الرئيسيةمختاراتمقالاتالانتصار ممكن و الهزائم ليست قدراً

الانتصار ممكن و الهزائم ليست قدراً

بقلم: جمال زقوت

لم يكن الأسرى الأبطال عندما أقدموا على معركتهم الاستراتيجية بإعلان الإضراب المفتوح عن الطعام منعزلين عن صعوبة الواقع و ما تتعرض له الحركتين الوطنية و الجماهيرية من صعوبات بل و تراجعات خطيرة ، لسنا بصدد بحث دوافعها و جذورها و دلالاتها على مسيرة الكفاح الوطني الذي دفع الأسرى و قبلهم الشهداء سنوات عمرهم و حياتهم في مجراها المتدفق.
و لم يكن بالإمكان في ظل استفحال حالة الانقسام و التشرذم و ضياع البوصلة و تغييب الأولويات ، أن ينتظر الأسرى معالجة هذه القضايا للنهوض من أجل الدفاع عن حقوقهم الانسانية و مواجهة استراتيجية المحتل لمخططات إخضاع ارادتهم و سلبهم إنجازهم التي حقوقها بدمائهم على مدار خمسين عاماً من النصال داخل السجون و خارجها ، فهذه القضايا الخطيرة الجاثمة على صدر الشعب و في مقدمتهم الاسري هي كلمة السر لجوهر وخلاصة الاستراتيجية العدوانية ضدهم ، ناهيك عما كان يخطط لمصادرة ما تبقى من إنجازات و تفتيت الحركة الأسيرة ، بالإضافة إلى محاولات حكومة الاحتلال اشطب حقوقهم المعنوية و حقوق اسرهم و في مقدمتها حقها في الحياة الكريمة ، و محاولات وصم نضالهم بالارهاب ، بل إن وضع هذه القضايا في مجري المكاشفة الشعبية كانت واحداً من دوافع الأقدام على معركة الإضراب لإعادة تسليط الضوء علي حقيقة التناقض الرئيسي الذي علينا الأمساك به متمثلاً بالاحتلال و استراتيجيته التصفوية التي تطل برأسها في كل مجالات حياتنا و قضايا شعبنا وفي مقدمتها قضية الأسرى عنوان الكرامة والتحدي و الوحدة .
بدخول الإضراب أسبوعه الثالث و ما حققه من إنجازات و ما يطرحه من تحديات و دلالات علينا أن ندقق بما حققه حتى الآن ، أولاً : لقد وضع الإضراب قضية الأسرى كقضية توحد الشعب بصورة ملموسة و بأنها ليس فقط فوق الخلافات و الانقسامات العبثية ، بل فهي مدخلاً لاسترداد الوحدة ، و في هذا السياق ، فقدزاظهر الإضراب أن كل من يدير الظهر لقضية الأسرى لحسابات خاطئة أو فئوية سيجد نفسه في عزلة شعبية تتعمق يوميا .
وثانياً فقد أكدت هذه المعركة أن أولوية الشعب هي قضيته الوطنية و استعداده الدائم للانخراط فيها و التضحية العالية من أجل بلوغ أهدافها . وعلينا ألا نستخف بهذا الإنجاز ، فقبل يوم واحد من بدء الإضراب و في ظل تعمق الانقسام كان الاحباط من القدرة على استعادة الروح الكفاحية هو السائد رغم هول التضحيات التي قدمها شعبنا على مدار خمسين عاما من الاحتلال وسبعين عاماً من النكبة .
و ثالثاً فقد أزاحت هذه المعركة المستمرة الغبار الكثيف عن جوهر القضية الوطنية ، و أطاحت بسنوات من التردد التي اضرت بقضية شعبنا و حقوقه التي دفع الأسرى أعز ما يملكون مت أجل نيلها و تجسيدها .
إن مساراً جديداً تشقه الحركة الأسيرة و تضعه أمام شعبنا كاستحقاقات لمراجعة عملية و ملموسة لواقع الحركة الوطنية و متطلبات النهوض بدورها و ليس فقط استمرار الدعوات لفظية المجردة للقيام بهذه المراجعة .
لقد تمكنت الحركة الأسيرة من إلقاء حجر معاناتها من سياسة الاحتلال ضدها ، و التي تكثف و تبرز طبيعة سياساته لمحاولة تصفية الحقوق الوطنية ، في بركة الحالة الانتظارية و التردد و أنصاف المواقف و الرهانات التي ثبت فشلها، فالدوائر التي أحدثها الإضراب تتسع يومياً و تطرح أسئلة و مهام الحركة الوطنية كحركة تحرر وطني ، و تعيد التذكير بأن دور المؤسسات الوطنية سواء الحكومية منها أو الأهلية يتمثل فقط في تعزيز صمود الشعب و تطوير قدرته على مجابهة الاحتلال و سياساته الهادفة إلى مصادرة أرضه و مصادر رزقه وحياته تمهيداً لتهجيره في أي لحظة مؤاتية و يقترب خطرها يومياً .
نعم أيها الأخوات و الإخوة لقد أعاد الإضراب ترتيب أولويات الاجندة الوطنية و في مقدمتها وحدة شعبنا بديلاً عن الانقسام و تعزيز هذه الوحدة من أجل النهوض الوطني لافشال مخططات الاحتلال .
و رابعاً ، لم يكن للأسرى أن يستمروا بالإضراب دون المساندة الشعبية ، و ها هو الإضراب و ما يرافقه من تحركات شعبية يدفع مؤسسات الاحتلال لإدراك أنه لا يمكن تجاهله و لا تجاهل مطالبه و ستكون مضطرة لبدء التفاوض مع قيادة الإضراب خلال الأيام القادمة ، و علينا أن ندرك و كما علمتنا التجربة أن دخول اسرائيل بالتفاوض مع قيادة الأسري لا يعني التسليم لمطالبهم بقدر ما هو محاولة للالتفاف عليها وعلى التحركات الشعبية ، إن هذا الإنجاز سيكون بالتأكيد معرضاً للخطر إن لم يترافق مع مضاعفة تحركات المساندة الشعبية و السياسية هنا في فلسطين المحتلة و كذلك على الصعيدين العربي والدولي .
خامساً لقد أربك الإضراب مخططات ادارة السجون و محاولات حكومة السجانين العنصرية من الانقضاض على حقوق الأسرى و انجازاتهم و المطلوب إفشال هذه المخططات و اسقاطها وهنا التحدي و جوهر المعركة .
الأيام القادمة حاسمة و الاسناد الشعبي أساسي لحسم المعركة و تتويجها بالانتصار . وهذه هي الرسالة الأهم بأن الانتصار ممكن و الهزائم ليس قدراً .
و يبقى إذكاء روح المقاومة كخيار أول لمواجهة المحتل هو الدرس الأهم و الاستخلاص الأول لمعركة لا خيار لنا فيها سوى الانتصار .

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا