الرئيسيةمختاراتتقارير وتحقيقاتبمساعدة سماسرة فلسطينيين..... العمل في المستوطنات.. سرقة لطموحات الخريجين وقتل لأحلام الاطفال

بمساعدة سماسرة فلسطينيين….. العمل في المستوطنات.. سرقة لطموحات الخريجين وقتل لأحلام الاطفال

طوباس- إسلام باسم
“لم أتوقع يومًا أن تنتهي سنوات دراستي الأربع لتخصص الكيمياء إلى عامل في المستوطنات، أغلف حبات التمر وأصطف بطوابير للتفتيش والإهانة على حاجز الحمرا وغيرها”، بهذه الكلمات عبر حمزة غنام خريج الجامعة العربية الأمريكية عام 2013 عن معاناته في عمله بالمستوطنات بعد ان ضاقت به السبل للحصول على وظيفة في مجال تخصصه.
يعمل حمزة في مستوطنة إسرائيلية مقابل أجر لا يسدد لو جزءًا بسيطًا من ديونه المتراكمة أثناء دراسته، فالستون شيقلاً لا تكفي حتى لسداد الحاجات الرئيسية.
يقول حمزة: “العمل مرهق؛ لأن ساعة الخروج من البيت تكون على الرابعة فجرًا 4 وإنهاء العمل على الثانية عصرًا لتصل إلى بلدك تحتاج إلى ساعة ونصف الساعة، بواسطة حافلة تقل خمسين راكبًا في الأيام العادية وسبعين راكبًا أيام ضغط العمل”.
تشير الاحصاءات التي أصدرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني الى أن عدد العاملين من الضفة في إسرائيل والمستوطنات بلغ في الربع الثالث من 2013 أكثر من 103 آلاف عامل، منهم 30 ألفًا يعملون في المستوطنات.
“يا ليتني لم أتخرج لأصدم بواقعنا المرير الذي دفعني للعمل في المستوطنات التي تنهش أرضنا واقتصادنا من جهة، وأرباب العمل العرب الذين ينهشوننا من جهة أخرى باقتطاعهم أكثر من نصف أجورنا اليومية لحسابهم الخاص فكل “قبلان” يأخذ نصيبه من تعبنا، فـ 60 شيقلاً تمثل أقل من نصف المبلغ الذي يدفعه المستوطنون أجرة للعمال”، يقول خريج التربية الابتدائية من الجامعة العربية الأمريكية صابر أبوعرة.
ويضيف: “مر عام على تخرجي ومن حينها وأنا أعمل مع “و. ع” في مستوطنة” بيت عرفة” بمحاذاة البحر تلك التي تبعد عن بلدي عقابا ساعتين وثلث الساعة”.
ويقول خريج هندسة الميكانيك من جامعة النجاح الوطنية مؤمن مصري والذي يعاني من حالة نفسية سيئة بسبب عمله في مصانع المستوطنات: “حلمي أن أجد وظيفة ضمن تخصصي ميكانيك سيارات وألا أضيع تعب 17 عامًا من الدراسة بالعمل في غير مهنتي”.

“أمهات يعملن في المستوطنات”
صباح “سلمى” ليس عاديًّا ككل الأمهات، تستيقظ باكرًا على دقات الساعة الرابعة فجرًا، تغسل وجهها بماء بارد وتغطي بياض شعرها بوشاح قديم وتركب حافلة بيضاء صغيرة مهترئة مع زميلاتها في العمل، وتضع رأسها على النافذة لتحاول أن تكسب ساعة من النوم لتستطيع بها أن تقوى على العمل بمصنع التمر في” بيت عرفة” الممتلئ بـ “التعساء” مثلها، حسب قولها.
هي في العقد الرابع من عمرها مطلقة ولديها ابنان، تركت وحيدة في مقتبل عمرها ما دفعها للعمل في مصانع المستوطنات منذ سنين.
وبصوتها الهادئ تقول: “ما في شغل بالضفة وهالشغل أرحم من جميلة الناس وصدقتهم”.
تعرفت سلمى على إحدى النساء من أريحا وتدعى نجاح والتي تقوم بتنسيق وترتيب عمل العاملات في مصانع المستوطنات وعرضت عليها العمل مقابل 60 شيقلاً يوميًّا.
سلمى حالة من حالات كثيرة أجبرتهن الظروف على العمل في المستوطنات، يقول عضو اللجنة التنفيذية في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين وسكرتير مجلس لوائي محافظة طوباس والأغوار الشمالية إبراهيم دراغمة: “تعتبر محافظة طوباس من أكثر المحافظات التي تعاني من مشكلة العمل في المستوطنات إذ يبلغ عدد العمال في المستوطنات بالمحافظة ما يقارب 9000 عامل بينهم 120 أمرأة”.
وتشير الإحصاءات الى أن معدل الأجر اليومي للرجال (174 شيقلاً) وهو ضعف معدل الأجر اليومي للنساء (84 شيقلاً).
وتتركز العاملات في المستوطنات بقطاع الخدمات بنحو 61.8% وفي الزراعة 27.9% وفي الصناعة 10.3%.
“ابني.. حرق قلبي”
وأثناء بحثنا حول موضوع العمل في المستوطنات لفت انتباهنا وجود أطفال قاصرين بين العمال، ولكنهم رفضوا الحديث معنا وبصعوبة تمكنا من الوصول لعائلة أحدهم
تقول أم مؤمن وهي أم لطفل يعمل في المستوطنات والبيارات المقامة على أراضي الأغوار: “خمسة عشر ربيعًا عمر ابني مؤمن عمل لدى المقاول “و. ع” في بيارة عنب في الأغوار قرب بلدة الجفتلك قضاء أريحا بعطلته المدرسية”.
وتضيف: “أنا أرملة لدي ابن واربع بنات، نعيل أنفسنا من أصحاب الخير ومن اخوان مؤمن من زوجة أبيه، لكن ابني أبى إلا أن يعمل في المستوطنات ويساعد نفسه والعائلة”.
ويؤكد دراغمة: “أن عمالة الأطفال في المستوطنات بمحافظة طوباس لا تكاد تذكر وهي ليست ظاهرة لأن المحافظة أولاً من رواد العلم، والمشغلون اليهود بالمستوطنات لا يسمحون للقاصرين بالعمل لديهم لأن التأمين لا يشملهم من ناحية الإصابة أثناء العمل، بينما يلجأ الأطفال للعمل في البيارات خلال العطلة المدرسية”.
ويكشف تقرير لوزارة العمل عن وجود نحو 100 ألف طفل تحت سن 18 عامًا يعملون في مواقع العمل المختلفة، بينما يشير تقرير صادر عن اتحاد نقابات العمال في فلسطين أن 5% من القاصرين يعملون في الزراعة بالأغوار.
ويوضح تقرير وزارة العمل أن نسبة الأطفال الذين يعملون كانت 6% عام 2012 ولكنها، انخفضت إلى 4.6% عام 2013، بعد جهود الحكومة والمؤسسات ذات العلاقة، ويشكل الأطفال نصف المجتمع الفلسطيني، إذ يبلغ عددهم حوالي مليوني طفل.

سواد يغلف الــ 60 شيقلاً
مبيت لعمال فلسطينيين يعملون في زراعة البندورة وقطفها بالمستوطنات
“عند اصطفافنا لنعبر المعبر جاء مجموعة من الجنود وطلب جندي بالعبرية بأن نرقص ونغني حتى نعبر الحاجز، فلم يفهم العمال ما قاله إلا الذين يفهمون العبرية”.

إذلال العمال على الحواجز العسكرية في منطقة الأغوار
ويصف عبيدة قاسم حاجزي الحمرا وتياسير بـ “البهدلة”، ويقول: “عند وصولنا إلى حاجز الحمرا ننزل من الحافلات ونستعد لإخراج كل ما هو معدني من جيوبنا لنصطف طابورًا بمئات العمال”.
ويروي باسم سلامة حادثة إطلاق نار من قبل مجندة صهيونية على شاب لترديه شهيدًا دون سبب يذكر، كل ما في الأمر أن الشاب مسلماني من مدينة طوباس كان يشرب الكولا ووضع العلبة على حجر في الطابور بعيدًا عن الجنود وعن مكان التفتيش وأردت العامل مسلماني شهيدًا للقمة العيش.
وبحسب تقرير صادر عن خبراء الادارة الاستراتيجية والتخطيط PLAN فإن 14.5% من مجموع العاملين في المستوطنات تعرضوا لواحدة او اكثر من ممارسات جيش الاحتلال المتمثلة باستنشاق الغاز، الاعتقال وغيرهما.
وردًّا على حديث العمال يقول السمسار (م. ع) وهو بمثابة وسيط بين صاحب العمل والعمال: “ظروف العمل في المستوطنات مريحة، ساعات العمل 8 ساعات في المصانع، و7 ساعات في المزارع التابعة للمستوطنات، ويوجد وقتان للراحة أثناء العمل نصف ساعة للغداء وربع ساعة للصلاة أو للدخول إلى الحمام، وننطلق من الساعة الرابعة فجرًا لنصل العمل الساعة السادسة صباحًا بسبب طول المسافة والوقت الذي يقضيه العمال بالتفتيش على حاجز الحمرا.
ويضيف “م. ع”: “وسيلة النقل عبارة عن حافلة 55 راكبًا كل عامل يجلس في مقعده، وعندما نحتاج عمال أكثر يتواجد لدينا حافلات أصغر تنقلهم للعمل”.
فيما يؤكد عضو اللجنة التنفيذية في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين إبراهيم دراغمة: “هناك مضايقات مخيفة جدًّا من جنود الاحتلال على حاجزي تياسير والحمرا، كما أن الإسرائيليين بالمستوطنات لا يقومون بتأمين العمال، وهناك حالات نصب واحتيال على العمال من أرباب العمل الاسرائيليين وبمساعدة السماسرة الفلسطينيين”.
ويضيف: “السلامة المهنية غير متوفرة نهائيا للعمال، فيعملون بالمبيدات الزراعية والحشرية، وكثير من الأمراض المهنة تصيب العمال، ونسبة السرطانات في محافظة طوباس كبيرة ومن الأسباب الرئيسية لها المبيدات الزراعية الخطرة والمحرمة دوليًّا والتي تستخدم في المستوطنات والتي تستعمل دون أجهزة وقاية”.
وينفي السمسار (م. ع) ذلك بالقول: “المصانع مكيفة وجميع الخدمات الصحية من مراحيض إلى مشارب للمياه، وملابس خاصة للعمل “قفازات وقبعات” متوفرة”.
ويقول مدير مديرية وزارة الزراعة في محافظة طوباس والأغوار الشمالية محمد عبد الهادي: “هناك عدة عوامل دفعت العمال في المحافظة للعمل في المستوطنات منها: أن المحافظة مستهدفة من قبل الاحتلال خاصة بمنطقة الأغوار من خلال مصادرة الأراضي ومنع فتح شبكات مياه وطرق ومنع وصول المزارعين لأراضيهم، وارتفاع نسبة البطالة بالمحافظة 17% علمًا ان نسبة البطالة منخفضة مقارنة مع متوسط البطالة في الوطن 27%، ومرد تناقص البطالة بالمحافظة أن العمال يعملون بأجور قليلة لا تتعدى الستين شيقلاً، وإذا قارنا الأجرة بالمحافظة بالأجرة في المستوطنات نجد انها 90 شيقلاً بالمستوطنات، والمحافظة تعاني من ضعف في القطاع الصناعي والتجاري والافتقار المشاريع الإنتاجية ولفرص العمل”.
ويشير تقرير اعده ماجد صبيح حول العمل بالمستوطنات الى أن ما نسبته (93%) من العمال يعملون في مواقع عمل بلا لجان عمالية تمثلهم وتدافع عن حقوقهم لدى المشغل الإسرائيلي، ومقاول (سمسار) العمل الفلسطيني، بينما (7%) منهم يعملون في مواقع عمل في المستوطنات بها لجان عمالية.
ويؤكد عبد القادر “أن العامل الفلسطيني في المستوطنات بلا حقوق والمحكمة العليا الإسرائيلية أقرت تطبيق قانون العمل المعمول به في داخل إسرائيل على المستوطنات داخل الضفة والقاضي بأن الحد الأدنى للأجور 5500 شيقل شهريًّا وتأمين صحي وظروف عمل ملائمة وحافظة للحقوق من حيث المستحقات والاتعاب وغيرها، لكن لم يتم تنفيذه حتى الآن”.
وجاء في تقرير حول العمال الفلسطينيين بأجر في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة أن (70%) من العمال في المستوطنات يعملون 8 ساعات يوميًّا و24% منهم يعملون أكثر من 8 ساعات، بينما (6%) يعملون أقل من 8 ساعات. أما في القطاع الزراعي فإن (58%) من العمال في هذا القطاع يعملون ما بين (12-14 ساعة) يوميًّا.
وكثير من العمال بأجر في المستوطنات يعملون في مواقع عمل لا تتوفر فيها ملابس ومعدات واقية للاستخدام، وما يزيد على 71% من العمال معرضون لأشعة الشمس في أماكن عمل مكشوفة و24% منهم أو اكثر معرضون لحساسية مواد كيماوية ومبيدات حشرية و22% معرضون بشكل مستمر لمخاطر مواد كيماوية قابلة للاشتعال وهناك نسبة مرتفعة من العمال معرضون بشكل مستمر أو متكرر لمخاطر الانزلاقات والآلات الدوارة والصعقات الكهربائية.
وتشير التقارير والبيانات الصادرة عن منظمة العمل العربية حول المستوطنات وآثارها الاقتصادية والاجتماعية الى أن شروط وظروف العمل في المستوطنات كانت على النحو التالي: ما يقارب 11% من العمال بأجر في المستوطنات يعملون في أراض مصادرة هي في الأصل ملك لأسرهم أو لأحد أقاربهم، و33% منهم يعملون بموجب تصريح عمل دفعوا مبلغًا من المال مقابل الحصول عليه، و53% منهم يعملون عن طريق سماسرة عمل فلسطينيين بينما 47% منهم يعملون عن طريق التعاقد المباشر مع المشغل الإسرائيلي، وفقط 8.5% يعملون بموجب عقد عمل شخصي مكتوب مع المشغل الإسرائيلي و1.4% لديهم عقد عمل مكتوب مع سمسار العمل الفلسطيني بينما 48% يعملون في المستوطنات بموجب اتفاق عمل شفهي مع سمسار العمل الفلسطيني و35.5% بموجب اتفاق عمل شفهي مع المشغل الإسرائيلي و6% يعملون بموجب اتفاق عمل شفهي ولكن دون أن يحددوا فيما إذا كان الاتفاق مع سمسار العمل الفلسطيني أم المشغل الإسرائيلي.
ويكشف التقرير أيضًا أن 93% من العمال في المستوطنات يعملون في مواقع عمل لا يوجد فيها لجان عمالية تمثلهم وتدافع عنم حقوقهم لدى المشغل الإسرائيلي ومقاول (سمسار) العمل الفلسطيني بينما 6% منهم يعملون في مواقع عمل في المستوطنات يوجد فيها لجان عمالية، كما أن 21% منهم يقتطع من أجورهم ضريبة دخل و15.7% يقتطع تأمين صحي و6.4% تأمين وطني إسرائيلي و15.9% يقتطع لأغراض مكافأة نهاية الخدمة و22% بدل مواصلات و13% بدل حراسة أثناء العمل في المستوطنة وهناك 3% من العمال تقتطع من أجورهم رسوم نقابية (هستدروت). كما أن نسبة قليلة من العمال يحصلون على تأمينات اجتماعية و11% فقط يعملون 5 أيام في الأسبوع و32.5% يعملون 6 أيام في الأسبوع يحصلون على إجازة سنوية مدفوعة الأجر. و29% من إجمالي العمال في المستوطنات لديهم تأمين ضد إصابات العمل و13% لديهم تأمين صحي، و17% يحصلون على إجازة أعياد دينية مدفوعة الأجر، و75% يعملون في مواقع عمل لا تتوفر فيها ملابس ومعدات واقية للاستخدام، وما يزيد على 71% من العمال معرضون لأشعة الشمس في أماكن عمل مكشوفة، و24% من العمال أو اكثر معرضون لحساسية مواد كيماوية ومبيدات حشرية، و22% منهم معرضون بشكل مستمر لمخاطر مواد كيماوية قابلة للاشتعال وهناك نسبة مرتفعة من العمال معرضون بشكل مستمر أو متكرر لمخاطر الانزلاقات والآلات الدوارة والصعقات الكهربائية، وحوالي 21% تعرضوا لإصابات عمل أثناء عملهم في المستوطنات خلال السنوات الأربع الأخيرة، و56% من إجمالي عدد العمال الذين تعرضوا لإصابات عمل في المستوطنات تحملوا بأنفسهم وعلى حسابهم تكاليف العلاج الطبي و11.5% تحملها الأهل و8% التأمين الصحي الفلسطيني.

اليومية تكفي لأنبوبة غاز فقط!
وعن الأجور تحدث السمسار “م.ع”: “اجرة العامل في المستوطنات 85 شيقلاً يوميًّا، يحصل العامل على 60 شيقلا، و25 شيقلاً إيجار للحافلة والمقاول، علما أننا نعمل في مستوطنات في “فصايل وأريحا ومصنع التمر ببيت عرفة التي تقع بمحاذاة البحر”.
ويعلق إبراهيم دراغمة أنه بحسب القانون الإسرائيلي في المستوطنات أجرة الساعة الواحدة بالعمل فيها 22 شيقلاً، والسماسرة يعطون الفتات للعامل، ونسبة العمل بالشهر لا تتعدى 20 يومًا لتكون شهرية العامل ألف شيقل وفي ظل غلاء المعيشة لا تلبي احتياجاته الأساسية، فالحد الأدنى للأجور كما أقرته الحكومة الفلسطينية عام 2013 1450 شيقلاً، والعامل الذي يحصل على ألف شيقل شهريًّا يكون تحت خط الفقر.
ويكشف تقرير احصائي أن معدل الأجر اليومي للعمال في المستوطنات (167.5) شيقل، و(49%) من عمال المستوطنات، يتقاضون أجورًا تقل عن الحد الأدنى وأغلبيتهم يعملون في قطاع الإنشاءات في المستوطنات، و(67%) من العاملين خمسة أيام في الأسبوع يتقاضون أجورًا تقل عن الحد الأدنى، واغلبيتهم يعملون أيضًا في قطاع الإنشاءات.

الجلاد الخفي
ويشير تقرير بعنوان: “العمال الفلسطينيون بأجر في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة: الخصائص وظروف العمل/ إعداد ماجد صبيح” الى أن (53%) من العمال يعملون عن طريق سماسرة عمل فلسطينيين، بينما (47%) منهم يعملون عن طريق التعاقد المباشر مع المشغل الإسرائيلي. وتعطي طريقة العمل مع سماسرة العمل الفلسطينيين فرصة كبيرة للمشغل الإسرائيلي للتهرب من دفع حقوق عمالية كبيرة يضمنها قانون العمل الإسرائيلي الساري في المستوطنات منذ 10/10/2007، ومعظم العمال بأجر في المستوطنات يعملون بلا عقود عمل مكتوبة، حيث إن (8.5%) فقط يعملون بموجب عقد عمل شخصي مكتوب مع المشغل الإسرائيلي، و(1.4%) لديهم عقد عمل مكتوب مع سمسار العمل الفلسطيني. بينما (48%) يعملون في المستوطنات بموجب اتفاق عمل شفهي مع سمسار العمل الفلسطيني، و(35.5%) بموجب اتفاق عمل شفهي مع المشغل الإسرائيلي، وهناك (6%) يعملون بموجب اتفاق عمل شفهي ولكن دون أن يحددوا فيما إذا كان الاتفاق مع سمسار العمل الفلسطيني أم المشغل الإسرائيلي.
“كرامة العامل محفوظة فلا أحد يتدخل بالعمال الذين يعملون معنا نهائيًّا، فلا أحد له سلطة على عمالنا إلا نحن وإذا عامل أخطأ يأتي” القبلان” الأكبر إن وجد أو اليهودي يتحدث إلينا ونحن نصوب عاملنا بكل احترام”، يقول (م.ع) بكل ثقة.
فيما يخالفه الرأي تقرير بعنوان “العمال الفلسطينيون بأجر في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية: الخصائص وظروف العمل”، حيث كشف أن (32%) من العمال بأجر في المستوطنات يتعرضون للعنف المعنوي، و(27%) لاضطهاد على أساس عنصري/ عرقي، و(7%) يتعرضون لعنف جسدي، و(32%) للتهديد بمصادرة تصريح العمل.
ومن حيث الجهة التي تمارس بحقهم الانتهاكات، كشف التقرير أن (42%) من العمال في المستوطنات يتعرضون للانتهاكات من قبل جيش الاحتلال وشرطته وما يسمى حرس الحدود، و(41%) منهم يتعرضون لانتهاكات من قبل رجال الحراسة وأمن المستوطنة، و(22%) من قبل المشغل الإسرائيلي، لكن اللافت للانتباه أن (22%) من العمال في المستوطنات يتعرضون لانتهاكات من قبل أبناء جلدتهم (سماسرة العمل الفلسطينينيين).
ومما يكشفه التقرير فإن (71%) من العمال بأجر في المستوطنات لا يحصلون على قسيمة راتب (تلوشات)، ما يعني أن أغلبيتهم لا يوجد لديهم إثباتات عمل، والتي تعتبر من أهم الوثائق لتحصيل حقوقهم لدى محاكم العمل الإسرائيلية في حالات حدوث خلاف مع المشغل الإسرائيلي.
وبحسب تقرير أعده الباحث ماجد صبيح فإن حوالي (8%) من العمال بأجر في المستوطنات تم إجبارهم على التوقيع على مستندات باللغة العبرية لا يفهم العمال محتواها. كما أن حوالي (3%) من العمال أجبروا على التوقيع على مستندات للتنازل عن حقوقهم أثناء عملهم في المستوطنات خلال السنوات الأربع الأخيرة.
وفيما يتعلق بالمستحقات “الأتعاب” يوضح السمسار “م. ع” أن الذين يمتلكون تصاريح عمل يحصلون على مستحقاتهم كاملة”، والمشغلون الاسرائيليون في المستوطنات يرفضون تجديد التصاريح من لحرمان العمال من حقوقهم المشروعة”.
ويوضح إبراهيم دراغمة: “أن العامل في المستوطنات دون تصريح تستحق له مستحقات و”أتعاب” فقط عليه أن يأتي بشاهدين ويتوجه إلى النقابة لإجراء ما يلزم قانونيا لتحصيل حقوقه”.
“ويتم تصدير منتجات المستوطنات الى الدول الأوربية بمواصفات وجودة عالية جدًّا، والاقل جودة تذهب إلى السوق لإسرائيلية، وأحيانًا يتم تصدير المنتجات لدول عربية دون إشعار عليها أنها من منتجات المستوطنات”. كما يقول سمسار العمل الفلسطيني “م. ع”.

ما الحل إذًا؟
يرى مدير مديرية وزارة العمل في محافظة طوباس والأغوار الشمالية محمد عبد القادر أن بديل العمل في المستوطنات يكمن بإيجاد حل لمشاكل ارتفاع تكاليف الإنتاج لتشجيع المواطنين على التوجه لمشاريع زراعية توفر مئات فرص العمل.
ويضيف: “جهودنا كوزارة عمل لا تتركز فقط على المشاريع في القطاع الزراعي بل نشجع المشاريع الصغيرة والإنتاجية فنشجع العاملين من حملة الشهادات العلمية أو الذين يتميزون بمهارات فنية ومهنية، من خلال تواصلنا مع مؤسسات تقدم قروضًا ميسرة لدعم المشاريع والشغل الذاتي، ولدينا صندوق للتشغيل يمكن العاملين من الحصول على قروض فائدتها صفر لتنفيذ مشاريع، وهناك ورشات توعوية بالتعاون مع المؤسسات الأهلية بالمحافظة للعاملين بالمستوطنات بخطورة عملهم بها على الصعيد النفسي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والوطني”.
ويدعو مدير مديرية وزارة العمل في محافظة طوباس والأغوار لإنشاء مصانع تصدير زراعية وأماكن سياحية خاصة مع توافر الأراضي والأجور المنخفضة ووجود كفاءات علمية.
ويذكر عبد القادر عدة مشاريع نفذتها مديريةالعمل بمحافظة طوباس منها مشروع تشغيلي بوزارة العمل لعدد من العاملين والعاملات وحملة الشهادات وخبرات فنية، ومشروع للبطالة أقرته وزارة العمل ساهم في تشغيل الآلاف في المحافظة وتعزيز خبراتهم من خلال توظيفهم في مؤسسات حكومية على مدار 3 سنوات ابتداءً من 2001، وهناك برامج بالوزارة منها برنامج توفير فرص العمل وبرنامج التأمين الصحي وبرنامج تسجيل العاطلين عن العمل وتوجيههم للعمل في السوق المحلية أو إنشاء مشاريع صغيرة وصندوق التشغيل في الوزارة.
ويدعو عبد القادر الحكومة والمحافظة للسماح للمواطنين باستغلال الأراضي المسجلة باسم الحكومة وتوفير الخدمات وتقديم حوافز للمستثمرين من خلال تقليل تكلفة عناصر الإنتاج وحفر آبار ارتوازية في الأغوار وإقامة المشاريع الإنتاجية، كما دعا العمال بالمحافظة للتوجه لوزارة العمل لتسجيل البحث عن العمل لتقديم قروض ميسرة أو محاولة استيعابهم بمؤسسات أهلية إنتاجية أو حكومية.
ورغم صدور قرار عن الحكومة الفلسطينية بمنع العمل في المستوطنات. الا أن القرار بقي دون قوة تنفيذية لتنفيذ القرار وعن ذلك يقول عبد القادر: “تصنيف المناطق الفلسطينية الى “أ ب ج” يعيق عمل السلطة الفلسطينية علما أن أكثر العمال والسماسرة متواجدون في مناطق الأغوار بالمحافظة وهي مناطق “ج” لا تخضع للسلطة الفلسطينية، وقبل أن نمنع العمال نهائيًّا لا بد من إيجاد بدائل وفرص عمل من خلال مشاريع صغيرة أو جماعية لتستوعب العمال، لكن الظروف الاقتصادية والسياسية والممارسات الاحتلالية تمنع إنشاء المشاريع”.
ويطالب عبد القادر المواطنين بالكشف عن المشغلين الفلسطينيين الذين يقومون بدور الوسطاء أو السماسرة بتشغيل عمال فلسطينيين من المحافظة داخل المستوطنات والتوجه لمديرية العمل وإبلاغها، مؤكدًا أن وزارة العمل وبالتعاون مع الأجهزة الأمنية والمحافظة ستحاسب هؤلاء السماسرة.
ويدعو عضو اللجنة التنفيذية في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين إبراهيم دراغمة الحكومة لخلق فرص عمل لهؤلاء العمال، من خلال توفير مشاريع إنتاجية زراعية صناعية سياحية تستوعبهم، وإقرار قانون الحماية والضمان الاجتماعي للعمال.
شبح الاستيطان الذي لم تملأ معدته الجشعة الأراضي الفلسطينية تسلسل إلى العقول الفلسطينية ليقتل حلمًا وحياةً وطموحًا، ويخبرنا العامل مؤمن مصري عن موقف لن ينساه عندما مر عليه صاحب العمل وهو يقطف العنب ليقول له: “هَندس هالعنبات.. درست خمس سنين هندسة لازم تهندسهن منيح”!

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا