أقدمت حماس على منع إحياء ذكرى النكبة في غزة، و استثارت غضب و استنكار قوى شعبنا و مؤسساته و جماهيره، فهذه الذكرى الأليمة التي مازلنا نعيش نتائجها المأساوية في التشرد و الضياع و القهر و المعاناة، داخل الوطن و خارجه في المخيمات و غير المخيمات ، و في العدوان الاحتلالي المتواصل بحق شعبنا ، لا يمكن أن يقدم أحد على تجاهلها و منع إحياء ذكراها ،لاستذكارالجريمة الصهيونية ، ولإظهار التمسك بحقنا المشروع في العودة و التعويض كذلك ، عن الممتلكات و المعاناة التي تواصلت تسعة و ستون عاما
لقد أقدمت حماس على هذا الفعل الشائن ، المعادي لحقوق الشعب و مشاعره ، بهدف إبلاغ رسالة الى اسرائيل ، إنها لا تريد أكثر من إمارة في غزة، بميناء عائم و مطار إن أمكن، مقابل تخليها عن كل حقوق الشعب الفلسطيني، و عن حق العودة الذي يتمسك به شعبنا و قيادته في كل الظروف.
أرادت حماس أن تبرق لأسرائيل ، بأنها لم تتخلى فقط عن عداء اليهود ، كما أوضحت في ما سمي وثيقتها الجديدة، و أنها لم تعد تدعي بأن النزاع مع أسرائيل ، هو نزاع و صراع ديني ، لن ينتهي قبل أن يقول الحجر ، يا مسلم هذا يهودي خلفي تعال و أقتله.
وأنها كذلك لم تقبل فقط بحدود عام 1967 لإقامة دولة فلسطينية ، و تخلت عما كانت تسميه أرض الوقف الأسلامي، التي لا يجوز التخلي عن شبر منها تحت أي ظرف أو ضغط أو سبب ، بل هي كذلك تجروء على منع إحياء هذه المناسبة ، في تصريح واضح بأن هذا الحق لا يعني شيئا لقيادتها ، التي تتلمذت على أن الأوطان لا تقاس بمسلحات و حدود الاراضيو تخومها ، و إنما بعقيدة المسلم، و أن الهوية لا علاقة لها بأي جغرافيا أو مسقط رأس و إنما بالعقيدة أيضا.
لذا فإن التنازل عن كل الحقوق و الشعارات و المطالب، مقابل إمارة في أي مكان غزة وحدها، أو مضافا لها مساحة في سيناء إن أمكن ، هو أمر كاف و لا تحتاج سواه.
منع هذه الفعالية ، لا يمثل فقط تحديا لإرادة شعبنا، و تنكرا لحقوقه ، و استهانه بردود فعله و مشاعره ، بل يمثل موقفا فاضحا لحركة حماس ، يكشف عن استعدادها و قبولها. بمقايضة حقوق الشعب الفلسطيني ، بسلطنة أو إمارة أو مهما تسميه، تتحكم بها وحدها، و تفرض شكل العيش الذي تريده هي على الناس، و فق ما يناسبها، و ما يخدم أمزجة قيادتها و مصالحهم الخاصة.
أنه يمثل خدمة كبرى لأسرائيل ، تستطيع أن تستند اليها في انكار حق شعبنا في العودة، بإدعاء أن جزءا من هذا الشعب و حركة كحركة حماس تتخلى عنه و لا تطالب به ، بل و تقف ضده ، و هو ما تظن حماس أنها عبر تقديمه لأسرائيل ، سيجعلها جهة أفضل للتفاهم معها ، بل و جهة سوف تساعد أسرائيل على تحقيق حلمها و رغباتها بإقامة دولة في غزة، كما كانت تعلن أن دولة الفلسطينيين في غزة و ليست في الضفة الغربية ، التي تصر للأن على تسميتها ” يهود و السامرة” ، رغم مضي أربعة و عشرون عاما على اتفاق السلام ، و الاعتراف المتبادل.
هكذا كشفت حماس عن عورتها و اسقطت ورقة التوت الأخيرة ، غير آبهة بأي رد فعل شعبي ، و لا بأي انطباع عن صورتها التي حاولت أن تخدع بها الجماهير زمنا طويلا ، عبر شعارات زائفة ، لم تكن تلجأ اليها إلا للتخريب على منظمة التحرير و مشروعها، الساعي لإقامة الدولة و تحقيق العودة، و منح شعبنا حق تقرير مصيره و فرض سيادته على أرضه، و رسم حياته وفق ما يناسب عاداته و تقاليده الأصيلة، و وفق ما وضعه إعلان الاستقلال الصادر عام 1988 ، من مساواة و ديمقراطية و إتاحة فرص متكافئة أمام الجميع دون تمييز.