المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

“فلسطينيو الـ 48” يوجّهون صفعة لنتنياهو ردّاً على محاولة إقصائهم

خوض انتخابات الكنيست بقائمة موحّدة لتكوين “لوبي”و”قوّة ثالثة”

هيثم زعيتر:
العلامة البارزة في الانتخابات الإسرائيلية العامة التي ستُجرى يوم غدٍ (الثلاثاء)، هي نجاح الأحزاب العربية الفلسطينية داخل أراضي الـ 48، في تشكيل “القائمة العربية المشتركة” لخوض هذا الاستحقاق، تحت عنوان: “أقوى”.
هذه المفاجأة في الانتخابات الـ 20 للفوز بمقاعد في الكنيست الإسرائيلي، تُعتبر صفعة قويّة لرئيس الوزراء الإسرائيلي المستقيل بنيامين نتنياهو وحليفه وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، بعدما اتخذتْ الحكومة قراراً برفع نسبة الحسم من 2% إلى 3.25%، في استهداف مباشر للأصوات الفلسطينية، بهدف شرذمتها والحؤول دون تمكين الأحزاب الفلسطينية من الفوز بمقاعد في الكنيست لتحجيم نسبة تمثيلها.
لكن الرد الفلسطيني شكّل ضربة قاصمة لنتنياهو، الطامح إلى الفوز بولاية رابعة لتشكيل الحكومة، في ظل تراجع نسبة حظوظه بتشكيل الحكومة العتيدة، بعد إخفاقاته، في مغامرته بالعدوان على قطاع غزّة، ووقف العائدات التي تجبيها سلطات الاحتلال لصالح السلطة الوطنية الفلسطينية، وأيضاً مواصلة سياسة بناء المستوطنات في القدس والضفة الغربية بدلاً من تجميدها، ما أدّى إلى توقّف العملية السلمية.
وقد تمكّنت الأحزاب الفلسطينية من تغليب المصلحة العامة على الخاصة، متجاوزة الخلافات السياسية، بعدما تيقّن الجميع من أنّهم مستهدفون من اليمين المتطرّف، الساعي إلى استمالة أصوات اليهود المتطرّفين، وسن قوانين تخدم إقامة “دولة إسرائيل اليهودية”، وهو ما يؤدّي إلى حرمان الفلسطينيين للكثير من الحقوق، بل إلى تهديد مصير 1.6 مليون نسمة من فلسطيني الـ48 وتشريدهم كما شُرّد أهاليهم في العام 1948.
وتشكّلت “القائمة العربية المشتركة” من أحزاب: “الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة”، “الحركة الإسلامية”، “حزب التجمّع الوطني الديمقراطي” و”الحركة العربية للتغيير”، تتمثّل بشخصيات سياسية وناشطين اجتماعيين مسلمين ومسيحيين، وبينهم 3 نساء.
ويترأس القائمة أيمن عودة (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة)، وتضم إليه على التوالي: سعود غنايم (الحركة الإسلامية الجنوبية)، الدكتور جمال زحالقة (حزب التجمع الوطني الديمقراطي)، الدكتور أحمد الطيبي (الحركة العربية للتغيير)، عايدة توما (الجبهة الديمقراطية للسلام)، عبد الحكيم حاج يحيى (الحركة الإسلامية)، حنين زعبي (حزب التجمع الوطني الديمقراطي)، دوف حنين (الجبهة الديمقراطية للسلام)، طلب أبو عرار (الحركة الاسلامية)، الدكتور يوسف جبارين (الجبهة الديمقراطية للسلام) والدكتور باسل غطاس (حزب التجمع الوطني الديمقراطي).
ويضمن المرشّحون الأحد عشر الأوائل نجاحهم، بعدما وزّعت أسماء المرشّحين بين الأحزاب المختلفة، مع اعتماد مبدأ التناوب لمدّة سنتين من أصل السنوات الأربع لكل منهم.
وضمت أيضاً يهودياً ودرزياً وبدوياً.
وتهدف هذه القائمة إلى الحصول على نسبة تمثيل في الكنيست من خلال رفع نسبة المشاركة باقتراع الفلسطينيين إلى 66%، بعدما كانت في الانتخابات السابقة التي جرت في العام 2012 فقط 56% من أصل 67% من مجمل الناخبين – أي إنّ القائمة تأمل بالحصول ما بين 100 و130 ألف صوت، لضمان حسن تمثيلها والفوز بحوالى 15 مقعداً من أصل مقاعد الكنيست الـ 120، علماً بأنّ الأحزاب العربية الفلسطينية تتمثّل في الكنيست الحالي بـ 12 مقعداً.
وفي ضوء النتائج المتوقّعة، يعني ذلك أنّ القوى الفلسطينية يمكنها تشكيل “لوبي” ذي فعالية أكثر يؤدي إلى تحقيق مكتسبات من خلال:
– إفشال مشروع نتنياهو – ليبرمان بسن قوانين تؤدي إلى التأثير على نسبة التمثيل الفلسطيني.
– تعديل البنية القانونية والتشريعية بسن قوانين اجتماعية وسياسية وطنية.
* اجتماعياً: بتحسين واقع الفلسطينيين ونيلهم الحقوق والخدمات والمشاركة في السلطة.
* سياسياً: العمل على سن قوانين تخدم الفلسطينيين وتؤدي إلى وقف الاستيطان ومنع التهور الصهيوني.
ويمكن لهذه الكتلة الفلسطينية أنْ تصبح القوّة الثالثة في الكنيست – أي إنّ رئيس القائمة المحامي أيمن عودة سيصبح زعيم المعارضة، وهذا يعني أنّه بإمكان دعم أي من المرشّحين لتشكيل الحكومة، حيث تدعم تحالف يتسحاك هرتسوغ – تسيبي ليفني على حساب تحالف نتنياهو – ليبرمان، وإذا ما تم تشكيل حكومة ائتلاف، والقائمة العربية خارجها – حيث لم يشارك أي فلسطيني في حكومات الكيان الصهيوني – فإنّه ووفقاً للدستور، يكون رئيس الوزراء مجبراً على إطلاع زعيم المعارضة بشكل دوري على أدق التفاصيل في الملفين الأمني والسياسي، إضافة إلى حصة المعارضة من اللجان الـ 9 في الكنيست.
وكذلك بإمكان الكتلة الفلسطينية وقف قرارات، وخير دليل على ذلك ما جرى في العام 1994، حين اتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي – آنذاك – إسحاق رابين قراراً بمصادرة 55 دونما في مدينة القدس، ولم يلتزم رابين بقرار “مجلس الأمن الدولي” بوقف المصادرة، بل إنّ اعتراض النوّاب الفلسطينيين الـ5 في الكنيست على القرار، أدّى إلى إلغائه، لأنّ رابين كان بحاجة إلى هذه الأصوات لدعمه، وإلا فسقوط حكومته.
وتبقى المشاركة العربية في الانتخابات من عدمها، مدار جدل بين الفلسطينيين، الذين كان لهم شبه غياب عن المشاركة السياسية بين عامي 1949-1966، وبعد ذلك حيث سُجّل حضور رمزي وتأثير سياسي محدود، وبقي النوّاب الفلسطينيون مُلحقين بأحزاب صهيونية كانت تختار مَنْ تريد، لكن دون أنْ تكون لهم فعالية، إلى أنْ بدأت مشاركة الأحزاب الفلسطينية المستقلة منتصف ثمانينيات القرن الماضي، لكن هذه المرّة تبرز بفعالية أكبر.
وتتوزّع المواقف بشأن المشاركة من عدمها، بين:
– مَنْ يدعو إلى الاقتراع بورقة بيضاء تعبيراً عن الرفض.
– مَنْ يدعو إلى المقاطعة، ومنهم “أبناء البلد”، التي تشكّلت في العام 1996.
– مَنْ يدعو إلى المشاركة وبكثافة.
وقد رفضت “القائمة المشتركة” توقيع اتفاق فائض الأصوات مع حزب “ميرتس”، حتى لا تفقد الدعم الفلسطيني.
لقد صَدَمَ النجاح الفلسطيني بتشكيل “قائمة موحّدة”، اليمين الإسرائيلي المتطرّف، حيث اعتبر ليبرمان أنّ ذلك يهدف إلى “إنهاء وتدمير الدولة اليهودية”.
غداً سيتحدّد مصير الواقع السياسي في الكيان الإسرائيلي للفترة المقبلة، إذا ما كان سيختار الناخب، اليمين المتطرّف الجانح نحو “دولة إسرائيل اليهودية” أو الوسط واليسار، الذي سيحاول إعادة استئناف المفاوضات مع الجانب الفلسطيني، واعتبار الكيان الإسرائيلي لجميع المتواجدين على الأراضي التي احتلّت منذ العام 1948، بما في ذلك الفلسطينيون الذين احتلّت أرضهم، وإلا سيبقى الصهاينة يعيشون على “حد السيف” وإلى الأبد.

جريدة “اللـواء” الاثنين 16-3-2015

Exit mobile version