المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

نتنياهو مخادع وفاشل ومتطرف … لكن محظوظ كتب غازي السعدي

مع كتابة هذا المقال، يتبين من خلال استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي، بالنسبة لانتخابات الكنيست التي ستجري يوم “الثلاثاء 17/3/2015″، أن الفارق يتسع لصالح المعسكر الصهيوني- حزب العمل – الحركة – وبين حزب الليكود الحاكم، حيث حصل الأول على (25) مقعداً في الكنيست، مقابل (21) مقعداً لحزب الليكود، فقد سادت المعركة الانتخابية على امتداد ثلاثة أشهر، معركة شرسة بين الأحزاب المتنافسة وانشقاقات وظهور أحزاب جديدة، غابت عنها البرامج السياسية، وركزت معظم الأحزاب على الاقتصاد والغلاء والسكن والمشاكل الحياتية التي تهم المواطن، لكن التطرف والكذب والخداع والتحريض على عرب الداخل، كان من أهم عناوين المعركة الانتخابية، التي طغت عليها فضائح الفساد والتحقيقات من قبل الشرطة ومراقب الدولة، طالت رئيس الوزراء “نتنياهو” وزوجته، والتشكيك في مصداقيته واستقامته وفشله في تصريف قضايا البلاد، حتى أنه أصبح محروقاً انتخابياً، ويصفونه بالمخادع والمتعجرف والفاشل، حتى أن الصحفي المعروف “بن كسبيت”، كتب في “معاريف 12/3/2015” قائلاً لـ “نتنياهو” من على صفحات الجريدة: أنت كذاب بشكل فاضح وفظ ومقرف، ومن كذبه اتهامه لرئيس المعسكر الصهيوني، “اسحاق هيرتسوغ”، بتحريض الناخبين اليهود وعدم التصويت له، وأن “هيرتسوغ” قال أنه سيسند للنائب العربي “أحمد الطيبي”، في حال تشكيل الحكومة، رئاسة لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، وهذه من أكثر اللجان أهمية وحساسية، إلا أنها كذبة نفاها “هيرتسوغ” والهدف واضح، في محاولة لتخويف الناخبين اليهود من المواطنين العرب.

حزب الليكود وباعتراف قادته، يجدون صعوبة في وقف اتساع الهوة، لصالح المعسكر الصهيوني، وقادته مصابون بالرعب والانهيار، ونشطاء الليكود يعانون من الاكتئاب، ويتوقعون خسارة حزبهم، و”نتنياهو” يدعي بأن جهوداً عالمية، تسعى لإسقاطه، وتدر الأموال لحملة معارضيه في هذه الانتخابات، وصحيفة “هآرتس 11/3/2015″، ترثي حكم “نتنياهو”، وجنرالات ومسؤولين أمنيين سابقون في الشاباك والموساد والأجهزة الأمنية الأخرى، عقدوا مؤتمراً لهم تحت عنوان “ضباط من أجل السلام”، يضم (180) ضابطاً، تحدثوا عن فشل “نتنياهو”، في المجالين الأمني- والسياسي، وتوصلوا إلى استنتاج، بأن “نتنياهو” يشكل خطراً على أمن إسرائيل، ويطالبون بالتغيير، وفي مجموعة من المقالات، نشرت في الصحف العبرية، وتحت عنوان: “نتنياهو” يجلب الخجل والحرج لإسرائيل، لدرجة أنه مستعد لعمل كل شيء، من أجل بقائه في الحكم، وكتب آخر: أنه صغير محرج ومخجل، هذا هو الشعور السائد بين الإسرائيليين، وجاء في مقال آخر، أن “نتنياهو” استغل الثقة التي أولاها له الناخبون، يحتاج إلى تحقيق جنائي ضده، وقال رئيس الشاباك السابق “كارمي غلؤون”، أن ولاية جديدة لـ “نتنياهو” تشكل خطراً على وجود إسرائيل، فأوضاع إسرائيل ستزداد سوءاً إذا أعيد انتخابه، وهو لا يستحق أن يكون رئيس وزراء، إلى غير ذلك من الانتقادات، كذلك رئيس الموساد السابق “مئير دغان” وقال أن “نتنياهو” سبب الضرر لإسرائيل، وأنه لا يخشى من أعدائه، بل يخشى من القيادة التي وصفها بأسوأ قيادة في تاريخ إسرائيل.

“نتنياهو” يركز في حملته الانتخابية، على التهديد النووي الإيراني، و”نتنياهو” يتراجع عن خطابه الذي ألقاه في جامعة بار-إيلان عام 2009، الذي أعلن فيه عن حل الدولتين، بذريعة الأوضاع الحالية في الشرق الأوسط، وزعم بأن كل منطقة ينسحب الإسرائيليون منها، سيتم السيطرة عليها من قبل الإسلام المتطرف، والمنظمات الإرهابية المدعومة من إيران، ويقول: لن ننسحب ولن نتنازل، ويتعهد بعدم الانسحاب من الضفة الغربية، أو القدس الشرقية، وعدم إعطاء أية تنازلات للفلسطينيين في حال فوزه في الانتخابات، “يديعوت احرونوت 9/3/2015″، ولتخويف الإسرائيليين قال: لن نسمح بإقامة دولة “حماستان” أي “حماس”، ووصول داعش إلى الضفة الغربية، في المقابل، فإن برنامج المعسكر الصهيوني هو العمل على تحقيق التسوية السياسية مع الفلسطينيين كأولوية، وترسيم حدود إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، وأن الأمن هو شرط لأي تسوية، مع أن الصحفي “ناحوم برنياع”، كشف في جريدة “يديعوت 6/3/2015” عن وثيقة تؤكد أن “نتنياهو” وافق على تنازلات كبيرة للفلسطينيين في الضفة الغربية، والعودة إلى خطوط عام 1967، والقدس عاصمة للدولتين، مع بقاء الكتل الاستيطانية، مما أثار ضجة كبيرة في أوساط الأحزاب اليمينية استغلت ضد “نتنياهو” مع أنه يقول عن هذه الوثيقة بكلام فاضي، مؤكداً عدم تنازله عن القدس ورفض العودة لحدود عام 1967.

ومع كل ما أشرنا إليه، فهذا لا يعني استحالة عودة “نتنياهو” لرئاسة الحكومة، حتى وإن حصل على مقاعد أقل مما سيتحصل عليها المعسكر الصهيوني، إذ أن الانتخابات لا تجري لاختيار شخصية رئيس الحكومة، بل لانتخاب أعضاء الكنيست البالغ عددهم (120) نائباً، وهم الذين يختارون رئيس الحكومة وما يسمى بالائتلاف الوزاري، وفقاً لنتائج الانتخابات وللتحالفات والمساومات التي سيتم الاتفاق عليها بين الأحزاب، وعلى سبيل المثال، فإن خمسة أحزاب، وقبل معرفة نتائج الانتخابات تشترط الحصول على وزارة الجيش، مقابل تأييدها لهذا الجانب أو ذاك، وهذه الأحزاب هي:”الليكود” ومرشحه “موشيه يعالون”، العمل ومرشحه الجنرال “عاموس يادلين”، وحزب “كلنا” ومرشحه الجنرال المتقاعد “يؤاف غالنت”، والبيت اليهودي ومرشحه “نفتالي بينت”، وحزب “إسرائيل بيتنا” ومرشحه “أفيغدور ليبرمان” الذي يشترط أيضاً عقوبة الإعدام للفلسطينيين.

إن الجديد في هذه الانتخابات، ولادة القائمة العربية الموحدة، وهذا مطلب قديم لتوحيد عرب الداخل، ليكون لهم تأثير خاصة في صد العنصرية والقوانين التي تشرع ضدهم، وخاصة قانون “يهودية الدولة”، ومع أن نواب هذه القائمة، لا يريدون أن يصبحوا جزءاً من الحكومة القادمة، إلا أنهم يستطيعون تشكيل كتلة مانعة، لإبعاد اليمين الإسرائيلي عن الحكم، وأن (81%) من عرب الداخل يؤيدون وجود عرب في الكنيست، بينما لا يريد اليمين الإسرائيلي مثل هذا التواجد، ومع أن ولادة القائمة العربية الموحدة كانت ولادة قيصرية، إلا أن هناك خوفاً على انفراط هذه الوحدة في المستقبل، لأن لهذه القائمة أربعة رؤساء، وفيها قوميون وشيوعيون وإسلاميون ومستقلون، وأن أول إشارة على الخلافات بينهم، كان رفض بعض أقطابها التوقيع على اتفاق فائض الأصوات مع حزب ميرتس اليساري، بذريعة أنه حزب صهيوني، مع أن في هذا الحزب مرشح عربي وطني، وأن 90% من برنامج هذا الحزب، يلتقي مع أهداف القائمة العربية، فإن عدم التوقيع على فائض الأصوات، قد يؤدي إلى خسارتهما لمقعد في الكنيست، يصب في مصلحة اليمين الإسرائيلي، أما سبب الرفض فإنه سخيف، باعتبار أن ميرتس حزب صهيوني، وهل الدخول إلى عضوية الكنيست الصهيونية، وأداء القسم للنواب العرب أمام الكنيست، هذا القسم الذي ينص: إنني ملتزم بالولاء لدولة إسرائيل، وبأداء مهمتي في الكنيست بإخلاص، يبررونه ويعتبرونه حلال ويعترضون على صهيونية ميرتس اليساري؟

تشكيل الحكومة

بعد الإعلان الرسمي من قبل لجنة الانتخابات المركزية عن نتائج الانتخابات، يقوم رئيس الدولة “روبي ريفلين” الالتقاء بممثلين عن جميع الأحزاب الممثلة في الكنيست الجديدة لاستمزاج آرائهم عن مرشحهم المفضل لرئاسة الحكومة، وفي أعقاب هذا الاستمزاج لرئيس الدولة الحق بتكليف رئيس الحزب الذي حصل على العدد الأكبر من المقاعد، أو مرشح الحزب الذي له حظوة بتأييد (61) نائباً من نواب الكنيست لتشكيل الحكومة، وعندها يكلفه الرئيس بتشكيل الحكومة، ويمنحه (28) يوماً، وخلال هذه المدة إن لم يستطيع، يحق لرئيس الدولة منحه (14) يوماً إضافياً، أما إذا لم يستطع يكلف مرشحاً آخر.

وفي هذه الأثناء تبدأ الاتصالات والاستقطابات بين الأحزاب، ولكل استقطاب ثمن، في الحقائب الوزارية، أو المناصب الحكومية الأخرى، وحسب التوقعات، فإن عدد النواب الذين يريدون إنهاء حكم “نتنياهو”، بين “55-56” نائباً، ونفس العدد تقريباً يؤيدون “نتنياهو” إضافة لليكود وأحزاب اليمين والمتدينين، وأن بيضة القبان تبقى بيد حزب “كلنا” الذي يرأسه “موشيه كحلون” وهذا يعني بأن احتمالات “نتنياهو” و”هيرتسوغ” في رئاسة الحكومة متساوية، وهناك من يطرح تشكيل حكومة وحدة وطنية، التي تلقى معارضة من معظم الإسرائيليين.

وأخيراً، فإن أياً من الحكومتين .. القطبين، لا تعمل على إنهاء الاحتلال، والتوصل إلى إقامة الدولة الفلسطينية وتحقيق السلام، لن يكتب لها النجاح، ولن يؤدي إلى استقرار أوضاع إسرائيل وحل مشاكلها الداخلية والخارجية.

Exit mobile version