المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

المصالحة الوطنية، مجدداً! كتب سميح شبيب

المصالحة الوطنية، الوحدة الوطنية، الائتلاف الوطني، عبارات ترددت في الأدبيات الفلسطينية كثيراً، بل كانت هي العبارات الطاغية في أحايين كثيرة، خاصة في فترات ما قبل عقد المجالس الوطنية.
المصالحة الوطنية، تعبير رافق التحركات السياسية كافة، خاصة بعد حالة الانقسام الجيو-سياسي ما بين القطاع والضفة. بُذلت جهود جدية، مكثفة، ومتتالية، في قطر والقاهرة، وغزة، وغيرها من البلدان، تم التوصل الى اتفاقات متعددة، نشرت وبشرت الفلسطينيين بغدٍ جديد، تتوحد فيه الجهود.
اصبح تعبير المصالحة الوطنية، تعبيرا باهتاً وضعيفاً في نظر الكثير الكثير من الفلسطينيين، وأضحت ملفات الرواتب والمعابر وإعادة إعمار غزة، هي التعبيرات الأكثر انتشاراً ورواجاً.
لا أحد يختلف على أهمية المصالحة الوطنية، والانتخابات، الجميع يجدها ضرورية ومطلوبة ولازمة، بل انها المعبر شبه الوحيد نحو الخلاص، ولكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟! لا بد من الوصول الى الاتفاق نحو الوسائل والمعابر التي تتمكن من إيصال الجميع لضفاف المصالحة، والاتفاق على نقاط مركزية يتفق عليها الجميع.
لعله من نافلة القول، بأنه من المُحال توحيد الرؤى والاتجاهات والعقائد بين الفلسطينيين جميعاً، وهذا أمر مفروغ منه. هنالك أديان وعقائد مختلفة، اليهودية والمسيحية والإسلامية، وهناك رؤى ومذاهب سياسية متنوعة، منها الديني- الإسلامي، ومنها الماركسي اللينيني، ومنها القومي والوطني. لا يمكن جسر الهوة بين تلك العقائد المختلفة، هنالك نقاط خلاف كثيرة، مشروعة ومبررة ولا يمكن تجاوزها، على أية حال.
بالمقابل، هناك نقاط مركزية يمكن الاتفاق عليها، بما يكفل وحدة الوطن وسلامة المواطن، وهذه النقاط يمكن الاتفاق عليها في ظل الاختلاف، ولكن الوصول الى تلك النقاط يحتاج الى جدية وجرأة وشجاعة من الأطراف جميعاً. كما تحتاج الى قدرة، تتجاوز استثناء الآخر أو نكرانه، مهما كان حجم هذا الآخر، او انتماؤه، وتحتاج إلى قدرة لقبول الآخر، وفق رؤية عامة تضمن وحدة الوطن، ووحدة التحرك الواحد، في ظل الاختلاف.
راوحت مساعي المصالحة الوطنية مكانها طويلاً، ولا تزال، ما خلق حالة من الإحباط العام.
لا يمكن إزالة حالة الإحباط تلك، دون تحقيق إنجازات وتلمس تلك الإنجازات. حكومة الوفاق الوطني القائمة مثلت إنجازاً فلسطينياً مهماً، في مسار المصالحة الوطنية، لكنها، ولأسباب متنوعة ومتشعبة، لم تكن إنجازات قادرة على إزالة حالة اليأس والإحباط القائمة.
قد تكون الجهود القائمة الآن، والرامية لتجاوز حالة اليأس والإحباط، وتحقيق إنجازات ملموسة في الشارع الفلسطيني، هي الجهود الأخيرة او ما قبل الأخيرة بقليل، ولا يزال الأمل معقوداً على تحقيق تقدم جدي، ينشده الجميع، ولكن، كل على طريقته وهواه!!

Exit mobile version