الرئيسيةمختاراتمقالاتإسرائيل والدولة الفلسطينية

إسرائيل والدولة الفلسطينية

بقلم: عمر حلمي الغول

ما زال بعض النخب السياسية في المعارضة الإسرائيلية يتحدث عن خيار الدولتين. ولكن ليس كما نصت عليه قرارات الأمم المتحدة ومرجعيات عملية السلام. ولعل ابرز من عبر عن ذلك هيرتسوغ، زعيم المعارضة، الذي لم يرتقِ برؤيته لقبول قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، أضف إلى انه لا يقبل بالانسحاب بشكل نهائي من الأراضي المحتلة عام 67، التي يرى فيها مكانا لما تسمى الدويلة الفلسطينية، انما يريد تمرحل الانسحاب الإسرائيلي، ونظرته للقدس، تقوم بالانسحاب من قرية وبلدة خلف الجدار العنصري، باعتبارها القدس الشرقية، وهو ما يعني عمليا استمرار قانون الضم لها، وعلى الصعيد الأمني لا يختلف في موقفه عن نتنياهو وباقي اقطاب اليمين المتطرف، بتعبير آخر البقاء في الأغوار وعموم الضفة. والمحصلة ان مواقف المعارضة باستثناء حزب “ميرتس” والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، لا تختلف عن مواقف الائتلاف الحاكم إلا بالشكل.
اما اركان الحكومة الإسرائيلية، فهي تعيش في اللحظة السياسية الراهنة ومنذ انتخاب الرئيس دونالد ترامب، موسم التصالح مع الذات الأيديولوجية الصهيونية الاستعمارية، حيث أكد أكثر من قطب من قادة الائتلاف الحاكم، ضرورة إسقاط خيار “بار إيلان”، أي حل الدولتين. مع أن نتنياهو في رده على اقرانه بهذا الصدد، قال “إنكم لم تقرأوني جيدا. فأنا قلت دولة فلسطينية منقوصة”. ومع ذلك أخذت الأصوات تتعالى عشية زيارة نتنياهو، الذي سيلتقي الرئيس ترامب اليوم الأربعاء في البيت الأبيض، بضرورة فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الفلسطينية، والدعوة للتخلي الكلي عن اي شيء يدعى الدولة الفلسطينية. فقال نفتالي بينت، رئيس حزب “البيت اليهودي” لنتنياهو قبل صعوده للطائرة المتجهة لواشنطن، بما معناه “إياك ان تعود دون إسقاط خيار الدولة الفلسطينية. لأن الحزب الجمهوري أسقط هذا الخيار”. وهو وآخرون من حزبه وحزب الليكود من قادوا تمرير قانون “تبييض الاستيطان الاستعماري” في 6 شباط الحالي. كما ان زئيف الكين، وزير البيئة، قال في مؤتمر “معجزة السيادة”، الذي عقد في القدس “إنه لا شك أن الحديث عن فرض السيادة الإسرائيلية في (الضفة الفلسطينية) هو مركب مهم ومركزي في الحوار السياسي، وهذا يعتبر تقدما”. ليس هذا فحسب، بل طالب القطب الليكودي المتطرف القادم من اوكرانيا عام 1990 بفرض عملية الضم الكلية للارض الفلسطينية. وفي السياق نفسه، طالبت تسيبي حوطبيلي، نائب وزير الخارجية “بفرض السيادة على الضفة الفلسطينية”. وكذلك اعلن رئيس لوبي ارض إسرائيل، يوآب كيش، انه “يجب ان يكون واضحا (للجميع) ان هذه “ارض” آبائنا، وهي “حقنا” التاريخي، و”حقنا” القانوني”. وتابع كيش رابطا بين التوجهات الاستعمارية المسعورة ولقاء نتنياهو مع ترامب، فقال “اللقاء مع الرئيس ترامب، هو الخطوة الأولى للعودة والبناء، دون ان نعتذر في كل مكان، ومواصلة فرض السيادة على كل ارض إسرائيل”.
هذه بعض مواقف اقطاب الائتلاف الحاكم، وهي تعكس الرؤية الإستراتيجية لدولة التطهير العرقي الإسرائيلية، الماضية قدما في التخلي الكلي عن خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. وكل الألاعيب الإسرائيلية مع القيادة الفلسطينية مفضوحة ومكشوفة، لأن الرئيس ابو مازن واللجنة التنفيذية للمنظمة، يعون جيدا المخطط الإسرائيلي. ويدركون عدم وجود شريك إسرائيلي لا بالمعنى الشكلي ولا بالمعنى العضوي، لأن كل مكونات القيادة الإسرائيلية المتنفذة في المؤسسة التنفيذية والتشريعية والأمنية / العسكرية والقضائية لا تؤمن بالسلام خيارا، ولا تريد اي وجود للدولة الفلسطينية حتى بالمعايير الشكلية، وخيارها مواصلة الاستيطان الاستعماري على كامل فلسطين التاريخية من البحر للنهر، ورغم ان الوجود الفلسطيني يشكل تحديا حقيقيا للمشروع الصهيوني الإسرائيلي، فإن القيادات الصهيونية تدرس السيناريوهات المختلفة للتعامل مع هذا التحدي بين الحكم الذاتي والتجنيس من الدرجة الثالثة او الترانسفير او حصر الأمور في دويلة غزة او إقامة مجموعة إمارات في الضفة أسوة بغزة .. إلخ لكن الجوهري هو بناء إسرائيل الكبرى على فلسطين التاريخية كمرحلة ثانية في المشروع الصهيوني التاريخي “من النيل إلى الفرات”. هذا يستدعي من الكل الفلسطيني وضع رؤية هادئة وجدية وشجاعة لموجهة التحدي الإسرائيلي دون إسقاط العامل الموضوعي من الحسبان.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا