الرئيسيةمختاراتمقالاتاحتجــاجــات غـــزة

احتجــاجــات غـــزة

بقلم: غسان زقطان

مظاهرة «حماس» الحزبية في مخيم جباليا التي قادها النائب «مشير المصري»؛ في محاولة للرد على المسيرة التي انطلقت في المخيم؛ احتجاجاً على إدارة «ملف الكهرباء» في قطاع غزة، كانت استفزازاً ساذجاً وتحدياً لمشاعر الناس وإحباطهم من حكم «حماس»، وفشل هذه الحركة في إدارة شؤون الناس وتوفير الحدود الدنيا للعيش.
وهي استكمال مؤلم لسياسة تسمح لـ»شيخ» طائش بإصدار فتوى تكفر المتظاهرين وتبيح قتلهم، دون تقديمه للمحاكمة بتهم أقلها «إثارة الفتنة» و»التحريض على القتل»، أو بملاحقة أشخاص لا يتورعون عن المطالبة بقتل كل من يتظاهر أو يحتج، «…كما فعلنا بهم أيام الحسم العسكري»، وهي تهديدات يمكن العثور عليها بسهولة في مواقع التواصل الاجتماعي، تحت أسماء حقيقية وصور شخصية، لا لشيء سوى أنهم يعلمون أنهم إنما ينفذون سياسة حزبهم.
أما حرق صور الرئيس وتحميل «السلطة» في «رام الله» مسؤولية فشل الانقلاب، أو «الحسم العسكري»، كما يحب زعماء «حماس» ومشايعوها أن يطلقوا عليه، في إدارة شؤون حياة الناس في قطاع غزة، فهو تصعيد لم يعد قادراً على إقناع المارة في شوارع غزة. بضاعة فقدت جاذبيتها وتهلهلت بسبب كثرة الاستخدام، تماماً مثل «ملف موظفي «حماس» أو «إدارة معبر رفح».
تذكر هذه المظاهرة، بقوة، بمظاهرة «الانتصار» التي نظمتها «حماس» إثر نجاح محاولات وقف إطلاق النار بعد عدوان إسرائيل الأخير على غزة، عندما ظهر بعض زعماء الحركة، ويمكن تذكر الناطق الرسمي في حينه سامي أبو زهري، وصعدوا على أكتاف المارة وأعضاء حزبيين آخرين مكلفين، وهم يهتفون بشعارات «الانتصار الإلهي»، بينما غزة بأكملها، غزة التي تعيش خارج تلك المسيرة تواصل نبش ركام البيوت وحطام الشوارع بحثاً عن أولادها وبناتها وممتلكات متقشفة قد تكون نجت من القصف.
ثمة أمور كثيرة كشفت عنها وأعادت تأكيدها احتجاجات غزة ووسائل قمع أجهزة «حماس» الأمنية لها، والتي لا تختلف عن وسائل أي نظام ديكتاتوري متخلف من التي ابتليت بها الشعوب العربية، ولعل أهمها هو المدى الذي وصل إليه عجز فصائل منظمة التحرير ومنظمة الجهاد الإسلامي ومنظمات المجتمع المدني، وسلبيتها الغريبة التي سمحت لـ»حماس» بالتحكم في مقدرات وحياة الناس بهذه الطريقة المهينة.
وللحقيقة فقط، فقد سمعت، وهي من المرات القليلة، مواقف من الجبهتين الديمقراطية والشعبية تحتج على سلوكيات أجهزة «حماس» الأمنية تجاه المتظاهرين، وهو أمر حسن ولكنه بحاجة لتجاوز المناشدة والاحتجاج والتحول إلى برنامج وطني يمتلك آليات مواجهة حقيقية.
الشيء الأهم الذي أعادت احتجاجات جباليا والنصيرات ورفح تأكيده، هو فشل مشروع الانقلاب، وفشل «حماس» الذريع في حماية شعبها، الحماية بمعناها الواسع الذي يتضمن توفير الحد الأدنى من الخدمات، والعدالة الحقيقية التي ينبغي اعتمادها في توزيع هذه الخدمات القليلة.
ولكن الدرس البليغ من كل هذا هو أن اضطهاد الناس وظلمهم، والاحتيال على حياتهم، والدجل المدروس لن يمنع الناس من التعبير عن مطالبهم، وهو أمر قادم ولعله أقرب بكثير مما يظنه البعض.
مسجونة «حماس» في فكرتها عن نفسها، لا تسمع ولا تبصر، ولا ترغب في الإصغاء أو الإبصار.

المادة السابقة
المقالة القادمة
أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا