المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

نتنياهو” بين أزمته مع أوباما وأزمة توزيع الحقائب كتب غازي السعدي

كان الاعتقاد السائد، أن “نتنياهو” سينجز تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة بسرعة، في أعقاب فوزه وحزبه، في انتخابات الكنيست، وأن حصول اليمين الإسرائيلي على (67) من مقاعد الكنيست البالغ عددها (120) مقعداً، سيؤهله لتشكيل حكومة يمينية عنصرية، كما وعد بتشكيلها، خلال أسبوعين، لكن عملية التشكيل تعترضها مصاعب جمة، وهذه المصاعب لا تتعلق بالبرنامج السياسي للحكومة، بل بالصراعات على الحقائب الوزارية، والاستفادة من كعكة الحكم، فالقانون الإسرائيلي حدد عدد الوزراء بـ(18) وزيراً إضافة إلى رئيس الوزراء بينما هناك (15) نائباً من حزب الليكود، يتنافسون على الحقائب الوزارية، فوزير الجيش “موشيه يعلون”، مرشح لمواصلة عمله في هذا المنصب، بينما يطالب بهذه الحقيبة، كل من “أفيغدور ليبرمان” من حزب إسرائيل بيتنا، و”نفتالي بينت” من حزب البيت اليهودي، أما وزارة الخارجية، فيتنافس عليها كل من “غلعاد اردان” و”سلفان شالوم”، و”يوفال شتاينتس”، وكل واحد منهم يعتبر نفسه الأجدر، مع أن الثلاثة ينتمون إلى حزب الليكود، ووزير المواصلات الحالي “إسرائيل كاتس”، يطالب بحقيبة وزارية اقتصادية رفيعة، و”ميري ريجيف” تطالب بمنصب وزاري وإلا تتوعد القيام بانتفاضة داخل حزبها الليكود، وكل من “بنيامين بيغن” و”تساحي هنغبي” و”غيلا غملئيل”و”أوفير كونس”و”ياريف لفين”، و”زئيف ألكين” و”حاييم كاتس”، و”داني دانون”، و”تسيفي حوطبلي”، يقولون أن “نتنياهو” وعدهم بتوزيرهم، فماذا يفهم من هذا التنافس على المناصب؟ هل المسألة مصالح شخصية شراء وبيع؟ وأين المبادئ والحديث المتكرر عن أمن وأرض إسرائيل التوراتية؟ فأين هم منها.

أما الأحزاب الأخرى، فإن “آرييه درعي” رئيس حزب شاس يطالب بوزارة الداخلية، و”موشيه كحلون” بوزارة المالية، إضافة إلى وزارة الأمن الداخلي ووزارة الإسكان، لنواب من حزبه “كلنا”، وحزب يهدوت هتوراة يطالب بوزارة الصحة، إضافة إلى رئاسة اللجنة المالية في الكنيست، ومع اعتقادنا بأن الساحر “نتنياهو” سيتغلب على هذه الصراعات، لكن ذلك يشكل له عائقاً وإزعاجاً كبيراً في تشكيل حكومته الرابعة، ومبشر لعدم استقرارها.

إن هذه الصراعات على المناصب، والخلافات عقب تشكيل الحكومة ستتواصل، وتؤدي إلى تقصير عمر حكومة “نتنياهو” الرابعة، ولا نستبعد حل الكنيست، وإجراء انتخابات مبكرة للكنيست رقم (21) خلال السنتين القادمتين، وهذا كله سيؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي في إسرائيل، إضافة إلى ذلك، فإن أحزاب يمينية تطالب أن يشمل برنامج الحكومة القادمة بنداً يدعو إلى ضم مناطق “ج” في الضفة التي تبلغ مساحتها 60% من مساحة الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية، وتشريع عقوبة الإعدام لرجال المقاومة، وتشريع قانون يهودية الدولة، وتعديل قانون جمعيات حقوق الإنسان، التي تكشف عن العنصرية والتجاوزات الإسرائيلية ضد المواطنين العرب، لكن الساحر “نتنياهو” يبث الشائعات، لتشكيل حكومة وحدة وطنية، يهدف من وراء ذلك، إلى تحجيم مطالب المستوزرين، وإذا كانت هذه الشائعات حقيقية، فإنه يريد تحسين صورة إسرائيل في العالم، بعد أن وصمت بالتطرف والعنصرية، كذلك محاولة لتحسين العلاقات الإسرائيلية، مع الإدارة الأميركية.

إن المشاكل والعوائق الأصعب التي تقف في وجه إسرائيل، بعد موقف الرئيس الأميركي “باراك أوباما” الذي أعلن وجود خلافات حقيقية مع “نتنياهو” حول إقامة الدولة الفلسطينية، الأمر الذي سيكون لـــه -حسب “أوباما”- تأثير على سياسة الولايات المتحدة، التي تعمل على تقييم جديد للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، وحسب المواقف الأميركية المعلنة، فإن “نتنياهو” متهم بتقويض حجر الزاوية، لسياسة واشنطن الشرق أوسطية، فتصريحات رئيس طاقم البيت الأبيض “دينيس مكرونر” بشأن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ترفع من مستوى الأزمة بين إسرائيل والإدارة الأميركية، فالإدارة الأميركية، لن تقبل تبريرات “نتنياهو” لمسألة حل الدولتين التي تخلى عنها، بل أن الإدارة الأميركية ستتعامل مع إسرائيل، وفقاً لأفعالها، وليس أقوالها حسب رئيس طاقم البيت الأبيض، وحسب “معاريف 24-3-2015″، فإن البيت الأبيض لا يثق بـ “نتنياهو”، ولا يستطيع تجاهل تصريحاته عن تخليه عن حل الدولتين، وأن لا تقام دولة فلسطينية أثناء رئاسته، ويقول رئيس طاقم البيت الأبيض، أن الولايات المتحدة ملتزمة بحل الدولتين، الذي هو ركن أساسي في سياستها الخارجية، والذي كان هدفاً لرؤساء جمهوريين وديمقراطيين، ولا زال هدفاً حتى اليوم، و”أوباما” الذي لا يثق بـ “نتنياهو”، يقول أنه لا يمكن استمرار البناء الاستيطاني، وإبقاء الوضع على حاله، الذي سيؤدي إلى نشوب الفوضى في المنطقة، فالجالية اليهودية في أميركا، ستجد صعوبة في دعم إسرائيل، بعد إعلان “نتنياهو” منع إقامة دولة فلسطينية، “معاريف 22-3-2015” كما أن تحريض “نتنياهو” ضد المواطنين العرب، أثار غضب واشنطن بشكل غير مسبوق، و”أوباما” يرفض تبريرات “نتنياهو” لهجومه على المواطنين العرب، ويقول أنه تبرير ساخر ومهين، والولايات المتحدة تهدد بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، و”نتنياهو” مستمر بخداعه في مخاطبته للإعلام الأميركي، بأنه لم يتخل عن حل الدولتين، وعلى الرغم من الاتصال الهاتفي من قبل “أوباما” لتهنئة “نتنياهو” بالفوز، فإن الأزمة القائمة بين إسرائيل والولايات المتحدة عميقة، وهي أزمة ثقة، وخلافات جوهرية، وأن أكثر ما يخشاه “نتنياهو”، هو تغير السياسة الأميركية، في حماية إسرائيل في الأمم المتحدة، وعدم لجوئها إلى “الفيتو”، فهذا التغيير قد يؤدي إلى نجاح الفلسطينيين في مجلس الأمن الدولي، بتمرير الاعتراف بعضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، وأن إسرائيل ترى الإعلان الأميركي بإعادة النظر من جديد في سياستها بالشرق الأوسط، هو مصطلح يقلق إسرائيل ولا يبشرها بالخير، وإذا كان هذا لا يكفي من أسباب للتوتر بين إسرائيل والولايات المتحدة، فإن وسائل الإعلام الأميركية، كشفت النقاب على أن إسرائيل تتجسس على المحادثات السرية، بين الولايات المتحدة وإيران حول النووي الإيراني، وأن إسرائيل استخدمت تلك المعلومات، لإقناع أعضاء مجلسي الكونغرس والشيوخ، للتصدي لمشروع الاتفاق السيئ حسب التعبير الإسرائيلي، الذي تسعى إليه الإدارة الأميركية، ومع أن إسرائيل تنفي التهمة كعادتها، كما نفت في حينه اتهامات تجسس أخرى على ولية نعمتها أميركا، ونفيها تفعيل الجاسوس اليهودي-الأميركي “بولارد” والتي اعترفت بتشغيله بالتجسس فيما بعد، وتطالب بالإفراج عنه، فـ “نتنياهو” أمام مهمة صعبة داخلية من جهة، والأهم والأكثر صعوبة إذا واصلت الإدارة مواقفها الأخيرة المعلنة بالنسبة للقضية الفلسطينية، إمكانية إصلاح العلاقات الإسرائيلية-الأميركية، و”نتنياهو” ينتظر نهاية ولاية الرئيس “أوباما” نهاية عام 2016، ووصول حلفائه الجمهوريين للبيت الأبيض، ظناً منه بالتخلص من أزمته مع الولايات المتحدة بالنسبة للقضية الفلسطينية، التي ستبقى قائمة في جميع الظروف.

“نتنياهو” الذي صنف المواطنين العرب في إسرائيل بالأعداء، فالصحفي “أمير أورن”، كتب في “هآرتس 23-3-2015″، لو أنه يتم تنفيذ القانون الإسرائيلي، لكان يجب تقديم لائحة اتهام ضد “نتنياهو”، بتهمة التحريض العنصري على المواطنين العرب، وفقاً لقانون التحريض العنصري فقرة (144) لأقواله يوم الانتخابات، أن العرب يصلون بكميات كبيرة لصناديق الاقتراع، وأن من يحرض على مجموعة دينية أو عرقية، حكمه السجن حتى خمس سنوات، فأين هي دولة القانون والديمقراطية التي يكثرون الحديث عنها؟ فمسرحية “نتنياهو” بدعوته إلى منزله حفنة من عرب الليكود، ليعرب عن أسفه لأقواله وليس الاعتذار عنها، فهذا الأسف موجه للإدارة الأميركية والرأي العام الأميركي لا أكثر، هذا اللقاء الذي قاطعه المواطنون الأحرار، فعندما قال “نتنياهو” بأن تصويتكم في الانتخابات خطر علينا، فما هي الرسالة التي ينقلها إلى المجتمع اليهودي، ليحثهم على التعامل مع عرب الداخل بقوة، فلجنة المتابعة العربية رفضت هذا الاعتذار، الذي اعتبرته كذب وخداع، فالمغني الإسرائيلي “افيف غيفن” نشر على صفحته على الفيسبوك “إن اختياركم لهذا الزعيم يعدنا بالموت”، وفنانون يهود معارضون لسياسة الاحتلال، يتعرضون للهجمات والتهديدات و الاهانة، وهذا يصلنا بأن المجتمع الإسرائيلي يعاني، ويتطلب منا عدم التعميم، بل علينا استقطاب هذا المجتمع ليقف مع شعبنا، للحصول على دولته وحقوقه المشروعة.

Exit mobile version