المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

“دحلان” للإسرائيليين: اسمحوا لي بإنهاء “عرفات” على طريقتي .. كتاب يكشف تفاصيل اغتيال الرئيس الفلسطيني

حمل كتاب فرنسي، صدر أخيرًا، بعنوان “قضية عرفات.. الموت الغريب للزعيم الفلسطيني”، القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، الهارب بالإمارات، مسئولية اغتيال الرئيس الفلسطيني.

وكشف الكتاب عن تفاصيل مثيرة للاهتمام، في رواية مقتل عرفات، حيث أشار لعلاقة دحلان المباشرة بتنفيذ خطة قتل الرئيس الفلسطيني، على طريقته الخاصة، كما طلب من الأمريكيين، وفقًا لتقرير بصحيفة “الأخبار” اللبنانية حول الكتاب.

وأكد ناشر الكتاب الإعلامي الفرنسي إيمانويل، الذي بحث طويلًا في هذه القضية، أن الوفاة “لم تكن عرضية ولا طبيعية، وإنما نتيجة موت متعمد”، بل وأن إيمانويل كاد يلصق تهمة تنفيذ مهمة القتل الإسرائيلية بـ”دحلان”.

وقالت الصحيفة: إن الكتاب، الصادر قبل أيام، يلخص نتيجة المقابلات التي أجراها الصحفي الفرنسي مع أبرز الأطباء، الذين أشرفوا على التقرير الطبي.

* الوفاة بسم خارجي ابتلعه

ومن أبرز أقوال الأطباء، التي أوردها الكتاب، أن البروفسور «فرانسوا بريكير»، المشهور عالميًا، منذ توليه رئاسة قسم الأمراض المُعدية والاستوائية في مستشفى «بيتييه سالبيتريير»، يقول: «لم يكن ثمة شيء مُعْد في حالة عرفات، واحتمال الموت الطبيعي يبدو لي سطحيًا.. الأرجح أن في الأمر سُم خارجي، وأنا أرى أنه سم نباتي، أو غذائي، أي سم جرى ابتلعه، فأحدث اضطرابات معوية وتسممًا غذائيًا».

كما أن البروفسور «مارسيل فرنسيسكان»، الرئيس السابق لقسم الأمراض الرئوية في مستشفى «بيشا»، قال: «أنا مقتنع تمامًا بقتل عرفات منذ اللحظات الأولى»، لافتًا إلى أن العوارض الرئوية، واضطرابات بعض أعضاء جسد الزعيم الفلسطيني، في أيامه الأخيرة، ليست مرتبطة بعمره السبعيني، ولا بالإرهاق «بل بشيء آخر».

وأشار «فرنسيسكان» إلى أن إسرائيل، التي وقّعت، ولكن لم توافق على الشرعية الدولية لمنع الأسلحة الكيماوية، أسست قرب تل أبيب معهدًا محاطًا بسرية كبيرة، اسمه «نس زيونا» متخصص في البحث عن السموم، وهو المعهد نفسه الذي أرسل للملك «حسين» العلاج المضاد للسم، لإنقاذ حياة «خالد مشعل»، بعدما سممته إسرائيل، وكادت تقتله، لولا تهديد الملك عام 1997.

أما البروفسور «زاهر عمورة»، وهو رئيس قسم الطب الداخلي في المستشفى نفسه، فقال: «هناك الكثير من تقنيات التسميم التي لا تزال مجهولة.. لكن بسبب الطبيعة العسكرية لمستشفى بيرسي العسكري، الذي عولج فيه عرفات، فإن كل كلمة محسوبة».

بينما أكد الدكتور «أشرف الكردي» طبيب «عرفات»، الذي سارع للكشف عليه في رام الله قبل نقله إلى فرنسا، أن «آلام الرئتين والمعدة، وغياب الشهية، وتناقص الكرات البيضاء، والفقدان السريع للوزن، والبقع الحمراء على الوجه، والجلد الأصفر تؤكد لأي طبيب أن في الأمر عملية تسمم».

* الأطباء يؤكدون تعمد الموت

ونوه التقرير إلى أنه، واستنادًا إلى مقابلات كاتبه مع هؤلاء الأطباء وغيرهم، وصل الكاتب إلى نتيجة مفادها أن «ياسر عرفات لم يمت ميتة طبيعية، ولا بسبب العمر ووهن الجسد، أو بسبب ما تعرض له من معاناة في سنوات نضاله الطويل، وإنما موته المفاجئ، وهو في خريفه السبعين، على سرير مستشفى، كان مُرادًا ومتعمدًا ومطلوبًا».

* نتائج طبيبة متناقضة

ولفت المؤلف الفرنسي، إلى النتائج الثلاث المتناقضة، التي صدرت عن لجان الخبراء في كل من سويسرا وفرنسا وروسيا، والتى قد اتفقت، بالفعل، على القول بأن الحالة الصحية للرئيس الفلسطيني في الأيام الثلاثين الأخيرة من حياته ليست لرجل مات طبيعيًا، أو بسبب العمر، ولذلك فإن «الموت المتعمد هو الوحيد الواجب أخذه بعين الاعتبار».

* دور «دحلان» في وفاة «عرفات»

وأضافت الصحيفة، أنّ المؤلف أورد قسمًا كاملًا من كتابه للحديث عن علاقة «دحلان» بالإسرائيليين والأميريكيين ودول الخليج، واستعاد جملة من الرئيس الأمريكي السابق «جورج دبليو بوش»، يقول فيها عام 2004: إن «هذا هو رَجُلُنا»، حيث أكد الكاتب أن «دحلان»، حين زار البيت الأبيض، غادره مُحمَّلًا بشيك مصرفي ووعود أمريكية بدعم عمليته الأمنية في غزة.

وكشف تقرير «الأخبار» عن رسالة اعتبرها التقرير الأهم في الكتاب، حيث نشر المؤلف نص الرسالة، التي يقال إن «دحلان» وجهها إلى وزير الدفاع الإسرائيلي في عهد «آرييل شارون»، في 13 يوليو عام 2003، والتى قال فيها: «كونوا على ثقة بأن أيام ياسر عرفات باتت معدودة، ولكن اسمحوا لي بأن أنهي الأمر على طريقتي لا طريقتكم».

واستنتج الكاتب مما ورد أن «اغتيال عرفات قد يكون نتيجة مسار معقد، اجتمع فيه المخطط الإسرائيلي، الذي سلم المادة القاتلة، ومسئول فلسطيني كان قادرًا على الدخول إلى المقاطعة (حيث حوصر عرفات في آخر أيامه)، ونفذ عملية قتل الزعيم التاريخي الفلسطيني».

ونوه التقرير إلى أنّ ثمة أمرًا آخر مثيرًا للانتباه يتعلق بـ«دحلان»، ففي لقاء المؤلف مع «توفيق الطيراوي» رئيس لجنة التحقيق الفلسطينية، قال له الأخير: إنه «وفق معلوماتنا، فإن الرئيس عرفات قد قُتل».

* إسرائيل أعطت أمر القتل

وبسؤال المؤلف: «طالما أنكم تأكدتم من مقتل عرفات، ومن أن إسرائيل هي المسئولة، فلماذا تواصلون التحقيق؟»، أجاب «الطيراوي»: «لأننا لم نجد بعد القاتل، فإسرائيل هي التي أعطت الأوامر، ولكنْ هناك شخصا نفذ ولا يزال طليقًا، وهو الذي نبحث عنه».

وعندما يسأله الكاتب: «وكيف تنظرون إلى اتهامات محمود عباس؟»، يسارع «الطيراوي» بالرد: أن «عباس لم يتهم دحلان».. ويستغرب الكاتب أن يجيب هكذا، برغم أنه لم يسأله عن «دحلان».

وأشارت الصحيفة – وفقًا للكتاب – إلى أن لجنة التحقيق الفلسطينية لم تتألف إلا بعد 6 سنوات من وفاة «عرفات»، وهذا في حدّ ذاته واحد من أسئلة كثيرة مشككة طرحها المؤلف، وبينها: «لماذا تأخرت اللجنة؟.. لماذا لم تشرح جثة عرفات؟.. لماذا استبعد الفرنسيون فورًا احتمال التسميم المتعمد، وأعلنوا أن سبب الوفاة غير محدد؟.. لماذا انتظرت سها عرفات أرملة الزعيم الفلسطيني سبع سنوات قبل أن تلجأ إلى فحص ثياب زوجها، التي كانت في شقة سائقها الباريسي؟.. لماذا تخاصمت مع ابن شقيق عرفات ناصر القدوة عام 2012، لإعادة نبش رفاته لفحصها؟.. لماذا لم يتم نشر تقرير الخبراء الفرنسيين؟.. لماذا أعيدت صياغة التقرير الروسي في وزارة الخارجية؟.. ولماذا لم يستجب القضاة الفرنسيون لطلبات لجنة التحقيق الفلسطينية؟».

كما لفت إلى أن وحده السؤال الأخير يجد جوابًا فيه عن الشكوك الكثيرة، ذلك أن القضاء الفرنسي يقول: إنه لا يمكن أن يستجيب لسلطة فلسطينية لم تصبح دولة، ليعاملها بالمثل، وعليها أن تلجأ بالتالي إلى لجنة الإنابة القضائية الدولية. واستطرد الكاتب، متسائلًا: «فلماذا لم تتقدم السلطة الفلسطينية حتى الآن بطلب قضائي كهذا إلى فرنسا؟».

وأضافت الصحيفة اللبنانية أسئلة كثيرة، تشير إلى أن الكاتب الفرنسي يريد القول: إنه ما من أحد يريد أن تكشف قضية «عرفات» لسبب مجهول.

ويضيف: «ما عاد مقبولًا اليوم أن رجالًا ونساء يناضلون من أجل حقوقهم وسيادتهم واستقلالهم وديمقراطيتهم، لا يعاملون كشعب راشد يجب حماية كرامته».

واختتمت الصحيفة تقريرها بأن «الكتاب فعلًا جريء، في بلد صار فيه مجرد الإشارة إلى إسرائيل سببًا لاتهام القائل بالعنصرية، أو اللاسامية، وكأن السامية محصورة باليهود».

عن بوابة الاهرام المصرية

Exit mobile version