المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا

أقل الخسائر في زمن أكبر الفواجع كتب يحيى رباح

نحن نعيش الآن في لحظة دولية غير مستقرة، نمط العلاقات الدولية يتغير فيها بشكل حاد وانقلابي مفاجئ، وما يخصنا قي المنطقة هذه اللحظة الدولية غير المستقرة نعيشه كل يوم بخسائر وانهيارات ومرارات لا نعرف الى أين تنتهي، ويكفي أن نضرب أمثلة علىحالة عدم الإستقرار العاصف، ما نراه اليوم ونعيشه بكل جوارحنا حيث المنطقة العربية التي كنا نشكو من تراتبيتها وسكونها انفجرت دفعة واحدة، وغرقت كلها دفعة واحدة بما يذكرنا بالأساطير التي كانت تحكى لنا عن جزيرة في قلب المحيط نبني عليها واقعنا واحلامنا ثم اذ بنا نكتشف ان الجزيرة ليست سوى ظهر حوت ضخم وان الحوت الساكن فوق الماء، غاص في مياه المحيط والواقع والأحلام كلها غرقت في غمضة عين كما لو ان كل ذلك لم يكن سوى مجرد وهم.
أنظروا الى العراق كيف امسى، العراق الذي كان مدججا بالقوة والتاريخ وبالتماسك بين مفرداته العرقية والطائفية وتاريخه الممتد منذ حمورابي، في غمضة عين تحول كل ذلك الثراء التعددي الى أشلاء يائسة! وكل ما قيل منا كأبناء هذه الأمة ومن غيرنا أصدقاء واعداء لا يبرر النتائج المفجعة.
وانظروا الى ليبيا وسوريا والى اليمن الذي كنا نظنه قد نجا بحكمته اليمنية على قاعدة المبادرة الخليجية والانتقال السلمي للسلطة، وها نحن نرى أن اليمن اصبح لغما ينذر بالإنفجار على مستوى المنطقة باكملها عربا وفرسا واتراكا، سنة وشيعة، انظمة ملكية وانظمة جمهورية وانظمة دينية، تتطاحن اطماعها وأوهامها فإلى اين المصير؟
في القلب من ذلك كله تأتي فلسطين، أول الاسئلة واقسى الاختبارات، نحن في فلسطين نعاني من انقسام سياسي، جغرافي، صنعته نكبتنا في الاساس، وعمقه الإسرائيليون بسياساتهم المكشوفة للجميع، واستعانت به بل واعتنقته حماس كديانة عن كامل وعي وترصد، بل ان بعض قيادات حماس يعلنون على رؤوس الاشهاد انهم سعداء في الإنقسام، ويدعون الله علنا أن يديم عليهم نعمة الإنقسام لكي يقيموا دولة في غزة – ومن خلالها يحررون الضفة والقدس وبقية فلسطين التاريخية – ثم يقيمون الدولة الإسلامية الواحدة ويعيدون الخلافة الراشدة! هذا ما يقوله لنا الدكتور محمود الزهار كل يوم، وشكرا له على صراحته وجنونه وعبادة أوهامه فهو افضل الف مرة من الذين يريدون ذلك ولكنهم ينافقون.
ولدينا انقسام من خلال ايديولوجيا الفصائل وتبعيتها هنا وهناك، وانقسامات في جوف هذه الفصائل نفسها، فكيف في هذا الواقع نطمع في مصالحة ووحدة وطنية وقرار واحد ورؤية تشمل الجميع؟ كيف نجدد شرعياتنا وكل طرف راض بما اقتطعته أنيابه من لحم الشرعية الوطنية؟ هذا مع العلم اننا نتناوش بالأنياب على ما خلفه لنا الذئب المسعور الهائج وهو الاحتلال الإسرائيلي، الذي يتحول كل ما قلناه عنه بانه العدو الرئيسي الى أضغاث احلام بعد النماذج التي اقترفها الإخوان المسلمون وداعش وجبهة النصرة وبقية العائلة الإرهابية المنتشرة كاللعنات السوداء من «المحيط الهادر الى الخليج الثائر» ورحم الله اغاني ايام زمان!!
نحتاج الى نقاش شجاع نتصارح فيه على الحقائق بهدف تقليل الخسائر وليس تعظيم الارباح، بحيث نعرف اين نحن بالضبط والى اين الخطوة المقبلة، ذلك ان كل الملفات المطروحة هي ملفات معقدة، ويجب أن تكون اختياراتنا بميزان من ذهب، ونعرف من تجاربنا الطويلة القاسية ان تقنين الخسائر، ووقف التدهور بمرحلة معينة قد يكون هو رأس الحكمة واعظم المكاسب الممكنة.
Yhya_rabahpress@yahoo.com

Exit mobile version