . بل ان النقابات والاتحادات هي التي تبني الدول .

بقلم: د. ناصر اللحام – رئيس التحرير وكالة معا

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا