المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

مساعد رئيس «أمن الدولة» السابق: عناصر بمخابرات غزة (شرطة حماس) حصلت على الجنسية المصرية خلال حكم مرسي

اللواء خيرت لـ «الشرق الأوسط» : طرد ضباط موالين للمتطرفين من الخدمة بعد رصد ترددهم على تركيا

سيل من المعلومات الخطيرة يكشف عنه أحد قادة جهاز أمن الدولة المصري المهمين، هو اللواء عبد الحميد خيرت، الذي ظل يعمل في الجهاز سنوات طويلة بما فيها فترة هيمنة جماعة الإخوان المسلمين على البلاد بعد عام 2011. من بين المعلومات قيام الإخوان بإبعاد عشرات القيادات الأمنية، من رتب «اللواءات» و«العمداء» و«العقداء»، عن العمل، بعد أن كانوا يمثلون بخبرتهم عصب الجهاز الأمني، وقيام الإخوان أيضا بتعطيل عمل الإدارات الخاصة بمنع تهريب الأسلحة من الخارج.

ويقول إن هذا الأمر تسبب في تدفق ألوف الإرهابيين على البلاد، خاصة في سيناء، قادمين من دول عربية وأجنبية، ودخول الآلاف من قطع الأسلحة المهربة من ليبيا والسودان، بما فيها صواريخ مضادة للطائرات.

ويعرف جهاز أمن الدولة أيضا بـ«الأمن الوطني»، أو «المخابرات الداخلية». وعمل اللواء خيرت مساعدا لرئيس الجهاز اللواء مجدي عبد الغفار، الذي أصبح منذ نحو أسبوعين وزيرا للداخلية. ويسلط خيرت الضوء، في حوار مع «الشرق الأوسط»، على تفاصيل دقيقة قامت بها جماعة الإخوان لتعطيل عمل إدارات أمنية رفيعة كانت مختصة لعقود بملاحقة المتطرفين والإرهابيين ومهربي الأسلحة.

يبدو أن هذا السلوك اتبعته الجماعة في دول وصلت فيها للسلطة بعد «ثورات الربيع العربي» كتونس وليبيا. لهذا يقول اللواء خيرت إن ملاحقة الإرهاب – في مثل هذه الدول – سيكون صعبا ويستغرق وقتا، مشيرا إلى أنه، مع ذلك، تمكن جهاز الأمن المصري من توقيف 313 خلية إرهابية نوعية خلال الأشهر الأخيرة.

وإلى أهم ما جاء في الحوار:

* جرى فصل ضباط شرطة من وزارة الداخلية لارتباطهم بجماعات متطرفة، لكن هل يمكن أن يكونوا وراء بعض التفجيرات النوعية التي وقعت في البلاد، وهل ما يقال عنهم مبني على معلومات أم مجرد تحليل وتكهنات، برأيك؟

– دعنا نقل إنه تحليل أقرب للمعلومة بحكم الخبرة الأمنية. اقترن هذا الأمر بتصعيد وتغيير في الحركة في الشارع وارتبط باحترافية في اختيار أماكن تنفيذ التفجيرات.. هذا التصعيد بدأ خلال الفترة الأخيرة، أي خلال الشهر أو الشهرين الأخيرين. وهذه هي الفترة التي جرى فيها استبعاد عدد من الضباط الذين يعملون في وزارة الداخلية وعددهم نحو 31 ضابطا، من رتبة الملازم إلى رتبة العقيد.

* وعلى أي أساس جرى استبعادهم من العمل بجهاز الشرطة؟

– حدث ذلك بناء على معلومات وأدلة مادية، وبعض هؤلاء الضباط جرى تصويره أثناء مشاركته في اعتصام جماعة الإخوان المسلمين في ساحة رابعة العدوية (في صيف 2013) وهو الاعتصام الذي نظمه أنصار مرسي. كما أنه جرى رصد بعض الضباط ممن سافروا إلى تركيا، وأنت تعلم موقف تركيا المنحاز لجماعة الإخوان.. ما دامت هناك أدلة، وما دام هذا الضابط أو ذاك كان يمارس نشاطا وهو في الخدمة بوزارة الداخلية، فمن الوضع الطبيعي جدا أنه بعد أن يخرج من الخدمة يستمر في ممارسة النشاط نفسه الموالي للجماعة التي ينتمي إليها.

* وفقا لمعلوماتك هل هؤلاء الضباط الذين جرى فصلهم من أفرع معينة بوزارة الداخلية؟

– هم كانوا موزعين على مستوى مديريات الأمن في أنحاء الجمهورية.. ستجد من بينهم ضباطا كانوا يعملون في مديرية أمن القاهرة، وآخرين عملوا في مديرية أمن محافظة الشرقية، وفي مديرية أمن محافظة الإسكندرية.. كما أن بعضهم كان يعمل في مصلحة السجون. هم كانوا منتشرين على مستوى الجمهورية.

* هل من بينهم من كان يعمل في مديرية أمن محافظة سيناء؟
– لا..

* وما مدى خطورة مثل هؤلاء الضباط الذين جرى فصلهم من الخدمة؟

– من خلال الخبرة.. من كان يصدر بحقه قرارا بالاستبعاد من العمل في الشرطة أو الجيش لأسباب أمنية، كان يلتحق بعد خروجه من الخدمة، كوضع طبيعي، بالجهات أو الجماعات التي خرجوا من الخدمة بسبب تعاملهم معها في السابق. لذلك هذا يجعلنا نقول إن الذين خرجوا من الخدمة لم يستمروا كضباط، ولكن تحولوا إلى عناصر نشاط لا بد من متابعتها بكل دقة من جانب السلطات، لأنها تشكل خطورة بما لديها من خبرات ومعلومات وأفكار عن كيفية العمل الشرطي والأمني، ولذلك لا بد أن يظل هؤلاء الناس تحت المتابعة الدقيقة.

* البعض يتحدث عن أن التنظيم الدولي للإخوان يشارك في محاولة بث الرعب في مصر من خلال أحداث عنف وتفجيرات.. ما رأيك؟

– أتذكر لقاء عقده خيرت الشاطر (نائب مرشد الإخوان) مع مجلس شورى التنظيم، أثناء وجود الإخوان في الحكم بعد 2011. كان لقاء يحمل في طياته معاني كثيرة جدا، لأنه يستوقفك في نقاط كثيرة.. قال فيه الشاطر: «نحن تمكنا من الحصول على معلومات خاصة بمصر لم نكن نستطيع الحصول عليها لولا وجود محمد مرسي في قصر الرئاسة».

* وماذا يعني هذا؟

– ببساطة شديدة يعني أن كل المعلومات التي تخص مصر كانت بين يدي الإخوان.. بحكم أن الجماعة كانت في السلطة ورئيس الجمهورية من الإخوان ويطلب ما يريد من معلومات دقيقة من وزير الزراعة أو وزير الصناعة أو وزير الكهرباء أو غيره.. بهذا أصبح لدى الإخوان معلومات عن كل مصر، عدا الجيش والشرطة. هذه المعلومات خرجت خارج مصر للتنظيم الدولي وبعض أجهزة المخابرات الأجنبية التي تدعم الإخوان.

* وما تداعيات ذلك على الوضع الراهن الذي تمر به مصر؟

– نحن في مصر نواجه إرهابا.. وتداعيات حصول الإخوان على معلومات عن أجهزة الدولة، هو أن مصر أصبحت تواجه جماعة إرهابية تحت يديها معلومات خاصة بالبلاد كلها.. هذا زاد من صعوبة المواجهة مع الإخوان.

* هل توجد تفاصيل بشأن هذه المعلومات التي يمكن أن تكون جماعة الإخوان قد استخدمتها ضد الدولة؟

– نحن نجحنا، كدولة وكأجهزة أمنية، في أن نحرر قضيتين بهذا الشأن.. هما قضية اتهام الرئيس مرسي بالتجسس وتعامله مع جهاز المخابرات الأميركي، وقضية اتهامه بالتجسس بشأن إرساله مستندات خاصة بالأمن القومي المصري، لأحد أجهزة المخابرات العربية. هو يحاكم اليوم بتهم منها بيع البلد وأسراره لأجهزة مخابرات هي في حد ذاتها لها أجندة خاصة تهدف إلى التأثير على دور مصر وحجمها في المنطقة.

* حين كنت تعمل نائبا لرئيس جهاز الأمن الوطني، هل لاحظت أن الجماعة تريد أن تتمكن من الدولة وأن تطرد عناصر من الشرطة أو من الجيش؟

– هذه لم تكن مجرد مساع من جانب جماعة الإخوان، بل هذا أمر حدث بالفعل.. بعد وصول الجماعة للأغلبية في البرلمان ومع بدء هيمنتها على السلطة بعد 2011، قامت باستبعاد قيادات أمن الدولة (جهاز الأمن الوطني).. كنا 23 قيادة من رتب اللواءات.. هذه الرتب الكبيرة كانت العصب.. كانت خلاصة الخبرة في جهاز الأمن الوطني. بالإضافة إلى استبعاد بعض الرتب الأخرى من العمداء والعقداء، ممن كانوا في الجانب المختص بمكافحة ومراقبة النشاط المتطرف والإرهابي عبر عشرات السنين.

* وما السبب في رأيك؟

– السبب أن جماعة الإخوان كانت تريد عزل جهاز الأمن الوطني عن الواقع.. كانت توجيهات الإخوان هي عدم المراقبة أو الاستدعاء أو المكافحة أو حتى العمل على أي قضية لأي أحد من عناصر القوى المتطرفة. لهذا أصبح الفرع المختص بمثل هذا النوع من النشاط مشلولا عن العمل خلال حكم الإخوان. كانت الفكرة أو الحكمة من جانب الإخوان أن يكون جهاز الأمن الوطني فاقدا للذاكرة خلال فترة زمنية معينة، حتى تستطيع الجماعة وضع بنية أساسية لنظام الحكم الإخواني. في ذلك الوقت، أي بعد ثورة يناير (كانون الثاني)، رأينا أيضا توجيه اتهامات أمام القضاء بحق القيادات من ضباط المباحث الجنائية، بأنهم كانوا وراء قضايا القتل (للمتظاهرين)، لأن موضوع ضبط الأسلحة المهربة من الخارج كان من مهمة المباحث الجنائية، بينما كان موضوع ملاحقة الإرهابيين مهمة الأمن الوطني. كان مخطط الإخوان شل الأجهزة المختصة بدخول الأسلحة والإرهابيين.

* برأيك كيف استفادت الجماعة في ذلك الوقت من عزل نشاط جهاز الأمن الوطني؟

– خلال تلك الفترة بدأت الجماعة في إدخال المتطرفين إلى سيناء لتأسيس جيش خاص من الإرهابيين حتى تستطيع من خلاله مواجهة الجيش المصري، إضافة إلى إدخال كميات كبيرة من الأسلحة إلى سيناء، سواء عن طريق الحدود مع ليبيا أو السودان. جماعة الإخوان، بالتنسيق مع الأميركيين، كانت تريد أن تنقل الإرهابيين من أفغانستان إلى سيناء.. ودخل هؤلاء الإرهابيون بالفعل بعد أن جرى رفع أسماء المطلوبين منهم من قوائم ترقب الوصول من الخارج، أو من قوائم منع الدخول. كل هؤلاء عادوا مرة أخرى لمصر.. وجرى إصدار عفو رئاسي من الإخوان عن قيادات محكوم عليهم في السجون، كما أن بعض الأشخاص ممن كانوا ممنوعين من الدخول من الشيشان، دخلوا لمصر، سواء كانوا من المصريين أو الأجانب. أعداد كبيرة من الإرهابيين دخلوا سيناء. كما دخلت مصر كميات ضخمة من الأسلحة. والآن نعثر على أسلحة مضادة للطائرات وغيرها في سيناء. كل هذا كان تجهيزا لحرب جيوش وليس لمجرد حرب إرهابية. كما جرى في ذلك الوقت منح الجنسية المصرية لنحو 80 ألف فلسطيني ثبت أن جميعهم كانوا من قطاع غزة فقط.

* لكن هناك من لاحظ أن جهاز الأمن الوطني، ورغم التضييق عليه من الإخوان، قام بعمليات فيها نوع من التحدي لتعليمات الجماعة وقتها.. ما تعليقك؟

– هذا صحيح.. أشهر قضيتين كانتا في عهد مرسي، قضية «خلية مدينة نصر الإرهابية» وقضية «هروب الإخوان من السجون» المتهم فيها مرسي نفسه.. بالنسبة لخلية مدينة نصر المرتبطة بتنظيم القاعدة، وضع جهاز الأمن الوطني نظام حكم الإخوان في موقف صعب.. قام بتعرية الجماعة ووضع مرسي أمام المسؤولية. هل سيعلن أن الدولة تواجه المتطرفين، أم إنه سينحاز إلى جانب الخلية الإرهابية؟ الأمر الثاني كان قضية الهروب من السجون المعروفة باسم قضية «وادي النطرون».. جهاز الأمن الوطني أشرف على التحريات التي تقول إن حماس هي المسؤولة عن اقتحام السجون وتهريب مرسي وقيادات إخوانية أخرى.. وخلال حكم مرسي كان جهاز الأمن الوطني يجهز لقضية تخابر الإخوان مع أجهزة مخابرات أجنبية. كما تمكن بعد التخلص من حكم الإخوان من ضبط نحو 313 خلية إرهابية من الخلايا النوعية.

* قلت إن الجماعة كانت تجهز لمحاربة الجيش المصري.. لماذا برأيك؟

– الخلاصة أن الإخوان لم يكونوا يثقون في الجيش منذ زمن بعيد.. جماعة الإخوان تعلم أنه لا يمكنها أن تعطي ثقتها للقوات المسلحة، لأن العقيدة بينهما مختلفة.. عقيدة القوات المسلحة هي عقيدة الوطن.. أما الإخوان فعقيدتهم ضد الوطن.. لهذا كانت الجماعة تريد أن تكوِّن جيشا للاعتماد عليه لحماية نظام الإخوان وتستطيع من خلاله مواجهة الجيش المصري، وتكون لديها قوة تستطيع من خلالها أن تنشر فكرها وآيديولوجيتها.

* هل يوجد تقدير لعدد المتطرفين الذي دخلوا سيناء في عهد الإخوان؟

– من الممكن أن يصل العدد إلى 20 ألفا؛ من بينهم مصريون، وعرب وأجانب.. بعضهم تدرب في سوريا وعادوا، والبعض الآخر جرى تدريبهم على يد حماس التي كانت تتولى هذا الأمر.

* أشرت إلى أنه جرى منح ألوف الفلسطينيين من غزة الجنسية المصرية في عهد الإخوان.. ما حقيقة هذا، وما الهدف من ورائه؟

– الخطورة كانت في أن 100 في المائة ممن حصلوا على الجنسية المصرية كانوا من عائلات من قطاع غزة فقط. كان عددهم نحو 80 ألف فلسطيني. الخطورة أيضا أنه بمجرد حصولهم على الجنسية أصبح من حقهم تملك أراض في سيناء.. كانت هذه هي الخطوة الثانية.. هؤلاء لهم عائلات في داخل غزة، وبالتالي كان المخطط أنه بعد أن يتملكوا الأرض في شمال سيناء، وبمجرد أن يتم نزع السلك الفاصل بين الجانبين، يصبح الفلسطينيون داخل سيناء وبالتالي تحل القضية الفلسطينية على حساب أرض سيناء. الأمر الثاني أننا فوجئنا أن بعضا من عناصر الشرطة الحمساوية في غزة معهم الجنسية المصرية، وأناس من المعروفين بأنهم من أجهزة مخابرات غزة معهم الجنسية المصرية أيضا.. ولهذا قامت القوات المسلحة بالرد على هذه الخطط الإخوانية واتخذت قرارا مبكرا بمنع تمليك الأراضي في سيناء أثناء وجود مرسي في الحكم.
* كيف؟
– القوات المسلحة رأت الخطورة الحالية، وهي أن البلد أصبح يباع علانية، وأنه بمجرد أن يحصل كل فلسطيني من الـ80 ألفا الذين حصلوا على الجنسية المصرية، على 20 فدانا بسيناء، فأنت هنا تتحدث عن مساحة إجمالية مهولة من الأراضي قد تصل إلى مليوني فدان. هذا كلام في منتهي الخطورة. وبالتالي أصدرت القوات المسلحة قرارها بأن منطقة سيناء منطقة عسكرية ممنوع التملك فيها إلا بقرار من الجيش. لهذا عملية غلق الأنفاق وهدم بعض البيوت المحاذية للحدود مع غزة في الوقت الراهن، تأتي ضمن خطة مدروسة لإفشال مخطط الإخوان وتبعاته، ومنها أيضا الأمر بإعادة فحص أوراق من حصلوا على الجنسية المصرية من الفلسطينيين في عهد مرسي.

* المواد التي يستخدمها المتطرفون في مصر في تسعينات القرن الماضي كانت تعتمد على شراء المتفجرات الموجودة لدى عمال المحاجر، فمن أين تأتي المواد التفجيرية في الوقت الراهن؟

– لا بد أن نفرق بين العبوات بدائية الصنع والعبوات الاحترافية.. المتفجرات التي نراها في الشوارع هذه الأيام بدائية الصنع، وهذا يعود إلى أن العناصر التي تقوم باستخدامها ما زالت عناصر جديدة ومستقطبة حديثا، والدليل على ذلك أمران؛ الأول أنك يمكن أن ترى أن العبوة انفجرت في من كان يقوم بزراعتها، وهذا يعني أنه غير متمرس. والأمر الثاني أنه حين تلقي السلطات القبض على هذا العنصر وتستجوبه يعترف مباشرة بارتكابه لهذه الحوادث. هذا يعطيك الإحساس بأن جماعة الإخوان استقطبتهم حديثا وتريد أن توظفهم سريعا في أعمال التفجيرات. هذا عكس العبوات الاحترافية التي تقوم بها جماعة مثل «أنصار بيت المقدس» أو من يطلق عليهم «داعش». هؤلاء أشخاص مدربون ويستخدمون عبوات «تي إن تي» شديدة الانفجار.

* البعض لم يعد يفرق بين التفجيرات المنسوب ارتكابها لعناصر من جماعة الإخوان، وتلك التي تقوم بها جماعات أخرى مثل «أنصار بيت المقدس».. ما رأيك؟

– في نهاية المطاف ستكتشف أن كل من يقف وراء هذه العمليات التفجيرية هم أساسا من جماعة الإخوان أو كانوا في الجماعة، دون الخوض في المسميات. لكن من خلال ما جرى رصده ومن خلال اعترافات كثير من المتهمين، فإنه يوجد نوعان من المجموعات؛ الأولى تقوم برصد الأهداف، سواء كانت هذه الأهداف ضباط جيش أو شرطة أو قضاة أو إعلاميين، وبعد أن تحدد أماكن المطلوب استهدافهم، تقوم بإرسال هذه المعلومات إلى المجموعة الثانية وهي «جماعة أنصار بيت المقدس».. تأخذ العنوان وتبدأ في تحديد نوع العنصر الذي ستنفذ العملية بحقه، وهي اغتيال الهدف.

* هل توجد أدلة على هذا التعاون؟

– هذا الكلام جاء من خلال اعترافات من جرى القبض عليهم، وليس مجرد اجتهادات أو محاولة للربط بين الإخوان والجماعات الإرهابية؛ بل هي اعترافات مسجلة.. يجمعون المعلومات ويسلمونها لـ«أنصار بيت المقدس» لتنفيذ العملية. أما قصة تصنيف أن هذا إخواني وهذا جماعة أخرى.. هذا التصنيف لم يعد موجودا. في السابق حين كنا نتحدث ونقول إن جماعة الإخوان جماعة متطرفة، تحمل فكرا متطرفا، لم يكن أحد يصدق هذا الكلام، لأن الجماعة كانت في ذلك الوقت تقدم نفسها بشكل مختلف وأنها حركة سلمية دعوية، ونجحت في التدليس على المواطنين، هذا على الرغم من أن الفكر التكفيري والفكر المتشدد مرتبط بفكر حسن البنا الذي أسس جماعة الإخوان عام 1928.

* إذن أنت مع النظرية التي تقول إن جماعة الإخوان تخلت عن السياسة وعن العمل السلمي؟

– الجماعة تسعى بقدر المستطاع للحصول على أي مكسب يعطيها الأمل في إعادة التنظيم من جديد، حتى لو كان ذلك سيتم بعد 50 سنة، فليس لديها مانع، لأن التنظيم يحتضر في الوقت الراهن.

* وما المشكلة التي تواجه الإخوان الآن، برأيك؟

– في السابق كانت الجماعة تحاول أن تلعب لعبة تقول فيها إن النظام يقوم باضطهادها، وإنها جماعة سلمية.. وغيرها، لكن في الوقت الحاضر الخلاف والصراع أصبح بين الإخوان وباقي الشعب، وبالتالي خسرت الجماعة كثيرا من الأشياء. الدولة نفسها ليست لديها خصومة مع أحد. كثيرون يعتقدون أن الدولة لها خصومة مع جماعة الإخوان أو غيرها من التيارات.. هذا مستحيل.. الدولة أكبر من كل هذا الكلام.. لا يمكن أن تقارن الجماعة بالدولة.

* هناك من يقول إن الدولة عليها أن تستمع لما يطالب به الإخوان؟

– الدولة ليست لديها خصومة مع جماعة الإخوان.. كل ما تريده الدولة أن تلتزم هذه الجماعة وغيرها من تيارات، بالقانون والدستور. من يلتزم بهذا، فالدولة لا تقف في طريقه.. يوجد كثير من الشخصيات الإخوانية في بيوتهم ويذهبون لأعمالهم ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي، والسلطات الأمنية لا تقترب منهم.. هذا لأن هذه الشخصيات لا تقوم بأعمال تخالف القانون.

* أحيانا يقع صدام بين مثل هؤلاء وسلطات الدولة؟

– أنت صاحب فكرة.. حسنا حرية الفكر مكفولة للجميع، لكن أن تقوم بتحويل الفكرة إلى حمل السلاح، فهنا أنت حولت نفسك إلى شخص يخالف القانون، خاصة حين تكون في هذه المخالفة استباحة لدماء الناس.

* أشرت إلى أن الإخوان أصبحوا في مأزق تاريخي كبير كجماعة.. كيف؟

– يوجد خطر يواجه الإخوان يتلخص في الآتي.. في السابق كانت الجماعة تستبيح دم ضابط الشرطة أو ضابط الجيش.. فكان الوضع أمام الرأي العام هو أن الإخوان يستهدفون فقط القوى التي تواجه الإرهاب، لكن اليوم، حين نشاهد مثلا إحدى العمليات الأخيرة التي وقعت أمام المركز التجاري بالإسكندرية، وجرى فيها استهداف حافلة نقل ركاب وقتل فيها عدد من المواطنين العاديين، فهذا يعني أن الجماعة تقصد، وبشكل متعمد، استهداف المواطنين. بالتالي هذا الأمر حول الجماعة إلى طرف تقوم ضده مظاهرات شعبية.. مظاهرات تطالب بالقصاص من الإخوان.

عبد الستار حتيتة – جريدة “الشرق الاوسط”

Exit mobile version