الرئيسيةمختاراتمقالاتإجـرام داعـش الصهيوني ضد الإنسانية كتب أ . سامي ابو طير

إجـرام داعـش الصهيوني ضد الإنسانية كتب أ . سامي ابو طير

أفاق العالم أجمع على هول صدمةٍ تقشعر لها الأبدان وتفوق الخيّال في همجيتها المتعطشة لازدراء وامتهان حياة الانسان الذي خلقه الله ليكون خليفته على هذه الأرض ، و تتمثل تلك الصدمة في الجريمة البربرية النكراء والوحشية التي أقدمت عليها “داعـش” بإحراق الطّيار الأردني معاذ الكساسبة وهو حياً .

وما تللك الصدمة إلا رسالةً أرادت داعش الارهابية إيصالها لشعوب المنطقة بأنهم جبّابرة الطغيان المُبين ، وتلك الرسالة هي التي ستجني بها “داعـش” على نفسها كما جنّت “براقـش” على نفسها من قبل.

تعتبر تلك الجريمة الهمجية التي يندى لها جبين الإنسانية والتي لم تشهد لها البشرية في هذا العصر مثيلا من قبل سوى إحـراق الصهاينة الملاعـين للطفل الفلسطيني محمد ابو خضير في القدس ، حيث سكب الصهاينة البنزين في فيّه ثم قاموا بإحراق جسده الطاهر وهو حياً دون ارتكابه لأي ذنبٍ يُذكر سوى أنه فلسطيني ، وتلك الجرائم الوحشية بالموت حرقا لا يفعلها سوى الصهاينة وأذنابهم من أقـزام الأرض وأعداء الانسانية.

طريقة الموت حرقاً للأبرياء أعادت بنا الأذهان والعقول إلى الماضي السحيق حيث محاولة احراق سيدنا ابراهيم علية السلام على يد النمرود ، و جرائم أصحاب الأخـدود الذين أحرقوا المسلمين الموحدين بالله عقابا على جُرمٍ لم يرتكبونه سوى ايمانهم بالله الواحد القهار ، وحدثت تلك الجريمة الشنعاء بالموت حـرقا لأصحاب الأخدود بأمرٍ من الملك اليهودي “ذي نواس” الذي لقب نفسة باسم “فنحاص” وكان يعتنق الديانة اليهودية .

الكفّار واليهود فقط هم وحدهم من يحرقون الناس بالنار وهم أحياءً ، وبالأخص اليهود كما فعلوا مع أصحاب الأخدود في الزمن القديم قبل سبعين عاما من ظهور الاسلام ، وكما فعلوا بإحراق الطفل الفلسطيني محمد ابو خضير قبل عدة شهور .

و جميع الأحاديث النبوية الشريفة تُحرم التعذيب بالنار وحرق الأحياء بها وحتى النمل لا يُحرق بالنار ، وكما قال رسولنا الكريم ” إنه لا ينبغي أن يُعذب بالنار إلا رب النّار ” أي أن الله الخالق وحده فقط هو من يُعذب بالنار .

ما أردت الوصول إليه هو أن التعذيب بالنار للنفس البشرية حـرام شرعاً ، والكفار واليهود ثم اليهود هم وحدهم من عذّب المسلمين بالنار وأحرقوهم فيها ، ومن يفعل فعلتهم الفاحشة تلك فهو منهم ويتساوق معهم في كل شيء ، ولذلك فإن الإسلام العظيم برئ تماما من أصحاب تلك الأفكار الظلامية السوداء ، ومن يفعل تلك الفواحش النكراء فإنه لا يمت للإسلام بصلة ويقصد الاساءة الكاملة لتعاليم الاسلام الحنيف بفعل تلك الفواحش .

إن تلك الجريمة البشعة بكل معاني الكلمة تتساوق بها “داعش” مع إسرائيل من حيث التفنن في استحداث الطُرق الشيطانية لقتل الناس لبث الرعب والخوف في قلوبهم عن بُعد ،حيث بالأمس كانت داعش تقتل الناس ذبحا من رقابهم ،واليوم تقوم بإحراقهم وهم أحياء في مشاهد قاسية ومؤلمة على العين البشرية وحتى أقسى القلوب المتحجرة أكاد أجزم بأنها لا تستطيع متابعة النظر الى اّلية تنفيذ تلك الجريمة الوحشية إلا إذا كان الجاني وحشا حيوانيا وليس من جنس البشر أمثال الدواعـش .

الغريب في الأمر وما يدعو الى الاستغراب والاستهجان في نفس الوقت هو الادعاء الباطل من طرف داعش بأنها تمثل الاسلام وتحارب وتقاتل من أجل الاسلام لترفع رايته في بلاد الشام والعراق .

إن أفعال تلك الجماعات تفضحهم وتكشف عوراتهم وكذب افتراءاتهم على الدين الإسلامي ، كما تكشف نواياهم الحقيقية بالعمل على تدمير الإسلام من خلال الإساءة الكاملة إليه بأفعالٍ ما أنزل الله بها من سلطان .

وإلا بماذا تفسرون القتل والدمار والخراب أينما ذهبت تلك الجماعات ، وبماذا تفسرون قطع أعناق البشر ذبحا بالسكين وأخيرا ابتكار أحدث طُرق الموت وهي الحـرق بالنار للناس وهم أحياء ؟

وهنا أي إسلام ذاك الذي يدّعونه أولئك الدواعـش من قتلٍ وتحريق وامتهان لحياة الانسان الذي كرّمه الخالق عزّ وجلّ والتمثيل به بتلك الصورة البشعة ؟

لا توجد ديانة على وجه الأرض تدعوا إلى حـرق الناس أو الأسرى وهم أحياء بغض النظر عن أفعالهم أياً كانت …. أي إسلام ذاك أيها الداعـشيون ؟

إن الإسلام العظيم هو دين الله في الأرض وهو دين الوسطية السمحاء الذي يُتمم مكارم الأخلاق ، وهو الدين القيّم الذي يدعو الى التسامح والتراحم بين الناس ،بالإضافة إلى احترام الأديان السماوية الأخرى والخليقة جمعاء ، ولهذا انتشر ديننا الإسلامي من أقصى الأرض إلى أقصاها بسبب عدالته و احترامه للآخر ، ذاك بخلاف أن الدين الاسلامي أرسله الله رحمة للعالمين وفقا لقوله تعالى ” وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين”.

إن الدين الإسلامي العظيم لا يدعو إلى التمثيل بالأسرى الكفار فما بالك بالمسلمين ، ولذلك فإن ما حدث ليس إسلاما بل إجـراما يفوق الخيال كما أراد له الدواعش أن يكون …

إن الإسلام برئ تماما منكم ومن أفعالكم …

أجزم بأن القشة التي قسمت ظهر البعير هي نفسها التي ستقسم ظهر داعش وترد كيدها إلى نحرها ، وسيكون المشهد المأساوي لإحراق الشهيد الكساسبة هو نقطة التحول الاستراتيجية للقضاء على داعش في القريب المنظور ، ولم تتعلم داعش من أخطاء أسلافها في تنظيم القاعدة من قبل ، عندما أرسل ابو مصعب الزرقاوي مجموعاته الانتحارية إلى الأردن في عام 2005 م لتفجير أماكن مختلفة بالعاصمة عمان .

لقد كان لتلك التفجيرات أكبر الأثر في تضاؤل وتناقص شعبية الزرقاوي أو التعاطف معه ، ثم كانت نهايته .

جريمة إحراق الكساسبة حياً أحدثت ألما وجرحا كبيرا وشعورا بالكراهية اتجاه تنظيم داعش لم يكن مألوفا من قبل وخصوصا في العالمين العربي والإسلامي ناهيك عن الدولي الذي يكره داعش من الأساس .

تلك الجريمة النكراء وحدّت الشارع العربي عموما و الأردني خصوصا على وجوب التخلص من الدواعش لأنهم يسيئون للإسلام بأفعالهم الوحشية ، ولذلك أصبح الجميع على قناعةٍ كاملة بأن “داعـش” هي من صناعة أعـداء الإسلام بغرض التشوية و الإساءة إلية .

أعـداء الإسلام هم الذين دسّوا و زرعـوا تلك الجماعات “المتأسلمة” بين المسلمين بعدما وفروا لها البيئة الخصبة من فسادٍ وخراب كي يعيثوا في الأرض فسادا لخدمة أغراضهم الخاصة وأهدافهم الاستراتيجية بعيدة الأمد .

تلك الأهداف الاستراتيجية هي زرع نار الفتنة بين أبناء الأمة العربية والإسلامية ليتقاتلوا ويتناحروا فيما بينهم من أجل إضعاف قوتهم وضياع مقدرات وخيرات الشعوب العربية من خلال استمرار دوران رحىّ الحرب الطاحنة التي تدور تحت حجج واهية مثل التغيير أو الربيع أو ….. النكبة ، وجميع تلك الأهداف تصب لصالح إسرائيل في نهاية الأمر لأنها الوحيدة المستفيدة من تلك الحروب الطاحنة في المنطقة.

كما يعـتبر الهدف الأهم لوجود تلك الجماعات وفقا لعقلية من زرعها في المنطقة هو القضاء على الوطنية والقومية العربية لشعوب المنطقة من خلال التناحر الدائم بين الحركات الوطنية و الجماعات المتأسلمة ، وكل ذلك بطبيعة الحال حتى يتم إلهائهم وإبقائهم نائمين بعيداً عن قضاياهم الاستراتيجية من تطوير وبناء وتحسين ظروف المعيشة ، بالإضافة لإثنائهم والهائهم عن قضيتهم الكبرى والرئيسية ،وهي قضية فلسطين وتحريرها من دنس الغاصب المحتل .

من المؤكد وقبل حدوث تلك الجريمة الوحشية أن أمريكا مارست ضغوطا كبيرة على الأردن من أجل فتح جبهة برية من أراضيها لمحاربة داعش نظراً لموقعها الهام من الأحداث الجارية في العراق وسوريا ، ونظراً للتدريب العالي لمقاتلي الجيش الأردني مقارنةً بجيوش المنطقة الأخرى التي تشارك في التحالف ضد داعش ،ولكنها رفضت بشدة واكتفت بالمشاركة الجوية مثل الاّخرين الذين تعتبر مشاركتهم رمزية فقط .

اليوم وبعد احراق الشهيد “الكساسبة” حياً فإن المعادلة ستتغير تماما ،ويُستدل على ذلك من تصريحات العاهل الأردني الملك عبدالله بعد سماعه الخبر الأليم بأن الرد سيكون مؤلما لداعش وسينتقم الجيش الأردني من تلك الجريمة .

وهنا أؤكد بأن الأردن لا ولن يألو جهدا في الاطاحة بداعش من أجل الانتقام لروح شهيده معاذ الكساسبة ، وخصوصا بعد التفاف الشارع الأردني حول وجوب الانتقام لروح الكساسبة ، وهذا الالتفاف سيكون الدافع القوي للحكومة في توسيع مشاركتها بالحرب حتى القضاء على داعـش واجتثاثها من أوكارها .

يبقى السؤال الأهم هو هل ستسمح أمريكا بالقضاء نهائيا على داعش واجتثاثها بالكامل ؟

لا أعتقد ذلك لأن القاصي والداني يعلم من يقف خلف داعش ومثيلاتها في المنطقة بدءاً من تنظيم القاعدة وانتهاءً بما يعرف بداعش وجبهة النصرة وغيرها من التنظيمات التي تتخذ من الاسلام ذيلا لمُسمّياتها وتتستر تحت ردائه لتحقيق ماّربها الخاصة .

أمريكا رغم قيادتها للتحالف ضد داعش إلا أنها تّعـتبر الصانع الحقيقي بجانب إسرائيل لأمثال الدواعش وغيرهم من تلك التنظيمات وفقاً لنظام نشر الفوضى الخلاّقة في المنطقة الذي أقرته أمريكا منذ زمن بعيد ، وهذا أمراً مؤكدا ولا جـدال فيه .

أمريكا صنعت تلك الجماعات لخدمة مصالحها الاستراتيجية والهامة في المنطقة ،ولذلك غضت البصر عن تمدّد تلك الجماعات وقامت بإمدادها بالسلاح والعتاد تحت حجة محاربة الأنظمة الفاسدة في المنطقة أو إحداث التغير وفقا لرغبة “الشعب يريد” أو ما يُسمى بالربيع العربي المشئوم وغير ذلك من الحجج .

كما هيأت لتلك الجماعات جميع الظروف المناسبة كي تكبر وتتمرد ويزداد بريقها لتصبح بمثابة “البُعـبع” الذي يخشاه الجميع ، وبطبيعة الحال كان شعّار تلك الجماعات هو رفع راية الاسلام من أجل إكساب تلك الجماعات شعبية سريعة ولزيادة تعاطف الشعوب الاسلامية مع تلك الجماعات أو التنظيمات عندما يتم تصويرها لهم بأنها المُنقذ لهم من حياة البؤس والشقاء .

وعند خروج المارد الارهابي عن سيطرة القمقم الأمريكي كما حدث مع القاعدة من قبل و داعش اليوم ، فإن أمريكا تحشد قواتها وتستعرض عضلاتها وتقوم بتجيّيش الجيوش لمحاربة ذلك المارد المُصطنع لتبرير تربعها الدائم على شعوب المنطقة ، من خلال إيهام الأغبياء بأنها حامي الحِمىَ والمدافع الأول عن حياتهم وأرواحهم من ذلك المارد أو البعبع أو الغــول أو الدواعـش أو…..

ولذلك فإن البُعـبع الداعشي و أمثالة ومن سيأتي بعدة حال استئصاله هو صناعة أمريكية خالصة لضمان الوجود الأمريكي الدائم في المنطقة العربية وسلب خيراتها الطبيعية ، وللقضاء على الحركات الوطنية التي تخرج من أرحام الشعوب العربية الرافضة لسياسة التركيع والظلم الأمريكي الصهيوني .

لذلك كان الخيّار الأمريكي الأمثل بدعم التنظيمات المتأسلمة كي تصطدم بالحركات الوطنية لتلك الشعوب من أجل استمرار الفوضى و الخراب والدمار والقتل والتشريد وفقا للسيناريو الأمريكي الصهيوني المُعد سلفاً للمنطقة لتعـزف إسرائيل لحن الخلــود وترقص طرباً على أشـلاء العـروبة المتناثرة هنا وهناك في العراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها من الدول الأخـرى …

غريبٌ وعجيبٌ أمر أولئك الداعشيون ! حيث أنهم يتركون أعـظم سنام الإسلام وهو الجهاد الحقيقي في فلسطين لتحرير القدس الشريف من دنس الغاصب المحتل ، ويذهبون إلى تحريف بوصله الجهاد من فلسطين إلى ما يسمونه جهادا في بلاد المسلمين تحت حجج وذرائع واهية .

إذا كان الدواعش يمثلون الإسلام كما يدّعون فلماذا لا يثبتوا للمسلمين حُسن نواياهم وصحة انتمائهم للإسلام من خلال قيامهم بالجهاد لتحرير الأقصى الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرّى النبي الأعظم محمد علية الصلاة والسلام .

لمــاذا لا يجـاهدوا لتحرير القدس إن كانوا صادقين ؟ أم أن ذلك حـراما وفقا لعقلية أسيادهم الذين زرعوهم في المنطقة ؟

لا عـزاء لكم أيها الدواعش بعد اليوم لأنكم ستجنون ما اقترفته أيديكم بإسم الإسلام البريء تماما منكم ومن أفعالكم النكراء والشنعاء التي يندى لها جبين الانسانية .

أخيراً تعازينا الحارة إلى الأردن الشقيق ملكاً وحكومةً وشعبا وأتمنى من الله عزّ وجلّ أن يُلهم أهل الشهيد وذويه الصبر والسلوان .

كاتب ومحلل سياسي

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا