الرئيسيةمتفرقاتثقافةفنان الثورة والقضية الفلسطينية عبدالله حداد

فنان الثورة والقضية الفلسطينية عبدالله حداد

عبدالله حدادنسلط الضوء على شخصية فلسطينية لم تأخذ حقها وتستحق الكثير منا، ألا هو فنان الثورة والقضية الفلسطينية ، بل فنان العرب الشاعر الفلسطيني ” عبدالله حداد ” رحمه الله ، الذي مجد العرب بشعره وفنه من المحيط إلى الخليج ، وتحدث في أغانيه عن الأمة العربية والحصان العربي والبداوة والقهوة العربية وعن الأصالة والرجولة والأخلاق وغير ذلك كثير …
فالشاعر والفنان عبد الله حداد تاريخ حافل بالأعمال الفنية والكتابات الثورية والوطنية.

ولادته ونشأته
ولد الشاعر الفلسطيني عبد الله حداد بحيفا عام 1938 م ، وعاش أول عشر سنوات من طفولته فيها ، ومن ثم غادرها في عام 1948 م مع أهل أبيه تاركاً وراءه أمه التي لم يشأ القدر بعدها أن يجمعه معها ، وترك عبد الله حداد مهد طفولته وأزقتها وحلم الشباب وراءه لينتهي به الحال بشتات دام حتى وافته المنية .
ترك عبد الله حداد حيفا متجهاً نحو سوريا ، ومنها إلى لبنان الجريح ، حيث كانت انطلاقته الفنية ، فبدأ العمل في كتابة البرامج الفنية للإذاعة هناك ، متنقلاً بين التأليف والإعداد والتلحين والكتابة المسرحية واللحن والأغنية التي ما كانت تعبر إلا عن نبض الشارع الفلسطيني بحزنه وألمه ،وهمه وفرحه … وشارك بالعديد من المسلسلات والأفلام اللبنانية والمصرية .

أعــمــالــه
ركز حداد منذ الستينات والسبعينات وحتى بداية الثمانينات على القضية الفلسطينية والانتماء للوطن ، وعمل في مسيرته على تجديد التراث الفلسطيني ، حيث كان يأخذ الموسيقى التراثية الفلسطينية ويضيف إليها كلماته كأغنية ” والله شفتك يا علمي ” التي أدخلها أيضاً في عمله “العرس الفلسطيني ” والتي لاقت صدى كبيراً في ذلك الوقت وما زالت حاضرة حتى يومنا ، إضافة إلى تناوله الفلكلور العربي الشرقي بتفاصيله متنقلا به بين أكثر من دولة حرصاً منه على تقديم العمل الشامل الذي يخاطب الجميع إيمانا منه بأن الفن لغة يفهمها الجميع .
وقد عمل في الإذاعة والتلفزيون ،وقدم العديد من المسلسلات ،منها: مسلسل ” النهر اللبناني ” ، و ” النوق الأبيض ” ، و “وآمعتصماه ” ، حيث جسد شخصية الشاعر أبو تمام وكان عملاً مشتركاً مصرياً وأردنياً ولبنانياً ، ومن أعماله أيضاً فيلم ” الملجأ ” الذي تحدث فيه عن حرب لبنان في السبعينات وعن القناصة ولجوء الناس إلى المخيمات والملاجئ ومعاناة الحرب وقسوتها .
ومن كتاباته أيضاً “أنا عربي أصيل” ، و” القهوة” ،و”ابن الأرض ” ، و”لا بنيلك ” ، و”لعبة ” ،و”يا مهرتي” إضافة إلى تأديته لدور “كوجي كابوتو ” في الفيلم الكرتوني ” جرانيدايزر ” .
وفي بداية الستينات أسس فرقة “مدار الشعبية للفنون ” في لبنان التي قدمت عروضها مباشرة ، كما درس الأطفال في مدارس إسعاد الطفولة والصمود ، وهي مدارس تعنى بالأطفال الأيتام ،حيث درسهم الموسيقى بالمشاركة مع فنانين آخرين وموزعين موسيقيين مختصين ، وكان حداد مسؤولاً عن الكلمة واللحن ، حيث كانت الفرق التي خرجت من المدارس تسافر وتجول في العديد من الدول العربية والأمريكية والأوروبية لعرض الفلكلور والفن الفلسطيني بوجه حضاري بالكلمة والموسيقى ، ونالت هذه الفرق قبولاً ونجاحاً كبيراً في ذلك الوقت ، وتم تأسيس فرقة ” زهرة المدائن ” فيما بعد وهي فرقة تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية . وأعضاء الفرقة كانوا من أطفال مدرسة إسعاد الطفولة الذين أصبحوا شباباً أصروا على الاستمرار في الفرقة لتقديم الفن الفلسطيني للعالم .
كما عمل في مشواره الفني على تقديم الفن السياسي بلغة نقدية لنقد الوضع العام والوضع العربي تجاه القضية الفلسطينية والعربية بشكل عام ، وكان يترجمها عبر أغانيه.
ولا نستغرب تسميته ب” فنان الثورة الفلسطينية ” ؛ نظراً لحرصه على أن يقدم الحالة ويتحدث بروح فلسطين بعيداً عن السطحية في كلماته أو ألحانه الموسيقية .
منحته دولة ألمانيا في إحدى جولاته الفنية مع الأطفال لقب ” المربي الفاضل ” لما لاحظوه من حب الأطفال له ، إضافة إلى ما تم تقديمه من تنسيق وترتيب في أعماله .
وتقول ميساء ابنته : ” نحن كنا نعي لوالدنا الإنسان الفنان وندرك جماليات ما قدمه من أعمال فنية جميلة ، فوالدي كان مليئاً بالحب والتواضع ،ولقد عودنا على الاحترام ،وكان حريصاً دائماً على تعليمنا ” .
وفي الحديث عن الحب تقول : لم نلمس في قصائد الحب عند والدي امرأة بقدر ما كان حباً للوطن ففي أعماله قال :

لابنيلك على كتف القمر بيت
يشرف على القدس مباشرة
وتشوفي منو أعظم بيت
مع كنيسة المهد الطاهرة

وتضيف ” لقد كان والدي محبوباً من الجمهور وكانوا يرددون أغانيه ويطلبونها ، وجمعته علاقة بالكثير من الفنانين اللبنانيين والأردنيين إضافة إلى فنانين عرب ” .
وتابعت ” لطالما راود أبي حلم العودة إلى وطنه فلسطين ،فهي قضيته الأولى والأخيرة ، وهذا بدا واضحاً في أغانيه وأشعاره ، فهي مليئة بالحنين للوطن ، وتطالب بالعودة فهو رافض لفكرة الهجرة والغربة ،وخاض نضاله الخاص تجاه قضيته بفنه الذي اعتبره أهم أساليب النضال .

لــجــوءه
لجأ عبد الله حداد إلى الدنمرك حاملاً قضيته في قلبه وعقله … حاملاً مشواره الطويل مع الكفاح .
لقد كانت الغربة بالنسبة له غولاً أحاط به وبأحلامه تجاه قضيته ، إنما إيمانه بالله وبالقدر المحتوم وبأنه في هذه البلاد سوف يكون مطمئناً على بناته الأربع ، كان العامل الايجابي في غربته .
وعرضت عليه الدولة الدنمركية منذ البداية أن يقوم بالتعليم في معهد الموسيقى وأن ينشأ فرقة ، ويتم دعمها بكل الوسائل المتاحة لديهم لما وجدته لديه من إمكانيات في التلحين والكتابة وتدريب الأطفال في هذا المجال .

رحــيــلــه
في أواخر الثمانينات أصيب حداد بمرض القلب ، وعانى كثيراً ، وبمراحل متقدمة نصحه الأطباء بعدم ممارسة الغناء على المسرح . لكن الموسيقى بقيت روحه وهي التي تمده بالبقاء إلى أن رحل في بداية التسعينات تاركاً إرثاً فنياً كبيراً ، حيث قضى ثلاث سنوات في الدنمرك بهدوء واستقرار وأمان ،حيث كان يراوده سؤال لماذا ينتهي به الحال هنا عند أكوام الثلج الذي بات يرفض اللجوء إليها .
وانتهى الحال بالفنان الفلسطيني عبد الله حداد بلجوء جديد في بلاد الشمال الأوروبي الدنمركي عام 1990 م ، وهناك كان مثواه الأخير عام 1994 م ، وهناك قال لأسرته : ” يؤلمني أني سأترككم في بلاد الغرب ، مطمئن النفس أنكم ستعيشون عيشة كريمة.”
توفي الفنان الفلسطيني عبد الله حداد بعد مشوار طويل من النضال ،وهو يشعر بالألم لما انتهى عليه الحال ، فهو لم يكن يوماً بعيداً عن قضية فلسطين ، فلسطين التي أعطاها عمره ورفض من أجلها ما كان سيغنيه عن الشقاء والشتات . ولكن لم يكن إيمانه بفنه وقضيته طلباً للمنفعة الشخصية .
لقد كانت القضية الفلسطينية اسمه وعلمه وهويته ، ولم يكن عبد الله حداد ليختار الغرب مستقراً له وتاركاً وراءه تاريخ نضاله ونضال شعبه الباسل ، وهو كان دائم القول : ” اللي بيخلع ثوبه بيعرى “، لولا الظروف القاسية ومعاناة الشتات.
فتوفي الفنان الفلسطيني عبد الله حداد في الدنمرك عام 1994 م ، يوم الاثنين الموافق 24 كانون الثاني ، ودفن في مدينة أور هوس ، التي تعتبر ثاني أكبر مدينة في الدنمرك تاركاُ وراءه الكثير من الأعمال التي ما زالت تحيي ذكراه.

لمعرفة المزيد شاهد الفيديو أدناه

الحلقة الحادية والعشرون من برنامج Palestine club الدنمارك الفنان عبد الله حداد
اخراج احسان تركية
تصوير خالد نعمان

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا