الرئيسيةمختاراتمقالاتزيارة الرئيس ترامب للمنطقة بين التفاؤل والتشاؤم

زيارة الرئيس ترامب للمنطقة بين التفاؤل والتشاؤم

بقلم: غازي السعدي

يخطئ من يعتقد بأن الدول العربية، وبخاصة دول الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية، قد فقدت دورها المؤثر على دول العالم والمجتمع الدولي، فبعد تصريحات “ترامب” أثناء حملته الانتخابية، والوعود التي تحدث عنها، وخاصة بنقل السفارة الأميركية من تل-أبيب إلى القدس، يبدو أن الرئيس الأميركي “ترامب”، بعد دخوله البيت الأبيض، قد غير المعادلة السياسية خاصة بالنسبة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الأمر الذي أدى إلى التشاؤم الذي يسود الحكومة الإسرائيلية من التصريحات الأميركية، وردود الفعل الإسرائيلية الغاضبة عشية زيارة الرئيس ترامب للمنطقة.
لقد لعبت الدول العربية دوراً فعالاً جداً في تغيير توجهات “ترامب” المعلنة أثناء الانتخابات على النحو التالي:
• زيارة الملك عبد الله كحليف مركزي في المنطقة لا يقل عن إسرائيل نظراً لحدوده مع سورية، العراق، السعودية، مصر، وضرورة إرضائه لمصالح أميركا، ومحاربة داعش، وتوضيحه الوضع للرئيس “ترامب” بصورة لا تقبل الجدل وقبل أن يتأثر بأكاذيب “نتنياهو”.
• الضغط السعودي: 300 مليار دولار وأثرها على الاقتصاد الأميركي في عقلية رجل الأعمال الذي يعتبر نفسه جاء مخلّصا لأميركا ولاقتصادها، والتنسيق الأردني السعودي.
• تعزيز مكانة اميركا لدى 17 دولة عربية وربطها في ائتلاف (ناتو) عربي جديد يمنحها قوة تنفيذ كبيرة تعيد لأميركا هيبتها في المنطقة، عدا عن كونها سوقاً جديدة، مثلما عرض على “ترامب”.
• مقدرة السعودية على ممارسة ضغوط على الفلسطينيين للتساهل.
• التلويح بإقامة علاقات مع السعودية وأثره بالنسبة لإسرائيل.
وحسب جريدة “هآرتس 9-5-2017″، فإن الرئيس “محمود عباس”، كان له دور مؤثر أثناء لقائه بالرئيس “ترامب”، الذي عرض أمامه تطور القضية الفلسطينية منذ عهد رئيس الحكومة السابق “ايهود اولمرت”، عارضاً على الرئيس الأميركي الخرائط، لتكون نقطة انطلاق للمحادثات القادمة بين إسرائيل والفلسطينيين، وعن محادثات السلام، والخلافات القائمة بشان الحدود، فالرئيس الفلسطيني طلب من الرئيس “ترامب” استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المقبلة، فقد توصل الجانبان إلى اتفاق حول الحدود، ويمكننا أن نجسر الخلافات في جميع القضايا الأخرى، رافضاً أقوال “نتنياهو” الذي تحدث عن مواصلة سيطرة إسرائيل على غور الأردن والقدس الشرقية، ومواصلة البناء في المستوطنات، وهي مواقف لا يستطيع الفلسطينيون قبولها، فقد قال وزراء إسرائيليون كبار من المقربين لرئيس الوزراء “نتنياهو” -حسب “جريدة يديعوت احرونوت 11-5-2017”- أن “نتنياهو” قلق من الاهتمام المتزايد الذي يبديه الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ومن سعيه للتوصل إلى صفقة سلام بأي ثمن، وحسب هؤلاء الوزراء فإن “نتنياهو” سيحاول، قدر المستطاع، التهرب من احتمال تحريك عملية المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ويقول المصدر بأن الجهات الإسرائيلية أبدت رغبتها بتأجيل هذه الزيارة لخشيتهم من حدوث توتر بين “نتنياهو” و”ترامب” على خلفية سعي الرئيس الأميركي إلى استئناف المفاوضات التي لا ترغب بها الحكومة الإسرائيلية، فهي ترغب في تكريس الوضع الراهن، فيما تطرح إدارة “ترامب” التوصل لاتفاق سلام يستند إلى مبادرة السلام العربية، وانسحاب إسرائيل إلى حدود عام 1967، مقابل تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، التي سبق أن تحدث عنها “نتنياهو”.
وحسب جريدة “يديعوت احرونوت 4-5-2017″، بقلم الصحفية اورلي ازولاين فإن إسرائيل لم تستطع ضبط أنفاسها للاستقبال والحفاوة الذي حظي به الرئيس الفلسطيني “محمود عباس”، وعقد اللقاء بينه وبين الرئيس الأميركي، في الغرفة التي تحمل اسم الرئيس الأميركي السابق “روزنفلت”، الذي نال جائزة نوبل للسلام قبل مئة عام، وأن “ترامب” يحاول السير في طريقه والقيام بما لم ينجح به احد من أسلافه، بإحلال السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وأن الرئيس “ترامب” يريد إنجاز صفقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين فقد سئل المتحدث باسم البيت الأبيض “شون سبيسر” بعد انتهاء لقاء “ترامب”-“عباس”، عن سر تفاؤل الرئيس “ترامب” بالسلام إلى حد بعيد، وكان الجواب بأن هذا الرئيس يختلف عن الرؤساء الآخرين فله أسلوب مختلف، لكن المضمون لم يختلف.
في مكتب رئيس الوزراء “نتيناهو” هناك قلق لعدم معرفتهم ما الذي يريده “ترامب” وما هي استراتيجيته حول الموضوع الإسرائيلي الفلسطيني، الأمر الذي أدى إلى استعجال بعض الوزراء لتطبيق القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية، شطب الخط الأخضر، وضم الضفة الغربية لإسرائيل، ولكن ليس سكانها لحرمانهم من المساواة والحقوق المدنية.
كتب الصحفي “حامي شلاف” في جريدة “هآرتس 14-5-2017″، في تحليل له بأن رئيس الحكومة “نتنياهو” في موقف لا يحسد عليه في هذه الأيام، يمكن تخيل أنه يستيقظ في الليل مغرقاً بالعرق، بعد أن ضايقته تغريده مهينة جديدة من الرئيس “ترامب” جاء فيها: “اعتقدت أن “نتنياهو” رجل المهمات الصعبة، بيد أنني أحبطت من كونه فاشلاً”، فهذا الكابوس ما زال متواصلاً حتى الآن، والوزير “نفتالي بينت” رئيس حزب البيت اليهودي طالب “نتنياهو” الإعلان عن إلغاء خطاب بار ايلان، الذي أعلن فيه عن حل الدولتين وأدخل إسرائيل في ورطة، حسب الوزرين مطالباً بضم الأراضي الفلسطينية لإسرائيل.
إن الصفقة العسكرية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، والتي تتجاوز مائة مليار دولار، بما يعنيه ذلك لصاحب صفقات كـ “ترامب”، قد غير من مواقف “ترامب” الذي سبق وأعلن عنها، فالضغوط العربية من جهة، والمصالح الأميركية من الجهة الأخرى كان لها وقع إيجابي على الرئيس الأميركي، فزيارة “ترامب” للسعودية تأتي في إطار التنافس على الحظوة لدى الرئيس الأميركي بين الأقطاب الأربعة، مصر، السعودية، الأردن وإسرائيل، وكان الفوز من حظ السعودية للأسباب التي أشرنا إليها، وربما أن الصفقة العسكرية تشكل الثمن، وربما ما خُفي أعظم، ويبدو أن الرئيس الفلسطيني “أبو مازن” يعرف الكثير مما سيطرحه الرئيس “ترامب”، فقد كان “أبو مازن” صريحاً مع “ترامب” حيث قال له أنه لن يقبل بما هو أقل من حل الدولتين بأية صورة من الصور، وفي أي إطار شريطة أن لا تخرج عن تطلعات الفلسطينيين.
ففي الوقت الذي احتفل به اليمين الإسرائيلي بفوز “ترامب”، وقعت إسرائيل في أزمة دبلوماسية مع الولايات المتحدة، فهناك خلاف اميركي-إسرائيلي حول حائط البراق، وممثلون عن الرئيس الأميركي يقولون بأن حائط البراق جزء من الضفة الغربية، ومسؤول في طاقم الرئيس الأميركي قال للإسرائيليين أن الحائط الغربي لا يخصكم، وأن لا سيادة إسرائيلية على حائط البراق.
“نتنياهو” يريد أن يُلقي كلمة أثناء زيارة الرئيس الأميركي إلى قلعة المتسادا، إلى جانب الرئيس “ترامب” خلال هذه الزيارة، إلا أن رغبته هذه رفضت من الجانب الأميركي، كما أن طلب “نتنياهو” من الطاقم الأميركي برغبته بمرافقة الرئيس الأميركي لدى زيارته لحائط البراق رفض، لأن الحائط ليس تحت السيادة الإسرائيلية، بل هي منطقة متنازع عليها و”ترامب” قد يكون أول رئيس أميركي يزور حائط البراق، من المعروف بوقاحة “نتنياهو” التي لا حدود لها، لكن يبدو ان وزير المواصلات والاستخبارات “إسرائيل كاتس” ينافسه بالوقاحة، ففي مقابلة إذاعية مع هذا الوزير، قال بأن إسرائيل ستطرح أجندة للنقاش على الرئيس الأميركي “ترامب” أهمها المطالبة باعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، ومن المعروف بأن هذا الوزير أعلن عن منافسته لـ “نتنياهو” على رئاسة الحكومة الإسرائيلية في الانتخابات القادمة، وحسب الوزير “كاتس” فإن أجندة المحادثات الإسرائيلية مع “ترامب”، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس وتوسيع حدود القدس الكبرى بحيث تضم إليها مستوطنة معاليه أدوميم، وبيتار عيليت، وجفعات زئيف لتعزيز الأغلبية اليهودية في المدينة وقال أن الولايات المتحدة لن تطالب ولن تفرض على إسرائيل شيئاً، هي تسعى لدفع المفاوضات إلى الأمام فقط، هناك خمس نقاط سيجري مناقشتها: الموضوع الإيراني، سوريا، منع تواجد عسكري إيراني في هضبة الجولان برا، منع وجود تواصل جغرافي إيراني في لبنان، فرض عقوبات شديدة على إيران بشأن الإرهاب كذلك على حزب الله بغية إضعافه- هذه المواضيع مطروحة على جدول النقاشات بين إسرائيل والأميركيين، وهي ذات أهمية كبيرة جداً لأمن إسرائيل، العمل من أجل الانفصال عن قطاع غزة والعمل على ربط إسرائيل بشبكة قطارات لدول الخليج عبر الأردن وربط السلطة الفلسطينية أيضاً بها.
ماذا سيحدث إذا رفض “نتنياهو” أو “أبو مازن” أطروحات “ترامب”، لدى “ترامب” الكثير من أوراق الضغط على “نتنياهو” و”أبو مازن” فمن المتوقع أن لا يوافق “نتنياهو” على شيء سوى مقولته الشهيرة “المفاوضات المباشرة دون أية شروط مسبقة”، وأن لا يوافق “أبو مازن على كل شيء. وأوراق “ترامب” الضاغطة على “نتنياهو” هي على النحو التالي:
1. جميع الرؤساء الأميركيين والأوروبيين إلى صفه في إقامة الدولة الفلسطينية.
2. المساعدات الأميركية لإسرائيل، والتعاون الاستراتيجي.
3. تأليب الحزب الجمهوري وإمكانية خسارة “نتنياهو” له.
4. عدم نقل السفارة والاعتراف الأميركي بالدولة الفلسطينية.
5. عدم اتخاذ حق النقض في مجلس الأمن الدولي.
وأوراق “ترامب” لممارسة ضغوط على “أبو مازن”:
1. عدم الاعتراف بشرعية “أبو مازن” لانتهاء فترة ولايته.
2. المساعدات الأميركية للفلسطينيين.
3. نقل السفارة إلى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
4. تأليب الدول العربية عليه.
5. الاعتراف بالمستوطنات الإسرائيلية بوصفها جزءاً من إسرائيل.
حسب مراسل “راديو إسرائيل 15-5-2017″، فإن نقل السفارة الأميركية إلى القدس ليس مطروحاً على الأجندة حالياً وأن زيارة “ترامب” هي زيارة تعارف ولن تغيّر شيئاً، والمتفائلون سيشعرون بخيبة امل، الزيارة مليئة بالمراسيم، لكن لا تتوقعوا أن يكون هناك شيء جوهري. وخلاصة القول فقد كتبت جريدة “يديعوت احرونوت 7-5-2017″، في تعليقها على زيارة الرئيس الأميركي، أنه في ضوء المواقف الأميركية المعلنة، فقد كان من الأفضل لإسرائيل أن يبقى “ترامب” في البيت الأبيض وأن لا يأتي لإسرائيل، وينظرون إليه بأنه متقلب، فإن تصريحه عن تأييده لتطلعات الفلسطينيين بحق تقرير المصير قد هز إسرائيل، وأن عمق خيبة الأمل في إسرائيل من الرئيس “ترامب” تساوي عمق التوقعات السابقة من أن الحلم الصهيوني بدأ يتحقق بأجلى صوره في المنطقة إلا انه تحول إلى كابوس، والتوقعات بأن شيء كبير على وشك أن يحدث في عهد “ترامب”، فالدول العربية بدأت تدخل اللعبة السياسية، وسياسة المصالح والامتناع عن المزاودات، بل معرفة الوقائع والواقع.
انتهى…

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا