الرئيسيةمختاراتمقالاتالأسرى ومشاهدات من الإضراب

الأسرى ومشاهدات من الإضراب

بقلم: د. دلال عريقات

حل شهر الفضيلة وأتى معه فك الإضراب بتلبية أبسط حقوق الأسرى الإنسانية. أملاً في تحقيق حرية الأسرى، سألقي الضوء اليوم على مشاهداتي خلال فترة أربعين يوماً من الإضراب عن الطعام، سأبدأ من خيمة الإعتصام، وجوه أمهات مُتعبة تحلم برؤية أبناءها، أطفال يتركون الخيمة للعب في قطار الحرية والأغاني الشعبية تثير الروح الوطنية، تأخذنا للإنتفاضة الأولى وتهمس في أذني موسيقى إنزلنا عالشوارع ورفعنا الرايات. الجلوس في الخيمة يولد مشاعر وأفكار كثيرة من الفخر بهؤلاء الأبطال، إلى الضعف الذي نعيشه إلى الألم المرسوم في وجوه الأمهات.
بشكل عام وحتى بعد فك الإضراب، تُمسي فلسطين حزينة، فـ ٧٠٠٠ من أبنائها يقبعون خلف قضبان الإحتلال وعائلات هؤلاء يطوقون لمعانقة ذويهم وأبنائهم، ٥٧ سيدة في السجون من بينهم ١٣ قاصرات، و٣٠٠ طفل تحت سن ١٨ إضافة إلى ٤٧٨ محكومين مدى الحياة. ومنذ يوم الأسير الفلسطيني الموافق السابع عشر من نيسان ٢٠١٧، أضرب أكثر من١٨٠٠ أسير فلسطيني عن الطعام مطالبين بحقوق إنسانية أساسية. واليوم مع حلول رمضان الكريم، أنا أكيدة أننا نشعر مع الأسرى أكثر ونتألم لمعاناتهم أَكْثَر، فالإضراب عن الطعام هو الوسيلة الأكثر سلمية والأكبر ألماً التي يلجأ إليها الإنسان للمطالبة بحقوقه عندما لا تنفع كل الطرق الأخرى.
أما مشاهداتي حول الشعب، فنحاول مساندة الأسرى بشتى الطرق، فتارة نضرب عن الطعام ونستعمل وسائل التواصل الإجتماعي للتعبير عن الألم والتضامن أو نصور ڤيديوهات ونطلق هاشتاجات لإضراب الأسرى والحرية والكرامة، مِنَا من هو فنان فترى لوحات جميلة تعبر عن الأسرى ومعاناتهم، ومِنا من يهوى الموسيقى ويقدم واجبه مِن خلالها، وتارة أخرى نعلن الإضراب العام والشامل ونتوقف عن العمل ونغلق المحال التجارية وتتوقف المدارس والمؤسسات الإنتاجية والدراسية. أؤكد هنا أن الأسرى بحاجة لمساندة ودعم الشعب لمعركة صمودهم داخل السجون الإسرائيلية وأتفهم مدى تأثير أخبار المساندة والدعم التي تأتي الأسرى من الخارج، على نفسياتهم وصمودهم واستمرار مقاومتهم. علينا جميعاً كل من موقعه نصرة الأسرى وعلى القيادة وضع حرية الأسرى في أعلى سلم الأولويات، وعلى كل أم وأب يحتفلون هذا الشهر بتخريج أبنائهم أن يشعروا بمعاناة غيرهم ممن يتخرجون ويتزوجون وينجبون أثناء وجود آباءهم في السجون. هؤلاء يضحون ويقاومون عنا وبإسمنا جميعاً من أجل فلسطين والحريّة.
لا بد لي من الوقوف عند بعض مظاهر تضامننا مع الأسرى، ففي أيام الإضراب وبالطريق إلى خيمة الإعتصام، تصطدم بالحجارة والعجلات المطاطية المُلقاة على الشوارع والنيران المُشتعلة في وسط الطريق ومحاولات عدة لإغلاق الطرق الفلسطينية الداخلية، هذه مشاهد مؤلمة وسلبية بالتأكيد فلا يختلف اثنان أن هذه الأدوات لا تفيد الأسرى ولا بأي شكل إلا أنها تنشر ثقافة الفوضى والتخريب وعدم المسؤولية التي لن تنفع ولن تُعجب الأسرى الأبطال، وأكثر ما يؤلمني هو قضاء آلاف المواطنين ليوم الإضراب في بيوتهم فالوجوه والأعداد في الخيمة لا تعبر عن كافة أطياف المجتمع، تتوافد مجموعات إلى خيمة الإعتصام تمثل نقابات ومؤسسات مختلفة تحمل عبارات تعبر عن تضامنهم مع الأسرى وتؤكد أن الحرية قادمة لا محالة وقطار الحرية يقف على جزيرة الطريق دون حراك. من يجلس في الخيمة هم المواطنون أهالي الأسرى اللذين يمارسون التضحية والمقاومة ويحلمون بالتحرر باسمنا جميعاً.
بالأمس، فرحنا بالإعلان عن فك الإضراب، إلى أن يتحقق الإفراج عن الأسرى، لنعمل من أجل حرية هؤلاء الأبطال ولتكن أنشطتنا ذات معنى ومغزى فبدلاً من إغلاق المدارس، علينا تخصيص ساعة مدرسية للحديث والكتابة عن الأسرى، وبدلاً من إيقاف العمل العام ومنع الموظفين من الوصول لمكاتبهم وخسارة التاجر لدخل بيته لذلك اليوم، علينا أن نعمل وننتج ونقدّم للأسرى وذويهم. مبارك هذا النصر للأسرى وعائلاتهم الصابرة فليس بعد الليل إلا فجر مجدٍ يتسامى.

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا