عندما يصوت الكونغرس الامريكي بغالبية أعضائه ضد قرار أممي اصدره مجلس الأمن دون أعتراض أي من الدول الخمسة الاعضاء، و بشبه إجماع إذا استثنينا اعتراض اسرائيل و بعض الجزر التي لا يهم أحدا أن يعرف أسمها، فإن الامر يعني أن الكونغرس بأغلبية أعضائه اؤلئك انما يقف بشكل علني فاضح ضد الارادة الدولية ، و ضد مبادئ العدل و السلام ، و ضد القانون الدولي ، و أنه بعدائه لقرار يطالب بوقف الاستيطان و يؤكد عدم شرعيته، و يصنفه كعائق رئيسي أمام السلام، و كسبب اساسي في إفشال كل المساعي التي بذلت من أجل إنجازه بين الاسرائيلين و الفلسطينيين ، فإنه يظهر انحيازا يفوق التوقعات المفترضه، و يسجل تفوق لهذا الكونغرس على نفسه في الدعم الاعمى لسياسات و جرائم و إجراءات اسرائيل. تفوقا على نفسه ، لان أحدا في برلمانات العالم ، و لا حتى برلمان اسرائيل اتخذ مثل هذا الموقف ، و عبر عن العداء و الرفض للقرار الدولي ، فلا يمكن للكنيست الاسرائيلي أن يتفق على عقد مثل هذه الجلسة التي أجندتها رفض القرار ، و لو حصلت لما وجدنا غالبية من الاعضاء الاسرائيليين تقف ضده.
لا ندري أذا كان من اللائق أن نهنئ الكونغرس الامريكي على ” النجاح” بتسجيل هذا الموقف المسيئ لشعب الولايات المتحدة ، و للشعارات التي تتغنى الادارات المختلفة بها، حول الحرية و حقوق الانسان و حق تقرير المصير الذي أكد عليه أول رئيس أمريكي قبل مئتين و خمسون عام.
انه موقف يثير الشفقة على الاعضاء المصوتين ، لانهم ذوي نفسيات غير سوية و عقل غير سليم. فإن كان أولئك يقفون الى جانب اسرائيل لاي اعتبارات سياسية و عاطفية أو نتيجة غسل دماغ ، عملت الحركة الصهيونية و اللوبي الصهيوني من أجل بلوغه زمنا طويلا حتى الان ، فإن الامر يعني أن هؤلاء يعيشون بعيدا عن الواقع و خلف التاريخ، لا يدركون شيئا عن الحقيقة المائلة في فلسطين ، و لا عن طبيعة و أسباب و تفاصيل الصراع، الذي يتسبب به استمرار احتلال شعب لشعب أخر، و استمرار اضطهاد شعب لشعب أخر ، و مواصلة تحكمه بمقدراته و تنقلاته و نمو اقتصاده و حرية ابناءه ، بل و حياتهم التي تتعرض في كل لحظة لخطر القتل الذي يجري كل يوم في الميدان ، في الساحات و على الحواجز.
إضافة لمصادرة الارض و بناء المستوطنات، و انتهاك المقدسات و محاولات تهويدها .
هذا التصويت مثل اعتداءا صارخا على قرارات مجلس الامن و على القانون الدولي، و دعما واضحا للظلم و العدوان و الباطل ، و سياسة التطهير العرقي و التمييز العنصري التي تمارسها اسرائيل دون خجل أووجل، متكأة على مواقف هذا المجلس الامريكي، الذي لا تهمه مبادئ الحرية ، و لا قيم العدالة الانسانية و لا قواعد الاخلاق .
انه يظهر الروح العدائية لكل القيم التي ينادي بها العالم الجديد ، و الروح الامبراطورية الاستعمارية ، التي يود الكونغرس أن يطبع بلاده بها و أن يجرها نحو سلوك معاد لكل الدول، يفرض من خلاله سيطرة و هيمنه أمريكية على جوانب الحياة في العالم ، و على أقتصاديات الدول و قيم و معتقدات مجتمعاتها، و تراث شعوبها.
انها رغبة جامحة في السيطرة و محاولة لفرض التسلط ، و فرض القرارات التي يريدها الامريكي الداعم لاسرائيل ، و الواقع تحت التأثير البالغ للدعاية الصهيونية بشكل احاله الى مجاس صهيوني أكثر من مجموعة أي حزب صهيوني متطرف ، الامر الذي يدعو المؤسسات و الهيئات المتنورة في الولايات المتحدة الى رفض هذه المواقف من مجلس شيوخها، و الى الاحساس بالعار من هذا التصويت المعادي لأبسط قواعد الاخلاق و مفاهيم العدالة، و المؤيد لمحاولات استئصال شعب أخر ، و الإحلال مكانه ، رغم أن هذا الشعب له دولته المراقب في الامم المتحدة ، و لديه من قرارات مجلس الامن و الجمعية العامة العديد من القرارات الواضحة المطالبة بعودته و إقامة دولته و تقرير مصيره.
انها نزعة راعي البقر ، الذي على المؤسسات الحقوقية و التعليمية التي قامت بمقاطعة جامعات اسرائيل ، و على محبي الحرية و السلام في الساحة الامريكية أن يتداعوا بمبادرة من جاليتنا الفلسطينية و نشطاء تنظيمناتنا هناك، للتظاهر أمام مبنى الكونغرس أعتراضا على هذا التصويت المخجل.
الرسالة الحركية الاسبوعية لمفوضية الاقاليم الخارجية لحركة “فتح”