الرئيسيةمختاراتمقالاتالقائد الإعلامي

القائد الإعلامي

بقلم: عمر حلمي الغول

كثير من القيادات السياسية في ظل تنافس الأجيال تميل للانتقاص من اقرانها أو من الجيل الشاب الوافد من مواقع إعلامية. رغم ان وجودها في موقعها القيادي عميق الصلة بميدان الصحافة والإعلام. هذا البعض حين يقوم بالتعريف بأقرانه من القيادات ذات الجذر الإعلامي الثقافي، وكنوع من التهميش او الانتقاص من مكانة الآخر خاصة امام جهات حزبية او من اوساط عامة او دبلوماسية، تعرف عليهم كإعلاميين او صحفيين وتختزل الجانب القيادي او الوظيفي. مع ان هذا الشخص او ذاك موجود في هذا اللقاء او ذاك بصفته القيادية والوظيفية. بالتأكيد لا يعيبه إعادة الأمور إلى اصولها، لأن الأصل والعامل الرئيس في تبوؤ موقعه السياسي او الوظيفي ناتج عن الدور الريادي، الذي لعبه في الحقل المذكور. أضف ان كلا الحقلين الإعلامي والثقافي يحتاج إلى المعرفة والالمام بالفكر السياسي وادوات التحليل واستشراف المستقبل في هذه اللحظة السياسية او تلك. وبالتالي لا يجد غضاضة في تعريفه بصفته المهنية.
ولو عدنا لتاريخ الشعب الفلسطيني المعاصر لوجدنا كما كبيرا ممن تبوأوا مواقعهم القيادية، هم أصلا مثقفون وإعلاميون، نذكر منهم: كمال ناصر، كمال عدوان، ماجد ابو شرار، غسان كنفاني، صخر حبش، محمود درويش، بشير البرغوثي، إميل حبيبي، إميل توما، توفيق زياد، سالم جبران، صابر محي الدين، فضل شرورو، ناجي علوش … إلخ من الراحلين، ومن الأحياء: الطيب عبد الرحيم، احمد عبد الرحمن، نبيل عمرو، داود تلحمي، حسين ابو النمل، ومروان عبد العال، والحاج رفعت شناعة وبسام ابو شريف .. القائمة تطول ولا تسعف الذاكرة المرء على إيراد كل القادة في الساحة الفلسطينية ممن تسلموا مواقع قيادية في المشهد السياسي الفلسطيني في مراحل تطوره المختلفة.
مما تقدم يمكن الجزم أن حقل الإعلام والثقافة بفرقه ومدارسه الإبداعية كان، ولا يزال يشكل أرضا خصبة لاستقطاب الكفاءات القيادية الوطنية. وسيبقى دوما نبعا عظيما لالتقاط اولئك الاشخاص، الذين يمتلكون الموهبة والقدرة الاستشرافية للمستقبل والشجاعة في قول كلمة ورؤية تتجاوز حدود السقف السياسي المسموح به في هذه اللحظة او تلك. وبالتالي التعريف بشخص معين انه صحفي او إعلامي او كاتب، هو تعريف إيجابي. ويعيد الأمور إلى حقيقتها ومكانتها الواقعية، غير ان ذلك في إخفاء جانب آخر، أو فيه إغماض عين بشكل متعمد عن التعريف الموضوعي والمنسجم مع الواقع.
لكن على الآخرين ان يكفوا عن السقوط في براثن الانتقاص من اقرانهم أثناء تعريفهم امام الجهات الأخرى. ومنحهم حقهم ومكانتهم المطلوبة، والتي ليست مِنّة او أعطية من هذا الشخص او ذاك. لأن موقع سين او صاد المهني، هو الذي سلط الضوء على شخصه، وعرف القيادات السابقة والموجودة عليه وعلى موقعه، ما حدا بهذا القائد او ذاك للاستعانة بالشخص المحدد لما يتمتع به من كفاءة. كما ان الأحزاب والفصائل الوطنية لا تعتمد أي شخص لتسلم مهمة الناطق الرسمي باسمها او المسؤول الإعلامي عن صحيفتها المركزية او منبرها الإعلامي إلا اذا كان يتمتع بالمكانة، المناسبة، التي تؤهله لتبوؤ الموقع. أضف لذلك لو نظرنا للمسألة من زاوية اخرى، سنجد ان اهمية الإعلامي والمثقف تأتي من إختلاف مكانته المهنية، أي كونه يختلف عن اقرانه من اصحاب التخصصات الأخرى. فهو يبقى متواجدا في الميدان المعرفي والمشهد السياسي ايا كان موقعه، ويبقى حاضرا بحجم حضور التطورات والأحداث وتعامله معها، لأنه مسكون بالمعرفة والكتابة بانواعها ومدارسها المتعددة. ودوره القيادي هنا او هناك، لا صلة له بالموقع الوظيفي، الذي لا يضيف له شيئا جديدا، لأنه حصل على مكانته عبر تجربته الرائدة من وجهة نظر مجايليه، وإقرارهم بملكته الفكرية والسياسية والمعرفية عموما.
والقائد الإعلامي السياسي يختلف نسبيا عن الصحفي العادي، الصحفي العامل في حقول الريبورتاج والمحرر للأخبار او سكرتاريا التحرير او اقسام المهنة المختلفة السياسية والاقتصادية والرياضية والاجتماعية والدينية والترفيهية. وهذا لا ينتقص من مكانة الصحفي، غير ان هناك تباينا بين صحفي وصحفي، وبين مثقف ومثقف، وسياسي وسياسي. وهناك الكثير ممن تحملوا مسؤوليات سياسية، اثبتت التجارب عدم اهليتهم للقيام بمهامهم المحددة. النتيجة على من حملتهم منابر الإعلام لمواقع القيادة، الاعتراف لزملائهم بمكانتهم القيادية دون استصغار، لأن الارتقاء بمكانة الآخر، هو تعزيز لموقع هذا القائد او ذاك، وليس العكس.
oalghoul@gmail.com

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا