نحتفل اليوم بذكرى انطلاقتنا الثانية و الخمسون ، و قد أنجزنا مؤتمرنا العام السابع ، متخطين كل العقبات و الصعائب التي حاول البعض أن يضعها في الطريق، و متغلبين على المؤامرات التي قصدت إفشال المركزية الديمقراطية داخل فتح، و منع عقد مؤتمرها و تجديد شرعية أطرها، و رسم خططها و تنقيح برامجها بما يناسب الوقائع المستجدة و يكفل أن يواجه تحديات المستقبل القريب و البعيد.
نحتفل بذكرى انطلاقتنا التي بدأت بتفجير نفق عيلبون 1965، معلنه التمرد على الواقع المرير الفاسد، الذي ترتب على نكبة شعبنا و تشتته في المنافي و هجرته عام 1948، بفعل العدوان و الجرائم و المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بتسهيل و دعم من حكومة الانتداب البريطاني، التي وعدت اليهود بوطن قومي على حساب شعبنا عام 1917، قبل أن تكون هي في بلادنا و منطقتنا على لسان وزير خارجية بريطانيا حينها ارثر بلفور.
نحتفل بهذه الذكرى المجيدة التي أعادت لنا موقعنا على خارطة الدول و الشعوب، و نقلت شعبنا من شعب لاجئ ينتظر المساعدات الإنسانية، إلى شعب مكافح من أجل وطن و هوية و دولة مستقلة، و عودة إلى الأرض و القرية و المدينة و البيارة و مدرج الصبا، و إلى التاريخ المشرق و الذكريات الجميلة، حين كان شعبنا يمارس حياته بهدوء و سلام و أمان يفتلح أرضه و يزرع أشجاره، و يمارس تجارته، و صناعته اليدوية البسيطة، لا يعتدي على أحد، و لا يعتدي أحد عليه.
نحتفل بها و قد نقلتنا بصيرورتها و تطورها الدائم، إلى وضع دولة مراقب في الأمم المتحدة، لا بد أن تتطور إلى دولة كاملة العضوية في وقت قريب، بفعل نشاط حركتنا و قيادتنا و جهدنا الذي لا ينضب على الساحة الدولية، التي بدأنا ننجز عليها قرارا تلو الأخر يؤكد حقوق شعبنا، و يطالب بتنفيذها بأسرع ما يمكن.
فهاهو مجلس الأمن يصدر قرارا يعلن صراحة و دون أي لبس، أن الاستيطان الإسرائيلي غير شرعي و يجب توقفه فورا في القدس و في كل مدن الضفة الغربية، و كل الأرض التي احتلت عام 1967.
و ها هي الجمعية العامة تصدر بأغلبية 177 صوتا حق شعبنا في تقرير مصيره، و تطالب بمنح شعبنا هذا الحق على الفور، و ها هي منظمة اليونسكو العالمية، تصدر قرارا حاولت إسرائيل بكل جهدها أن تعطله و حاولت معها الولايات المتحدة فعل ذلك، و طرحت القرار مجددا على التصويت بهدف الطمأنة لكنها لم تتمكن ، حيث أكدت المنظمة الدولية القرار الذي يبين أن حائط البراق أثر إسلامي و أن الأقصى بساحاته و مبانيه و أرضه ملك إسلامي و أثر تاريخي يجب الحفاظ عليه، و لا صلة لليهود به من قريب أو بعيد.
كما بين القرار كذلك أن القدس و بلدتها القديمة هي أثر إسلامي يجب المحافظة عليه في سجل التراث لعالمي، و تمنع و تلغي كل الإجراءات التي حاولت أن تنال منه و أن تغير عن قصد خبيث طابعه.
نعم نحتفل بهذه الذكرى و الصوت الدولي يرتفع هذه الأيام باستنكار سياسة إسرائيل و جرائم اعتقالها و قتلها، و تستنكر حواجز قهرها و جدران عزلها، و يقف ضد استيطانها و مصادرة أرض شعبنا و يطالبها بإنهاء احتلالها، و يتخذ و سائل مقاطعة منتجاتها، و مقاطعة جامعاتها و مراكز بحثها، و يعتبر أنها دولة عنصرية، تمارس السلوك المخالف للقانون الدولي و للقانون الإنساني، تنتهك مواثيق و اتفاقيات جنيف، و تتحدى بشكل سافر القرارات الدولية.
الرفض لسلوك الاحتلال و لمبدأ فرضه على شعب أخر يزداد في كل الساحات، و الإدارة الأمريكية و إن كانت على وشك الرحيل امتنعت عن استخدام الفيتو ضد قرار وقف الاستيطان في مجلس الأمن، و ها هي تؤكد على مبادئ الحل الذي يؤدي إلى دولتين جارتين معتبره أن هذا الحل هو السبيل الوحيد لسلام عادل، و ترى في سياسة الاستيطان أنها تهدف لإقامة إسرائيل الكبرى و تعبر عن رفضها لهذه السياسة، و تطالب بإنهاء كامل للاحتلال.
إننا أقرب اليوم إلى تحقيق أهدافنا من أي وقت مضى، و ستظل هذه الذكرى الخالدة انطلاقة شعبنا باتجاه حريته و عودته و حقوقه، مشعلا مضيئا في تاريخ شعبنا ، في سجل نضال الشعوب الحرة التي قدمت الشهداء بسخاء، في سبيل حريتها و استقلالها، و الفكاك من يد المحتل و المستعمر، الذي استباح كل القيم و القوانين، و استولى على مقدرات و أراضي سواه، و قبل أن يسيطر بالقوة و أساليب الإرهاب على غيره من الشعوب.
عاشت ذكرى انطلاقتنا المجيدة
و المجد لشهدائنا الأبرار
و الشفاء للجرحى و الحرية للأسرى و أنها لثورة حتى النصر
عن موقع مفوضية التعبئة والتنظيم – الاقاليم الخارجية