الرئيسيةمختاراتتقارير وتحقيقاتخبايا وخفايا أوسلو: رابين وبيريس رفضا الاعتراف بالمنظمة والأوّل أمر بوقف المفاوضات...

خبايا وخفايا أوسلو: رابين وبيريس رفضا الاعتراف بالمنظمة والأوّل أمر بوقف المفاوضات بيونيو 93 لأنّ الفلسطينيين لم يضمنوا أمن المُستوطنات وبيريس رفض لقاء عرفات

في الثالث عشر من شهر حزيران (يونيو) من العام 1993، أيْ قبل ثلاثة أشهر من التوقيع على اتفاق أوسلو بين الحكومة الإسرائيليّة، وبين منظمة التحرير الفلسطينيّة، اجتمع رئيس الوزراء آنذاك، يتسحاق رابين، مع وزير خارجيته، شيمعون بيريس، حيث كانت المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين تجري بسريّةٍ تامّة في النرويج.
بيريس، الذي لم يكُن على علاقةٍ جيّدةٍ برابين، والذي بادله الشعور، عرض على رابين النقاط الـ10 التي تمّ التوصّل إليها مع الفلسطينيين. وبحسب السيرة الذاتيّة للرئيس الإسرائيليّ السابق بيريس، فإنّ رابين ذُهل من التنازلات التي قدّمها الوفد المفاوض الإسرائيليّ، واستشاط غضبًا.
وفي الجلسة عينها، التي اتسّمت بالجدال والنقاش وبأعلى الأصوات، أصدر رابين أمرًا ليبريس بوقف المفاوضات فورًا في أوسلو. وفي رسالةٍ وجهها إليه اتهّم رئيس الوزراء الإسرائيليّ، الرئيس الراحل، ياسر عرفات، بأنّه يعمل على تخريب المفاوضات التي كانت تجري بموازة مفاوضات أوسلو بين وفدٍ من منظمة التحرير وكبار المسؤولين في وزارة الخارجيّة الأمريكيّة، مُضيفًا أنّ عرفات يسعى لإفشال المفاوضات بواشنطن لإنجاح اتفاق أوسلو، الذي يضمن له وكبار القادة المُقيمين في تونس بالعودة إلى غزّة. بالإضافة إلى ذلك، شدّدّ رابين في رسالته إلى بيريس بأنّ النقاط الـ10 التي قدّمها له لا تشمل ضمانات فلسطينيّة بالحفاظ على أمن المُستوطنين والمُستوطنات الإسرائيليّة في الضفّة الغربيّة المُحتلّة.
علاوة على ذلك، جاء في الكتاب، أنّ رابين الذي كان يُشكك بنوايا عرفات منذ البداية، وأنّه وافق على مفاوضات أوسلو على مضض، كتب في رسالته المذكورة إلى بيريس بأنّ عرفات، بتصرفاته هذه يعمل على تخريب السلام مع مصر، والمساعي التي تُجريها الدولة العبريّة مع المملكة الأردنيّة الهاشميّة لإبرام اتفاق السلام بينهما، وهو الاتفاق الذي تمّ التوقيع عليه في العام 1994، والذي أُطلق عليه اسم اتفاق وادي عربة.
بالإضافة إلى ذلك، يكشف كتاب السيرة الذاتيّة لشيمعون بيريس، والذي ألّفه صديقه، ميخائيل بار-زوهار، النقاب عن أنّ رابين رفض الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينيّة، كما أنّ بيريس نفسه رفض هو الآخر الاعتراف بالمنظمة، وعوّل الأخير، كما جاء في الكتاب، على موافقة عرفات ورجاله على الاتفاق بدون الاعتراف المتبادل بسبب الوعد الإسرائيليّ لهم بالعودة فورًا إلى غزّة.
وعندما وصلت الأمور إلى هذا الحد، اقترح بيريس على رابين أنْ يتّم استدعاء المُستشار القضائيّ، المحامي يوئيل زينغر، الذي ضغط على كلٍّ من رابين وبيريس بالمُوافقة على الاعتراف المُتبادل، ولكنّهما رفضا الاقتراح. عندها طلب زينغر من الاثنين أنْ يسمحا له بأنْ يعرض هذا الموقف بصفته الشخصيّة، وليس بصفته الرسميّة، فردّ عليه رابين بالقول: بإمكانك فعل ذلك بصفتك الشخصيّة، على حدّ تعبيره.
وقال مؤلّف السيرة الذاتيّة، نقلاً عن بيريس نفسه قوله إنّ الهدف الإستراتيجيّ بالنسبة له من السماح لعرفات وقادة منظمة التحرير بالعودة إلى غزّة، هو الحصول على ضمانةٍ منهم للاعتراف بإسرائيل، نبذ الإرهاب بشكل نهائيٍّ وعدم العودة إليه بأيّ حالٍ من الأحوال، بالإضافة إلى إلغاء البنود في وثيقة المجلس الوطنيّ الفلسطينيّ، والتي يتعهّد فيها الفلسطينيون بالحرب ضدّ الدولة اليهوديّة حتى شطبها عن الخريطة، قال بيريس.
وكشف المؤلّف النقاب أيضًا أنّ بيريس كان يُخطط للتوصّل لاتفاق مؤقت مع الفلسطينيين في أوسلو، والذي سيتّم عرضه بعد ذلك في مفاوضات واشنطن للمصادقة عليه، وبحسب الاتفاق المؤقت فإنّه يتّم منح الفلسطينيين صلاحياتٍ محدودةٍ، وبع ذلك تبدأ المفاوضات بين الطرفين مباشرةً بهدف التوصّل لحلٍّ نهائيٍّ للمشكلة الفلسطينيّة، شريطة أنْ يُعلن عن الدولة الفلسطينيّة المُستقلّة بعد مرور خمس سنوات على توقيع اتفاق أوسلو، أيْ في العام 1998.
وبحسب بيريس، فإنّ المفاوضات بين الطرفين في أوسلو كانت حميميّة للغاية، حيث أطلق على الوفدين، الفلسطينيّ والإسرائيليّ لقب “منتخب الأحلام”، إذْ أنّ العلاقات بين أعضاء الوفدين تطورّت بسرعةٍ لم يكُن يتوقّعا أحد، باتت علاقات صداقة وثيقة ووطيدة، كما أكّد بيريس. وأضاف أنّ الوفد الإسرائيليّ أُعجب جدًا برئيس الوفد الفلسطينيّ أحمد قريع (أبو علاء)، الذي كان يروي لهم النكات، ودائمًا كان سعيدًا.
كما يكشف الكتاب عن رسالةٍ تلقاها بيريس من مُساعد عرفات، بسّام أبو شريف، التي وجهها له بواسطة الصحافيّة الإسرائيليّة، ميرا أبراخ، التي عادت لتوّها من تونس. ويقول بيريس إنّ أبو الشريف كتب الرسالة بخطّ يدّه، وقال فيها: لقد قررت أنْ أكتب الرسالة بخطّ يدي حتى تأخذا انطباعًا عن مشاعري حول المُستقبل والحياة بسلامٍ بيننا وبينكم، وهو الأمر الذي نُناضل من أجله”، كتب أبو الشريف وزاد: “من أجل إحداث الاختراق يجب ترتيب لقاء رفيع المستوى بيننا وبينكم.
وعقّب بيريس على الرسالة قائلاً إنّ الخطّ خطّ أبو الشريف، ولكنّ الصوت هو صوت عرفات، مُشدّدًا على أنّ عرفات أراد من وراء هذه الرسالة الالتقاء معه لدفع مسيرة أوسلو قدمًا إلى الأمام، ولكنّ بيريس، أكّد في الكتاب، على أنّه رفض عرض عرفات لإجراء لقاءٍ بينهما بطرقٍ ناعمةٍ، لأنّه كان على اقتناع تامٍّ بأنّ الوضع لم ينضج حتى الآن لعقد لقاءٍ بهذا المستوى، على حدّ تعبيره.

المصدر: رأي اليوم / إعداد: زهير أندراوس

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا